بوتين في المؤتمر الصحافي السنوي: حل الأزمة السورية يتطلب تنازلات

الرئيس الروسي قال إن هولاند اقترح توحيد جهود النظام والمعارضة ضد «داعش».. واعتبر ترامب أفضل مرشح لرئاسة أميركا

الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحفي السنوي أمس (إ.ب.أ)
الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحفي السنوي أمس (إ.ب.أ)
TT

بوتين في المؤتمر الصحافي السنوي: حل الأزمة السورية يتطلب تنازلات

الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحفي السنوي أمس (إ.ب.أ)
الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحفي السنوي أمس (إ.ب.أ)

عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤتمره الصحافي السنوي بمشاركة ما يزيد على ألف صحافي، وأجاب خلال أكثر من ثلاث ساعات عن أسئلة تتعلق بالقضايا السياسية والاقتصادية والرياضة. وكان لافتًا اهتمام الصحافيين بصورة رئيسية بشؤون السياسة الخارجية الروسية بما في ذلك العلاقات مع السعودية، والوضع في سوريا فضلا عن العلاقات مع تركيا.
وفي معرض حديثه للصحافيين أكد بوتين أن روسيا لا تنظر بأي شكل من الأشكال للتحالف الإسلامي الذي أعلنت السعودية عن تشكيله لمحاربة الإرهاب بأنه «موجه ضد روسيا». وذكَّر بأنه التقى مؤخرًا بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، فضلا عن لقاءات كثيرة تجرى على مختلف المستويات بين الجانبين، عبر قنوات وزارتي الخارجية والدفاع.
وتكرر السؤال حول الوضع في سوريا من أكثر من صحافي، وفي إجاباته عن تلك الأسئلة كرر بوتين موقف بلاده بشأن مصير القيادة السورية وضرورة ترك الأمر للسوريين أنفسهم، وأكد أنه «لا يمكن حل الأزمة إلا بالطرق السياسية»، مشيرًا في غضون ذلك إلى التوافق شبه التام بين الرؤيتين الروسية والأميركية للحل والتي تقوم حسب قوله، على «العمل المشترك لصياغة الدستور، وتشكيل آليات لمراقبة الانتخابات العاجلة المستقبلية، والانتخابات بحد ذاتها والاعتراف بنتائجها». ووصف الرئيس الروسي تسوية الأزمة السورية بـ«الأمر المعقد». وأكد بوتين على دعم بلاده للمبادرة الأميركية حول سوريا بما في ذلك القرار الذي سيصدر عن مجلس الأمن بهذا الصدد عقب لقاء نيويورك، كاشفًا عن أن كيري أتى إلى روسيا حاملاً معه نص القرار، الذي «أعتقد أنه سينال إعجاب القيادة السورية بعد الاطلاع عليه، لكن قد يكون هناك ما لن يروق لهم»، حسب قول بوتين الذي استطرد مشددًا على أهمية المضي بالحل الذي يتطلب تنازلات من جميع الأطراف للتوصل إلى حلول وسط.
وحول العملية العسكرية الروسية في سوريا قال بوتين إنها ستتواصل طالما هناك عمليات هجوم برية تنفذها القوات السورية. وانتقل بعد ذلك للحديث عن «التعاون مع المعارضة» ليكشف أن الرئيس هولاند هو الذي اقترح عليه محاولة توحيد جهود القوات النظامية والمعارضة، ولو في جزء منها في الحرب ضد «داعش». وأكد الرئيس الروسي على وجود اتصالات مع شخصيات من المعارضة المسلحة المتشددة في موقفها السياسي ضد النظام، والتي تريد التصدي لـ«داعش»، وقال إنهم «يقومون بذلك فعليًا ونحن ندعمهم في الحرب ضد (داعش) بضربات من القوات الجوية الروسية».
العلاقات مع مصر كانت موضوعًا رئيسيا أثار اهتمام الصحافيين، بهذا الصدد قال بوتين، إن «القرارات بحظر الطيران المدني بين روسيا ومصر لا علاقة لها بالثقة بالقيادة المصرية، وهذا ليس قرارا سياسيا»، وأكد بوتين أنه سيتم إلغاء هذا الحظر فور وضع آليات موثوقة لضمان أمن المواطنين الروس.
كما أجاب بوتين بإسهاب عن سؤال حول العلاقات مع تركيا وأكد أن روسيا كانت مستعدة للتعاون، محملا ما وصفه «السلوك العدائي من جانب تركيا»، أي إسقاط القاذفة الروسية، مسؤولية تدهور العلاقات بين البلدين، وقال إن مثل هذا العمل لا يوصف بأنه «غير ودي بل بأنه عمل عدائي». وبينما شدد على أن العلاقات مع الشعب التركي والشعوب الناطقة باللغة التركية تبقى علاقات شراكة وصداقة، أشار بوتين إلى أن الواقع العملي أظهر صعوبة وربما استحالة التفاهم مع القيادة التركية الحالية. لكن ورغم حدة الانتقادات السياسية هذه والعقوبات الاقتصادية التي تبنتها موسكو ضد أنقرة، فإن الرئيس الروسي لم يستبعد احتمال تنفيذ مشروع شبكة «السيل التركي» لنقل الغاز الروسي عبر أوروبا مؤكدًا أن روسيا لم تقطع المفاوضات حول هذا المشروع، لكنها بحاجة إلى ضمانات من المفوضية الأوروبية بأن شبكة الغاز هذه ستكون من أولويات أوروبا، وأن المفوضية ستدعمه. وكان لافتًا أن بوتين رفض وصف تركيا بأنها دولة معادية، معربا عن اعتقاده أنها «قامت بعمل عدائي» وأن «العلاقات بين البلدين قد تدهورت. ولا أعرف كيف سنخرج من هذا الموقف، لكن الكرة الآن في الملعب التركي»، حسب قوله.
من جهة أخرى أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، أن أبرز المرشحين الجمهوريين للرئاسة الأميركية دونالد ترامب «رجل لامع وموهوب.. وهو المرشح المفضل بلا منازع في السباق الرئاسي»، بحسب ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية.
ونقلت الوكالات الروسية عن بوتين قوله، بعد مؤتمره الصحافي السنوي بحضور أكثر من ألف و400 صحافي روسي وأجنبي، إن «هذا الرجل لامع، ولديه موهبة كاملة من دون أدنى شك». وأضاف أنه «لا يعود الأمر إلينا في تحديد صفاته، لكنه الأفضل بلا منازع في السباق الرئاسي». واعتبر الرئيس الروسي، خلال حديثه عن الملياردير الأميركي (69 عامًا)، الذي زاد من تصريحاته الاستفزازية في الآونة الأخيرة، أن «طريقته في الكلام التي سمحت له بزيادة شعبيته» لا تقلق روسيا. وأكد أنه «على استعداد لتطوير العلاقات مع الولايات المتحدة» بمجرد انتخاب رئيس جديد لأميركا في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016.
وأضاف بوتين أن دونالد ترامب «قال إنه يأمل في مستوى آخر من العلاقات، علاقات أوثق وأعمق، مع روسيا، فكيف لا نرحب بهذا؟ بالطبع نرحب به».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.