إخلاء محيط دمشق يبدأ اليوم بخروج 4 آلاف مقاتل ومدني من جنوبها

انتقال مقاتلين في «النصرة» إلى شمال سوريا مقابل الإفراج عن أسرى إيرانيين

إخلاء محيط دمشق يبدأ اليوم بخروج 4 آلاف مقاتل ومدني من جنوبها
TT

إخلاء محيط دمشق يبدأ اليوم بخروج 4 آلاف مقاتل ومدني من جنوبها

إخلاء محيط دمشق يبدأ اليوم بخروج 4 آلاف مقاتل ومدني من جنوبها

نقلت «جبهة النصرة» 212 قياديا وعنصرًا لها من جنوب سوريا إلى شمالها، خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ضمن عملية «ترتيب لبيتها الداخلي»، من غير أن يكون للقرار «أي علاقة بقرار الأمم المتحدة الداعي لوقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في سوريا»، كما قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، وذلك عشية خروج 4 آلاف مقاتل ومدني من ثلاث مناطق في جنوب دمشق، ينتظر بدء تطبيقه اليوم السبت.
وأعلن «المرصد السوري» في بيان، أن عملية انتقال عناصر «النصرة» (فرع تنظيم القاعدة في سوريا) الـ212. من محافظة درعا إلى محافظة إدلب، والتي جرت على مرحلتين خلال الشهر الحالي، تمت بالتنسيق مع النظام السوري، مقابل إفراج الجبهة عن أسرى وضباط إيرانيين، مشيرًا إلى أن العملية «تمت وفقًا لتعليمات أبو محمد الجولاني القائد العام للجبهة».
ونقل المرصد عن مصادر قولها إن الـ212: «غالبيتهم الساحقة من أبناء محافظة دير الزور، بينهم الشرعي العام للنصرة أبو ماريا القحطاني»، مشيرًا إلى أن «التعليمات بخصوص انتقالهم جاءت من أجل ترتيب البيت الداخلي للنصرة، بعد مقتل زعيمها في درعا الملقب بأبي جليبيب وهو من الجنسية الأردنية، وتعيين أمير جديد لها يتحدر من القلمون بريف دمشق».
وفيما نفت مصادر سورية معارضة في الشمال حصول تلك الصفقة: «بسبب الصعوبات اللوجستية التي تمنع تنفيذها»، أكد عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» أن عملية الانتقال: «جرت بموجب اتفاق غير معلن مع القوات النظامية»، وقال: إن المنتقلين من الجبهة «يتحدرون من دير الزور، كانوا قد لجأوا إلى درعا إثر سيطرة داع» على المدينة الواقعة شرق البلاد، إضافة إلى مقاتلين من مجموعة أبو ماريا القحطاني» الذي كان على خلاف تنظيمي مع زعيم التنظيم أبو محمد الجولاني. وأشار إلى أن عملية انتقالهم «تأتي ضمن جهود في التنظيم لترتيب البيت الداخلي وعقد مصالحات، ستشمل الجولاني والقحطاني الذي انتقل إلى إدلب بغرض عقد لقاء مصالحة مع الجولاني».
ونفى عبد الرحمن أن تكون العملية «إخلاء لمقاتلي النصرة من الجنوب»، قائلاً إن عددًا كبيرًا من مقاتلي التنظيم السوريين الذين يتحدرون من المنطقة الجنوبية، والقرى المحلية: «لا يزالون في مواقعهم وقراهم»، كما نفى أن يكون القرار مرتبطًا بقرار الأمم المتحدة الآيل إلى تنفيذ وقف لإطلاق النار بين الأطراف المتنازعة في سوريا، ولا يشمل تنظيمي داعش والنصرة اللذين يصنفان على أنهما إرهابيان».
وتقدر مصادر قيادية في الجيش السوري الحر عدد مقاتلي «النصرة» في الجنوب بنحو 1800 مقاتل، أغلبيتهم الساحقة من السوريين، ومعظمهم من أبناء المناطق الجنوبية.
وفي مقابل تأكيد عبد الرحمن، نفى القيادي المعارض في الشمال محمد الشامي انتقال عناصر من النصرة إلى إدلب، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن معلوماتي عن قياديين في الجبهة: «تنفي حصول عملية الانتقال، حتى الآن، بسبب مصاعب لوجستية يمكن أن تعتري عملية الانتقال»، موضحًا أن العبور من درعا إلى إدلب «سيتطلب المرور في مناطق خاضعة لسيطرة قوات النظام أو تنظيم داعش، وهو أمر يصعب تنفيذه».
في غضون ذلك، ينتظر أن تشهد ثلاث مناطق جنوب دمشق، اليوم السبت، خروج نحو أربعة آلاف مقاتل ومدني تنفيذًا لاتفاق غير مسبوق بين وجهاء من السكان والحكومة السورية، يشمل تنظيم داعش. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن الاتفاق ينص على خروج هؤلاء المسلحين وعائلاتهم ومدنيين آخرين راغبين بالمغادرة من مناطق الحجر الأسود والقدم واليرموك جنوب العاصمة دمشق.
وبدأت المفاوضات مع الحكومة السورية بمبادرة من وجهاء تلك المناطق بسبب الوضع الاقتصادي الخانق الناتج عن حصار تفرضه قوات النظام منذ العام 2013. وقال مصدر حكومي مطلع على الملف إنه «تم التوصل إلى اتفاق بخروج أربعة آلاف مسلح ومدني، من كافة الجهات الرافضة لاتفاق المصالحة في المنطقة الجنوبية، وبينهم عناصر من النصرة وداعش». وسيبدأ تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق بخروج المسلحين السبت «لتكون وجهتهم الرقة (شمال) ومارع (شمال)». وتعد مارع من أبرز معاقل الفصائل الإسلامية والمقاتلة، وبينها جبهة النصرة في ريف حلب الشمالي، كما تعتبر الرقة معقل تنظيم داعش في سوريا.
ويأتي هذا الاتفاق بعد فشل أربع مبادرات خلال العامين الماضيين، وفق المصدر الحكومي. وينص في مرحلته الثانية على «إزالة السواتر الترابية وتسوية أوضاع المسلحين (الذين فضلوا البقاء) وتأمين مقومات الحياة وعودة مظاهر مؤسسات الدولة وتحصين المنطقة ضد الإرهاب».
وأفاد مصدر سوري على الأرض أن العدد الإجمالي للمغادرين يبلغ «نحو 3567 شخصا بينهم ألفا مسلح، وينتمي غالبيتهم إلى تنظيم داعش بالإضافة إلى جبهة النصرة» وفصيل آخر. ودخلت أمس إلى منطقة القدم «18 حافلة برفقة (...) فرق الهندسة التابعة للجيش السوري مهمتها تسلم العتاد والأسلحة الثقيلة التابعة لمسلحي داعش وبعض مجموعات النصرة قبل نقلهم»، وفق المصدر الميداني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.