بوتين: روسيا ستحقق أهدافها في أوكرانيا «بكل تأكيد»

وصف الدعوات الغربية للاستعداد لحرب مع موسكو بأنها «أكذوبة»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستمع إلى سكرتير المجلس العام لحزب «روسيا الموحدة» فلاديمير ياكوشيف خلال اجتماعهما في الكرملين بموسكو يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستمع إلى سكرتير المجلس العام لحزب «روسيا الموحدة» فلاديمير ياكوشيف خلال اجتماعهما في الكرملين بموسكو يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

بوتين: روسيا ستحقق أهدافها في أوكرانيا «بكل تأكيد»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستمع إلى سكرتير المجلس العام لحزب «روسيا الموحدة» فلاديمير ياكوشيف خلال اجتماعهما في الكرملين بموسكو يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستمع إلى سكرتير المجلس العام لحزب «روسيا الموحدة» فلاديمير ياكوشيف خلال اجتماعهما في الكرملين بموسكو يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، على أن موسكو ستحقق أهدافها من عملية أوكرانيا العسكرية «بكل تأكيد»، بما في ذلك السيطرة على أراض تعدّها تابعة لها، في ظل المساعي الدبلوماسية الدولية لإنهاء الحرب.

وقال بوتين في أثناء اجتماع مع مسؤولي وزارة الدفاع في موسكو، إن «أهداف العملية العسكرية الخاصة ستتحقق بكل تأكيد»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأضاف: «نفضّل القيام بذلك واجتثاث الأسباب الرئيسية للنزاع بالسبل الدبلوماسية»، متعهداً السيطرة على أراض تصرُّ موسكو على أنها ضمّتها «بالوسائل العسكرية» إذا «رفضت الدولة المعادية ورعاتها الأجانب الانخراط في مباحثات موضوعية».

ووصف بوتين بعض الدعوات في الغرب للاستعداد لحرب كبرى مع روسيا بـ«هيستيريا» و«أكذوبة»، مؤكداً أنه إذا تخلت أوكرانيا والغرب عن محادثات السلام، فإن روسيا ستستولي على الأراضي التي تطالب بها في أوكرانيا بالوسائل العسكرية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية النائب الأول لوزير الدفاع فاليري غيراسيموف خلال اجتماع موسع لمجلس وزارة الدفاع الروسي في موسكو 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

«تولّي زمام المبادرة»

وقال بوتين إن «الجيش الروسي قد تولى زمام المبادرة الاستراتيجية ويحافظ عليها بقوة على طول خط الجبهة»، وحذّر من أن موسكو ستسعى لتوسيع «المنطقة الأمنية العازلة» على طول الحدود الروسية.

وتابع: «قواتنا مختلفة الآن، فهي متمرسة في القتال، ولا يوجد جيش آخر في العالم يضاهيها»، حسبما أفادت وكالة «أسوشييتد برس».

وأشاد بوتين بالقوة العسكرية الروسية المتنامية، وأشار بشكل خاص إلى تحديث ترسانتها النووية، بما في ذلك صاروخ «أوريشنيك» الباليستي الجديد متوسط ​​المدى القادر على حمل رؤوس نووية، والذي قال إنه سيدخل الخدمة القتالية رسمياً هذا الشهر.

وكانت روسيا قد اختبرت أول نسخة تقليدية من صاروخ «أوريشنيك» لضرب مصنع أوكراني في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وقد تفاخر بوتين باستحالة اعتراض هذا الصاروخ.

وتأتي تصريحات بوتين في أعقاب عدة جولات من المحادثات، هذا الأسبوع، بين مسؤولين أوكرانيين وأميركيين وأوروبيين حول خطة سلام صاغتها الولايات المتحدة.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد لقائه مع مبعوثين أميركيين في برلين، إن الوثيقة قد تُنجز في غضون أيام، وبعدها سيقدّمها المبعوثون الأميركيون إلى الكرملين.

وبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب حملة دبلوماسية واسعة النطاق لإنهاء ما يقرب من أربع سنوات من القتال الذي أعقب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، إلا أن جهود واشنطن اصطدمت بمطالب متضاربة بشدة من جانب موسكو وكييف.

وتعتبر أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون تصرفات روسيا انتهاكاً لسيادة كييف وعدواناً غير مبرر.

