تأرجح بين انتقالات واستقالات.. وخيبات أمل و«إنستغرامات»

ألبير إلباز يغادر «لانفان» بعد 14 عامًا والمحطة المقبلة غير معروفة بعد -  راف سيمونز يحيي الحضور بعد نهاية عرضه - المصمم ألكسندر وانغ يودع «بالنسياغا» ليتفرغ لخطه الخاص - من تصميم اليساندرو ميكيل لدار «غوتشي» (ربيع وصيف 2016).
ألبير إلباز يغادر «لانفان» بعد 14 عامًا والمحطة المقبلة غير معروفة بعد - راف سيمونز يحيي الحضور بعد نهاية عرضه - المصمم ألكسندر وانغ يودع «بالنسياغا» ليتفرغ لخطه الخاص - من تصميم اليساندرو ميكيل لدار «غوتشي» (ربيع وصيف 2016).
TT

تأرجح بين انتقالات واستقالات.. وخيبات أمل و«إنستغرامات»

ألبير إلباز يغادر «لانفان» بعد 14 عامًا والمحطة المقبلة غير معروفة بعد -  راف سيمونز يحيي الحضور بعد نهاية عرضه - المصمم ألكسندر وانغ يودع «بالنسياغا» ليتفرغ لخطه الخاص - من تصميم اليساندرو ميكيل لدار «غوتشي» (ربيع وصيف 2016).
ألبير إلباز يغادر «لانفان» بعد 14 عامًا والمحطة المقبلة غير معروفة بعد - راف سيمونز يحيي الحضور بعد نهاية عرضه - المصمم ألكسندر وانغ يودع «بالنسياغا» ليتفرغ لخطه الخاص - من تصميم اليساندرو ميكيل لدار «غوتشي» (ربيع وصيف 2016).

