أميركا تسعى لرفض دخول بعض المسافرين الأوروبيين.. وأوروبا تهدد بإجراء مماثل

مشروع قرار الكونغرس ينص على استبعاد مواطني الدول الـ38 إذا كانوا يحملون جنسية أخرى

رئيس مقدونيا جورج إيفانوف (يسار) والرئيس الصربي توميسلاف نوكيليك (يمين) مع دونالد توسك قبل اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
رئيس مقدونيا جورج إيفانوف (يسار) والرئيس الصربي توميسلاف نوكيليك (يمين) مع دونالد توسك قبل اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
TT

أميركا تسعى لرفض دخول بعض المسافرين الأوروبيين.. وأوروبا تهدد بإجراء مماثل

رئيس مقدونيا جورج إيفانوف (يسار) والرئيس الصربي توميسلاف نوكيليك (يمين) مع دونالد توسك قبل اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
رئيس مقدونيا جورج إيفانوف (يسار) والرئيس الصربي توميسلاف نوكيليك (يمين) مع دونالد توسك قبل اجتماع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس (إ.ب.أ)

رغم الحملة المضادة، يتجه الكونغرس الأميركي إلى التصويت خلال الأيام القليلة المقبلة على تشديد برنامج الاستثناء من تأشيرات الدخول، الذي تستفيد منه 38 دولة غنية، بينها 30 في أوروبا، لاستبعاد بعض المسافرين الذين قد يعتبرون خطرين، حيث كشفت مجموعة من المفاوضين البرلمانيين من الأغلبية الجمهورية، والأقلية الديمقراطية ليلة أول من أمس اقتراح قانون يتضمن الإجراء الذي أقره مجلس النواب حول برنامج الاستثناء من تأشيرة الدخول، والذي ينص على استبعاد بعض مواطني الدول الـ38 من الاستفادة من هذا البرنامج، إذا كانوا يحملون جنسية أخرى من العراق أو سوريا، أو إيران أو السودان، وهي البلدان التي تتهمها الولايات المتحدة بدعم الإرهاب (مثل فرنسي - سوري).
كما لن يستفيد أيضًا من برنامج الاستثناء من تأشيرة الدخول من مواطني الدول الـ38، كل من توجه إلى إحدى الدول الأربع المذكورة منذ مارس (آذار) 2011، كأن يزور مثلا فرنسي دولة إيران. ولن يمنع هؤلاء من زيارة الولايات المتحدة، لكن سيتحتم عليهم من الآن فصاعدا الحصول على تأشيرة قبل زيارتهم بهدف السياحة، أو العمل، وهو ما سيرغمهم على التوجه إلى قنصلية أميركية في موطن إقامتهم.
وحاليا يزور 20 مليون شخص سنويا الولايات المتحدة من دون تأشيرات دخول، في رحلات تقل مدتها عن تسعين يوما، بينهم 13 مليون أوروبي.
لكن الدبلوماسية الأوروبية ردت بقوة على هذا الاقتراح، وهددت على لسان سفيرها في واشنطن ديفيد أوساليفان الولايات المتحدة بالتعامل بالمثل لأن البرنامج يقوم على هذا المبدأ. فيما وصفت منظمات غير حكومية النص بأنه تمييزي، على اعتبار أن الولايات المتحدة ستميز بين بعض المواطنين الأوروبيين، سواء أكانوا يحملون جنسية بلد آخر أم لا. وفي هذا السياق، قال المدير التنفيذي لمنظمة الدفاع عن الحريات المدنية أنتوني روميرو «مرة جديدة يستخدم أعضاء الكونغرس قانون الميزانية لفرض إجراء متطرف»، فيما انتقد برلمانيون أميركيون أيضًا القانون خوفا من حدوث إجراءات انتقامية أوروبية خصوصا، لكن أصواتهم لم تسمع. ويفترض أن يقر الكونغرس قانون المالية الذي يتضمن هذه الإجراءات خلال الأيام المقبلة. لكن مجمل سفراء دول الاتحاد الأوروبي المعتمدين في واشنطن عبروا عن انتقاداتهم بتوجيه تهديدات إلى الحكومة الأميركية.