خطة سلام «قابلة جداً للتطبيق»

يريد بوتين الاعتراف بجميع المناطق التي سيطرت عليها قواته في أربع مناطق رئيسية، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضُمت من طرف واحد في عام 2014 كأراضٍ روسية. كما طالب أوكرانيا بالانسحاب من بعض المناطق في شرق أوكرانيا التي لم تسيطر عليها القوات الروسية بعد.

ويُصر الكرملين أيضاً على أن تتخلى أوكرانيا عن مسعاها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، محذراً من أنه لن يقبل بنشر أي قوات من دول الحلف، وسيعدّها «هدفاً مشروعاً».

وأبدى زيلينسكي استعداده للتخلي عن مساعي أوكرانيا للانضمام إلى حلف الناتو إذا قدّمت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لكييف ضمانات أمنية مماثلة لتلك المقدمة لأعضاء الحلف. إلا أن أوكرانيا لا تزال تُفضل عضوية الناتو باعتبارها أفضل ضمانة أمنية لمنع المزيد من العدوان الروسي.

وفي الوقت نفسه، رفض زيلينسكي مطالب موسكو بسحب قواتها من مناطق أخرى لم تتمكن روسيا من الاستيلاء عليها بالقوة.

ووصف الزعيم الأوكراني مسودة خطة السلام التي نوقشت مع الولايات المتحدة خلال محادثات برلين، الاثنين، بأنها «ليست مثالية»، ولكنها «قابلة جداً للتطبيق»، مشيراً إلى أن كييف وحلفاءها كانوا قريبين جداً من التوصل إلى اتفاق بشأن «ضمانات أمنية قوية»، لكنه أكد أيضاً أن القضية الرئيسية المتعلقة بالسيطرة على الأراضي لا تزال عالقة.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الروسي: أوكرانيا تحاول دون جدوى السيطرة على كوبيانسك

أوروبا وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وزير الدفاع الروسي: أوكرانيا تحاول دون جدوى السيطرة على كوبيانسك

قال وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف، اليوم الأربعاء، إن القوات الأوكرانية تحاول دون جدوى السيطرة على بلدة كوبيانسك في شمال شرق أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب جاريد كوشنر والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف والمستشار الألماني فريدريش ميرتس يلتقطون صورة جماعية مع القادة الأوروبيين في مقر المستشارية الألمانية ببرلين 15 ديسمبر 2025 (رويترز)

روسيا: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا «لا تبشّر بالخير»

اعتبر الكرملين، الثلاثاء، أن مشاركة الأوروبيين في المفاوضات الجارية بشأن الخطة الأميركية حيال أوكرانيا «لا تبشّر بالخير».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية عراقجي يترأس اجتماعاً لدول جوار أفغانستان وروسيا في طهران اليوم (الخارجية الإيرانية)

طهران تعقد اجتماعاً يناقش تطورات أفغانستان بغياب كابل

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن الاستقرار في أفغانستان لن يتحقق عبر «وصفات مستوردة» أو «قرارات عابرة للأقاليم».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
أوروبا الرئيس الروسي ألكسندر لوكاشنكو (أ.ب)

مينسك تُفرج عن عشرات المعارضين بعد محادثات مع واشنطن

أفرجت بيلاروس، السبت، عن الناشط أليس بيالياتسكي، الحائز جائزة نوبل للسلام في 2022، وعن المعارضة ماريا كوليسنيكوفا.

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس)
آسيا الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يستقبل جنوداً من فوج المهندسين 528 العائدين من روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:42

زعيم كوريا الشمالية يلتقي قوات شاركت في إزالة الألغام بروسيا

ذكرت «وكالة الأنباء المركزية الكورية» اليوم السبت أن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون حضر حفل استقبال لوحدة هندسية عسكرية عادت إلى الوطن بعد أداء مهام في روسيا.

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)

بوتين يصف الدعوات الغربية للاستعداد لحرب كبرى مع روسيا بـ«هستيريا» و«أكذوبة»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية النائب الأول لوزير الدفاع فاليري غيراسيموف خلال اجتماع موسع لمجلس وزارة الدفاع الروسي في موسكو 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية النائب الأول لوزير الدفاع فاليري غيراسيموف خلال اجتماع موسع لمجلس وزارة الدفاع الروسي في موسكو 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

