سعيد زاغة لـ«الشرق الأوسط»: استلهمت «مهدد بالانقراض» من تجربة حقيقية

المخرج الفلسطيني حاز جائزة «اليسر الذهبية» في مهرجان «البحر الأحمر»

المخرج سعيد زاغة يشير إلى زملائه من المخرجين الفلسطينيين (البحر الأحمر)
المخرج سعيد زاغة يشير إلى زملائه من المخرجين الفلسطينيين (البحر الأحمر)
TT

سعيد زاغة لـ«الشرق الأوسط»: استلهمت «مهدد بالانقراض» من تجربة حقيقية

المخرج سعيد زاغة يشير إلى زملائه من المخرجين الفلسطينيين (البحر الأحمر)
المخرج سعيد زاغة يشير إلى زملائه من المخرجين الفلسطينيين (البحر الأحمر)

عبر المخرج الفلسطيني سعيد زاغة عن سعادته بفوز فيلمه «مهدد بالانقراض» (COYOTES) بجائزة اليسر الذهبية لأفضل فيلم قصير في الدورة الخامسة لمهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، مؤكداً أنه لم يتوقعها، وإن كان قد تمنّاها.

وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كلمته التي ألقاها على المسرح كانت تحية واجبة لكل صناع السينما الفلسطينيين الذين قدموا أفلاماً مهمة عبّرت عن القضية الفلسطينية، كما أشار إلى أنه يجري استعدادات لبدء تصوير أول أفلامه الطويلة مع نهاية العام المقبل، من بطولة الفنان الفلسطيني علي سليمان، الذي لعب بطولة أفلامه القصيرة الثلاثة.

وعن تتويجه بجائزة اليسر الذهبية يقول زاغة: «هي جائزة تمنيتها بيني وبين نفسي، لكنني لم أتوقعها نظراً لقوة الأفلام المتنافسة في مسابقة (مهرجان البحر الأحمر)، فقد شعرت بأنها منافسة شرسة».

وعقب تسلمه الجائزة، وجّه زاغة تحية إلى المخرجين الفلسطينيين الذين قدموا أفلاماً عن قضية بلادهم في كثير من المهرجانات، ومن بينهم آن ماري جاسر، وشيرين دعيبس، والأخوان عرب وطرزان ناصر، وفيصل برهومة، الذي حاز «السعفة الذهبية» للأفلام القصيرة في مهرجان «كان» العام الحالي. ويعلّق قائلاً: «تعمدت أن أحكي ليس عن فيلمي فقط، بل عن المخرجين والمخرجات الذين قدموا أفلاماً عن فلسطين، فقد شعرت بأنني أقف على أكتافهم، فكل صانع أفلام فلسطيني يمهّد الطريق لمن يأتي بعده، ويزيد من وجودنا في المهرجانات الكبرى. فنحن ليس لدينا صناعة سينما، لكن لدينا صناع أفلام متميزين، وأشعر بالفخر أنني جزء من هذا المجتمع، وأرى أن المخرجين الفلسطينيين قدموا أفلاماً مهمة».

وتدور أحداث فيلم «مهدد بالانقراض» في أجواء من التشويق والإثارة، من خلال جرّاحة فلسطينية تضطر لعبور طريق وعر في الضفة الغربية خلال عودتها إلى منزلها بعد مناوبة ليلية مجهدة، لكنها سرعان ما تدرك أن هذا الطريق المعزول سيقودها إلى لحظة مفصلية قد تغير مجرى حياتها إلى الأبد.

والفيلم من بطولة مايا رزيق، وعلي سليمان، ويمنى مروان، ومن إنتاج فلسطين وفرنسا والأردن والمملكة المتحدة، ومن كتابة وإخراج سعيد زاغة.

