الرياض وكييف تدشّنان فصلاً جديداً للشراكة الاقتصادية والاستثمارية

مسؤول أوكراني لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق مرتقب لإنشاء منصة تنسيق دائمة

توقيع مذكرة تفاهم بين اتحاد الغرف السعودية وغرفة التجارة والصناعة الأوكرانية لتعزيز التجارة والاستثمار (إكس)
توقيع مذكرة تفاهم بين اتحاد الغرف السعودية وغرفة التجارة والصناعة الأوكرانية لتعزيز التجارة والاستثمار (إكس)
TT

الرياض وكييف تدشّنان فصلاً جديداً للشراكة الاقتصادية والاستثمارية

توقيع مذكرة تفاهم بين اتحاد الغرف السعودية وغرفة التجارة والصناعة الأوكرانية لتعزيز التجارة والاستثمار (إكس)
توقيع مذكرة تفاهم بين اتحاد الغرف السعودية وغرفة التجارة والصناعة الأوكرانية لتعزيز التجارة والاستثمار (إكس)

يبحث وفد حكومي واقتصادي أوكراني في الرياض إطلاق فصل جديد من الشراكة مع المملكة، عبر تفعيل «مجلس التعاون الاقتصادي المشترك» الذي اتُّفق عليه خلال لقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) الماضي.

ويقود الوفد الأوكراني يوري ميلنيك، نائب رئيس الوزراء الأوكراني السابق ورئيس مجلس الأعمال السعودي – الأوكراني، الذي يؤكد أن المشاورات الجارية في الرياض تمثل بدء مرحلة استراتيجية جديدة بين البلدين.

وتأتي اجتماعات الرياض، بحسب ميلنيك، امتداداً لاتفاق زيلينسكي وولي العهد السعودي على إعادة تفعيل مجلس التعاون التجاري المشترك كمظلة دائمة للربط بين الشركات والمؤسسات. ويعرض الوفد سلسلة مقترحات تشمل التصنيع الزراعي، والطاقة المتجددة، والمعادن.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مارس الماضي (واس)

وتشهد العاصمة السعودية اجتماعات مكثفة يشارك فيها مسؤولون حكوميون ورؤساء شركات كبرى في مجالات التكنولوجيا والطاقة والدواء والبنية التحتية. وتوقع ميلنيك، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، توقيع مذكرة تعاون بين غرفة التجارة والصناعة الأوكرانية واتحاد الغرف السعودية لإنشاء منصة دائمة لتنسيق الأعمال ومواءمة الأنظمة ودفع مشاريع استثمارية مشتركة.

ويحمل الوفد حزمة من الفرص الاستثمارية في قطاعات التصنيع الزراعي والمواد الحيوية والابتكار والرعاية الصحية، استناداً إلى الاتفاقيات التي جرى توقيعها خلال زيارة الرئيس الأوكراني للسعودية.

نمو العلاقات التجارية والاستثمارية

ويشير ميلنيك إلى أن العلاقات التجارية بين البلدين تتطور بشكل مستقر؛ إذ تجاوز حجم التبادل التجاري 680 مليون دولار خلال 2024، مع ارتفاع الصادرات الأوكرانية بأكثر من 26 في المائة، يشكّل الغذاء ثلثيها، خصوصاً منتجات الدواجن التي تعد شركة «إم بي إتش» أكبر مصدّر لها إلى المملكة.

أما الواردات السعودية إلى أوكرانيا فتتركز في الطاقة والمواد الكيميائية. ويعد صندوق «سالك» أبرز المستثمرين السعوديين في أوكرانيا، مع امتلاكه شركة «كونتيننتال فارمرز غروب» وحصة 13 في المائة تقريباً في شركة «إم بي إتش».

الاقتصاد الأوكراني تحت ضغط الحرب

ويؤكد ميلنيك أن الحرب الروسية تسببت بخسائر اقتصادية غير مسبوقة؛ فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنحو 30 في المائة في 2022، لكنه عاد إلى النمو بنسبة تتجاوز 5 في المائة في 2023 وبنحو 3 في المائة في 2024. كما يقدّر البنك الدولي تكلفة إعادة الإعمار بأكثر من 520 مليار دولار.

ورغم ذلك، يرى ميلنيك أن الاقتصاد الأوكراني أكد قدرته على الصمود خلال سنوات الحرب، وواصلت الشركات الأوكرانية تحديث عملياتها، وتوسيع صادراتها، والاستثمار في التكنولوجيا، ما برهن على مرونة الاقتصاد الأوكراني، بل والتحول إلى محرّك للتعافي خلال الحرب.