2015 كان للبعض عام ساعات «أبل» الذكية، وللبعض عام العارضتين جيجي حديد وكيندل جينر، بالنظر إلى تألقهما وما حققتاه من أرباح. بالنسبة للبعض الآخر، كان العام الذي تعرضت فيه ساحة الموضة لزلزال لا يزال يهز أركانها. السبب؟ خروج مصممين ورؤساء تنفيذيين من بيوت أزياء كبيرة، فضلا عن انسحاب آخرين من بيوت أسسوها، مثل رالف لورين ودونا كاران. والنتيجة واحدة: كان عاما حافلا بالأحداث التي يمكن أن تغير وجه الموضة إلى الأبد، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المصممين الذين كانوا يتسابقون في يوم من الأيام على دخول بيوت أزياء كبيرة، لما تتيحه لهم من إمكانيات وتسهيلات، يصرحون حاليًا بأنهم يفضلون ترف الوقت وراحة البال على ترف المال والشهرة.
من جهتها، بدأت المجموعات الكبيرة، التي تملك بيوت أزياء مهمة، تنتهج أسلوبا جديدا في البحث عن مضاد لهذه الحملة بانتقاء مصممين مغمورين لم يسمع بهم أحد من قبل، ربما لتتجنب أية مشكلات قد تنبع إما من النرجسية وتضخم الذات أو من التمرد الناتج عن ثقتهم بالمستقبل وقدرتهم على الاستقلال بأنفسهم.
بدأ العام هادئا من دون أحداث كبيرة تذكر، باستثناء تعيينات جديدة.
ففي السابع من شهر يناير (كانون الثاني)، مثلا، عين أليساندرو ميكال، مصمما فنيا لدار «غوتشي». حتى ذلك الحين، لم يسمع باسمه سوى قلة من الناس، لهذا اعتبر كثير من المتابعين الأمر مجازفة من قبل مجموعة «كيرينغ» المالكة لـ«غوتشي». لكن ما لم يتوقعه هؤلاء أن المصمم يتمتع بإمكانيات هائلة تؤهله لتغيير ملامح الموضة، أو على الأقل طريقة اختيار المصممين الجدد. فما إن تسلم مقاليد الدار التي كانت تعاني من تراجع المبيعات وعزوف الشباب عنها، حتى غير وضعها، وفي وقت وجيز جدا. فمنذ أول عرض قدمه في شهر فبراير (شباط)، سرق قلوب متابعات الموضة اللواتي أقبلن على تصاميمه إقبال العطشان على الماء، لينقل «غوتشي» من خانة الإفلاس إلى لائحة الأرباح، ومن العادي إلى المغري والجذاب. فقد خض التابوهات بجرأة كبيرة، بخلطه بين الذكوري والأنثوي، إلى حد أنك لا تعرف إن كنت في عرض أزياء رجالي أم نسائي في بعض الأحيان. فقد قدم للجنس الخشن بدلات بالبروكار مطبوعة بالورود وقمصانا من الدانتيل، وللجنس الناعم تايورات مفصلة بتصاميم رجالية وأقمشة خشنة أحيانا، لكن دائما مطبوعة بالورود وكأنه يتفاءل بها. ما لا يختلف عليه اثنان أن الصورة كانت جديدة وقوية، مما جعل نجمه يبزغ بسرعة، ليحصل قبل نهاية العام على لقب مصمم العام من منظمة الموضة البريطانية. فقد نجحت خطته في جذب الأنظار والإقبال على منتجات «غوتشي»، إلى حد القول إن كتب الموضة ستذكره كعراب لاتجاه «الماكسيماليزم» الجديد، أو المصمم الذي قتل موضة «المينماليزم»، باستعماله التفاصيل الكثيرة والأقمشة والنقشات المتنوعة في الإطلالة الواحدة.
في بداية العام أيضًا، كانت العيون على جون غاليانو، وأول عرض سيقدمه لدار «ميزون مارتان مارغيلا»، التي دخلها بعد نحو 3 سنوات من الغياب والتغييب. كان اختياره لهذا الدور مثيرًا، رحب به البعض على أساس أنه فرصة جديدة له، بينما استغربه البعض الآخر، لأنه معروف بالدرامية والتصاميم المسرحية التي تحن إلى القرن الثامن عشر أحيانًا، بينما «ميزون مارتان مارغيلا» معروفة بالعكس، أي بالتجارب الاختبارية، الأقرب إلى المستقبلية. في يناير وخلال أسبوع باريس لل«هوت كوتير» أكد غاليانو أنه مبدع ويمكنه أن يتأقلم بسهولة، بل ويروض جنوحه أيضًا، حيث قدم تشكيلة تجارية فنية، شملت تايورات باللون الأسود مفعمة بالأناقة، وفساتين سهرة طويلة بأسلوب تفكيكي، يؤكد أن الآتي سيكون أفضل عندما يستقر أكثر.