الفيلم الفلسطيني «مهدد بالانقراض» (البحر الأحمر)

وخلال 20 دقيقة، يقدم الفيلم انعكاساً لواقعة حقيقية عاشها المخرج، حسبما يروي: «في عام 2020 كنت لا أزال أعيش في فلسطين، وكنا نستعد للسفر إلى بريطانيا، وقد سبقتني زوجتي وطفلتنا. وخلال عودتي إلى منزلي من أريحا إلى رام الله كان الطريق الرئيسي مغلقاً، بالضبط كما حدث في الفيلم، فسلكت طريقاً وعراً، وفوجئت بدورية جيش إسرائيلي تقف أمامي في مكان غير متوقع، ولم أعرف كيف أتصرف أو على أي نحو. فلم يتحدثوا معي، وشغّلت الإنارة، ووضعت يدي على عجلة القيادة، وحاولت الاتصال بزوجتي، كنت أريد أن أودعها، فقد شعرت بأنها آخر لحظة في حياتي. وبعد أن انتهت أزمتي فكرت: لو أن أحداً علق بطريق خطر، ما الذي يمكن أن يحدث؟ ومن هنا سيطرت علي فكرة الفيلم».

ولفت المخرج الفلسطيني إلى أن تصوير الفيلم تم بين الأردن وبودابست يقول: «صورنا في الأردن لخطورة التصوير في فلسطين، ففي أي لحظة يمكن أن نتعرض لهجوم، ولا يجب أن نعرض حياة طاقم الفيلم للخطر، فهناك دائماً بدائل. وقد وقع اختيارنا على مكان مشابه للمكان الفلسطيني، حتى إن بعض أصدقائي الذين شاهدوا الفيلم في مهرجانات بالخارج ظنوا أن التصوير تم في فلسطين، كما صوَّرنا مشاهد الحيوانات في العاصمة المجرية بودابست».

ويشارك فيلم «مهدد بالانقراض» في مهرجان «كليرمون فيران» بفرنسا خلال فبراير (شباط) المقبل، وكان قد شهد عرضه الأول في مهرجان «فينيسيا» خلال دورته الماضية، كما شارك في 27 مهرجاناً حول العالم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وحاز جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان «لندن»، كما حاز تنويهاً خاصاً في «كاليفورنيا».

الفيلم هو ثالث الأفلام القصيرة للمخرج سعيد زاغة بعد فيلمي «خمسة أولاد وعجلة» (2016)، و«صيف من ذهب» (2021). والأفلام الثلاثة بمشاركة الفنان الفلسطيني علي سليمان، فهو البطل الأثير لديه، حيث شارك في أفلامه الثلاثة، ويقول زاغة إنه سيكون أيضاً بطلاً لفيلمه الروائي الطويل الأول الذي انتهى من كتابته بعنوان «Black Harvest».

وعن موضوع فيلمه الجديد، يوضح المخرج الفلسطيني: «أنشغل بشكل عام بتيمة واحدة تتعلق بالثمن الأخلاقي والنفسي الذي يدفعه الناس الذين ليست لديهم قوة حين يواجهون أصحاب القوة، سواء كانت سلطة أو غيرها. وحتى خارج فلسطين، أنا مهتم بهذه القضية. ومعي في الفيلم المنتجة اللبنانية مريم ساسين، وحصلنا على تمويل من جميع الصناديق العربية لمرحلتي التطوير والإنتاج، وقد تحدد تصويره نهاية عام 2026».

وكان زاغة قد خاض تجربة درامية عبر المسلسل السعودي «جايبة العيد»، الذي أخرج حلقتين منه وعُرض عبر منصة «نتفليكس»، ويلفت إلى أنها كانت تجربة مهمة بالنسبة له.

وعن علاقته بالفنان علي سليمان يقول: «هي صداقة وثقة تطورتا بيننا، وقد تعرفت عليه قبل فيلمي الأول. ولم يكن أول تعاون بيننا سهلاً لأنني كنت صغيراً، لكن مع الزمن صرنا نفهم بعضنا بعضاً، وصارت بيننا لغة مشتركة، وهو ممثل رائع ودائماً ما يفاجئني في التصوير، وأتمنى أن أُفاجئه أنا أيضاً بالأدوار التي أكتبها له».

درس سعيد زاغة الأدب الإنجليزي في أميركا، وحصل على ماجستير في السينما من بريطانيا حيث يقيم، ويتطلع إلى تقديم أعمال فنية بها، مؤكداً أنه في كل الأحوال سيظل مشغولاً بقضيته، وسيظل يقدم أفلاماً عن فلسطين بوصفها جزءاً من هويته.