فقد قال السفراء برئاسة سفير الاتحاد الأوروبي ديفيد أوسوليفان في رسالة مفتوحة نشرتها المجلة المتخصصة حول الكونغرس «ذي هل»، إن «مثل هذا الإجراء من دون تمييز ضد أكثر من 13 مليون مواطن أوروبي يزورون الولايات المتحدة سنويا سيكون غير مثمر، وقد يؤدي إلى وضع إجراءات قانونية بالمثل، وهو لن يحسن الأمن مع تأثيره سلبا على الاقتصاد في ضفتي الأطلسي».
وأضافت الرسالة أن «القيود العمياء ضد الذين سافروا مثلا إلى سوريا أو العراق من شأنها أن تضر على الأرجح بالرحلات الشرعية لرجال الأعمال والصحافيين، والعمال الإنسانيين أو العمال الطبيين، وهذه القيود لن تكشف الذين يسافرون بطريقة غير شرعية عن طريق البر».
ومن ناحيتها، أكدت وزارة الخارجية الأميركية التي يعود الملف لها، أنها «على اتصال مع القادة الأوروبيين»، مؤكدة أن واشنطن «واعية لقلقهم».
وبعد اعتداءات باريس في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفي إطار التصدي للتهديد الإرهابي، تبنى مجلس النواب الأميركي بدعم من الإدارة الديمقراطية مشروع قانون يفرض على رعايا أوروبيين توجهوا منذ 2011 إلى العراق وسوريا، وإيران والسودان، التقدم بطلب الحصول على تأشيرة سياحية أو مهنية لمدة قصيرة في حال أرادوا زيارة الولايات المتحدة. ويستهدف القانون في حال أقره مجلس الشيوخ الأشخاص الذين يحملون جنسيتين مثل الفرنسية والسورية، أو البريطانية والسودانية، حتى وإن لم يتوجهوا إلى هذه البلدان.
وحتى الآن، يحظى رعايا 38 دولة غنية ببرنامج إعفاء من تأشيرات الدخول، يطلق عليه اسم «إي إس تي إي»، ويقضي بالحصول على التأشيرة من خلال الإنترنت. ولكن هذا الأمر لا يمنع السلطات القنصلية الأميركية من القيام ببعض التحقيقات المسبقة، ومراقبة دخول هؤلاء المسافرين على أراضيها.
وعلى صعيد متصل، أكد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أمس أن فضاء شنغن «قائم وسيبقى»، داعيا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى دعم اقتراحه إنشاء قوة أوروبية من حرس الحدود.
وأمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ قال يونكر، إن «الوقت يضيق»، خصوصا مع استمرار تدفق المهاجرين إلى الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، مضيفا أنه «لم يعد لنا كأوروبيين من حدود.. هناك حدود مشتركة نتحمل جميعا مسؤولية حمايتها.. وسنقوم بكل ما بوسعنا لحماية ما بنيناه وجعله أفضل وأقوى»، مشيرا إلى أن فضاء شنغن «قائم وسيبقى».
وقبل أسابيع حذر رئيس مجموعة اليورو يورن ديسلبلوم من أن تضطر مجموعة صغيرة من دول أوروبا الغربية إلى تشكيل «فضاء شنغن مصغر»، في حال فشل الاتحاد الأوروبي في إيجاد حل لأزمة الهجرة.
في غضون ذلك، حذر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق جون ميجور بلاده من الخروج من الاتحاد الأوروبي قائلا: «يساورني الشك في الكثير من سياسة الاتحاد الأوروبي، ولكن المغازلة بالخروج في الوقت الذي يتحد فيه كل العالم تبدو لي خطيرة وضد مصالحنا بعيدة المدى».
كما طالب ميجور رئيس الوزراء البريطاني الحالي ديفيد كاميرون بألا يعلق بقاء بريطانيا داخل الاتحاد أو خروجها منه على نتيجة المفاوضات بشأن ما طالب به من إصلاحات داخل الاتحاد الأوروبي.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.