ابتداء من شهر يونيو (حزيران) بدأت الأمور تتغير. ففي هذا الشهر أعلنت المصممة دونا كاران انسحابها من «دونا كاران إنترناشيونال»، الخط الذي أسسته في عام 1984 وتملكه حاليا مجموعة «إل في آم آش» الفرنسية. السبب الذي صرحت به المصممة أنها تريد التركيز على خطها «إيربن زين» من جهة، وأن تستغل وقتها للقيام بكل الأنشطة التي كانت تتوق إليها ولا تجد لها سبيلا بسبب شواغلها ومسؤولياتها الكثيرة، من جهة ثانية.
ولم يمر سوى وقت قصير حتى أعلن المصمم رالف لورين أنه سيتنازل عن دوره بصفته رئيسًا تنفيذيًا في إمبراطوريته، ويكتفي بمهمة الإشراف عليها لتخسر ساحة الموضة الأميركية اثنين من أعمدتها.
في شهر يوليو (تموز)، أعلن ألكسندر وانغ خروجه من دار «بالنسياجا» بعد نحو ثلاث سنوات قضاها فيها. لم يكن الخبر مفاجئا، لأن الأغلبية كانت تتوقعه، خصوصًا وأنه لم يقدم جديدا يُحسب له، سوى أنه ساعد على إبقائها تتحرك دون جمود. المفاجئ كان في 7 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) حين أعلنت «بالنسياغا» اسم خليفته، ديمنا فزاليا، وهو شاب من أصول جورجية يبلغ من العمر 34 عاما.
فالاسم غير معروف للعامة، لكنه محترم من قبل العارفين والمتابعين لما يجري في الساحة. فقد نجح في جعل «فيتمون» ماركة مهمة، فضلا عن أن سيرته الذاتية تقول بأنه تخرج من الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة بأنتوورب البلجيكية وعمل مع كل من دار «ميزون مارتن مارجيلا» و«لويس فويتون» لسنوات. والأهم بالنسبة لمجموعة «كيرينغ» أنه متمكن من أدواته من دون أن تكون له أية رغبة في تسول الأضواء والنجومية. وهذا ما باتت تريده بيوت الأزياء الكبيرة على ما يبدو.
في شهر سبتمبر (أيلول)، كان الخبر الطاغي هو قرار دار «جيفنشي» تنظيم أول عرض لها خارج باريس. فبعد عروض خاصة وحميمة جدا، لم تفتحها سوى لباقة منتقاة من المهتمين بالموضة، قررت هذا العام أن تعكس سياستها ليس بالانتقال للعرض خلال أسبوع نيويورك فحسب، بل أيضًا ببيع تذاكر للعامة. والنتيجة أن 1.200 ضيف حضروا عرضها الخاص بربيع وصيف 2016.
لكن الدار لم تنعم طويلا بالدعاية لأن الخبر سرعان ما فقد أهميته، وأصبح عاديا لا يستحق الخوض فيه، بعد إعلان البلجيكي راف سيمونز، في 22 من شهر أكتوبر قراره بعدم تجديد عقده مع دار «ديور» بعد ثلاث سنوات فقط من العمل معها. جاء الخبر مفاجئا وبقوة التسونامي، إذ لم يصدق أحد كيف يمكن أن يخرج أي مصمم شاب من دار مثل «ديور» لها كل الإمكانيات التي يحلم بها الكثيرون، بدءا من ورشات متخصصة وأنامل ناعمة متمرسة واستراتيجيات عالمية، ومن تلقاء نفسه؟. راف سيمونز فعل هذا رغم كل الإغراءات، لأنه بعد حسبة بسيطة اكتشف أن ثمن الشهرة والعمل مع دار بحجم «ديور» كبير جدا يأتي على حساب أشياء تعني له الكثير، مثل الاستمتاع بحياته الخاصة وزيارة المتاحف الفنية والإبداع بإيقاع يناسبه.
وهذا ما يمكن استنتاجه من قوله: «الدافع هو رغبتي الخاصة في أن أركز على اهتمامات أخرى في حياتي، بما في ذلك خطي الخاص. (كريستيان ديور)، شركة مدهشة، وكان لي الشرف أن تسمح لي أن أكتب بضع صفحات في كتابها العظيم، وأنا شاكر لها وللفريق الذي لم أكن أحلم بالعمل مع مثله من قبل».
