تكاليف المعيشة تهدد ترمب سياسياً رغم توقعات «الفيدرالي» بتباطؤ التضخم

دونالد ترمب يتحدث خلال حفل تقديم ميدالية الدفاع على الحدود المكسيكية في المكتب البيضاوي يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال حفل تقديم ميدالية الدفاع على الحدود المكسيكية في المكتب البيضاوي يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

تكاليف المعيشة تهدد ترمب سياسياً رغم توقعات «الفيدرالي» بتباطؤ التضخم

دونالد ترمب يتحدث خلال حفل تقديم ميدالية الدفاع على الحدود المكسيكية في المكتب البيضاوي يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال حفل تقديم ميدالية الدفاع على الحدود المكسيكية في المكتب البيضاوي يوم 15 ديسمبر 2025 (أ.ب)

حتى في حال تباطؤ التضخم خلال العام المقبل كما يتوقّع «الاحتياطي الفيدرالي»، سيواجه الرئيس دونالد ترمب رياحاً سياسية معاكسة، بسبب أزمة القدرة على تحمُّل تكاليف المعيشة. فمعدلات الرهن العقاري مرشحة للبقاء مرتفعة نسبياً، والزيادات السعرية المرتبطة بالرسوم الجمركية تبدو مستمرة في الجزء الأول من العام، إلى جانب ارتفاع أسعار بعض السلع الأساسية، مثل لحم البقر والكهرباء، وهي عناصر تترك أثراً كبيراً في نظرة المستهلكين.

انخفاض التضخم وتسارع النمو

وقد كشفت التوقعات الاقتصادية لـ«الاحتياطي الفيدرالي» الصادرة يوم الأربعاء الماضي عن مؤشرات إيجابية للإدارة الأميركية، مع توقع تراجع التضخم وتسارع النمو الاقتصادي خلال العام المقبل، وفق «رويترز».

وقال رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن «مسار التباطؤ التضخمي لا يزال مستمراً» في معظم قطاعات الخدمات التي تشكل غالبية النشاط الاقتصادي، بينما يُتوقع أن تتراجع أسعار السلع في النصف الثاني من عام 2026 مع اكتمال عملية توزيع تكاليف الرسوم الجمركية بين المستهلكين والمورِّدين وهوامش الربحية. ولكن في عام انتخابي مهم، يواجه ترمب والجمهوريون التحدي القديم ذاته: فالمستهلكون -أي الناخبون- يولون اهتماماً أقل للمؤشرات الاقتصادية الكلية التي يراقبها الاقتصاديون، ويركِّزون أكثر على الأسعار اليومية في متجر البقالة، وفواتير الكهرباء، وتكاليف التأمين على المنازل.

ورغم ذلك، يمكن لترمب الإشارة إلى أن التضخم العام ظل معتدلاً منذ توليه منصبه. فمؤشر أسعار المستهلكين ارتفع من يوم تنصيبه وحتى سبتمبر (أيلول) بنحو 1.6 في المائة، أي ما يعادل وتيرة سنوية تقارب 2.4 في المائة، وهي ليست بعيدة عن هدف التضخم البالغ 2 في المائة، رغم اختلاف المنهجية. كما ارتفعت أسعار الغذاء المنزلي بنسبة 1.4 في المائة فقط.

غير أن الأسعار لم تنخفض كما وعد ترمب خلال حملته الانتخابية وفي بدايات ولايته، ولا يزال المستهلكون يكابدون موجات متتالية من «صدمة الأسعار» التي استمرت لما يقارب 5 سنوات.

وقد شهدت بعض مكونات مؤشر أسعار المستهلكين قفزات حادة في الأشهر الأخيرة، ما قد يحوِّل أسعار اللحوم إلى ورقة سياسية بيد الديمقراطيين، تماماً كما كانت أسعار البيض ضد ترمب العام الماضي.

يتجول المتسوقون في متجر «هوم ديبو» لمستلزمات البناء (أرشيفية- رويترز)

ففي سبتمبر، ارتفع سعر اللحم المفروم بنسبة 14 في المائة مقارنة ببداية فترة ترمب؛ وارتفعت أسعار الكهرباء بأكثر من 4 في المائة -أي بنحو 6 في المائة على أساس سنوي- مع توقع كثير من المحللين استمرار الصعود؛ بينما كانت أقساط التأمين على المنازل ترتفع بوتيرة تقارب 10 في المائة سنوياً.

سوق الإسكان تحت الضغط

قدَّم باول في تصريحاته عدداً من الإشارات التحذيرية التي تؤكد أن الجدل حول القدرة على تحمُّل تكاليف المعيشة سيستمر.

