تعديل الدستور وانتخابات الرئاسة يقسمان المشهد السياسي في الجزائر إلى فريقين متناحرين

المعارضة ترفض تعديله من دون حوار وطني يؤدي لتوافق يحدد طبيعة النظام

الرئيس عبد العزيز بوتفليقة
الرئيس عبد العزيز بوتفليقة
TT

تعديل الدستور وانتخابات الرئاسة يقسمان المشهد السياسي في الجزائر إلى فريقين متناحرين

الرئيس عبد العزيز بوتفليقة
الرئيس عبد العزيز بوتفليقة

انقسم المشهد السياسي الجزائري إلى فريقين، على مقربة من انتخابات الرئاسة المنتظرة بعد أربعة أشهر، أحدهما يضغط على الحكومة للموافقة على نقل صلاحيات تنظيم الانتخابات لهيئة مستقلة عنها، ويعارض استمرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم. وفريق آخر يريد إبقاء الوضع على حاله بتمديد حكم بوتفليقة الذي لم يعلن نيته الترشح.
ويقود الفريق الأول مرشحان لانتخابات الرئاسة، هما رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، ورئيس حزب «جيل جديد» سفيان جيلالي، ومعهما كثير من قادة الأحزاب السياسية المعارضة، وأبرزهم عبد الرزاق مقري من «حركة مجتمع السلم»، وفاتح ربيعي أمين عام «حركة النهضة»، ونعيمة صالحي رئيسة «حزب العدل والبيان».
ورفع هؤلاء مطلبين للحكومة؛ الأول يقضي بتأجيل تعديل الدستور الذي وعد به الرئيس إلى ما بعد الانتخابات، على أن يكون الدستور الجديد «عاكسا لتطلعات الشعب ومكونات الطبقة السياسية». أما المطلب الثاني، فيتمثل في إنشاء «لجنة وطنية مستقلة عن السلطة للإشراف على تحضير وتنظيم الانتخابات الرئاسية في كل مراحلها القانونية».
وقال ربيعي، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، إن المعارضة «ترفض تعديل الدستور، من دون حوار وطني يؤدي إلى توافق يحدد طبيعة النظام السياسي، ويكرس الفصل بين السلطات، ويعلي قيمة الحريات الفردية والجماعية بما يجعله دستورا للشعب الجزائري كافة، وليس وثيقة أشخاص أو أحزاب أو مجموعات نافذة».
وأضاف ربيعي أن معارضي استمرار بوتفليقة في الرئاسة، يرفضون المشاركة في انتخابات الرئاسة المقبلة، ما لم تسعَ السلطات إلى توفير ضمانات نزاهة الاستحقاق وحماية إرادة الناخبين، من خلال هيئة مستقلة تشرف على كامل مراحل العملية الانتخابية «بعيدا عن هيمنة الإدارة بما يعزز ثقة المواطن في حكامه ويقوي اللحمة الداخلية، خاصة في ظل التحديات الأمنية المحيطة بالجزائر شرقا وغربا وجنوبا، وحالة الانفلات وفوضى السلاح في جوارنا القريب وهو أمر يستوجب مزيدا من اليقظة والحزم».
وفشل المعارضون الذين يناضلون من أجل تحقيق المطلبين، في ضم الزعيم الإسلامي عبد الله جاب الله إلى مسعاهم، بعدما أعلن أنه لن يترشح للانتخابات التي وصفها بـ«المسرحية معروفة النتائج مسبقا».
أما الفريق الثاني، فيتكون من قادة أربعة أحزاب، هم عمار سعداني أمين عام حزب «جبهة التحرير» صاحب الأغلبية، وعبد القادر بن صالح أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي»، وهو أيضا رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، وعمر غول رئيس «تجمع أمل الجزائر»، وهو وزير النقل، وعمارة بن يونس رئيس «الحركة الشعبية الجزائرية» وهو أيضا وزير التنمية الصناعية. وناشد الأربعة الرئيس بوتفليقة الترشح لولاية رابعة، وهاجموا بشدة كل الأحزاب التي ترى أن حالة الرئيس الصحية لا تسمح له بتمديد حكمه.
ورفض القادة السياسيون الأربعة مقترح تخلي وزارة الداخلية عن تنظيم الانتخابات، وانتقدوا «التشكيك المفرط وغير المبرر في نية الحكومة تنظيم انتخابات نزيهة». لكنهم اختلفوا في موضوع الدستور؛ فبينما ذكر سعداني أن «جبهة التحرير» ترى أن تعديل الدستور ينبغي أن يجري قبل الانتخابات، صرح بن يونس بأن الأفضل أن يؤجله الرئيس إلى ما بعد الاستحقاق.
والمثير في موضوع الدستور، أن الجميع يتحدث عنه بينما صاحب الشأن الذي تعهد بتعديله في منتصف عام 2011 سكت عنه منذ شهور طويلة، مما أوحى بأنه صرف النظر عن المشروع.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.