بوتين يصف الدعوات الغربية للاستعداد لحرب كبرى مع روسيا بـ«هستيريا» و«أكذوبة»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية النائب الأول لوزير الدفاع فاليري غيراسيموف خلال اجتماع موسع لمجلس وزارة الدفاع الروسي في موسكو 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية النائب الأول لوزير الدفاع فاليري غيراسيموف خلال اجتماع موسع لمجلس وزارة الدفاع الروسي في موسكو 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن هناك بعض الدعوات في الغرب للاستعداد لحرب كبرى مع روسيا، ووصف ذلك بأنه «هستيريا» و«أكذوبة»، مضيفاً أنه إذا تخلت أوكرانيا والغرب عن محادثات السلام، فإن روسيا ستستولي على الأراضي التي تطالب بها في أوكرانيا بالوسائل العسكرية. وشدد الرئيس الروسي على أن موسكو ستحقق أهدافها من عملية أوكرانيا العسكرية «بكل تأكيد»، بما في ذلك السيطرة على أراضٍ تعتبرها تابعة لها، في ظل المساعي الدبلوماسية الدولية لإنهاء الحرب.

ترمب وبوتين في ألاسكا... 15 أبريل 2025 (أ.ب)

وكانت فون دير لاين قد صرحت لنواب الاتحاد الأوروبي في ستراسبورغ بشرق فرنسا الأربعاء قائلة: «لا يوجد تحرّك للدفاع عن أوروبا أهم من دعم الدفاع الأوكراني. ستكون الأيام المقبلة حاسمة لضمان ذلك. يعود لنا أن نختار كيفية تمويل معركة أوكرانيا».

وقال بوتين أثناء اجتماع مع مسؤولي وزارة الدفاع في موسكو الأربعاء إن «أهداف العملية العسكرية الخاصة ستتحقق بكل تأكيد». وأضاف: «نفضّل القيام بذلك واجتثاث الأسباب الرئيسة للنزاع بالسبل الدبلوماسية»، متعهداً السيطرة على أراضٍ تصر موسكو على أنها ضمّتها «بالوسائل العسكرية» إذا «رفضت الدولة المعادية ورعاتها الأجانب الانخراط في مباحثات موضوعية».

وفي تطور لافت أعرب الكرملين الأربعاء عن استعداده الحديث بشأن تمركز قوات أجنبية في أوكرانيا. وعارضت روسيا مراراً فكرة نشر قوات. ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف القول إن الموقف الروسي بشأن تمركز قوات أجنبية «معروف وثابت وواضح»، ولكن مع ذلك «يمكن أن يخضع للمناقشة».

وقد ظهر المقترح مجدداً خلال مباحثات في برلين هذا الأسبوع بين مسؤولين أميركيين، وأوروبيين، وأوكرانيين. والفكرة المطروحة هي نشر قوات متعددة الجنسيات في أوكرانيا بعد التوصل لوقف إطلاق نار، مع التفويض بمراقبة مدى تطبيق وقف إطلاق النار. ووصفت كييف مثل هذه القوات بأنها جزء من الضمانات الأمنية التي تسعى للحصول عليها لمنع تجدد الهجوم الروسي. وحذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأسبوع الماضي من أن أي قوات حفظ سلام متمركزة في أوكرانيا يمكن أن تصبح «أهدافاً شرعية».

وقال بيسكوف إن من غير المتوقع أن يزور المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف موسكو هذا الأسبوع. وأضاف أن روسيا تتوقع أن تبلغ الولايات المتحدة موسكو بنتائج المحادثات مع أوكرانيا بمجرد أن تكون جاهزة.

الرئيس الأوكراني فولودمير زيلينسكي محاطاً بقادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين في برلين يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

ذكرت وكالة «بلومبرغ» الأربعاء نقلاً عن أشخاص مطلعين أن الولايات المتحدة تستعد لفرض جولة جديدة من العقوبات على قطاع الطاقة الروسي لزيادة الضغط على موسكو في حال رفض الرئيس فلاديمير بوتين إبرام اتفاقية سلام مع أوكرانيا. وقال التقرير إن الولايات المتحدة تدرس خيارات مثل استهداف سفن ما يسمى أسطول الظل الروسي المكون من ناقلات تستخدم لنقل نفط موسكو، والمتعاملين الذين يسهلون المعاملات. ولم يعلق البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية على صحة المعلومات الواردة في تقرير «رويترز».