وأشار باول إلى أن سوق الإسكان يبقى أحد أكثر أجزاء الاقتصاد ضغطاً؛ حيث لا يبدو أن خفض الفائدة مؤخراً سيمنح قطاع الإسكان انفراجة كبيرة. ورغم تأثير سعر الفائدة القياسي على معدلات الرهن طويلة الأجل وسندات الخزينة والأوراق المالية الأخرى، أوضح باول أن الأزمة الحقيقية تكمن في نقص مزمن في معروض المساكن.

وبعد أن اقتربت معدلات الرهن العقاري من 8 في المائة قبل أكثر من عامين تراجعت؛ لكنها استقرت حول 6.2 في المائة منذ سبتمبر، في ظل تسعير المستثمرين لثلاث تخفيضات متتالية للفائدة في سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) وديسمبر (كانون الأول). ومع توقف دورة الخفض حالياً، واستمرار الضغوط على معدلات الفائدة طويلة الأجل، قد تبقى هذه المعدلات مرتفعة خلال الفترة المقبلة.

وأفادت شركة «ريدفين» العقارية هذا الأسبوع بأن البائعين والمشترين يتراجعون معاً، رغم استمرار ارتفاع الأسعار، بينما يُرجَّح أن تظل معدلات الرهن «ثابتة إلى حد بعيد في المدى القريب».

ولا تزال معدلات الرهن أعلى بكثير من المستويات المنخفضة للغاية التي سادت لقرابة 15 عاماً عقب الأزمة المالية في 2007-2009، حين تبنى «الفيدرالي» سياسة خاصة لخفض تكاليف الاقتراض طويلة الأجل.

وظائف البناء والصناعة تواجه ركوداً

ومن دون ركود حاد أو اضطراب مالي كبير، من غير المحتمل عودة معدلات الرهن إلى ما دون 3 في المائة. ولا تزال تبعات انهيار سوق الإسكان إبان تلك الأزمة تنعكس في شكل سنوات من نقص البناء.

وقال باول: «لم نُشيد ما يكفي من المساكن منذ فترة طويلة... يمكننا رفع وخفض أسعار الفائدة، ولكن ليست لدينا الأدوات لمعالجة نقص هيكلي في المعروض السكني».

وتظل القدرة على شراء المنازل قضية محورية للأسر الشابة والعاملين الذين أجَّل كثير منهم شراء منازلهم وبالتالي زيادة ثرواتهم.

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول يعقد مؤتمراً صحافياً بعد خفض الفائدة في واشنطن يوم 10 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وتُظهر البيانات الأخيرة لمكتب الإحصاء -والمتأخرة بسبب إغلاق الحكومة — أنه في أغسطس (آب) كانت تصاريح البناء الجديدة أقل بنسبة 11 في المائة على أساس سنوي، بينما تراجع بدء البناء بنسبة 6 في المائة مقارنة بالعام السابق.

كما استقرت وظائف البناء التي بلغت ذروتها في منتصف 2022 خلال التعافي من الجائحة، عند نحو 8.3 مليون وظيفة منذ يناير (كانون الثاني).

وتراجعت كذلك الوظائف الصناعية التي تعهد ترمب بإحيائها؛ إذ فقد قطاع التصنيع نحو 50 ألف وظيفة بين يناير وسبتمبر، بينما خسر قطاع التعدين وقطع الأخشاب نحو 15 ألف وظيفة.

وعلى الجانب الإيجابي، ارتفعت الأجور بالساعة بوتيرة تفوق التضخم، كما تباطأ ارتفاع الإيجارات إلى مستويات أقرب للاتجاهات التاريخية السابقة للجائحة.

لكن هذه التطورات لم تُنعش معنويات الجمهور.

فبعد سنوات من الاستقرار أو التراجع بفعل العولمة، عادت أسعار السلع إلى الارتفاع بعد فرض الرسوم الجمركية، وحتى لو كان هذا الاتجاه مؤقتاً، فإنه فرض عبئاً مالياً على المستهلكين خلال موسم العطلات.

وانعكس هذا في استطلاعات الرأي. فقد أظهر أحدث استطلاع للأسر لدى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في نيويورك انخفاض نسبة من يشعرون بأن أوضاعهم أفضل من العام الماضي، أو يتوقعون تحسن أوضاعهم في العام المقبل، مع وصول المستويين إلى ما كانا عليه خلال رئاسة جو بايدن.

كما تراجع مؤشر ثقة المستهلك في جامعة ميشيغان بعد ارتفاعه عقب انتخاب ترمب. ورغم ارتفاع طفيف في ديسمبر، قالت مديرة الاستطلاع، جوان هسو، إن «النبرة العامة للمشاعر لا تزال قاتمة؛ إذ يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء الأسعار المرتفعة».