وأوضح أن استراتيجية أوكرانيا الاقتصادية الحالية تعتمد على نماذج الشراكة الاستثمارية، حيث تلعب الشركات المحلية دور المستثمر والشريك والمشغّل، بما يسهّل إدارة المخاطر وتوفير الخبرة واللوجستيات في ظل ظروف الحرب.

القطاع الزراعي ركيزة أساسية

ويبرز القطاع الزراعي كأحد أعمدة الاقتصاد الأوكراني، إذ شكّل قبل الحرب 11 في المائة من الناتج المحلي ووفّر 20 في المائة من الوظائف، مع 32.4 مليون هكتار من الأراضي الزراعية. وبلغت صادرات المنتجات الزراعية 27.8 مليار دولار سنوياً قبل الحرب، وما زالت تحتفظ بإمكانات كبيرة رغم تغيّر مسارات النقل. وتعد أوكرانيا مورداً رئيسياً للأسواق الأوروبية، إذ تمثّل نحو 49 في المائة من إنتاج الذرة و15 في المائة من القمح الأوروبي، ما يجعل التعاون الزراعي مع السعودية ذا أهمية استراتيجية.

أما شركة «إم بي إتش»، المورّد الأكبر للدواجن إلى المملكة، فتعدّ نموذجاً للصادرات الزراعية الحديثة في أوكرانيا، حيث تُعد الشركة مستثمرا رئيسياً في مجالات التصنيع المتقدم، واللوجيستيات، والبنية التحتية، والإنتاج ذي القيمة المضافة، وهي نماذج للشركات التي تشكل الوجه الجديد لصادرات أوكرانيا الزراعية.

تعاون في المعادن الاستراتيجية

وفي مجال المعادن الحيوية، يوضح ميلنيك أن أوكرانيا تمتلك بعضاً من أكبر احتياطيات أوروبا من الغرافيت والتيتانيوم والليثيوم والمعادن الأرضية النادرة، وهي عناصر أساسية في صناعات التكنولوجيا والدفاع والطاقة. ويضم الوفد الأوكراني فريقاً متخصصاً بقيادة شركة «بي جي في» المالكة لعدد من المناجم، فيما يُتوقع أن يشهد هذا القطاع تعاوناً واسعاً مستقبلاً وإن لم تُعلن حتى الآن اتفاقيات نهائية.


مقالات ذات صلة

«الاستثمارات العامة» و«جونز لانغ لاسال» يستثمران في «إف إم تك» لتعزيز إدارة المرافق

الاقتصاد سعد الكرود رئيس الاستثمارات العقارية المحلية في صندوق الاستثمارات العامة ونيل موراي رئيس خدمات إدارة العقارات في «جونز لانغ لاسال» (الشرق الأوسط)

«الاستثمارات العامة» و«جونز لانغ لاسال» يستثمران في «إف إم تك» لتعزيز إدارة المرافق

أعلن صندوق الاستثمارات العامة توقيع اتفاقية تتيح لشركة «جونز لانغ لاسال» الاستحواذ على حصة مؤثرة في الشركة السعودية لإدارة المرافق «إف إم تك».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
اقتصاد الأمير فيصل بن خالد بن سلطان بن عبد العزيز خلال تدشين منتدى الحدود الشمالية للاستثمار وبجانبه وزير الاستثمار (الشرق الأوسط)

شمال السعودية يطرح 240 فرصة استثمارية بقيمة 10.6 مليار دولار

طرح منتدى الحدود الشمالية للاستثمار 2025، أكثر من 240 فرصة استثمارية في المنطقة الواقعة شمال السعودية.