وذكر التقرير أن الإجراءات الجديدة ربما يعلن عنها هذا الأسبوع. وأضاف أن وزير الخزانة سكوت بيسنت ناقش هذه الخطوة عندما التقى مجموعة من السفراء الأوروبيين في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وشددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الأربعاء على ضرورة أن يتخذ الاتحاد قراراً بشأن تمويل أوكرانيا أثناء قمة حاسمة له هذا الأسبوع، في وقت يواجه قادته ضغوطاً للموافقة على خطة لاستخدام أصول روسية مجمّدة.

ويشكّل تمويل أوكرانيا خلال السنتين المقبلتين في حربها مع روسيا أحد المواضيع الرئيسة على جدول أعمال اجتماع رؤساء دول الاتحاد الأوروبي، وحكوماته الخميس، والجمعة في بروكسل.

وفيما يخص الشؤون الداخلية للاتحاد، يناقش القادة الخميس إمكانية استخدام أصول البنك المركزي الروسي المجمدة في الاتحاد الأوروبي لتقديمها قروضاً تعويضية لأوكرانيا.

ومن الخيارات المطروحة لذلك استخدام أرصدة البنك المركزي الروسي المجمّدة في أوروبا، والمودع معظمها في بلجيكا تحت إدارة شركة «يوروكلير»، لتمويل «قرض إعادة إعمار» لأوكرانيا بقيمة 90 مليار يورو.وتؤيّد غالبية واسعة من الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد هذا الخيار، لكن بلجيكا تعارضه، خشية تعرضها لإجراءات انتقامية روسية، ومخافة أن تكون الدولة الوحيدة التي تتحمّل العواقب في حال حدوث مشكلة.

وتقترح الصيغة الأخيرة المطروحة توفير الدول السبع والعشرين والاتحاد الأوروبي ضمانات لبلجيكا، لكنّ بروكسل لا تزال ترى أنها غير كافية. وقد تستمر المفاوضات بشأن القرض حتى يوم الجمعة، حيث كانت بلجيكا، التي تحجز فيها الغالبية العظمى من الأصول البالغة نحو 210 مليارات يورو (4.‏247 مليار دولار)، معارضة لهذا المخطط.

واتفق كبار المسؤولين الأوروبيين بمشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، على إنشاء هيئة دولية تتولى مهمة اتّخاذ قرار بشأن دفع تعويضات لكييف. وستقيّم «لجنة المطالبات الدولية من أجل أوكرانيا» التي وقَّعت على تأسيسها 35 دولة، طلبات التعويض، وتتخذ قراراً بشأنها. وقال زيلينسكي للوفود: «نتوقع أن تبدأ كل آلية تعويض بالحصول على دعم دولي قوي وكافٍ ليشعر الناس بصدق بأنه يمكن التعويض عن أي نوع من الأضرار الناجمة عن الحرب».

واعتبرت فون دير لاين أن هذه الخطوة «تهدف أيضاً إلى تعزيز قدرة أوكرانيا على ضمان سلام حقيقي، سلام عادل ودائم، يحمي أوكرانيا، وأوروبا»، في وقت تتكثّف المفاوضات لوضع حدّ للحرب التي شنتها موسكو في فبراير (شباط) 2022.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس مع رئيسة مفوضة الاتحاد الأوروبي (أ.ب)

وميدانياً ذكرت السلطات المحلية اليوم الأربعاء أن عدة أشخاص أصيبوا الليلة الماضية في أوكرانيا وروسيا، في أعقاب هجمات بطائرات مسيرة من قبل الجانبين المتصارعين.

قال الجيش الأوكراني الأربعاء إنه قصف بنية تحتية في مصفاة سلافيانسك الروسية في منطقة كراسنودار أثناء الليل. وأضاف على تطبيق «تلغرام» أنه رصد انفجارات، وحريقاً في المنطقة المستهدفة، ويجري تقييم الأضرار. وأكدت هيئة الأركان العامة للجيش أيضاً استهداف قاعدة نفطية في منطقة روستوف.

كانت السلطات في منطقة كراسنودار الواقعة في جنوب روسيا قد أكدت الأربعاء أن حطام طائرة مسيرة أوكرانية تسبب لفترة وجيزة في اندلاع حريق بمعدات المعالجة، وخط أنابيب داخل مصفاة نفط خلال الليل. وبدورها قالت وزارة الدفاع الروسية الأربعاء إن القوات الروسية سيطرت على قرية هيراسيميفكا في منطقة دنيبروبيتروفسك في شرق أوكرانيا.


