قالت مصادر المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن الفصائل العسكرية في الشمال، «تتجه لقصف بلدتي كفريا والفوعة» ذواتيْ الأغلبية الشيعية في شمال البلاد «بهدف إجبار قوات النظام على إدخال المواد الإغاثية إلى بلدة مضايا» المحاصرة في ريف دمشق، مشيرة إلى أن قوات المعارضة «بدأت الثلاثاء بدفع تعزيزات إلى محيط البلدتين الشيعيتين في محافظة إدلب، وأنشأت مرابض مدفعية لقصفهما، حتى لو أدى ذلك إلى خرق الهدنة» الموقعة مع النظام السوري، المعروفة باسم «اتفاق الزبداني – كفريا والفوعة».
ويأتي اتجاه المعارضة العسكري نحو التصعيد، رغم التزامها منذ ثلاثة أشهر بالهدنة الموقعة مع قوات النظام، على خلفية معاناة سكان مضايا التي يقطنها نحو 40 ألف مدني، نتيجة الجوع وفقدان السكان المواد الغذائية ووقود التدفئة والمواد الطبية. وقال ناشطون إن نحو أربعين شخصًا قضوا في البلدة نتيجة الحصار، وسط تقاعس عن إدخال المواد الغذائية إليها.
وأمام هذا الواقع الإنساني الصعب، اتخذ قادة الفصائل العسكرية في إدلب قرارًا بالتصعيد العسكري ضد بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين من قبل قوات المعارضة، ويشهدان هدوءًا عسكريًا التزاما بقرار وقف إطلاق النار بموجب اتفاقية الزبداني، الواقعة في ريف دمشق والتي تحاصرها قوات النظام وحلفاؤها، وكفريا والفوعة، منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.
وقال عضو مجلس الثورة السورية في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط»، إن الاستعدادات لقصف كفريا والفوعة «أنجزت مساء الثلاثاء» الماضي، مشيرًا إلى أن «قوات النظام وحلفاءها شاهدوا الاستعدادات، وبينها نقل المدافع والذخائر إلى مناطق قريبة من البلدتين، تحضيرًا لقصف البلدتين في حال عدم إدخال المواد الإغاثية إلى مضايا خلال 48 ساعة»، مؤكدًا أن تلك التحركات العسكرية المستجدة «تحمل تهديدًا واضحًا لقوات النظام». وقال: «لقد انتهت 24 ساعة من المهلة.. وفي حال عدم إدخال المواد الإغاثية إلى مضايا حتى مساء الخميس (اليوم)، فإن قرار قصف كفريا والفوعة قد اتخذ بالتوافق، وتشارك فيه معظم الفصائل في الشمال».
ويسكن في الفوعة وكفريا مئات الأشخاص، بينهم مدنيون، وتحاصرهم قوات المعارضة منذ الصيف الماضي، إثر تقدم عسكري أنجزته في ريف إدلب. وهدأت الجبهة بموجب «اتفاق الزبداني – كفريا والفوعة». وقال الداراني: «في حال استحال إنقاذ أهالي مضايا، فإن الرد سيكون عسكريًا، حتى لو كان خرقًا للهدنة»، مشيرًا إلى أن «(جبهة النصرة) اتخذت هذا القرار الأسبوع الماضي، وأعلنت النفير في ريف إدلب، لكن حلفاءها عارضوا الخطوة، قبل أن يتخذ القرار الثلاثاء بإجماع الفصائل العسكرية الكبيرة في المنطقة» في إشارة إلى «أحرار الشام» و«جيش الإسلام» و«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» وغيرها، والفصائل المنضوية تحت لواء «جيش الفتح». وأضاف: «المهلة التي أعطوها لأنفسهم قبل بدء قصف البلدتين، تأتي ضمن مساعٍ لمنح الفرصة للحل السلمي وإنقاذ المدنيين، وفي حال فشلت تلك المساعي ولم يسمح النظام بإدخال المساعدات إلى مضايا، فإن القصف سيبدأ باستهداف كفريا والفوعة».
وأعلن ناشطون سوريون، أمس، إن المواد الغذائية في مضايا «فقدت تمامًا، ولم يبقَ شيء منها حتى بيد التجار والمحتكرين»، فيما تُحاصر المدينة بالألغام والقوات العسكرية التابعة للنظام وحزب الله اللبناني، كما يقول ناشطون. ورجح ناشطون ارتفاع أعداد الوفيات في مضايا في الأيام المقبلة، نتيجة سوء الغذاء والجوع، وانعدام سبل الحياة.
وتضاعف عدد سكان مضايا إثر موجة نزوح المدنيين من مدينة الزبداني إليها، بفعل العمليات العسكرية التي اندلعت في يوليو (تموز) الماضي. وبعد محاصرة كفريا والفوعة، وقعت حركة «أحرار الشام» المعارضة اتفاقا مع القوات النظامية برعاية الأمم المتحدة، نفذت منه ثلاثة بنود في الزبداني والبلدتين الشيعيتين، تمثلت في وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإخراج الجرحى. أما البند الرابع، فسيقضي بفك الحصار عن الزبداني، وتسوية أوضاع المسلحين المعارضين بعد تسليم أسلحتهم الثقيلة وإنشاء حواجز لهم في مدينة الزبداني، بعد أن رفضت قوات المعارضة مبدأ إخراج المسلحين من المدينة إلى مناطق أخرى. وبذلك، يتشابه الاتفاق مع اتفاقات أخرى عقدت في ريف دمشق، بينها اتفاق معضمية الشام الذي سقط قبل شهر.
وتعاني البلدة حصارًا عسكريًا محكمًا منذ ثلاثة أشهر، ووصلت آخر المساعدات الإنسانية إليها عبر الصليب الأحمر الدولي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، قبل شهرين تقريبًا، بمعدل سلّة غذائية واحدة لكل أسرة، ما اضطر السكان مؤخرًا، تحت وطأة الحصار القاسي، لأكل ورق الشجر. وأظهرت صورٌ مسربّة من «مضايا» عبر مواقع التواصل الاجتماعي معاناة السكان، وأظهرت أجسادًا هزيلة نتيجة الجوع المطبق.
المعارضة السورية تتجه لقصف كفريا والفوعة.. لإدخال المساعدات إلى مضايا
مصادر: مهلة 48 ساعة لمنح فرصة للحل السلمي وإنقاذ المدنيين
المعارضة السورية تتجه لقصف كفريا والفوعة.. لإدخال المساعدات إلى مضايا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة