مساع لبيان مصير مئات الأنباريين اختطفتهم ميليشيات قرب كربلاء

الصدر ينضم للمؤيدين لرفض مشاركة «الحشد الشعبي» في معركة الرمادي

آلية بجهاز مكافحة الإرهاب يراقب في شوارع حي الضباط في مركز الرمادي أمس (أ.ف.ب)
آلية بجهاز مكافحة الإرهاب يراقب في شوارع حي الضباط في مركز الرمادي أمس (أ.ف.ب)
TT

مساع لبيان مصير مئات الأنباريين اختطفتهم ميليشيات قرب كربلاء

آلية بجهاز مكافحة الإرهاب يراقب في شوارع حي الضباط في مركز الرمادي أمس (أ.ف.ب)
آلية بجهاز مكافحة الإرهاب يراقب في شوارع حي الضباط في مركز الرمادي أمس (أ.ف.ب)

كشف حامد المطلك، عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار ونائب رئيس لجنة الأمن والدفاع، أن «عملية البحث لا تزال جارية عن أكثر من ألف مواطن من محافظة الأنبار تم خطفهم من قبل فصائل مسلحة قرب بحيرة الرزازة» قرب محافظة كربلاء.
والمختطفون كانوا هاربين من المعارك الدائرة بين القوات الأمنية ومسلحي تنظيم داعش الذي لا يزال يسيطر على كثير من مدن وبلدات الأنبار. وقال المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لم نحصل على إجابة بشأن مصيرهم حتى الآن».
ويأتي ذلك في وقت تتواصل فيه العمليات العسكرية لتطهير الرمادي، مركز محافظة الأنبار، من آخر جيوب «داعش» فيها. كما أنه يأتي في وقت تصاعدت فيه الخلافات بين تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان العراقي) وميليشيات الحشد الشعبي وذلك على خلفية تصريحات النائب عن تحالف القوى ظافر العاني الذي وصف معركة الرمادي بالنظيفة بسبب عدم مشاركة فصائل الحشد فيها.
وفي تطور لافت في هذا السياق، دخل زعيم التيار الصدري زعيم الصدر على الخط حين أعلن تأيده لعدم إشراك قوات غير رسمية، في إشارة إلى ميليشيات الحشد الشعبي، في معركة الرمادي. وقال الصدر في بيان أمس إن «أفضل خطوة قامت بها الحكومة، هي عدم الاستعانة ببعض الجهات غير الرسمية»، مشيرا إلى «أن حملة تحرير المدينة جسدت الوحدة الإسلامية الوطنية بعيدا عن الطائفية».
وكانت عدة فصائل من الحشد الشعبي شنت هجوما عنيفا تضمن أنواعا من التهديد ضد النائب ظافر العاني وهو ما دعا تحالف القوى العراقية الحشد الشعبي إلى احترام القانون».
في السياق نفسه، وصف نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية المشاركات السابقة لميليشيات الحشد الشعبي في كل من ديالى وصلاح الدين وجرف الصخر بأنها «لم تكن مشجعة بل ترتبت عليها إساءات كثيرة وهو أمر لا يمكن السكوت عليه». وبشأن سير معركة الرمادي، قال المطلك إن «معركة الرمادي تمثل كل العراقيين بمؤسسات الدولة العراقية التي يريد البعض زوالها، فضلا عن عدم احترامها لأنها تكرس مفهوم الوطنية العراقية والعلم العسكري الذي تسجد إلى حد كبير في هذه المعركة التي اختلفت عن سلبيات المعارك السابقة لأنها تجاوزت أخطاء وسلبيات بعض أفراد وعناصر الحشد الشعبي». وأشار المطلك إلى أن «من الخطأ القول إن هذه المعركة لا تمثل العراق لأنه لم يشارك فيها الحشد الشعبي لأن المشاركين فيها هم من كل العراق من أبناء المؤسسة العسكرية التي يحترمها كل العراقيين، بالإضافة إلى المقاتلين من أبناء العشائر من محافظة الأنبار».
من جانبها، أبدت حركة الحل المنضوية في تحالف القوى العراقية تأييدها دعوة زعيم التيار الصدري. وقالت الحركة في بيان لها تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن «دعوة الصدر إلى تعزيز الثقة بالقوات المسلحة واﻷجهزة اﻷمنية العراقية هي السبيل الوحيد نحو القضاء على التمايز الطائفي والمذهبي، وبناء الروح الوطنية التي تجعل الوﻻء للعراق وحده هو معيار اﻷداء والمهنية». وأكدت حركة الحل أن «معركة تحرير الرمادي بصفحاتها المتعددة أثبتت للجميع وبما ﻻ يقبل الشك أن العراقيين قادرون على دحر الإرهاب الداعشي وتحرير مدنهم دون الاستعانة بالغرباء». ودعت حركة الحل جميع القوى السياسية إلى جعل الانتصار في الرمادي وروح القتال الوطنية هي النقطة التي نقف فيها جميعًا استعدادًا لتحرير كامل ترابنا العراقي وطرد اﻷجنبي.
في غضون ذلك، خاضت القوات العراقية معارك شرسة أمس ضد مقاتلي تنظيم داعش الذي يستميت للحفاظ على المجمع الحكومي الواقع في قلب مدينة الرمادي، بحسب ضباط ومسؤولين محليين. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، بلغت القوات أمس تقاطع الحوز، وهو تقاطع استراتيجي باتجاه المجمع الحكومي الذي تعتبر استعادته تأكيدا لفرض السيطرة الكاملة على المدينة.
وقال صباح النعمان المتحدث باسم القوات الخاصة لمكافحة الإرهاب إن هذه القوات «طهرت بالكامل حي الحوز ووصلت قرب المجمع الحكومي».
وبحسب خلية الحرب العراقية المكلفة وسائل الإعلام وتتحدث باسم وزارتي الداخلية والدفاع والمجموعات شبه العسكرية التي تقاتل تنظيم داعش، فإن استخدام المتطرفين العبوات الناسفة فرض تغييرا في الاستراتيجية. وقال النقيب أحمد الدليمي وهو ضابط في الشرطة العراقية إن المواجهات تستخدم فيها «كل الأسلحة» وأدت إلى «قتل 21 عنصرا من تنظيم داعش وإلحاق خسائر مادية وبشرية بهم، فضلا عن استشهاد عنصرين من القوات العراقية وإصابة 9 آخرين بجروح».
بدوره، قال المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ويقدم دعما جويا للقوات على الأرض، الكولونيل ستيف وارن لوكالة الصحافة الفرنسية إن «قوات الفرقة الثامنة في الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب يتقدمان». وأضاف أن «قوات مكافحة الإرهاب قد أحرزت تقدما أكثر، وهي الآن على بعد عدة مئات الأمتار من المجمع الحكومي».
أعاق عمليات التقدم كذلك، المدنيون والعائلات العالقة داخل مدينة الرمادي والتي يسعى التنظيم المتطرف لمنعهم من الخروج لاستخدامهم كدروع بشرية.
وكانت القوات الحكومية صامدة في الرمادي لعدة أشهر قبل أن يقدم الجهاديون على شن هجوم على المدينة في مايو (أيار) الماضي استخدموا فيه عشرات السيارات الانتحارية المفخخة والجرافات المدرعة المفخخة، وتمكنوا خلاله من فرض السيطرة بشكل كامل بعد انسحاب القطاعات العسكرية.
والهزيمة التي تعرض لها الجيش العراقي في الرمادي كانت الأسوأ في الحرب ضد تنظيم داعش، وإحراز النصر الآن يعزز الثقة بهذه القوات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.