إسرائيل تكشف عن وجود «تفاهمات» مع تركيا في أفق تطبيع العلاقات

مصادر تؤكد وجود خلافات حول الحصار على غزة وصفقات الغاز

إسرائيل تكشف عن وجود «تفاهمات» مع تركيا في أفق تطبيع العلاقات
TT

إسرائيل تكشف عن وجود «تفاهمات» مع تركيا في أفق تطبيع العلاقات

إسرائيل تكشف عن وجود «تفاهمات» مع تركيا في أفق تطبيع العلاقات

في أعقاب رد الفعل اليميني المعارض، تراجعت الأوساط السياسية الإسرائيلية التي «بشرت» بالتوصل إلى تفاهمات لاستئناف وتطبيع العلاقات مع تركيا، إذ قالت إن هناك «تقدما كبيرا في المحادثات، واتفاقا مهما حول عدد كبير من التفاهمات، ولكن هناك أمورا لا تزال محل خلاف جدي، وتحتاج إلى مزيد من المفاوضات»، مؤكدة أن هذه المفاوضات ستجري في الأسابيع القليلة المقبلة.
وكانت أوساط سياسية إسرائيلية قد سربت إلى وسائل الإعلام، مساء أول من أمس، نبأ يفيد بأن إسرائيل وتركيا توصلتا إلى تفاهمات لإنهاء الأزمة الدبلوماسية التي تفاقمت بينهما في شهر مايو (أيار) من سنة 2010. وقد اندلعت الأزمة بين البلدين وقتها حينما نظمت جهات تركية مقربة من الحكومة التركية برئاسة (رئيس الجمهورية الحالي) رجب طيب إردوغان، أسطولا يتكون من ست سفن صغيرة، تحمل بضع عشرات من النشطاء ومساعدات طبية وغذائية بهدف كسر الحصار البحري عن قطاع غزة، فردت قوات الكوماندوز البحري بمهاجمة هذا الأسطول، وخلال الاعتداء على سفينة مرمرة قتل 9 نشطاء أتراك، وجرح نحو 20 آخرين. وعلى إثر ذلك، أعاد البلدان سفيريها، وخفضا من مستوى التمثيل الدبلوماسي إلى الحد الأدنى، كما أوقفا التعاون العسكري الكبير بينهما، وتبادلا الاتهامات، وبلغ الأمر حد التهديد العسكري. ولكنهما حافظا على علاقات اقتصادية متينة، حجمها 5 مليارات دولار. ومنذ ذلك الوقت تجري اتصالات متقطعة بين الطرفين بوساطات أميركية وغربية أخرى، أسفرت عن تقديم اعتذار رسمي من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتعهد بتعويض عائلات الضحايا. لكن هذه الاتصالات تعطلت عدة مرات، حتى بات الحديث عنها غير موثوق.
وفي الليلة قبل الماضية، كشف في إسرائيل عن وجود تفاهمات، وردت وكالة الأناضول التركية عن مصادر دبلوماسية تركية قولها إنه «جرت محادثات من أجل تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، والعمل متواصل من أجل الوصول إلى نتائج بهذا الصدد في أقرب وقت». كما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن موظف حكومي إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن يوسف تشيخانوفر، مبعوث رئيس الحكومة الإسرائيلية للاتصالات مع تركيا، وكذلك مستشاره لشؤون الأمن القومي يوسي كوهين، الذين عُين رئيسا للموساد، وغيرهما التقوا أمس في زيوريخ بسويسرا مع نائب وزير الخارجية التركي، فريدون سينيرلي أوغلو، واتفقوا على مجموعة تفاهمات أساسية، تمهيدا لإعادة التطبيع.
وينص اتفاق التفاهمات بين الدولتين، وفقا للمصادر الإسرائيلية، على أن تدفع إسرائيل تعويضات بمبلغ 20 مليون دولار يتم إيداعها في صندوق خاص، يحول منحا لعائلات المواطنين الأتراك الذين قتلوا وأصيبوا أثناء مهاجمة الكوماندوز البحري الإسرائيلي للسفينة «مافي مرمرة»، وأن تستأنف تركيا وإسرائيل العلاقات الدبلوماسية كاملة بينهما وتعيدان السفيرين إلى تل أبيب وأنقرة، وأن يسن البرلمان التركي قانونا يلغي كل الدعاوى القضائية ضد جنود وضباط إسرائيليين شاركوا في مهاجمة «مافي مرمرة»، وان تمنع تقديم دعاوى في المستقبل بشكل قاطع.
كما ينص على أن تطرد تركيا من أراضيها القيادي في الذراع العسكرية لحركة حماس صالح عاروري، الذي أطلق سراحه من سجون إسرائيل في صفقة شاليط، وتتهمه مخابرات الشاباك الإسرائيلية بتنظيم وتمويل عمليات مسلحة ضد إسرائيل، وألا تسمح له بدخول أراضيها، وأن تفرض قيودا على جميع نشاطات حماس في تركيا.
كما ينص اتفاق التفاهمات على أنه بعد التوقيع النهائي على الاتفاق ستبحث الدولتان التعاون في مجال الغاز الطبيعي، وشراء تركيا الغاز من إسرائيل، ومد أنبوب غاز يمر بالأراضي التركية، بينما تصدر إسرائيل الغاز بواسطته إلى أوروبا.
وبقي عالقا مطلب تركيا بفك الحصار على قطاع غزة تحت قيادة حماس، حيث ترفضه إسرائيل وتضع عليه قيودا صارمة. لكن الناطقين الرسميين في إسرائيل يلمحون بأن الموضوع قابل للحل «إذا اتخذ الأتراك موقفا واقعيا».
ومع الإعلان عن هذه التفاهمات، بدأ اليمين المتطرف في إسرائيل يهاجم نتنياهو، إذ قال رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور لبرمان، إن هذه التفاهمات تشكل خطرا استراتيجيا على إسرائيل، واعتبرها «خطوة صبيانية متسرعة»، موضحا أن استئناف العلاقات مع تركيا يعتبر خطأ فادحا على الصعيد الاستراتيجي، لأنه يمس العلاقات مع مصر ومع اليونان وقبرص.
وقال لبرمان في تغريدة على صفحته في «فيسبوك»: «لقد أقمنا خلال السنوات الخميس الماضية علاقات وطيدة على أعلى المستويات مع هذه الدول (اليونان وقبرص ومصر)، التي تقيم علاقات سيئة مع تركيا. فلا يعقل أن نبيعها مع أول غمزة من إردوغان، الذي لا يخفي أبدا عداءه لإسرائيل». ومباشرة بعد ذلك سارع وزير الطاقة المقرب من نتنياهو إلى التوضيح بأن التفاهمات لم تكتمل بعد، ودعا الخصوم من اليمين إلى الانتباه بأن قضية الغاز والأزمة بين موسكو وأنقرة هي التي فتحت باب التقارب، واعتبرها فرصة اقتصادية وأمنية لإسرائيل لا يجب تفويتها. كما دعا إلى انتظار انتهاء المفاوضات قبل أن يتم استنتاج نتائج متسرعة.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.