مقالات ذات صلة

تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر إلى أضعف وتيرة منذ يونيو

الاقتصاد جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)

تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر إلى أضعف وتيرة منذ يونيو

أظهرت بيانات مسح، نُشرت يوم الثلاثاء، تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) إلى أضعف وتيرة له منذ يونيو (حزيران).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

هاسيت يؤكد أهمية استقلالية «الفيدرالي» رغم قربه من ترمب

قال كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض وأحد أبرز المرشحين لرئاسة «الفيدرالي» في نظر الرئيس دونالد ترمب، إن استقلالية البنك المركزي أمر بالغ الأهمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)

«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات اقتصادية متباينة

شهدت سوق الأسهم الأميركية تذبذباً يوم الثلاثاء، عقب صدور بيانات متباينة حول قوة الاقتصاد، التي لم تُبدد حالة عدم اليقين بشأن اتجاه أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد سكوت بيسنت قبل مباراة كرة القدم السنوية بين فريقي الجيش والبحرية في بالتيمور بماريلاند (رويترز)

بيسنت: وارش وهاسيت مؤهلان لرئاسة «الفيدرالي»

قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، إن كلاً من كيفن وارش وكيفن هاسيت مؤهلان لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة «نحن نوظّف» معروضة خارج أحد متاجر «تارغت» في إنسينيتاس بولاية كاليفورنيا (رويترز)

نمو الوظائف الأميركية ينتعش في نوفمبر رغم تراجع أكتوبر

انتعش نمو الوظائف في الولايات المتحدة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) بعد تراجع الوظائف غير الزراعية في أكتوبر (تشرين الأول) بسبب تخفيضات الإنفاق الحكومي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر إلى أضعف وتيرة منذ يونيو

جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
TT

تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر إلى أضعف وتيرة منذ يونيو

جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)

أظهرت بيانات مسح، نُشرت يوم الثلاثاء، تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) إلى أضعف وتيرة له منذ يونيو (حزيران)، مع انخفاض الطلبات الجديدة لكل من المصنّعين ومقدمي الخدمات، ليختتم بذلك عاماً من التقلبات وعدم اليقين الذي شهده الاقتصاد الأميركي.

وأفادت مؤسسة «ستاندرد آند بورز غلوبال» بأن مؤشر مديري المشتريات المركب الأولي انخفض إلى 53 نقطة هذا الشهر، مقارنةً بقراءته النهائية البالغة 54.2 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني). وتشير القراءات التي تتجاوز 50 نقطة إلى توسُّع النشاط الاقتصادي، وفق «رويترز».

وأظهرت البيانات أدنى ارتفاع في الأعمال الجديدة الواردة خلال 20 شهراً، كما انخفضت الطلبات الجديدة على السلع لأول مرة منذ عام. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز» الذي يتتبع نشاط الخدمات، والذي يمثل ثلثي الناتج الاقتصادي الأميركي، إلى 52.9 نقطة في ديسمبر، وهو أدنى مستوى له خلال 6 أشهر، مقارنةً بـ54.1 نقطة في نوفمبر. كما انخفض مؤشر التصنيع إلى 51.8 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ يوليو (تموز)، مقارنةً بـ52.2 نقطة في نوفمبر. وكانت كلتا القراءتين أضعف من توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم.

وقال كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين في مؤسسة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، في بيان: «تشير بيانات مؤشر مديري المشتريات الأولية لشهر ديسمبر إلى أن طفرة النمو الاقتصادي الأخيرة بدأت تفقد زخمها. ومع التراجع الحاد في نمو المبيعات الجديدة، خصوصاً قبيل موسم الأعياد، قد يزداد تباطؤ النشاط الاقتصادي مع دخولنا عام 2026».

وشهد الاقتصاد الأميركي تقلبات حادة خلال عام 2025، إذ أعقبت عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض تغييرات جذرية في السياسات، بما في ذلك تشديد إجراءات الهجرة التي أثرت سلباً على القوى العاملة، وموجات من الرسوم الجمركية الجديدة التي أحدثت اضطراباً في التجارة الدولية ورفعت أسعار السلع. كما زاد الإغلاق الحكومي الفيدرالي المطول في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر من حالة عدم اليقين، وأدى إلى توقف تدفق البيانات الاقتصادية الرئيسية.