«الشرق الأوسط» (عرعر)
الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجستية خلال كلمته في مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجستية (الشرق الأوسط)

74.6 مليار دولار استثمارات الإمدادات والخدمات اللوجستية في السعودية

كشف وزير النقل والخدمات اللوجستية، المهندس صالح الجاسر، عن بلوغ حجم استثمارات قطاع الإمدادات والخدمات اللوجستية في السعودية نحو 280 مليار ريال.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد يستمتع الناس بالجلوس في الهواء الطلق مع انحسار حرارة الصيف في الرياض (أ.ف.ب)

التضخم في السعودية يتباطأ لأدنى مستوى في 9 أشهر خلال نوفمبر الماضي

سجَّل معدل التضخم السنوي في السعودية 1.9 في المائة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) مقارنة بالشهر المماثل من العام السابق في حين استقر نسبياً مقارنة بالشهر الماضي

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي (الشرق الأوسط)

بتوجيه ولي العهد السعودي... «سكن» تبدأ المرحلة الأولى من تسليم الوحدات السكنية للمستفيدين

أعلنت مؤسسة الإسكان التنموي «سكن» بدء المرحلة الأولى من تسليم الوحدات السكنية للمستفيدين في مختلف مناطق المملكة، تنفيذًا لتوجيه الأمير محمد بن سلمان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«مرسى المغرب» لتشغيل المواني للاستحواذ على 45 % من «بولودا ماريتايم تيرمينالز» الإسبانية

مشهد عام لميناء الحاويات في القصر الصغير في طنجة بالمغرب (رويترز)
مشهد عام لميناء الحاويات في القصر الصغير في طنجة بالمغرب (رويترز)
TT

«مرسى المغرب» لتشغيل المواني للاستحواذ على 45 % من «بولودا ماريتايم تيرمينالز» الإسبانية

مشهد عام لميناء الحاويات في القصر الصغير في طنجة بالمغرب (رويترز)
مشهد عام لميناء الحاويات في القصر الصغير في طنجة بالمغرب (رويترز)

قالت شركة «مرسى المغرب»، الرائدة في تشغيل المواني، الثلاثاء، إنها وقعت صفقة للاستحواذ على حصة 45 في المائة في شركة «بولودا ماريتايم تيرمينالز» الإسبانية، وهي فرع من شركة «بولودا كوربوراسيون ماريتيما» مقابل 80 مليون يورو (94.01 مليون دولار).

وذكرت الشركة، في بيان، أن الصفقة، التي وافق عليها مجلس إدارتها، مرهونة بموافقة الجهات التنظيمية عليها.

وقامت «بولودا ماريتايم تيرمينالز» بمناولة أكثر من مليون حاوية في عام 2024 من خلال تسع محطات لها في البر الرئيسي الإسباني وجزر الكناري.

وأضاف البيان أن عملية الاستحواذ ستمكن «مرسى ماروك إنترناشونال لوجيستيكس»، وهي الفرع الدولي لـ«مرسى المغرب»، من تعزيز مكانتها على الطريق بين إسبانيا والمغرب.

وتدير «مرسى المغرب» 25 محطة في 11 ميناء، وأعلنت في وقت سابق من العام خططاً للتوسع في غرب أفريقيا وشرقها، بما في ذلك عبر محطتين في ميناء كوتونو في بنين ومحطة للنفط والغاز في ميناء دمرجوج بجيبوتي.


الشركات البريطانية تشهد ارتياحاً بعد إعلان موازنة ريفز

شخص ينظر من حديقة على سطح مبنى في منطقة الأعمال بمدينة لندن (رويترز)
شخص ينظر من حديقة على سطح مبنى في منطقة الأعمال بمدينة لندن (رويترز)
TT

الشركات البريطانية تشهد ارتياحاً بعد إعلان موازنة ريفز

شخص ينظر من حديقة على سطح مبنى في منطقة الأعمال بمدينة لندن (رويترز)
شخص ينظر من حديقة على سطح مبنى في منطقة الأعمال بمدينة لندن (رويترز)

أظهرت مؤشرات مديري المشتريات أن الشركات البريطانية شهدت بعض الارتياح بعد موازنة وزيرة المالية راشيل ريفز. فقد كشف مسح دقيق للقطاع الخاص، نُشر يوم الثلاثاء، عن انتعاش ملحوظ للشركات البريطانية بعد أشهر من القلق بشأن الزيادات الضريبية المحتملة في موازنة ريفز أواخر نوفمبر (تشرين الثاني).

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز غلوبال» لمديري المشتريات إلى 52.1 نقطة في قياسه الأولي لشهر ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بـ51.2 نقطة في نوفمبر، متجاوزاً بذلك جميع توقعات الاقتصاديين المشاركين في استطلاع «رويترز»، رغم أنه لا يزال دون متوسطه الطويل الأجل. ويُعد هذا المسح أول قياس شامل للاقتصاد منذ إعلان ريفز عن زيادات ضريبية بقيمة 26 مليار جنيه إسترليني في موازنتها في 26 نوفمبر، إلا أنها أرجأت تطبيق معظمها، ما جنّب أصحاب الأعمال الخسائر الفادحة التي تكبدوها في موازنتها الأولى العام الماضي.

