الجبوري يدعو إلى استثمار معركة الرمادي لقطع الطريق أمام مساعي تقسيم العراق

رئيس البرلمان دعا السياسيين إلى «عدم السلوك بمسلك يعيد الإرهاب إلى المناطق المحررة»

سليم الجبوري
سليم الجبوري
TT

الجبوري يدعو إلى استثمار معركة الرمادي لقطع الطريق أمام مساعي تقسيم العراق

سليم الجبوري
سليم الجبوري

دعا رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري إلى استثمار النتائج الإيجابية التي تحققت في معركة الرمادي الأخيرة بما يعزز وحدة البلاد ومنع الدعوات الهادفة إلى التقسيم من خلال رفع شعار «العراق أولا».
وقال الجبوري في كلمة له أمس في بغداد إن «من حقنا هذا اليوم أن نفتخر بتضحية قواتنا من الجيش والشرطة والعشائر وفصائل المتطوعين والبيشمركة الذين حققوا الانتصارات تلو الانتصارات، وكان آخرها الرمادي التي امتزجت فيها دماء الشهداء»، مضيفا أنه «لا بد أن نعتبر حينما تسقط قطرة دم من أبناء النجف والعمارة في الأنبار، فهناك درس لا بد أن نعيه وعندما تسقط قطرة من دم ابن أربيل في الموصل وعندما يستشهد ابن صلاح الدين في ديالى، هذه عبر مفادها أن العراق واحد وأن العراقيين متآخون وأن عدونا واحد وأن الإرهاب لا يريد الاستقرار».
وأكد الجبوري «لا بد أن نتكاتف ولا بد أن تسقط كل دعوات التقسيم ولا بد أن نمضي لوحدة العراق واستقراره وسيادته وأمنه، ولا ترتجى من أحد من خارج العراق أن يحقق لكم الأمن والوئام والاستقرار والذي يحققه هو أنتم أيها العراقيون بوحدتكم وتكاتفكم، وكل ذلك يحقق النصر وهذا ما حصل في الرمادي». وشدد على «أهمية أن تترفع القوى والأحزاب السياسية والطوائف والقوميات عن كل العناوين الفرعية وتتفق على الاندماج بعنوان واحد هو العراق، وأن أمامنا تجارب الشعوب والأمم مما يكفينا عبرة ودرسا لرفع شعارنا الجديد (العراق أولا) وتحييد كل ما من شأنه أن يفت في عضدنا أو يؤخرنا عن المضي بمشروع الخلاص الوطني الذي لا غنى لنا عنه، فالعراق اليوم تتلاطمه الأمواج الخارجية من كل مكان، والاستهانة بها قد تغرق الجميع، ونجاته يعني نجاة الجميع، فإما أن نربح جميعا وإما أن نخسر». ودعا السياسيين وصناع القرار في العراق إلى «عدم السلوك بمسلك يُعيد الإرهاب» إلى المناطق المحررة.
وتتزامن دعوة الجبوري إلى وحدة البلاد والعمل على ترسيخ الهوية الوطنية مع القرار الذي اتخذه الرئيس العراقي فؤاد معصوم بتشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية بالاتفاق مع رئيسي الوزراء حيدر العبادي والبرلمان سليم الجبوري. وفي هذا السياق أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة ديالى رعد الدهلكي والذي ينتمي إلى كتلة «ديالى هويتنا» التي يتزعمها الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التمسك بالوحدة الوطنية جزء أساسي من مشروعنا الذي عملنا على ترسيخه من خلال مشاركتنا بالعملية السياسية طوال الفترة الماضية رغم كل ما عانينا منه من عمليات التهميش والإقصاء، بالإضافة إلى ما عانته محافظاتنا من الإرهاب» مضيفا أن «ما تم الاتفاق عليه عبر وثيقة الاتفاق السياسي التي تشكلت الحكومة الحالية بموجبها لم يتحقق منه أبرز ما كان قد تم الاتفاق عليه، وهي قوانين الحرس الوطني والعفو العام والمساءلة والعدالة وغيرها، وهي القوانين الضامنة للوحدة الوطنية والمصالحة الحقيقية والعمل على حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء الميليشيات المسلحة التي لعبت دورا تخريبيا في المحافظات الغربية، لا سيما ديالى التي لم تشهد بعد عودة كل النازحين إلى منازلهم رغم تحرير مناطقهم منذ نحو سنة».
من جهته، عد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأولوية لنا الآن هي استكمال تحرير باقي أنحاء مدينة الرمادي، فضلا عن محافظة الأنبار، بالإضافة إلى إعادة النازحين إلى ديارهم، حيث بدأت بالفعل عملية إعادة النازحين بعد مسك الأرض» مؤكدا أن «سير معركة الرمادي وبالطريقة التي تحررت بها من خلال الجيش العراقي النظامي والأسلوب الذي تعامل به مع المدنيين عزز بالفعل روح الوحدة الوطنية في البلاد، وهو ما يعني أنه المقدمة الحقيقية لتعزيز هذه الوحدة المجتمعية أولا».
وطالب الكربولي القوى السياسية بـ«احترام تعهداتها لا سيما تلك التي تم التوقيع عليها من خلال الاتفاقات التي عقدت بين هذه الكتل، وتعززت بوثيقة الاتفاق السياسي لأن عدم تنفيذ البرنامج الحكومي تحت أي ذريعة من الذرائع من شأنه التأثير على كل المسارات الأخرى بمن فيها مسار المصالحة والوحدة الوطنية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.