جيمي هيل: رمز للكرة الإنجليزية كلاعب ومفكر ومذيع

صاحب فكرة الثلاث نقاط رحل في صمت بعد مشوار ثري

هيل في ملعب نادي كوفنتري الذي لعب له ودربه ورأسه (رويترز)، هيل (يمين) مع بوبي روبسون بقميص نادي فولهام («الشرق الأوسط»)
هيل في ملعب نادي كوفنتري الذي لعب له ودربه ورأسه (رويترز)، هيل (يمين) مع بوبي روبسون بقميص نادي فولهام («الشرق الأوسط»)
TT

جيمي هيل: رمز للكرة الإنجليزية كلاعب ومفكر ومذيع

هيل في ملعب نادي كوفنتري الذي لعب له ودربه ورأسه (رويترز)، هيل (يمين) مع بوبي روبسون بقميص نادي فولهام («الشرق الأوسط»)
هيل في ملعب نادي كوفنتري الذي لعب له ودربه ورأسه (رويترز)، هيل (يمين) مع بوبي روبسون بقميص نادي فولهام («الشرق الأوسط»)

يعتبر جيمي هيل، الذي رحل عن عالمنا يوم السبت أحد أهم رموز الكرة الإنجليزية ليس فقط خلال مسيرته كلاعب بل لأفكاره الثورية التي تم تطبيقها والتي كانت سببا في شكل كرة القدم الحديثة التي نراها اليوم.
وكان هيل الذي توفي عن عمر يناهز 87 عاما، بعد معاناة من الزهايمر منذ 2008. هو صاحب فكرة منح ثلاث نقاط للفائز بدلا من نقطتين لجعل التعادلات أقل جاذبية وتحفيز الفرق على اللعب الهجومي، وهو الإجراء الذي تبنته إنجلترا منذ بداية الثمانينات. كما كان وراء إلغاء الحد الأقصى لرواتب اللاعبين المحترفين في فترة الستينات الذي كان لا يزيد عن 20 إسترلينيا أسبوعيا، وهو الأمر الذي صنع تحولا رهيبا في عالم الكرة.
وبدأ هيل مسيرته كلاعب محترف وشارك في 297 مباراة مع نادي فولهام ولعب أيضا لفريق برنتفورد وكوفنتري ثم دربه قبل أن يترأس لاحقا نفس النادي.
وخلال ولايته أمر بتعديل ملعب هايفيلد رود، الذي أصبح أول استاد في البلاد يضم مقاعد للجلوس.
وأصبح هيل من أكثر الوجوه المعروفة في بريطانيا حينما عمل مذيعا لبرنامج (مباراة اليوم) في (بي بي سي) الذي يقدمه حاليا النجم جاري لينكر.
لقد كان جيمي هيل رائدًا بمعنى الكلمة في مواجهة النظام الإقطاعي داخل مجال كرة القدم، علاوة على تمتعه بمعرفة حقيقية بطبيعة العمل التلفزيوني وحرصه دومًا على الحديث الصريح بعيدًا عن الكلام المعسول الذي يفتقد أي قيمة حقيقية.
رغم أن مشوار هيل داخل الملاعب بدأ يطويه النسيان بالنسبة للكثيرين، فإن مسيرته بمجال التعليق التلفزيوني على المباريات ما تزال حية بالأذهان.
وكان هيل أول لاعب محترف لكرة القدم يسلك مجال التعليق التلفزيوني، كان رائدًا بالكثير من المجالات المرتبطة بكرة القدم، وأكثر صراحة ووضوحا في التعبير عن آرائه عن الكثيرين ممن ساروا على نهجه لاحقًا.
ورغم هذا، لم يفلح كل ذلك في تحويل هيل إلى كنز وطني، وإنما على العكس تعامل مع مشاعر العداء تجاهه باعتبارها وسام شرف. وقد سبق وأشار لينكر، المقدم الحالي لبرنامج «مباراة اليوم»، أنه وخلال تقديمه لمباراة في ملعب غوديسون بارك، استقبل خلالها الجمهور كلا المعلقين التلفزيونيين ديس لينام وآلان هانسن استقبالاً طيبًا، بينما لدى ظهور هيل تعالت صيحات الغضب وانصبت الهجمات اللفظية عليه. وكانت المفاجأة أن هيل استقبل الأمر برحابة صدر واعتبره دليلاً على الشهرة.
وفي حديثه عن هذا الموقف، قال لينكر: «بالنسبة لجيمي، كان ذلك مبررًا لما يفعله على شاشة التلفزيون. كان على معرفة بحقيقة كرة القدم لما يتمتع به من خبرة في جميع الأدوار المرتبطة باللعبة من مشجع إلى لاعب إلى مدرب إلى رئيس إلى مدير، بل وعمل في التحكيم لفترة. كما كانت لديه معرفة حقيقية بالتلفزيون، وكان يحرص على التعبير عن آرائه بوضوح. وكان يحمل بداخله شغفا تجاه كرة القدم ويملك آراءً قوية يعبر عنها».
إذا كانت معرفتك بهيل عبر التلفزيون تعود إلى الجزء الأخير من حياته خلال الفترة التي قضاها مع شبكة «بي بي سي» - التي أنهت عقده في خضم حالة من الجفاء بنهاية تسعينات القرن الماضي - وبرنامجه «الأحد الإضافي» عبر قناة «سكاي» بين عامي 1999 و2007 فإنك ربما لا ترى فيه سوى رجل عجوز متذمر يتشبث بقيم عفى عليها الزمن.