جيل الحرب في أوكرانيا... تعليم قاسٍ وندوب نفسية عميقة

بوهدان ليفتشيكوف يمشي بمحاذاة مبنى سكني متضرر في مدينة بالاكليا (أ.ف.ب)
بوهدان ليفتشيكوف يمشي بمحاذاة مبنى سكني متضرر في مدينة بالاكليا (أ.ف.ب)
TT

جيل الحرب في أوكرانيا... تعليم قاسٍ وندوب نفسية عميقة

بوهدان ليفتشيكوف يمشي بمحاذاة مبنى سكني متضرر في مدينة بالاكليا (أ.ف.ب)
بوهدان ليفتشيكوف يمشي بمحاذاة مبنى سكني متضرر في مدينة بالاكليا (أ.ف.ب)

يشبه بوهدان، بشاربه الخفيف وشعره الأشعث وقبعته أي مراهق عادي في أي مكان من العالم، لكنّ الفارق أن حياته تجسّد مآسيَ الجيل الأوكراني الشاب الذي أنهكته الحرب المستمرة منذ أربعة أعوام.

والده ستانيسلاف الذي كان عسكرياً محترفاً قُتل في 30 مارس (آذار) 2022 عن 45 عاماً وهو يدافع عن خاركيف. أما والدته إيرينا (50 عاماً) فتبيّن في الخريف أنها مصابة بسرطان الرحم في مرحلته الثالثة.

ولم يعد بوهدان ليفتشيكوف البالغ 15 عاماً يعرف أحداً في سنّه في مدينته بالاكليا (شرق أوكرانيا) التي احتلها الجيش الروسي من مارس إلى سبتمبر (أيلول) 2022، ثم استعادتها القوات الأوكرانية، لكنها ما زالت عرضة للقصف الروسي.

ويقول: «عدت مع والدتي بعد أيام من تحرير المدينة. لم يبقَ فيها أي طفل، ولا أي متجر مفتوح». وكانت عودة الحياة إلى المدينة خجولة ومحدودة، بعد أن رحل معظم سكانها الـ26 ألفاً ولم يبق سوى قلة، كثير منهم مسنون.

أما الأماكن التي كان يرتادها الشباب فباتت شبه مهجورة. فالروس زرعوا الألغام في مضمار زلاجات الـ«سكيت بورد» وعند أطراف نهر بالاكليا. ومع أن الألغام أزيلت، لا يزال السكان يخشون من التعرض للخطر.

يتابع الشاب تحصيله العلمي عبر الإنترنت، ويعيش يومياً على وقع الإنذارات من الغارات الجوية، ويحتمي مع والدته في غرفة آمنة نسبياً نظراً إلى تعذر النزول أربع طبقات إلى الملجأ.

بوهدان ليفتشيكوف في غرفته الخاصة في مدينة بالاكليا (أ.ف.ب)

إلاّ أن أياً من هذه المصاعب التي يعيشها لا تنعكس على وجهه الهادئ. وتقول أمه: «الأمر لا يقتصر على بوهدان وحده. فجميع الأطفال تأقلموا بسرعة كبيرة».

ويُظهر استطلاع شمل نحو 24 ألف مراهق أوكراني تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً أُجريَ في أواخر عام 2023 بإشراف «منظمة الصحة العالمية»، أن نسبة من يشعرون بالسعادة شهدت انخفاضاً ملحوظاً بعد الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط) 2022.

لكنّ الدراسة تشير إلى أن «المراهقين الأوكرانيين يُثبتون مستوى عالياً من القدرة على مواجهة الحرب».

وفي استطلاع آخر نُشر في أغسطس (آب) الفائت، أفاد 34 في المائة من الأطفال أن الامتحانات المدرسية هي مصدر التوتر الرئيسي لديهم، بينما لم يذكر سوى 27 في المائة منهم صفارات الإنذار.

وتلاحظ الدراسة التي نشرها برنامج الصحة النفسية الأوكراني «كيف حالكم؟» بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أن «هذه النتائج تُبيّن على نحو مقلق أن الحرب أصبحت جزءاً من يوميات الكثير من الأطفال».

مليون تلميذ

يتلقى نحو مليون تلميذ أوكراني دروسهم بالصيغة الافتراضية، من بينهم 300 ألف حصرياً عبر الإنترنت، وفقاً لوزارة التعليم، لاضطرارهم للبقاء في منازلهم بسبب حظر التجول.