«ديور» تشهد لسيمونز بالنجاح وبأنه استطاع أن يحقق لها الأرباح في فترة وجيزة. فقبل إعلان انسحابه بوقت وجيز، أعلنت ارتفاعا في أرباحها بنسبة 18 في المائة، أي ما يعادل 1.94 مليار دولار أميركي، إضافة إلى أنه جعل الـ«هوت كوتير» التي كانت تعتبر مجرد «بريستيج» أو وسيلة تلميع صورتها أكثر منها وسيلة لجني الربح، تحقق مبيعات عالية نتيجة استقطابها زبونات شابات من الأسواق النامية استهواها أسلوبه العصري.
في الشهر الماضي، أنهت «ديور» التكهنات، وصرحت أنها لن تتسرع في اختيار خليفة له، مشيرة إلى أنها أناطت مهمة تصميم تشكيلة «الهوت كوتير» المتوقع تقديمها في شهر يناير المقبل، بفريق عمل كامل. عدم التسرع أسلوب اتبعته الدار أيضًا بعد خروج جون غاليانو منها، حيث صمم فريق الدار بقيادة جون غايتون، الذي عمل مع جون غاليانو لعدة سنوات، ثلاثة تشكيلات قبل أن يستقر الاختيار على راف سيمونز.
في نفس الشهر، أي في نهاية أكتوبر، ترددت في أوساط الموضة تصدعات زلزالية أخرى، تمثلت في طرد المصمم ألبير إلباز من دار «لانفان» بعد 14 سنة. مما جعل الصدمة قوية أن صناع الموضة يعشقونه، ويهللون له في كل المناسبات، كما يتغاضون على هفواته، لا سيما وأنهم ربطوه بدار «لانفان» التي كانت نائمة قبله وأتى هو ليمنحها قبلة الحياة. بيد أن تراجع المبيعات التي شهدتها الدار في المواسم الأخيرة أدت للاستغناء عن خدماته. فلغة الأرقام تختلف عن لغة المشاعر، وبالتالي لم ينفع تذمر صناع الموضة ولا وقفات التضامن التي قام بها العاملون معه خارج المبنى.
خروج كل من راف سيمونز من دار «ديور» بعد رفضه تجديد عقده معها، وألبير إلبيز من «لانفان» بعد طرده، فتح ملفا كان يتهامس به كثير من المصممين والمتابعين للموضة، من دون أن يتجرأوا على البوح به علنًا، وهو الضغوطات التي بات ينوء بعضهم تحتها بهدف تحقيق الربح للبعض الآخر. فعوض تشكيلتين في العام، أو أربعة بالنسبة للبيوت المتخصصة في الـ«هوت كوتير»، أصبح لزاما على كل مصمم أن يقدم، ما لا يقل عن ثماني تشكيلات في السنة، فضلا عن حضوره افتتاحات محلات في عواصم بعيدة، وإجراء لقاءات وما شابه من أمور يحتمها عليه عقده معها من جهة، ووسائل التواصل الاجتماعي من جهة ثانية. كل هذا لم يجعل الموضة تبدو سريعة فحسب، بل جعلها متطلبة إلى حد الإنهاك الفكري والفني. وهذا تحديدا ما صرح به كل من ألبير إلباز وراف سيمونز. الأول قال إن وظيفة المصمم تغيرت ولم تعد تقوم على الإبداع والابتكار لأنها حولت المصمم الفني إلى خبير أزياء تتركز مهمته على تنسيق الأزياء والإكسسوارات بشكل يبدو مغريا على مواقع الإنترنت والإنستغرام، لا أقل ولا أكثر. والثاني صرح أن الإيقاع المتسارع للموضة لم يعد يمنح المصمم ترف الوقت للابتكار وتجربة الأفكار.
في شهر أكتوبر أيضًا، أعلنت مجموعة «كيرينغ» تعيين فرانشيسكا بيليتيني رئيسة تنفيذية لـ«سان لوران» وكارلو ألبرتو بيريتي، رئيسا تنفيذيا لـ«بوتيغا فينيتا». وهذا يشير إلى أن المجموعة ترتب أوراقها منذ بداية السنة، ليس فقط بتعيينها أليساندرو ميكال أو تغيير رؤساء تنفيذيين مهمين، مثل كريستوفر ميلارد، الذي عمل في دار «سيرجيو روسي» للأحذية، بل أيضًا ببيع بيوت لم تعد تدر عليها الربح. فقد باعت مؤخرا «سيرجيو روسي» للأحذية، بعد أن كانت اشترتها في عام 1999.