إلا أن هذا لا يعني مطلقًا أن برنامج «الأحد الإضافي» لم يكن ممتعًا - وكذلك كان الحال مع جميع المشروعات التلفزيونية التي شارك بها على مدار 40 عامًا. لقد نبعت بعض متعة البرنامج من تظاهر هيل خلال تقديمه البرنامج بأنه يتحدث من داخل منزله الريفي. ولتعزيز هذه الفكرة، عمد إلى تقديم بعض الفواصل الإعلانية بالبرنامج عبر الحديث عن أمور مثل أن عليه القيام بإعداد اللحم أو القيام ببعض الأعمال المنزلية الأخرى.
ومع ذلك، فإن الفترة الأخيرة لا تطرح صورة تتناسب مع حجم مشوار هيل، الذي بدأه بمسيرة كروية جديرة بالتقدير، مرورًا بتوليه رئاسة اتحاد محترفي كرة القدم ونجاحه في إسقاط النظام الإقطاعي الذي عانى منه لاعبو كرة القدم، وكذلك فترة تدريبه الإبداعية لنادي كوفنتري، وتوليه رئاسة «لندن ويك إند تليفيجن» بين عامي 1968 و1972 - وعلى امتداد جميع مراحل هذا المشوار الثري، ظل هيل محتفظًا بروحه الثورية.
وما تزال آثار ثورات هيل ظاهرة حتى يومنا هذا بمجالي كرة القدم والتغطية التلفزيونية للأحداث الكروية. على سبيل المثال، كان هيل أول من ابتكر أسلوب الهيئة المؤلفة من أربعة أشخاص في تلفزيون «آي تي في» لتحليل مباريات بطولة كأس العالم عام 1970. وما يزال هذا الأسلوب متبعًا حتى يومنا هذا رغم مرور أكثر من 40 عامًا ببرامج مثل «ستريكتلي كوم دانسينغ» و«إكس فاكتور».
داخل «آي تي في» أيضًا استعان هيل ببريان مور في «لندن ويك إند» للتعليق وتقديم برنامج «أون ذي بول»، وهو برنامج رياضي كان يذاع السبت ويفوق في مستواه جميع برامج «بي بي سي» في تلك الفترة. وفي سيرته الذاتية، كتب هيل: «حرصنا على صياغة أكبر عدد ممكن من الأفكار المبتكرة لاجتذاب جمهور الشباب. وكان من بين الأفكار مسابقة في ركلات الترجيح يشارك بها أطفال وحراس مرمى محترفين»، تقليد ما يزال حي ببرامج مثل «سوكر إيه إم» المذاع على قناة «سكاي».
كما كان لهيل الفضل وراء ظهور برنامج «وورلد أوف سبورت» على قناة «آي تي في 7».
وبعيدًا عن التلفزيون، تحولت إبداعات هيل خلال فترة تدريبه لكوفنتري سيتي إلى ما يشبه الأسطورة بهذا الجزء من البلاد - ومنها إقراره فكرة المدرجات المؤلفة بأكملها من مقاعد وحرصه على كتابة برامج للمباريات يمكن قراءتها بسهولة. أما الأمر الذي لم يحظ بدعاية كبيرة فهي تلك الليالي التي قضاها مع لاعبيه في هاي فيلد رود، حيث تولوا تقديم توقيعات تذكارية للجماهير وتوزيع وجبات خفيفة مجانية على المئات من المشجعين الشباب - الأمر الذي يشبه لحد كبير فكرة «العمل المجتمعي» لكرة القدم التي تدور حولها ضجة كبرى هذه الأيام.
وقبل عقود من ظهور منتديات المشجعين ورسائل «تويتر» والمحادثات عبر الراديو، كان هيل من أنصار التفاعل مع الجماهير، الأمر الذي لم يسر دومًا بالسلاسة التي كان يأملها. على سبيل المثال، ذات يوم خلال فترة عمله الأولى ببرنامج «مباراة اليوم»، أقر فقرة خاصة يجري خلالها عقد مقابلة بين أحد المشجعين ومدرب النادي الذي يشجعه. ورغم أنه طلب من المشجعين المشاركين عدم طرح أي أسئلة شديدة الخصوصية أو مثيرة للجدل، فقد تجاهل أحد مشجعي توتنهام هذا التوجيه بإصراره على إحراج كيث بركينشو بسؤاله: «لماذا وافقت على بيع بات جيننغز لآرسنال؟ لماذا؟».
وفي الوقت الذي كان هيل «رجل كرة قدم حقيقيا»، فإنه كان كذلك رجل تلفزيون بمعنى الكلمة. ولا شك أنه يعد بمثابة الأب الروحي لغاري نيفيل الذي عمل على تحليل المباريات لدى قناة «سكاي»، ولينكر في «بي بي سي».
وعن هيل، قال لينكر: «أول عمل لي في مجال التقديم التلفزيوني كان وقت انعقاد بطولة أوروبا 1996، وكان جيمي موجهي خلال ذلك الوقت، وقدم لي عونًا هائلاً. كنت مذعورًا حينها، لكنه شجعني كثيرًا. وكان حريصا على المشاركة بجميع جوانب البرنامج وقدم لي الكثير من النصح، كان بعضها واضحًا والبعض الآخر غير واضح، بخصوص أمور مثل ضرورة أن أهدئ من سرعة حديثي ومتى ينبغي أن أنصت أكثر ومثل هذه الأمور».
أيضًا، يعتبر بوب ويلسون، حارس مرمى آرسنال السابق، من بين المذيعين الكثيرين الذين يعبرون عن امتنانهم لهيل في سيرهم الذاتية، حيث أثنى على نشاطه وحيويته في العمل.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».