مقالات ذات صلة

ختام «ساوندستورم 2025» يرسخ مفهوم المدينة الموسيقية في الرياض

يوميات الشرق تفاعل الجماهير في مسرح «ساوندستورم 2025» (ميدل بيست)

ختام «ساوندستورم 2025» يرسخ مفهوم المدينة الموسيقية في الرياض

أسدل مهرجان «ساوندستورم 2025» الذي تنظمه شركة «ميدل بيست» الستار على نسخة استثنائية حوَّلت أرض المهرجان في الرياض إلى مدينة موسيقية.

فاطمة القحطاني (الرياض)
يوميات الشرق عرض الفيلم للمرة الأولى عربياً في مهرجان البحر الأحمر (يوتيوب)

زانغ زونغشين لـ«الشرق الأوسط»: عملي في المصانع والحراسة كان ملهماً

يقول المخرج الصيني زانغ زونغشين لـ«الشرق الأوسط» إن طريقه إلى السينما لم يبدأ من المعاهد السينمائية، بل من حياة مليئة بالانتقال والعمل الشاق.

أحمد عدلي (جدة)
يوميات الشرق السجادة الحمراء في الدورة الخامسة لمهرجان البحر الأحمر - جدة 2025 (أ.ف.ب)

جوائز «البحر الأحمر السينمائي» ذهبت لمن استحق

جوائز مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» الخامسة وزعت على أفلام «أرض مفقودة» و«اللي باقي منك» و«هجرة»، مع تكريم أعمال عربية أخرى مميزة.

محمد رُضا (جدّة)
يوميات الشرق يشارك الفيلم السعودي «هجرة» في المسابقة الرسمية (إدارة المهرجان)

«أيام قرطاج السينمائية» للتركيز على القضايا الإنسانية

انطلقت السبت فعاليات الدورة الـ36 من «أيام قرطاج السينمائية»، والتي تحتفي بالسينما الأرمينية وتسلط الضوء عليها من خلال عروض عدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق يرصد الفيلم الذي يأتي من إخراج جولييت بينوش قصة تعاون فني يجمع بين ممثلة مرموقة وراقص شهير (الشرق الأوسط)

فيلم «في - آي: في الحركة» يفوز بجائزة «الشرق الوثائقية»

تأتي الجائزة التي تمنحها «الشرق الوثائقية» للعام الثالث على التوالي، تأكيداً على التزامها بدعم السينما الوثائقية العالمية ذات الرؤى الإبداعية الجديدة.

«الشرق الأوسط»

آثاريون مصريون يطالبون بإعادة النظر في ترميم تماثيل بالأقصر

ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)
ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)
TT

آثاريون مصريون يطالبون بإعادة النظر في ترميم تماثيل بالأقصر

ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)
ترميم تمثال أمنحتب الثالث بـ«معبد ملايين السنين» (وزارة السياحة والآثار)

جددت أعمال الترميم الأحدث في معبد «ملايين السنين» بالأقصر، وما حظيت به من إشادات من الأوساط الآثارية، الحديث عن أعمال ترميم قديمة لتمثال رمسيس الثاني وتماثيل أخرى أثرية بالأقصر تعرضت للتشويه بسبب الترميم، مع مطالبات بإعادة النظر في هذا الملف، سواء بترميمها بطريقة احترافية.

كان وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، شهد إزاحة الستار عن تمثالين ضخمين من الألبستر للملك أمنحتب الثالث بعد ترميمهما وإعادة تركيبهما ورفعهما بموقعهما الأصلي بالصرح الثالث بالمعبد الجنائزي للملك بالبر الغربي بالأقصر.

ووصف الوزير في بيان، الأحد، هذا العمل، بالإنجاز الكبير الذي يستهدف الحفاظ على وإحياء أحد أهم معالم الحضارة المصرية العريقة، بما يليق بقيمته التاريخية، وبما يسهم في تعزيز مكانة الأقصر أحد أهم المقاصد السياحية والثقافية على مستوى العالم.

وأشار إلى التعاون المصري الألماني الممتد لسنوات طويلة، مؤكداً أنه يمثل نموذجاً ناجحاً للتعاون الدولي المثمر، ومعرباً عن تطلعه إلى استمرار هذا التعاون لسنوات عديدة قادمة بما يخدم أهداف الحفاظ على التراث الإنساني، وكرّم الدكتورة هوريج سوروزيان مديرة المشروع، والدكتورة نايري هابيكيان مهندسة الموقع.