ففي خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا، الواقعة على بعد 40 كيلومتراً من الحدود مع روسيا والمستهدفة يومياً بضربات جوية، وحدها بعض المطاعم والمقاهي تبقى مفتوحة حتى بدء الحظر عند الحادية عشرة ليلاً. وتشهد كل ليلة تقريباً ضربات بالطائرات المسيّرة والصواريخ.

تُضمّ خاركيف أكبر عدد من المؤسسات التعليمية المدمّرة أو المتضررة جرّاء الضربات الروسية وعددها 843 مؤسسة، أي ما نسبته 20 في المائة من الإجمالي الوطني (4358)، وفق ما أورده منتصف ديسمبر (كانون الأول) الموقع الحكومي «saveschools.in.ua».

على وسائل التواصل الاجتماعي، أحصى الموقع الاستقصائي الإلكتروني «بيلينغكات» الذي تعاونت معه «وكالة الصحافة الفرنسية» لإجراء هذا التحقيق، أكثر من مائة ضربة روسية موثقة بمقاطع فيديو أو صور، استهدفت مؤسسات تعليمية أو أماكن ترفيهية للشباب، أو وقعت على مقربة مباشرة منها في خاركيف ومحيطها.

مدارس تحت الأرض

لم تطأ قدما يفينهيلينا توتوركو البالغة 14 عاماً غرفة تدريس منذ بداية الغزو الروسي.

وفي الأول من سبتمبر، عادت لتجلس إلى جانب زملائها، ولكن في مدرسة بُنيت على عمق أمتار عدة تحت الأرض ولا يصلها أي نور طبيعي.

تقول المراهقة بفرح: «أحب هذا كثيراً لأنني أستطيع مجدداً التواصل فعلياً مع رفاقي».

يفينهيلينا توتوركو تقف في ممر داخل مدرسة تحت الأرض في خاركيف (أ.ف.ب)

في المدرسة التي شُيِّدت في تسعة أشهر فحسب وزارتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، وحرصاً على تمكين أكبر عدد ممكن من الأطفال من الاستفادة، تُقسَّم أيام الدراسة إلى نصفين: حضورياً، وفي المنزل عبر الكمبيوتر، ما يتيح للمؤسسة توفير الدراسة لنحو 1400 تلميذ، بما في ذلك خلال عطلات نهاية الأسبوع.

وتقول مديرتها ناتاليا تيبلوفا بفخر إنها أقيمت «وفقاً لمعايير الملاجئ الواقية من الإشعاعات (النووية)». وتضيف: «نحن هنا على الأرجح في واحد من أكثر الملاجئ أماناً في كل أوكرانيا».

عندما كانت المعارك في ذروتها في ضواحي المدينة في بداية الحرب، نُقل 70 في المائة من الأطفال إلى أمكنة آمنة خارج أوكرانيا أو في غربها. لكنّ بناء مدارس تحت الأرض مكّن عائلات كثيرة من العودة إلى خاركيف التي كان عدد سكانها يناهز مليوناً ونصف مليون قبل الحرب. ويُتوقع أن تبدأ عشر منها بتوفير الدراسة بحلول نهاية السنة، وفقاً لبلدية المدينة.

وفي مجمل أوكرانيا، ثمة 96 مدرسة تحت الأرض، أقيم معظمها في مناطق قريبة من الجبهة والحدود الروسية، ولا تزال نحو 211 مدرسة محصنّة أخرى قيد الإنشاء، بحسب وزارة التعليم.

وتفتقر أوكرانيا إلى الإمكانات لقياس أثر الحرب على الجيل الشاب، وفقاً لرئيسة مركز التنسيق الوزاري للصحة النفسية أوكسانا زبِتنييفا.

أوكسانا زبِتنييفا متحدثة إلى الصحافيين في كييف (أ.ف.ب)

وتقول: «ليس لدينا عدد كافٍ من الاختصاصيين النفسيين»، وللتعويض عن ذلك، «تلقى 130 الفاً من العاملين في مجال الرعاية الصحية الأولية، من ممرضات وأطباء أطفال وأطباء أسرة، تدريباً في مجال الصحة النفسية معتمَداً من منظمة الصحة العالمية».

وتلاحظ الاختصاصية النفسية مارينا دودنيك التي قابلتها «وكالة الصحافة الفرنسية» في خوروتشيفيه، على بعد 15 كيلومتراً جنوب خاركيف، بعد انتهائها من إحياء ورشة لمساعدة الصغار في التعبير عن مشاعرهم، «الكثير من الخوف والقلق لدى الأطفال».