وقال كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين في مؤسسة «إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس»: «انتعشت الشركات جزئياً بفضل زوال حالة عدم اليقين، رغم أن المسح أشار إلى نمو اقتصادي طفيف بنسبة 0.1 في المائة فقط في الربع الأخير». وأضاف: «من دواعي الارتياح أن ثقة قطاع الأعمال لم تتراجع بشكل حاد كما حدث في العام الماضي بعد إعلان الموازنة».

ومع ذلك، لا يزال معدل نمو الإنتاج والطلب ضعيفاً، ويعتمد التوسع بشكل كبير على قطاعي التكنولوجيا والخدمات المالية، بينما تعاني قطاعات أخرى من الاقتصاد من صعوبة في النمو أو تشهد انكماشاً.

وسجل مؤشر مديري المشتريات، سواء القراءة الإجمالية أو قراءة قطاع الخدمات المهيمن، أعلى مستوى لهما في شهرين، بينما سجل مؤشر قطاع التصنيع أقوى أداء له خلال 15 شهراً. كما نما حجم الأعمال الجديدة بأسرع وتيرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، وارتفع مؤشر توقعات المسح للأشهر الـ12 المقبلة إلى ثاني أعلى مستوى له خلال أكثر من عام، رغم أنه لا يزال أدنى من المتوسط الطويل الأجل.

وشهدت الأعمال الجديدة القادمة من الخارج ارتفاعاً بعد انخفاض دام 13 شهراً، وزادت الطلبات المتراكمة للمرة الأولى منذ نحو ثلاث سنوات، نتيجة صعوبة الموردين في تلبية الطلب المتزايد.

في المقابل، تم خفض مستويات التوظيف مجدداً استجابةً لارتفاع تكاليف العمالة التي ارتفعت سابقاً في أبريل (نيسان) نتيجة زيادة الضرائب التي فرضتها ريفز. كما ازدادت ضغوط التضخم مع تسارع أسعار المدخلات – بما في ذلك تكاليف العمالة – للشهر الثاني على التوالي، بينما ارتفعت الأسعار التي تفرضها الشركات بعد أن لامست أدنى مستوى لها خلال خمس سنوات في نوفمبر.

ويبدو أن بنك إنجلترا سيخفض أسعار الفائدة يوم الخميس للمرة الأولى منذ أغسطس (آب)، إلا أن توقعات تصويت لجنة السياسة النقدية تشير إلى احتمالية أن يكون القرار متقارباً، في ظل قلق بعض صانعي السياسات من استمرار ضغوط التضخم في الاقتصاد.


سوق العمل البريطانية تظهر ضعفاً قبل خفض محتمل لأسعار الفائدة

يمشي أشخاص خارج مبنى «بنك إنجلترا» في حي المال بمدينة لندن (رويترز)
يمشي أشخاص خارج مبنى «بنك إنجلترا» في حي المال بمدينة لندن (رويترز)
TT

سوق العمل البريطانية تظهر ضعفاً قبل خفض محتمل لأسعار الفائدة

يمشي أشخاص خارج مبنى «بنك إنجلترا» في حي المال بمدينة لندن (رويترز)
يمشي أشخاص خارج مبنى «بنك إنجلترا» في حي المال بمدينة لندن (رويترز)

أظهرت بيانات رسمية صدرت يوم الثلاثاء، أن معدل البطالة في بريطانيا بلغ أعلى مستوى له منذ بداية عام 2021، وأن نمو أجور القطاع الخاص كان الأضعف منذ ما يقرب من خمس سنوات، وذلك قبيل إعلان وزيرة المالية راشيل ريفز موازنتها السنوية الشهر الماضي.

وعززت هذه البيانات المتشائمة احتمالية خفض «بنك إنجلترا» أسعار الفائدة يوم الخميس لدعم الاقتصاد الذي يعاني من ركود شبه تام، وفق «رويترز».

ارتفاع معدل البطالة وتباطؤ نمو الأجور

ارتفع معدل البطالة بشكل طفيف إلى 5.1 في المائة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في أكتوبر، وهو أعلى مستوى له منذ الأشهر الثلاثة المنتهية في يناير (كانون الثاني) 2021، فيما تباطأ نمو الأجور في القطاع الخاص، باستثناء المكافآت، إلى 3.9 في المائة، مقارنةً بـ4.2 في المائة خلال الأشهر السابقة.

