كيري: الأسد عرض الصلح مع إسرائيل عام 2010 لفك العزلة عن نظامه

قال إن المفاوضات الحالية آخر فرصة لعودة سوريا إلى ما كانت عليه

كيري: الأسد عرض الصلح مع إسرائيل عام 2010 لفك العزلة عن نظامه
TT

كيري: الأسد عرض الصلح مع إسرائيل عام 2010 لفك العزلة عن نظامه

كيري: الأسد عرض الصلح مع إسرائيل عام 2010 لفك العزلة عن نظامه

كشفت مجلة «نيويوركر» الأميركية، في عددها الذي سيصدر الأسبوع المقبل، أنّ الرئيس السوري بشار الأسد عرض عام 2010 على جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، الذي كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في ذلك الوقت، استعداده للتوصل إلى «صفقة سلام» مع إسرائيل، مقابل الحصول على مساعدات أميركية اقتصادية، ونفطيّة، وتكنولوجية، وفكّ العزلة المفروضة على نظامه. قال ذلك كيري في مقابلة مع المجلة.
قال كيري في المقابلة إن الأسد «كان عام 2010 مستعدًّا لتوقيع صفقة سلام مع إسرائيل. والدليل على ذلك رسالة احتفظ بها، كتبها الأسد ووقع عليها، وفيها اقتراح للاعتراف بإسرائيل، وفتح سفارة إسرائيلية في دمشق، وفتح باب الحوار حول ملف الجولان».
وأضاف كيري أن رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، رفض الاقتراح، وقال، خلال زيارته إلى واشنطن في العام نفسه: «لا أستطيع أن أفعل ذلك. لن أفعل ذلك. ببساطة لا يمكنني أن أفعل ذلك».
تحدث كيري إلى المجلة كجزء من تقرير طويل (بروفايل) نشرته المجلة عنه، وفيه خلفيات ومعلومات عن حياة كيري، وقتاله في فيتنام، وتمرده على التدخل العسكري الأميركي هناك، وامتهانه السياسة، ودخوله مجلس النواب، ثم مجلس الشيوخ.
وعن لقاءات كيري مع الأسد، قال كيري إنه قابله مرات كثيرة. وفي واحدة من المرات، رافقته زوجته، وتحدث الأسد «في هدوء طبيب العيون الذي درس في بريطانيا» عن انعزال سوريا، وزيادة التأثيرات الإسلامية فيها، وأنه، لهذا، يريد فك عزلة سوريا، ويريد تأسيس حكومة علمانية، ويريد توثيق العلاقات مع الغرب. لكن، كان ذلك قبل بداية الحرب في سوريا.
في المقابلة، تحدث كيري عن «أخطاء كثيرة وكبيرة» ارتكبها الأسد، ولم يفصلها كيري، ربما لأنه سيضطر لمفاوضة الأسد خلال الجهود الحالية لإنهاء الحرب في سوريا. وبدا كيري متفائلا، وقال: «أعتقد أن سوريا يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه. لكن، أعتقد أن هذه المرة (المفاوضات المنبثقة عن جنيف) هي آخر فرصة».
وقال إنه، إذا لم تنجح الجهود الحالية، فيمكن أن تتكرر في سوريا، وفي المنطقة، «حرب الثلاثين عاما» الأوروبية بين الكاثوليك والبروتستانت في القرن السابع عشر، «لكن حرب هذه المرة بين السنة والشيعة».
وعن المشكلة بين إسرائيل والفلسطينيين، قال كيري إن إسرائيل، جنبا إلى جنب مع الأراضي المحتلة، تتجه نحو أن تصبح «دولة واحدة ستكون إدارتها مستحيلة». وأضاف أنه قلق لاحتمال أن تنهار السلطة الفلسطينية، «لأن ذلك سيكون حافزا لفك النظام وسط ثلاثين ألف رجل أمن فلسطيني، وانتشارهم في كل مكان، خصوصا انضمامهم لأعمال العنف ضد إسرائيل».
وقال كيري: «أعرف أن الانفعالات العاطفية (من الجانبين) وراء كل هذا. لولا ذلك، كنت نجحت منذ وقت طويل. لكن، أظل أؤمن بأن هناك حلا»، وقال إن الحل سيقود إلى استقرار، وسلام، وازدهار.
عاد كيري وقال: «دون حل، سيكون البديل هو ألا نفعل شيئا، وأن نشاهد الوضع يتدهور من سيئ إلى أسوا.. سيكون حزب الله أقوى، وسيزيد عدد الصواريخ نحو إسرائيل».
وفي إجابة عن سؤال حول توقعه نهاية الدولة اليهودية، قال: «لا، لا أعتقد أن هذا سيحدث»، لكنه تساءل عما إذا كانت ستقوم دولة واحدة، وستسمح للفلسطينيين فيها بالتصويت، وما إذا كانت «ستذوب الدولة اليهودية»، وأضاف: «لا أعرف. ولا أملك إجابات عن هذه الأسئلة. أكثر من ذلك، حتى الأطراف المتنازعة لا تملك إجابات».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.