ولم تتوقف الإشادة بمستوى الترميم والتعاون الدولي عند المستويات الرسمية، بل أشاد آثاريون ومهتمون بشؤون الآثار بالترميم الذي حدث بمعبد ملايين السنين، وقال الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، إن «البعثة الأوروبية التي تعمل بالموقع، والتابعة للمعهد الألماني، نجحت في جمع الأجزاء المتفرقة لتمثال أمنحتب الثالث بطريقة علمية سليمة، بل قاموا بإعجاز بكل المقاييس»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «قبل عشر سنوات اكتشفوا هذا التمثال وبدأوا في تجميع قطعه ليقدموا نموذجاً مهماً في الترميم، فهو ليس استكمالاً للتماثيل بما يؤدي لتحولها إلى تماثيل مسخ كما حدث في أماكن أخرى»، وطالب عبد المقصود بإعطاء مديرة المشروع وساماً على الجهود التي قامت بها، في الوقت نفسه أشار إلى نماذج أخرى لتماثيل تم تشويهها قائلاً: «هناك من يأتي بأسياخ حديد وخرسانة ليستكلموا التمثال وقواعد الترميم الصحيحة لم تقل هذا الأمر»، مضيفاً: «وجود بعض التماثيل المرممة بشكل خاطئ أمام معبد الأقصر وأمام معبد الكرنك فيه إساءة»، وأشار إلى أنه تم تشكيل لجنة لبحث هذا الأمر من قبل ثم توقف عملها.

وكان مشروع الحفاظ على تمثالي ميمنون ومعبد الملك أمنحتب الثالث شمل العديد من الأعمال، من أبرزها ترميم وإعادة تركيب ورفع زوج من التماثيل الجالسة المصنوعة من الكوارتزيت عند مدخل الصرح الثاني، كما تم رفع تمثالين ملكيين واقفين من الكوارتزيت عند البوابة الشمالية لحرم المعبد. وقد أُتيحت عملية إنقاذ هذه الآثار المفككة وإخراجها من الطمي والمياه المالحة وإعادتها إلى مواقعها الأصلية.

وقال الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، الدكتور أحمد عامر، إن ترميم تمثالي الملك أمنحتب الثالث كان بمثابة مرحلة مهمة في عمليات الترميم، حيث تم ترميمهما بأعلى دقة وكفاءة.

وأضاف عامر لـ«الشرق الأوسط» أنها «ليست المرة الأولى في إظهار المهارة والدقة في أعمال الترميم، فقد تم ترميم طريق الكباش بشكل عالمي، وأيضاً صالة الأعمدة بمعبد الكرنك، لذلك لا بد من تشكيل لجنة مختصة لمراجعة التماثيل التي أثارت جدلاً في الفترات الماضية بمدينة الأقصر، منها على سبيل المثال تمثال الملك رمسيس الثاني والموجود أمام واجهة معبد الأقصر حتى الآن».

وسبق أن أعلن المجلس الأعلى للآثار قبل سنتين عن تشكيل لجنة لبحث ما أثير حول ترميم تمثال رمسيس الثاني بطريقة وصفها البعض بأنها لا تتوافق مع المبادئ والقواعد التقاليد المرعية في ترميم القطع الأثرية.

وأشاد الكاتب والباحث المهتم بالآثار المصرية، محمود مرزوق، بأعمال الترميم التي تمت بـ«معبد ملايين السنين»، وكتب عبر صفحته على «فيسبوك» إن فريق العمل استمر لسبع سنوات حتى خرج بنتيجة رائعة في ترميم تمثال أمنحتب الثالث، لافتاً إلى أن الخطأ في عمليات الترميم خصوصاً في الآثار المصرية القديمة يصعب تصحيحه، مؤكداً أن سر النجاح في ترميم التمثال الخاص بأمنحتب الثالث هو عدم التدخل في عمل المتخصصين.