نهاية عام وصلت فيه الموضة إلى القمر وتوهجت فيه المنطقة العربية

لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)
لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)
TT

نهاية عام وصلت فيه الموضة إلى القمر وتوهجت فيه المنطقة العربية

لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)
لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

اليوم وعلى الساعة الثانية ليلاً، سيودع عالم الموضة عاماً كان حافلاً بالأحداث والتحديات. عام تراجعت فيه أرباح المجموعات الضخمة بشكل لم تشهده منذ عقود، واهتزت كراسي أدت إلى استقالات، بعضها طوعي كما هو الحال بالنسبة للبلجيكي دريس فان نوتن، وأخرى مفروضة كما هو الحال بالنسبة لبييرباولو بيكيولي، مصمم دار «فالنتينو» السابق وغيره. كل هذه التغييرات ترافقت بتعيينات جريئة من شأنها أن تُغيّر مشهد الموضة بشكل أو بآخر، وإن كانت الدراسات التي قام بها هذا القطاع تفيد بأن 2025 لن يكون أفضل حالاً.

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي عانوا منها في السنوات الأخيرة، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئنهم بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات جذرية وسريعة تحسُّباً للآتي. والمقصود هنا الضرائب الجمركية التي يهدد ترمب بفرضها على الصين تحديداً، التي تعتبر إلى حد الآن من أهم الأسواق التي يعتمدون عليها، صناعة وتجارة، إضافة إلى قوانين الهجرة التي ستؤثر على اليد العاملة في هذا المجال.

استراتيجيات مبتكرة... مطلوبة

حتى الآن لا تزال «هيرميس» تحتفظ بالصدارة فيما يتعلق بالحرفية و«صنع باليد» (هيرميس)

وكأن هذا لا يكفي، فإن أحد أهم التحديات التي يواجهونها حالياً سلوكيات المستهلك التي تغيّرت وزعزعت الكثير من المفاهيم التقليدية. فهذا المستهلك لم يعد يُقبل على الصرعات الموسمية، ويفضل عليها منتجات مصنوعة بحرفية تدوم أطول مدة من دون أن تفقد جاذبيتها وعمليتها، وهو ما يتناقض إلى حد كبير مع فلسفة الموضة القائمة أساساً على التغيير كل بضعة أشهر حتى تبقى حركة البيع منتعشة. المحك الآن أمام أغلب الرؤساء التنفيذيين هو كيف يمكنهم تحقيق المعادلة بين الحرفي والتجاري، والمستدام والاستهلاكي.

العمل على هذه المعادلة بدأ بعد جائحة كورونا بافتتاح محلات تتعدى عرض الأزياء والإكسسوارات إلى توفير مطاعم وفضاءات استراحة وتدليل، لاستقطاب الزبائن. لكن رغم ذلك وشعارات «صنع باليد»، يبقى الأكسجين الذي تتنفس منه الموضة كينونتها هو الإبداع الذي من شأنه أن يُحرك المشاعر ومن ثم الرغبة في الشراء. وهذا الإبداع يحتاج إلى مدير فني له القدرة على قراءة نبض الشارع، ثم استدراجه لهذه المحلات، أو الأصح إلى هذه الفضاءات المليئة بالمغريات.

ليس كل ما هو أسود يدعو للتشاؤم

من آخر تشكيلة قدمها بييرباولو بيكيولي لدار «فالنتينو» (فالنتينو)

لم يكن هذا العام سيئاً بالمطلق. فبينما تعاني دار «بيربري» من تراجع مبيعاتها بشكل مخيف وخفوت نجم دار «غوتشي» وطرح «فيرساتشي» للبيع، وصلت «برادا» إلى القمر. فقد ساهمت في التحضيرات لرحلة «أرتميس 3» التابعة لـ«ناسا» المرتقبة في شهر سبتمبر (أيلول) من عام 2026. وتعتبر هذه أول مرة يتم فيها التعامل بين دار أزياء و«ناسا» بشكل مباشر. الهدف منها إلهام أكبر شريحة من الناس لاستكشاف الفضاء، وفي أن تتحول هذه الرحلات إلى مغامرات عادية لمن لهم القدرات المادية العالية والرغبة في اختراق الآفاق.

أولمبياد الرياضة

سيلين ديون في أولمبياد باريس تظهر بفستان من دار «ديور» (غيتي)

كان من البديهي أن يكون لدورة الألعاب الأوروبية الأخيرة، وبطولة ويمبلدون للتنس، وأخيراً وليس آخراً ألعاب الأولمبياد التي استضافتها باريس تأثيراتها على منصات عروض الأزياء، التي غلبت عليها تصاميم تجمع «السبور» بالأناقة. أما في حفل الأولمبياد، فاحتفظت الموضة بشخصيتها من خلال فساتين مفصلة على مقاس النجمات اللواتي ظهرن بها. كان لدار «ديور» نصيب الأسد، كونها تنضوي تحت راية مجموعة «إل في آم آش» الراعية للفعالية. ولم تُقصر في استعراض إمكانيات ورشاتها الخاصة ومهارات أناملها الناعمة.

