أصدرت مجموعة من علماء الطائفة الشيعية في محافظتي القطيف والأحساء (شرق السعودية) أمس بيانا أدانوا فيه استخدام السلاح ضد الدولة أو المجتمع، محذرين الشباب من الانجراف خلف توجهات العنف والتطرف في البلاد.
وأشار الموقعون على البيان وعددهم عشرة من علماء المحافظتين إلى أن التطرف لا يحل مشكلة ولا يحقق مطلبا، «بل يزيد المشكلات تعقيدا ويحقق مآرب الأعداء الطامعين».
وجاء في بيان علماء الطائفة الشيعية: «لقد بليت مجتمعات الأمة في هذا العصر بجماعات وتيارات متطرفة تمارس الإرهاب والعنف تحت عناوين دينية وسياسية والدين بريء من الإرهاب والعنف السياسي يدمر الأوطان».
وقال الشيخ جعفر آل ربح، وهو أحد الموقعين على البيان، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشايخ والعلماء الذين وقعوا على البيان لم يدفعهم قانون (نظام) مكافحة الإرهاب أو بيان وزارة الداخلية الأخير، وإنما طرحت الفكرة قبل نحو عامين، ولكن بعد الحادث الأخير الذي وقع في بلدة العوامية جرى تجديد المبادرة وكان لها قبول اجتماعي.
يشار إلى أن بلدة العوامية شهدت يوم 20 فبراير (شباط) الماضي مقتل اثنين من رجال الأمن واثنين من المطلوبين أمنيا.
وأكد الشيخ آل ربح أن الفكرة والمبادرة نابعة من قناعة أبناء الطائفة الشيعية، ووعي علماء الطائفة بأن هذه الفترة في حياة الأمة فترة حرجة وأن الوطن مستهدف. وأضاف: «لهذا كان لا بد من أن نتدارك الوضع ونحن جزء من هذا الوطن الكبير، نفخر بقيادته ونعتز بالولاء له، ونقف مع أبناء وطننا في خندق واحد للدفاع عنه وعن أمنه».
بدوره، أكد الشيخ حسن الصفار، وهو أحد الموقعين، أن البيان لا يعبر عن موقف جديد في وسط علماء الشيعة في السعودية، إذ سبق أن أعلنوا انحيازهم للوطن في جميع المنعطفات وتجاه كل التحديات التي استهدفت الوطن، ومنها البيان الذي أصدره علماء ومشايخ الطائفة في 20 أغسطس (آب) من عام 2012. وقال: «تحدث عدد من علماء الشيعة السعوديين في خطبهم كثيرا ضد العنف والتطرف والإرهاب في مختلف المناسبات، ولي شخصيا عدة محاضرات وكتابات بهذا الاتجاه». وأضاف: «إن المجتمع في محافظة القطيف عانى منذ سنوات من وجود عصابات إجرامية تسرق وتنهب وتخطف، وطالب رجال المجتمع الدولة بوضع حد لها، وكان هناك لقاءات مع المسؤولين حول هذا الموضوع قبل نحو خمس سنوات».
ولفت الصفار إلى أن علماء الشيعة لا يقبلون بأن يستخدم أحد من أبنائهم العنف ضد الدولة أو المجتمع تحت عنوان ديني أو سياسي، لأن العنف والتطرف «يسيء لأي قضية يرتبط بها وإن كانت عادلة، ولذلك أصدروا هذا البيان استمرارا لنهجهم الوطني».
من ناحيته، قال المهندس نبيه آل إبراهيم عضو المجلس البلدي السابق في محافظة القطيف، وأحد أبناء بلدة العوامية: «إن الحالة المؤسفة التي بلغها الوضع الأمني في محافظة القطيف والعوامية على وجه الخصوص هو ما دفع الزعامات الدينية الشيعية في محافظتي القطيف والأحساء إلى التحرك لإنهاء هذه الظاهر الخطيرة».
وأضاف آل إبراهيم أن «ظاهرة العنف وحمل السلاح تعد ظاهرة طارئة على أبناء القطيف، وعلى المجتمع السعودي بشكل عام، لأن المجتمع في مناطق السعودية عامة، والمنطقة الشرقية خصوصا، مجتمع مسالم، يجنح للسلم والحوار الهادئ في حل مشكلاته».
وشدد آل إبراهيم على أن الاحتكام إلى السلاح يعني في ما يعنيه أن هناك خللا ثقافيا ومجتمعيا كبيرا وواجب الزعامات الدينية أو الاجتماعية وجميع النخب مساعدة الدولة في تقويم هذا الخلل، وقال: «لا نعمم هذه الظاهرة على أبناء المنطقة بمن فيهم أهالي العوامية الكرام، فهم في عمومهم مسالمون، لكن ما حدث أن مجموعة من أبناء المجتمع قررت اللجوء إلى العنف واستخدمت السلاح ضد الدولة وضد أنفسهم».
وتابع المهندس آل إبراهيم: «على ضوء هذا تنادى المشايخ لحل هذه الأزمة وإيجاد طرق للحل للعنف الذي تسبب في وضع مأساوي في القطيف والعوامية على وجه الخصوص، وكان من طرق الحل نزع الغطاء الديني والشرعي عن هذه الظاهرة الخطيرة».
وعد المهندس نبيه آل إبراهيم أن المزاج الشيعي الحقيقي لم يتغير، فهو بطبعه هادئ ولا يحتكم في حل مشكلاته إلى العنف والسلاح، وما زاد عن ذلك فهو طارئ ومستورد وليس من طبيعة المجتمع الأصيل في المنطقة الشرقية.
وفي ما يلي نص البيان.
نص بيان علماء الطائفة الشيعية:
«بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين. لا شك أن أعظم مقصد للدين وأهم مطلب للمجتمع هو بسط الأمن والاستقرار في البلاد.
وقد بليت مجتمعات الأمة في هذا العصر بجماعات وتيارات متطرفة تمارس الإرهاب والعنف تحت عناوين دينية وسياسية والدين بريء من الإرهاب، والعنف السياسي يدمر الأوطان، وما نعرفه من سيرة أئمة أهل البيت عليهم السلام ومن توجيهاتهم الهادية أنهم يؤكدون على حفظ وحدة الأمة ورعاية المصلحة العامة، ورفض أي احتراب داخلي حماية للسلم والأمن في مجتمع المسلمين، وذلك هو نهج مراجعنا وفقهائنا الكرام. لذا نحذر أبناءنا وشبابنا الأعزاء من الانجراف خلف توجهات العنف والتطرف، فهو لا يحل مشكلة ولا يحقق مطلبا، بل يزيد المشكلات تعقيدا ويحقق مآرب الأعداء الطامعين، ونؤكد أن أي استخدام للسلاح والعنف في وجه الدولة أو المجتمع مدان ومرفوض من قبل علماء المذهب وعموم المجتمع ولا يحظى بأي غطاء ديني أو سياسي.
حفظ الله بلادنا ومجتمعنا من الفتن والمكاره ومتعنا بنعمة الأمن والاستقرار.
الموقعون:
الشيخ عبد الله الخنيزي، السيد علي الناصر، الشيخ عبد الكريم الحبيل، الشيخ حسن الصفار، الشيخ جعفر الربح، الشيخ يوسف المهدي، الشيخ حسين البيات، الشيخ حسين العايش، الشيخ عادل بو خمسين، السيد كامل الحسن».
علماء الشيعة في السعودية يتبرأون من الجماعات المسلحة
علماء الشيعة في السعودية يتبرأون من الجماعات المسلحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة