بعد 6 أيام من المشاورات في منتجع بإحدى البلدات الصغيرة في ضواحي مدينة جنيف السويسرية، برعاية الأمم المتحدة، انتهت المرحلة الأولى من الجولة الثانية من المشاورات بين الأطراف اليمنية، وفد الحكومة الشرعية ووفد المتمردين، المكون من الحوثيين وأنصار المخلوع علي عبد الله صالح، بالاتفاق على مرحلة ثانية وجديدة من المشاورات في الرابع عشر من يناير (كانون الثاني) المقبل في إحدى الدول الأفريقية، يعتقد أنها إثيوبيا.
وأعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد عن التوصل إلى ما يشبه اتفاق إطار للتفاوض، يقوم على أساس القرار الأممي 2216، والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وأن هذا الإطار يسهل الانتقال إلى العملية السياسية، مؤكدا أنهم في الأمم المتحدة لن يدخروا جهدا في مساعيهم لتثبيت وقف إطلاق النار، وتطرق في مؤتمر صحافي في بيرن السويسرية، إلى لجنة الاتصال وبناء الثقة من الطرفين وبمشاركة وإشراف الأمم المتحدة.
وقالت مصادر في المشاورات لـ«الشرق الأوسط» إن أبرز ما تم التوصل إليه هو تشكيل اللجنة العسكرية الخاصة بالإشراف على قرار تثبيت وقف إطلاق النار، إضافة إلى تشكيل لجنة أخرى للإشراف على بقاء الممرات آمنة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة، وبالأخص محافظة تعز.
وتتلخص نتائج مشاورات ما درج على تسميتها بـ«جنيف2»، في «انفراجة» محدودة للغاية في الجانب الإنساني، وتحديدا فيما يتعلق بإدخال قوافل المساعدات الإنسانية إلى محافظة تعز، وفي فشل لإجراءات بناء الثقة، التي كانت في صدارة جدول أجندة المشاورات، وذلك من خلال عدم التوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح المعتقلين الرئيسيين، إن جاز التعبير، وفي مقدمتهم وزير الدفاع، اللواء الركن محمود سالم الصبيحي أو الكشف عن مصيرهم.
وقال مصدر دبلوماسي يمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن من أبرز نتائج المشاورات، هو قبول الانقلابيين الجلوس على طاولة واحدة لتنفيذ القرار الأممي 2216، وأضاف أن وضع الانقلابيين مأساوي بعد انهيار الجبهات، وأنهم يتسابقون لوقف إطلاق النار ويرغبون في حماية ما لديهم، أما المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، فقد أكد استمرار مساعيه للتوصل إلى سلام في اليمن، وقال، في منشور له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «ما زلنا نحاول تقريب وجهات النظر بين الفرقاء اليمنيين وهناك قابلية كبيرة للسلام»، وأرفق ولد الشيخ هذا المنشور مع صورة لمصافحة بين رئيسي وفدي الحكومة الشرعية والمتمردين.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر رفيعة أن الرئيس عبد ربه منصور هادي سيبادر اليوم إلى تمديد هدنة وقف إطلاق النار، التي دخلت حيز التنفيذ، الثلاثاء الماضي، رغم الهدنة تتعرض، منذ إعلانها، لخروقات متواصلة من قبل المتمردين الحوثيين، الذين دفعوا، ثمن خروقاتهم، خسارة مواقع ومحافظات بكاملها، خلال الأسبوع الحالي، من قبل قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبدعم قوات التحالف، التي تؤكد أن تحركاتها العسكرية جاءت ردا على خروقات المتمردين.
وبحسب مصادر في المشاورات، فقد شهدت الجلسة الصباحية، أمس، مشادات كلامية بين عبد الله العليمي، رئيس الفريق الفني في وفد الشرعية، نائب مدير مكتب الرئاسة اليمنية، من جهة، ومهدي المشاط، عضو وفد المتمردين، مدير مكتب عبد الملك الحوثي، وجاءت المشادات الكلامية بسبب ورود اسم الرئيس عبد ربه منصور هادي، إذ انبرى المشاط مؤكدا عدم الاعتراف بالرئيس هادي أو بشرعيته، مما أدى بالعليمي إلى الرد عليه بالقول: «هذا الرئيس الشرعي باعتراف كل العالم ومنتخب من الشعب اليمني أما أنتم فلا شرعية لكم، أنتم مجرد ميليشيات اغتصبتم السلطة بالقوة، وستخرجون منها سواء بقرار مجلس الأمن أو بغيره»، وكان العليمي قال، في الاجتماع، لوفد المتمردين، بعد طرح من المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ بشأن مبادرة للقاء بين رئيسي الوفدين، إنه «سيكون عليكم أولا أن تتفقوا على رئيس لوفدكم وعلى جناح مؤتمر صالح أن يحدد موقفه»، وهو الأمر الذي أثار حفيظة وغضب وفد الحوثي – صالح.