وتضيف دودنيك التي تعمل لحساب منظمة «صوت الأطفال» الأوكرانية غير الحكومية أن «المراهقين يعانون من إيذاء النفس وأفكار انتحارية».

كوستيانتين كوسيك (18 عاماً) يتناول مثلاً أدوية لعلاج الرعشات والإعياء والصداع النصفي، ويقول: «الحرب هي السبب. أنا متوتر باستمرار، مشدود الأعصاب. هذا يؤثر كثيراً في صحتي».

ويتحدر كوستيانتين من منطقة دونيتسك التي تشهد معارك منذ 2014. ونشأ في مدينة أفدييفكا التي باتت مدمرة وسيطرت عليها القوات الروسية بعد أشهر من القتال.

كوستيانتين كوسيك يقف داخل مبنى كلية القانون المدمَّر في مدينة إربين حيث يواصل دراسته (أ.ف.ب)

ويروي: «عرفت الحرب في سن السادسة. وكان مثيراً لي كطفل صغير أن أرى الدبابات والجنود والأسلحة الآلية. ولكن عندما أصبحت واعياً، بات الأمر أقل متعة بكثير».

ويضيف الشاب الذي أمضى أسابيع في ملجأ منزله في خضمّ الانفجارات ومن دون أي جيران قريبين: «لقد جعلني ذلك أكثر صلابة، لكنني كنت أفضّل طفولة طبيعية، وأن يكون لدي أصدقاء، وأن أعرف الفرح».

«الاستمرار في الحلم»

ومثل نحو أربعة ملايين نازح داخل أوكرانيا، تعيش عائلة كوستيانتين بموارد محدودة، وتستأجر منزلاً بلا تدفئة في إربين، قرب كييف.

ويقول كوستيانتين إنه يدرس القانون الدولي لكي يتمكن من «حماية حقوق الإنسان، في أوكرانيا وفي أماكن أخرى في العالم». وهو فخور بكونه يتابع تحصيله العلمي في جامعة إربين التي تضررت جراء صاروخ روسي أصابها في أكتوبر (تشرين الأول) 2022.

كوستيانتين كوسيك ممسكاً بجرو داخل غرفته في مدينة إربين (أ.ف.ب)

ويقول وزير الشؤون الاجتماعية دينيس إليوتين إن «الأطفال ينامون في ملاجئ مضادة للطائرات، يفقدون آباءهم وأصدقاءهم. ومع ذلك يواصلون الحياة، ويواصلون الحلم».

أما بوهدان، المراهق من بالاكليا. فيلعب عبر الإنترنت مع «أصدقائه الجدد» ويتواصل معهم لساعات، ومن بينهم لانا، وهي فتاة في عمره يجمعه بها الكثير، تقيم في دنيبرو، على بُعد 400 كيلومتر إلى الجنوب الشرقي، ويحلم بأن يلتقيها يوماً ما.

وفي انتظار أن تسمح الظروف وربما أن تنتهي الحرب، أدت ضربتان على بُعد 300 متر من منزل بوهدان ووالدته في بالاكليا في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 13، بينهم أربعة أطفال.


البرلمان الألماني يقر مشتريات عسكرية بقيمة 50 مليار يورو

المستشار الألماني فريدريش ميرتس (في الوسط) يُلقي خطاباً خلال جلسة للبرلمان الألماني (بوندستاغ) ببرلين 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس (في الوسط) يُلقي خطاباً خلال جلسة للبرلمان الألماني (بوندستاغ) ببرلين 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

البرلمان الألماني يقر مشتريات عسكرية بقيمة 50 مليار يورو

المستشار الألماني فريدريش ميرتس (في الوسط) يُلقي خطاباً خلال جلسة للبرلمان الألماني (بوندستاغ) ببرلين 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس (في الوسط) يُلقي خطاباً خلال جلسة للبرلمان الألماني (بوندستاغ) ببرلين 17 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

أعلنت الحكومة الألمانية، الأربعاء، أن البرلمان الألماني وافق على مشتريات عسكرية بقيمة 50 مليار يورو (59 مليار دولار)، في إطار تسريع زيادة الإنفاق الدفاعي لمواجهة التهديد الروسي.

وقالت وزارة الدفاع: «نحن نبعث برسالة إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) وشركائنا: ألمانيا تتصدر المشهد»، معددةً المشتريات التي تتراوح بين الصواريخ والمركبات المدرعة.