لا بأس من التنويه هنا بأن العلاقة بين الموضة والأولمبياد بدأت فعلياً في عام 1992 في دورة برشلونة، عندما تبرّع الياباني إيسي مياكي، لتصميم أزياء فريق ليتوانيا. كان هذا الأخير يشارك كبلد مستقل بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، وبالتالي يحتاج إلى دعم. حازت التصاميم الكثير من الإعجاب، ليتحول ما أراده مياكي تبرعاً مجانياً إلى تقليد تجاري.

الموضة العربية تتوهج

في الوقت الذي تعاني منه صناعة الموضة والترف بتذبذبات وتحديات، تشهد الساحة العربية انتعاشاً يتمثل في تألق مصممين عرب وفعاليات مهمة، أهمها:

أول نسخة من عروض «الريزورت» في جدة

لقطة لأسبوع البحر الأحمر في نسخته الأولى (من الأرشيف)

في شهر مايو (أيار) تم إطلاق النسخة الأولى من معروض خط الـ«كروز» أو الـ«ريزورت» في مدينة جدة. كما يشير الاسم، فإن الأزياء التي شارك بها مصممون سعوديون من أمثال تيما عابد وتالة أبو خالد، فضلاً عن علامات مثل «أباديا» و«لومار» وغيرها، تتوجه إلى البحر وأجواء الصيف. لم يكن الهدف من هذه الفعالية منافسة أسبوع الرياض الرسمي، الذي شهد دورته الثانية هذا العام، بل تنويع المجالات الاقتصادية وتطوير القطاعات الثقافية. وطبعاً الاندماج في السوق العالمية والدخول في منافسة مبنية على الندّية، تماشياً مع «رؤية 2030».

ليلة إيلي صعب في موسم الرياض

من عرض إيلي صعب في الرياض صب فيها كل رومانسيته (رويترز)

في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) وفي الرياض، كان العالم على موعد مع عرض ضخم التقى فيه الجمال والأناقة بالترفيه والموسيقى. ليلة أحياها نجوم من أمثال سيلين ديون، وجينفر لوبيز، وعمرو دياب ونانسي عجرم، اعترافاً بإيلي صعب كمصمم مبدع وكإنسان. الممثلة هالي بيري حضرت هي الأخرى، وهي تختال على منصة العرض بالفستان الأيقوني ذاته، الذي ارتدته في عام 2002 وهي تتسلم الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء تحصل على هذه الجائزة. صدى هذه الفعالية وصل إلى العالم، ليؤكد أن المصمم الذي وضع الموضة العربية على الخريطة العالمية لا تزال له القدرة على أن يُرسّخها للمرة الألف.

في مراكش... تألقت النجوم

الأخوات سبنسر بنات أخ الأميرة ديانا في حفل «فاشن تراست أرابيا» بمراكش (فاشن تراست أرابيا)

لأول مرة منذ 6 سنوات، انتقلت فعالية «فاشن تراست أرابيا» من مسقط رأسها الدوحة بقطر إلى مدينة مراكش المغربية، تزامناً مع العام الثقافي «قطر - المغرب 2024». هذه الفعالية التي اختارت لها كل من الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فارس، الشهر العاشر من كل عام للاحتفال بالمصممين الناشئين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أصبحت من المبادرات المهمة في عالم الموضة العربية. فإلى جانب مبالغ مالية مهمة تتراوح بين 100 ألف و200 ألف دولار، يتلقى الفائزون تدريبات في بيوت أزياء عالمية، وتُعرض إبداعاتهم في منصات ومحال عالمية مثل «هارودز». هذا العام كانت الجوائز من نصيب 7 مشاركين، هم نادين مسلم من مصر في جانب الأزياء الجاهزة، وياسمين منصور، أيضاً من مصر عن جانب أزياء السهرة، في حين كانت جائزة المجوهرات من نصيب سارة نايف آل سعود ونورا عبد العزيز آل سعود ومشاعل خالد آل سعود، مؤسسات علامة «APOA) «A Piece of Art) من المملكة العربية السعودية.