وانكمش الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الرُّبع الأول؛ نتيجة تدفق الواردات لتجنب الرسوم الجمركية، ثم انتعش في الرُّبع الثاني بعد انحسار هذه الرسوم. ومن المتوقع أن يُظهر تقرير الناتج المحلي الإجمالي للرُّبع الثالث، الذي سيصدر قبيل عيد الميلاد، استمرار نمو الاقتصاد بمعدل سنوي يزيد على 3 في المائة حتى بدء الإغلاق. ولن تُنشر بيانات الرُّبع الرابع إلا مطلع العام المقبل.

وأضاف ويليامسون: «على الرغم من أن بيانات المسح تشير إلى نمو سنوي في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.5 في المائة خلال الرُّبع الرابع، فإن النمو قد تباطأ الآن لمدة شهرين».

ولن يُسهم تقرير «ستاندرد آند بورز» سوى في تقديم صورة جزئية لصناع السياسة في «الاحتياطي الفيدرالي»، الذين خفَّضوا أسعار الفائدة 3 مرات في النصف الثاني من عام 2025؛ بسبب مخاوف تتعلق بمخاطر نمو التوظيف، لكنهم لم يمتلكوا بيانات كافية عن سوق العمل لدعم قراراتهم بسبب الإغلاق.

وأوضحت «ستاندرد آند بورز» أن نمو الوظائف، وفقاً لبياناتها، «ظل مقيداً بشكل عام؛ بسبب المخاوف المتعلقة بالتكاليف، وضعف الطلب، وعدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية»، مشيرةً إلى استمرار بعض الشركات في الإبلاغ عن نقص في العمالة.

كما ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز» لأسعار المدخلات إلى أعلى مستوى له منذ نحو 3 سنوات، مدفوعاً بارتفاع حاد في التكاليف التي أبلغت عنها شركات الخدمات، مما منح مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» المتخوفين من التضخم سبباً إضافياً للتردد في الموافقة على مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة.


هاسيت يؤكد أهمية استقلالية «الفيدرالي» رغم قربه من ترمب

مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

هاسيت يؤكد أهمية استقلالية «الفيدرالي» رغم قربه من ترمب

مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

قال كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض وأحد أبرز المرشحين لرئاسة «الاحتياطي الفيدرالي» في نظر الرئيس دونالد ترمب، إن استقلالية البنك المركزي أمر بالغ الأهمية، في ظل المخاوف من احتمال تقاربه الشديد مع الرئيس.

وصرح هاسيت في مقابلة مع قناة «سي إن بي سي»: «استقلالية الاحتياطي الفيدرالي بالغة الأهمية». وأضاف أن هناك مجالاً واسعاً لخفض أسعار الفائدة في الاقتصاد الأميركي، وهو هدف يسعى ترمب لتحقيقه منذ عودته إلى منصبه. وقد شن الرئيس الجمهوري هجوماً مستمراً على رئيس الاحتياطي الفيدرالي الحالي، جيروم باول، الذي تنتهي ولايته في مايو (أيار)، لعدم خفضه أسعار الفائدة بالقدر الكافي.

كان ترمب قد رشّح هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض، وكيفن وارش، محافظ الاحتياطي الفيدرالي السابق، بوصفهما أبرز المرشحين لخلافة باول.

وفي مقابلات أُجريت يوم الثلاثاء، تجاهل هاسيت أسئلة حول المخاوف من أن يكون مقرباً جداً من ترمب بحيث لا يستطيع وضع مسار مستقل للبنك المركزي.

وقال هاسيت للصحافيين خارج البيت الأبيض: «إن فكرة أن القرب من الرئيس والخدمة الجيدة له تُقصي أي شخص عن أي وظيفة أمر لا معنى له على الإطلاق».


«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات اقتصادية متباينة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات اقتصادية متباينة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)

شهدت سوق الأسهم الأميركية تذبذباً يوم الثلاثاء، عقب صدور بيانات متباينة حول قوة الاقتصاد، التي لم تُبدد حالة عدم اليقين بشأن اتجاه أسعار الفائدة.

وافتتح مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» منخفضاً بنسبة 0.1 في المائة، ولا يزال أدنى بقليل من أعلى مستوى له على الإطلاق والذي سجله الأسبوع الماضي. بينما انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 4 نقاط، أي أقل من 0.1 في المائة، عند الساعة 9:35 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وانخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.2 في المائة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

وحافظت عوائد سندات الخزانة على استقرارها النسبي بعد تذبذب أولي، إثر تقرير أشار إلى أن معدل البطالة في الولايات المتحدة بلغ أسوأ مستوى له الشهر الماضي منذ عام 2021، رغم إضافة أصحاب العمل لعدد أكبر من الوظائف مقارنة بتوقعات الاقتصاديين. وفي الوقت نفسه، أظهر تقرير منفصل نمو مؤشر أساسي لقوة إيرادات تجار التجزئة الأميركيين في أكتوبر (تشرين الأول) بوتيرة أسرع من المتوقع.