«بهجة»... معرض فني مصري يستعيد شغف الطفولة

اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)
اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)
TT

«بهجة»... معرض فني مصري يستعيد شغف الطفولة

اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)
اللوحات رصدت بيئات ومشاهد متنوعة (الشرق الأوسط)

«بداخلي طفل صغير... كثيراً ما يبكي، قليلاً ما يفرح، فقد كثر بكاؤه بفعل ما يحدث بعالمنا المعاصر من تمزق وحروب وضحايا من الأطفال والكبار، وأحاول استعادة هذا الطفل مع طاقة من التفاؤل والفرح».

بهذه الكلمات وصف الفنان التشكيلي المصري، صلاح بيصار، معرضه «بهجة» المقام حالياً في غاليري «أوبتنو» بالزمالك (وسط القاهرة)، معتبراً أنه بهذه الأعمال التي يتداخل فيها الحس الشعبي مع الروح السريالية مع الألوان الساخنة المبهجة يستطيع أن يستعيد تلك الروح الطفولية المليئة بالبراءة والفرح والبهجة.

وفي هذا المعرض الذي يضم أكثر من 50 لوحة بأحجام مختلفة، يعود بيصار للرسم بعد فترة انقطاع، ويؤكد أن سبب انقطاعه عن الرسم كان الالتزام بالكتابة، فهو أيضاً واحد من أبرز النقاد التشكيليين في مصر.

الألوان المبهجة وألعاب السيرك في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

ويضم المعرض لوحات تبث البهجة في نفس المتلقي بألوانها المبهجة الساخنة في معظمها، ويصور الفنان من خلال أعماله السيرك وما به من مفارقات مضحكة أو عجيبة وغريبة، والقرية بمفرداتها وتفاصيلها المتنوعة، وكذلك البيوت والقصص الشعبية تجد مكاناً داخل لوحاته.

ويقول بيصار إنه يقدم «عالماً ينتمي للفانتازيا الشعبية بروح الخيال وحس سيريالي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن هذا العالم «تتصالح فيه كل الكائنات فى البر والبحر الطبيعة المفتوحة وتحت الماء»، فهو عالم يتسع للبشر والحيوانات والطيور والأسماك وحتى الفراش والنمل.

كل هذه العناصر تتحاور في لوحات بيصار محفوفة بالزينات والبيارق والأعلام، كأنه يقدم من خلالها دعوة للسلام، «لتعود الحياة بعالمنا إلى مرافئ المحبة والحلم والصفاء»، على حد تعبيره.

ومن تفاصيل البيئة الشعبية بكل مفرداتها يعيد بيصار تشكيل العالم بعيون طفل لم تفارقه الدهشة، وربما لهذا السبب بدت الألوان الزاهية هي المسيطرة في كل اللوحات، حتى تلك التي ترصد الطبيعة والبيوت الريفية البسيطة.

الفنان يرى في العالم مساحة رحبة للبشر والحيوانات وكل الكائنات (الشرق الأوسط)

صلاح بيصار المولود في المنوفية (دلتا مصر) عام 1952، تخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة حلوان، وتخصص في الديكور، إلا أنه اتجه أكثر للعمل الصحافي وحاز جائزة نقابة الصحافيين في الإخراج الصحافي في ثمانينات القرن الماضي، كما اهتم بالكتابة والنقد، وربما لهذا توقف عن تنظيم معارض فردية لأعماله منذ عام 1994، وإن كان شارك من بعده في العديد من المعارض الجماعية والفعاليات التشكيلية.

ويعتمد الفنان على الحس التعبيري في تقديم نماذج من القرية والشارع المصري، ولكن يبدو الاهتمام الكبر منصباً على لاعبي السيرك، لما يتضمنه عالمهم من تنوع في ألوان البهجة وتفاصيلها بالألعاب المختلفة، بينما تبدو المدرسة السريالية بتقنياتها الغرائبية الأقرب للحلم واضحة في اللوحات، ولكنها سريالية شعبية بالطريقة والأسلوب الخاص بالفنان.

وتبرز اللوحات الكبيرة مشاهد بانورامية للقرية أو للسيرك أو الشارع أو يمكن أن يخصصها للبورتريه، بينما تركز اللوحات الصغيرة الحجم على التفاصيل البسيطة التي تقترب من رموز وتيمات الحكايات الشعبية، في قالب فني يمنحها بعداً جديداً مشحوناً بطاقة من الفرح.


ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
TT

ساعة ذكية لتقليل نوبات غضب الأطفال

الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)
الساعة الذكية ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية مثل ارتفاع معدل ضربات القلب (مايو كلينك)

طوّر باحثون في مجموعة «مايو كلينك» الطبية الأميركية نظاماً مبتكراً يعتمد على الساعة الذكية لتنبيه الآباء عند أولى مؤشرات نوبات الغضب الشديدة لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية، ما يتيح التدخل السريع قبل تفاقم النوبة.

وأوضح الباحثون أن هذا النظام يُقلّص مدة وحدّة نوبات الغضب، ما يخفف الضغط النفسي على الطفل ووالديه، ويُحسّن الأجواء الأسرية، ويُقلّل من الصراعات اليومية. ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية «JAMA Network Open».

ونوبات غضب الأطفال هي انفعالات مفاجئة وشديدة، تظهر في صورة بكاء حاد أو صراخ أو رفض للأوامر أو سلوك عدواني أحياناً. وغالباً ما تنتج هذه النوبات عن عجز الطفل عن التعبير عن مشاعره أو السيطرة عليها، وقد تكون أكثر حدّة وتكراراً لدى الأطفال المصابين باضطرابات عاطفية وسلوكية.

ورغم أن نوبات الغضب تُعد جزءاً طبيعياً من نمو بعض الأطفال، فإن استمرارها لفترات طويلة أو شدتها الزائدة قد يؤثر سلباً في الصحة النفسية للطفل والعلاقات الأسرية، ما يستدعي تدخلاً تربوياً أو علاجياً مبكراً للحد من آثارها.

ويعتمد النظام على ساعة ذكية يرتديها الطفل، ترصد مؤشرات التوتر الفسيولوجية، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب أو التغيرات في الحركة أو النوم. وتُنقل هذه البيانات إلى تطبيق على هاتف الوالدين مزوّد بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يُحلِّلها لحظياً ويُرسل تنبيهاً فورياً يحثّ الوالدين على التواصل مع الطفل وتهدئته في الوقت المناسب.

وأُجريت التجربة السريرية على 50 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و7 سنوات، كانوا يعانون اضطرابات عاطفية وسلوكية. واستُخدم نظام الساعة الذكية لدى نصف المشاركين على مدى 16 أسبوعاً، في حين واصل النصف الآخر العلاج القياسي. وقيَّمت الدراسة مدى التزام العائلات باستخدام التقنية، وقدرة التنبيهات الفورية على تغيير سرعة استجابة الوالدين وسلوك الأطفال.

وأظهرت النتائج أن التنبيهات الفورية ساعدت الآباء على التدخل خلال 4 ثوانٍ فقط، وأسهمت في تقليص مدة نوبات الغضب الشديدة بمعدل 11 دقيقة، أي نحو نصف المدة المسجّلة لدى الأطفال الذين تلقوا العلاج التقليدي فقط.

كما بيّنت النتائج أن الأطفال ارتدوا الساعة الذكية لنحو 75 في المائة من فترة الدراسة، ما يعكس قابلية التطبيق وارتفاع مستوى تفاعل العائلات مع هذه التقنية.

وقال الباحثون إن «هذه الدراسة تُظهر أن تدخلات صغيرة، إذا جاءت في التوقيت المناسب، يمكن أن تغيّر مسار نوبة الاضطراب العاطفي لدى الطفل؛ إذ تمنح الوالدين فرصة للتدخل الداعم، مثل الاقتراب من الطفل، وتقديم الطمأنة، وتعزيز المشاعر الإيجابية، وإعادة توجيه الانتباه، قبل أن تتصاعد النوبة».

وأضافوا أن هذا النظام يُثبت أن بيانات الأجهزة الذكية اليومية يمكن أن تساعد الأسر في الوقت الحقيقي؛ فقد تبدو الساعة الذكية جهازاً بسيطاً، لكنها عندما تُدعَم بعلاجات قائمة على الدليل وتحليلات متقدمة، تتحول إلى بارقة أمل للأسر التي تواجه أعراضاً سلوكية شديدة في المنزل.