قال مدير الشؤون الاقتصادية في معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز، سورين ثيرو: «شهدت سوق العمل في المملكة المتحدة انهياراً واضحاً قبل إعلان الموازنة. وقد أجبرت حالة عدم اليقين المستمرة الناجمة عن سيل التكهنات السياسية وتراجع الاقتصاد المزيد من الشركات على تقليص التوظيف والحد من تسويات الأجور».

وأظهرت بيانات رسمية صدرت الأسبوع الماضي أن الاقتصاد انكمش بشكل غير متوقع بنسبة 0.1 في المائة خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في أكتوبر (تشرين الأول).

زيادات ضريبية مؤجلة وتراجع التوظيف

بعد أشهر من التكهنات الإعلامية حول زيادات ضريبية محتملة، أعلنت ريفز زيادات بقيمة 26 مليار جنيه إسترليني (35 مليار دولار) في موازنتها بتاريخ 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، إلا أنها أرجأت تطبيق معظم هذه الزيادات لتجنب التأثير السلبي المباشر.

وأفاد العديد من أصحاب العمل بتقليص التوظيف بعد أن رفعت ريفز إسهاماتهم في الضمان الاجتماعي خلال أكتوبر 2024. وأظهرت بيانات الرواتب الصادرة عن مصلحة الضرائب انخفاضاً شهرياً قدره 38 ألف وظيفة في نوفمبر، بعد تعديل انخفاض أكتوبر من 32 ألفاً إلى 22 ألفاً.

أبطأ نمو للأجور في القطاع الخاص منذ نهاية 2020

أفاد مكتب الإحصاءات الوطنية بأن نمو الأجور السنوي في القطاع الخاص، باستثناء المكافآت، تباطأ إلى أدنى مستوى له منذ نهاية عام 2020، فيما يراقب «بنك إنجلترا» هذا المؤشر من كثب لتقييم مدى استمرار ضغوط التضخم.

وفي المقابل، تسارع نمو الأجور في القطاع العام إلى 7.6 في المائة من 6.6 في المائة، مسجلاً أسرع ارتفاع منذ بدء تسجيل البيانات عام 2001، نتيجة دخول اتفاقيات الأجور حيز التنفيذ في وقت مبكر هذا العام مقارنةً بعام 2024.

وبلغ معدل نمو الأجور العادية الإجمالي 4.6 في المائة، متراجعاً عن 4.7 في المائة في الربع الثالث بعد تعديلها بالزيادة، وهو أدنى مستوى له منذ أبريل (نيسان) 2022. وكان الاقتصاديون الذين استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا زيادة أقل بنسبة 4.5 في المائة.

وارتفع الجنيه الإسترليني لفترة وجيزة مقابل الدولار واليورو فور نشر البيانات، فيما لم تشهد أسعار السندات الحكومية تغيراً يُذكر.

تأثير فقدان الزخم وعدم اليقين على التوظيف

قال كبير الاقتصاديين في موقع التوظيف «إنديد»، جاك كيندي: «فقدان الزخم الأساسي في الاقتصاد، بالإضافة إلى عدم اليقين بشأن الموازنة، يؤثران سلباً على التوظيف. ومن المتوقع أن تشكل الزيادات المقررة في الحد الأدنى للأجور وتوسيع حقوق العمال مزيداً من التحديات أمام الطلب على العمالة في عام 2026، لا سيما في القطاعات ذات الأجور المنخفضة حيث انخفضت إعلانات الوظائف بالفعل بنسبة 9 في المائة على أساس سنوي».

توقعات بخفض سعر الفائدة

تتوقع الأسواق المالية بشكل شبه كامل خفض «بنك إنجلترا» سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية يوم الخميس، مع متابعة دقيقة لأي إشارات بشأن توقعات السياسة النقدية لعام 2026. ومن المتوقع أن تُظهر بيانات التضخم، المقرر صدورها يوم الأربعاء، تباطؤ المؤشر الرئيسي لنمو الأسعار في بريطانيا إلى 3.5 في المائة خلال نوفمبر مقارنةً بـ3.6 في المائة خلال أكتوبر، مع بقاء الرقم قريباً من ضعف هدف «بنك إنجلترا» البالغ 2 في المائة.