وأدت هذه البيانات المتباينة في البداية إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة، وكان رد فعل المستثمرين الفوري يشير إلى أن هذه البيانات قد تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى عدّ تباطؤ سوق العمل تهديداً أكبر للاقتصاد من التضخم المرتفع، ما قد يدعم فكرة خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر في 2026. غير أن العوائد استعادت لاحقاً جزءاً من انخفاضها وتذبذبت صعوداً وهبوطاً.

وتُعد سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة محركاً رئيسياً لوول ستريت، إذ يمكن أن يؤدي خفضها إلى دعم الاقتصاد وأسعار الاستثمارات، رغم أنه قد يفاقم التضخم. ومن المقرر صدور تقرير يوم الخميس يوضح مدى سوء التضخم في الشهر الماضي، ويتوقع الاقتصاديون أن يُظهر استمرار ارتفاع أسعار المستهلكين بوتيرة أسرع مما يُرغب.

وفي سوق السندات، استقر عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات عند 4.18 في المائة، وهو مستواه نفسه في نهاية تعاملات يوم الاثنين، بينما انخفض عائد السندات لأجل عامين، الذي يعكس توقعات الاحتياطي الفيدرالي بشكل أدق، إلى 3.50 في المائة من 3.51 في المائة.

ولم يترك الإغلاق الحكومي الفيدرالي الأخير تأثيراً كبيراً على البيانات، ما قلل من أثر تقارير يوم الثلاثاء. وذكر كاي هايغ، الرئيس المشارك العالمي لحلول الدخل الثابت والسيولة في «غولدمان ساكس» لإدارة الأصول، أن «تقرير بيانات التوظيف لشهر ديسمبر (كانون الأول)، الذي سيصدر أوائل يناير (كانون الثاني) قبل الاجتماع القادم، سيكون على الأرجح مؤشراً أكثر دلالة للاحتياطي الفيدرالي عند تحديد مسار السياسة النقدية على المدى القريب».

وساهمت التقلبات المستمرة للأسهم، المتأثرة بحماس المستثمرين تجاه تقنيات الذكاء الاصطناعي، في كبح جماح السوق عموماً.

وارتفع سهم «أوراكل» بنسبة 1.1 في المائة وسهم «برودكوم» بنسبة 1.6 في المائة، بعد أن كان كلاهما قد سجّل خسائر حادة الأسبوع الماضي، على الرغم من إعلان أرباح أعلى من توقعات المحللين للربع الأخير. في المقابل، انخفض سهم «كورويف»، الذي يؤجر الوصول إلى أحدث رقائق الذكاء الاصطناعي، بنسبة 2.4 في المائة، وتراجع سهم «إنفيديا» بنسبة 0.2 في المائة. ولا تزال التساؤلات قائمة حول ما إذا كان الإنفاق الكبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي سيحقق الأرباح والإنتاجية المرجوة.

على صعيد آخر، ارتفع سهم «كرافت هاينز» بنسبة 1.2 في المائة بعد إعلان تعيين ستيف كاهيلان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «كيلانوفا» المالكة لعلامة «كيلوغز»، رئيساً تنفيذياً ابتداء من 1 يناير. وبعد انقسام الشركة إلى شركتين في النصف الثاني من عام 2026، سيتولى كاهيلان قيادة الشركة التي ستحتفظ بعلامات «هاينز» و«فيلادلفيا» و«كرافت ماك آند تشيز».

في المقابل، انخفض سهم «فايزر» بنسبة 1.6 في المائة بعد إعلان توقعات إيرادات تتراوح بين 59.5 و62.5 مليار دولار للعام المقبل، وهو ما يُقارب توقعات المحللين.

على الصعيد العالمي، تراجعت المؤشرات في معظم أنحاء أوروبا وآسيا. حيث انخفض مؤشر «نيكي 22» الياباني بنسبة 1.6 في المائة بعد بيانات أولية أظهرت انكماشاً طفيفاً في قطاع التصنيع، وسط توقعات واسعة بأن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة لاحقاً هذا الأسبوع. كما انخفض مؤشر كوسبي الكوري الجنوبي بنسبة 2.2 في المائة، وتراجعت المؤشرات في هونغ كونغ بنسبة 1.5 في المائة وشنغهاي بنسبة 1.1 في المائة.