وافق البرلمان التركي على تمديد مهمة القوات التركية في ليبيا لمدة عامين، بدءاً من 2 يناير (كانون الثاني) المقبل، وذلك بموجب مذكرة مقدَّمة من الرئاسة لمنح الرئيس رجب طيب إردوغان الصلاحية لتمديد بقاء القوات. في غضون ذلك، أجرى رئيس الأركان الليبي، محمد على الحداد، مباحثات في أنقرة، الثلاثاء، مع وزير الدفاع التركي يشار غولر، ورئيس الأركان سلجوق بيرقدار أوغلو، تناولت التعاون العسكري بين الجانبين.
وجاء في المذكرة، التي حملت توقيع إردوغان والتي قُدمت إلى البرلمان، الجمعة الماضي، أن «الجهود التي بدأتها ليبيا عقب أحداث فبراير (شباط) 2011 لبناء مؤسسات ديمقراطية، ذهبت سُدى بسبب النزاعات المسلّحة التي أدت إلى ظهور هيكلية إدارية مجزّأة في البلاد».

ولفتت المذكرة، التي أقرّها البرلمان، ليل الاثنين-الثلاثاء، بعد التصويت عليها، إلى توقيع اتفاق الصخيرات في المغرب، برعاية أممية، في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2015، بعد نحو عام من المفاوضات بين جميع الأطراف الليبية، بهدف إحلال وقف إطلاق النار، والحفاظ على وحدة أراضي البلاد.
دوافع بقاء القوات
ذكرت المذكرة أن الحكومة السابقة المعترَف بها دولياً (حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج)، طلبت، في أعقاب الهجمات التي شُنّت في أبريل (نيسان) 2019 على طرابلس بهدف الإطاحة بها، الدعم من تركيا في ديسمبر من العام نفسه. وأوضحت أن تركيا أرسلت قواتها إلى ليبيا، بموجب المادة 92 من الدستور، بتاريخ 2 يناير 2020، وجرى تمديد مهامّها آخِر مرة في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.
كما ذكرت المذكرة أنه في الفترة اللاحقة، جرى وقف الهجمات والاضطرابات الداخلية، مما حالَ دون جرّ ليبيا إلى الفوضى وعدم الاستقرار، اللذين مِن شأنهما أن يشكلا خطراً أمنياً على تركيا والمنطقة بأكملها، وأعاد الهدوء إلى الأرض، ومهد الطريق لوقف إطلاق النار وعملية حوار سياسي تُيسرها «الأمم المتحدة» ويقودها الليبيون أنفسهم.

ولفتت المذكرة إلى أن تركيا تُواصل دعمها القوي للجهود، التي تُيسّرها الأمم المتحدة، وفي إطار قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة والشرعية الدولية، والرامي إلى حماية سيادة ليبيا وسلامة أراضيها ووحدتها السياسية، وإرساء وقف دائم لإطلاق النار، وتعزيز الحوار السياسي لتحقيق المصالحة الوطنية، وإجراء انتخابات نزيهة وحُرة وشفافة في جميع أنحاء البلاد، مؤكدة أن عدم الاستقرار السياسي الراهن ومشاكل الحوكمة، الناجمة عن عدم القدرة على إجراء الانتخابات في ليبيا، يهدد بتقويض الهدوء الذي تحقَّق على أرض الواقع بفضل تضحيات جسيمة، ويُشكل عائقاً خطيراً أمام تحقيق استقرار دائم.
كما أشارت المذكرة إلى أن تركيا تُواصل تقديم الدعم التدريبي والاستشاري لليبيا، في إطار مذكرة التفاهم الخاصة بالتعاون الأمني والعسكري الموقَّعة، (مع رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج في إسطنبول 27 نوفمبر 2019)، وأنها تسهم بنشاط في الحفاظ على الاستقرار والهدوء على الأرض.
مذكرة تعاون
أرسلت تركيا، بموجب مذكرة التفاهم، الآلاف من جنودها إلى جانب عناصر من فصائل مُوالية لها في سوريا، إلى غرب ليبيا، كما أقامت قواعد برية وبحرية وجوية ومركز عمليات مشترك في طرابلس، وتولت تدريب جنود ليبيين، سواء في داخل ليبيا أم في قواعد الجيش التركي.

وأكدت المذكرة أن منع تجدد النزاعات «أمر بالغ الأهمية» لإتمام المحادثات العسكرية والسياسية، التي تُجرى تحت رعاية «الأمم المتحدة». وشددت على أن المخاطر والتهديدات الناجمة عن الوضع في ليبيا لا تزال قائمة بالنسبة للمنطقة بأسرها، بما فيها تركيا، وأنه في حال تجدد النزاعات، فإن مصالح تركيا في حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا ستتأثر سلباً.
في سياق ذلك، أكدت المذكرة أن الهدف من إرسال قوات تركية إلى ليبيا «هو حماية المصالح الوطنية في إطار القانون الدولي، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضدّ المخاطر الأمنية، التي مصدرها جماعات مسلَّحة غير شرعية في ليبيا، والحفاظ على الأمن ضد المخاطر المحتملة الأخرى، مثل الهجرات الجماعية، وتقديم المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الشعب الليبي، وتوفير الدعم اللازم للحكومة الشرعية في ليبيا.
مباحثات عسكرية
غداة إقرار تمديد بقاء القوات التركية في ليبيا، التقى رئيس الأركان العامة للجيش التركي، سلجوق بيرقدار أوغلو، نظيره الليبي محمد علي الحداد، في أنقرة.

وسبَق ذلك لقاء بين الحداد ووزير الدفاع التركي يشار غولر، بحضور بيرقدار أوغلو وقائد القوات البرية متين توكال، حيث جرى بحث التعاون العسكري بين الجانبين.
وكان غولر قد أكد، في تصريحات، السبت، أن الجيش التركي يواصل أنشطته في ليبيا في مجالات التدريب العسكري، والدعم والتعاون والاستشارات، في إطار الهدف المتمثل في إقامة «ليبيا موحدة»، تنعم بوحدة أراضيها وتماسكها السياسي، وتعيش في أجواء من السلام والطمأنينة والاستقرار، مشيراً إلى تحقيق تقدم ملموس نحو هدف «ليبيا الموحدة»، بفضل الحوار والجهود، التي تنخرط فيها أنقرة مع جميع الأطراف الليبية، ضمن سياسة قائمة على مبادئ واضحة.