وعلق مصدر في المشاورات على هذه الوقائع بالقول لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين يتعاملون بنظرية الأمر الواقع، فهم لا يعترفون بالرئيس هادي، رغم أنهم صاروا يرددون أثناء المشاورات عبارة وفد الشرعية أو وفد الحكومة، ومع ذلك يشتاطون غضبا عند ذكر الرئيس هادي.
وعقدت جولة المشاورات، التي انتهت أمس، منذ بدايتها، على أساس تسمية وفدي «شرعية» و«متمردين»، وقد جرى التأكيد على ذلك من قبل فريق الأمم المتحدة وكل الأطراف الدولية التي تراقب تطورات الوضع في اليمن، في حين كتبت اللوحات الكرتونية الصغيرة الدالة على المشاركين في المشاورات عبارة «وفد الحكومة»، وتركت فارغة أمام المتمردين في القاعة، تجنبا لأن تتحول هذه النقطة إلى واحدة من معيقات المشاورات، بحسب تعبير أحد المصادر.
وفي التفاصيل، التي يعدها المراقبون جانبية ومهمة في ذات الوقت، قالت مصادر «الشرق الأوسط» إن ممثلي المخلوع علي عبد الله صالح أبدوا اعتراضا وامتعاضا شديدين من تسمية وفدهم بـ«المتمردين»، حيث يرون أنهم يمثلون حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يتزعمه المخلوع صالح، غير أنه، وبحسب المصادر، فقد رد أحد الغربيين داخل القاعة بالتأكيد على أن المشاورات هي بين حكومة شرعية ومتمردين يحملون السلاح، وأن أي حزب يتخذ من العنف وسيلة لتحقيق غاياته السياسية، يخرج عن إطار العمل السياسي السلمي إلى العمل المسلح، في حين كانت الأمم المتحدة، أكدت قبيل انطلاق المشاورات ألا وجود لتمثيل حزبي في هذه المناسبة.
وتؤكد الحكومة اليمنية منذ ما قبل انطلاق المشاورات على أن مشاركتهم تنطلق من السعي إلى تطبيق القرار الأممي 2216، ورغم الاتهامات التي تسوقها بعض الأطراف الحكومية للمتمردين بالمماطلة وتضييع الوقت والتمترس حول مواقف، لا تخدم مسألة تطبيق القرار الأممي، فإن أطراف الحكومة تعتقد أن المشاورات لم تفشل، رغم خروقات وقف إطلاق النار في الميدان من قبل المتمردين، ورغم تشددهم في المشاورات وعدم تقديم ما يثبت حسن النية، بحسب ما قالت مصادر «الشرق الأوسط».
وكان مجلس الوزراء عقد بالرياض اجتماعه الأسبوعي أمس برئاسة نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح بحضور عدد من مستشاري رئيس الجمهورية. حيث ناقش الاجتماع عدد من الملفات على الساحة الوطنية وفي مقدمتها مشاورات جنيف مع الأطراف الانقلابية.
وفي الاجتماع أجرى نائب رئيس الجمهورية اتصالا مباشرا أمام الحاضرين برئيس الوفد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الدكتور عبد الملك المخلافي الذي أطلع الجميع على مجريات المشاورات وما قدمه الوفد الحكومي من مرونة وتنازلات وحلول للخلاص من الحرب وإيقاف القتل والدمار للوصول إلى سلام دائم والإفراج عن المختطفين وتسليم السلاح وغيرها من القضايا المهمة والواضحة التي نصت عليها القرارات الأممية وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وأكد الوفد الحكومي - وفقا لوكالة أنباء سبأ اليمنية - أن الطرف الانقلابي كان يسعى من خلال المشاورات للوصول إلى وقف لإطلاق النار ورفع الحصار عنه مع استمراره في العبث والانقلاب والبسط على مؤسسات الدولة، وهو الأمر الذي يظهر مدى عبثيتهم وعدم احترامهم لكل المواثيق الدولية والقانونية.كما استمع المجلس إلى تقرير عن الخروقات التي قامت بها ميليشيات الحوثي صالح الانقلابية على الرغم من إعلان وقف إطلاق النار تزامنا مع المشاورات. حيث أوضح رئيس هيئة الأركان اللواء محمد علي المقدشي الرد الشجاع والحاسم الذي قام به الجيش الوطني على هذه الخروقات وتحقيقهم للكثير من المكاسب وتقدمهم في كثير من الجبهات والمناطق. وأشاد المجلس بالدور الوطني الذي يقوم به الجيش الوطني في حماية اليمنيين في مختلف المناطق وتصديهم للممارسات الهمجية التي تقوم بها الميليشيا الانقلابية.
انتهاء المشاورات اليمنية بنتائج مخيبة للآمال.. هادي يمدد الهدنة.. وولد الشيخ متفائل
مشادات في اختتام مباحثات سويسرا.. وجولة جديدة في أفريقيا 14 الشهر المقبل
انتهاء المشاورات اليمنية بنتائج مخيبة للآمال.. هادي يمدد الهدنة.. وولد الشيخ متفائل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة