اتهامات يمنية لمناهج الحوثيين بتقويض التعليم

ملايين الأطفال تحت التعبئة الآيديولوجية

الجماعة الحوثية حولت المدارس العامة إلى مراكز لتجنيد الطلاب (إعلام محلي)
الجماعة الحوثية حولت المدارس العامة إلى مراكز لتجنيد الطلاب (إعلام محلي)
TT

اتهامات يمنية لمناهج الحوثيين بتقويض التعليم

الجماعة الحوثية حولت المدارس العامة إلى مراكز لتجنيد الطلاب (إعلام محلي)
الجماعة الحوثية حولت المدارس العامة إلى مراكز لتجنيد الطلاب (إعلام محلي)

يحذّر مهتمون بقطاع التعليم في اليمن من مخاطر غير مسبوقة تهدد هذا القطاع الحيوي، بعد أن حولت الجماعة الحوثية المدارس في مناطق سيطرتها إلى منصات لبث الطائفية والشحن الآيديولوجي، مستبدلة المناهج الوطنية المعتادة بمحتوى تعبوي يضرب قيم المواطنة والتعايش، وسط أزمة تعليمية تُعد من الأكثر تعقيداً على مستوى العالم.

وحسب تقارير «مؤسسة ألف لدعم وحماية التعليم»، وهي منظمة مستقلة غير حكومية، فإن اليمن يعيش كارثة تعليمية ممتدة، إذ جرى تعطيل العملية التعليمية على نحو واسع منذ سنوات الحرب، ما أدى إلى تهديد مباشر لمستقبل ملايين الأطفال.

وتشير المؤسسة، ومقرها اليمن، إلى أن ما يقرب من 2860 مدرسة، أي نحو 18في المائة من إجمالي مدارس البلاد، تضررت أو أُغلقت كلياً منذ بدء الصراع، ما اضطر آلاف التلاميذ للانتقال إلى مدارس بعيدة أو الالتحاق ببيئات تعليمية غير آمنة تفتقر لأبسط المقومات.

وتكشف المؤسسة أن نحو 4 ملايين طفل باتوا خارج مقاعد الدراسة؛ بينهم 1.5 مليون طفل نازح داخلياً يعيشون في مخيمات محرومة من المدارس والخدمات الأساسية، إضافة إلى 870 ألف طفل من ذوي الإعاقة يواجهون تحديات كبيرة تمنعهم من الالتحاق بالتعليم.

كما أدى انقطاع رواتب أكثر من 170 ألف معلم ومعلمة للسنة الثامنة على التوالي إلى تراجع كبير في جودة التعليم، فضلاً عن دفع شريحة واسعة من الكادر التربوي للبحث عن أعمال بديلة لتأمين مصادر دخل.

وترى المؤسسة أن هذه المؤشرات تعكس «أزمة تعليمية مركّبة» قد تمتد تبعاتها لجيل كامل، خصوصاً مع ارتفاع معدلات الأمية إلى 57 في المائة من السكان، مقارنة بمتوسط إقليمي لا يتجاوز 28 في المائة. وتؤكد أن هذا المستوى الخطير من الأمية «ينذر بكارثة معرفية قد تمتد لأجيال مقبلة».

وتلفت المؤسسة إلى أن الفتيات يعدّن الأكثر تأثراً بالتدهور التعليمي، حيث اضطر عدد كبير منهن لترك المدارس بسبب غياب المعلمات بعد توقف الرواتب، إضافة إلى انعدام الأمان والضغوط الاجتماعية، ما يجعل مستقبل النساء في اليمن مهدداً على المدى الطويل.

تهديد الهوية

جددت المؤسسة المعنية بالتعليم تحذيرها من عمليات «تسييس المناهج الدراسية» التي يجريها الحوثيون، عبر إدخال محتوى طائفي وآيديولوجي يخدم توجهاتهم الفكرية والسياسية على حساب القيم الوطنية الجامعة. وترى أن هذا التوجه «يقوّض حيادية التعليم، ويزرع الانقسام، ويهدد الهوية الوطنية المشتركة التي كانت تشكل إطاراً للتعايش الاجتماعي».

وتؤكد المؤسسة أن ملايين الأطفال يقفون اليوم على أعتاب مستقبل ضبابي، في ظل غياب التعليم الآمن والعادل والشامل، داعية كل أطراف النزاع إلى احترام حق الأطفال في التعليم والامتناع عن استهداف المدارس أو تحويلها إلى ثكنات أو مقرات عسكرية.

الطالبات يتسربن من التعليم بسبب قطع الحوثيين رواتب المعلمات (إعلام محلي)

وتطالب المؤسسة بإنهاء أزمة رواتب المعلمين فوراً، باعتبارها «شرطاً أساسياً لإعادة إطلاق العملية التعليمية»، مع ضرورة تبنّي آلية مستدامة لصرف الرواتب بعيداً عن التجاذبات السياسية. كما دعت إلى توفير تعليم مُنصف وشامل للفئات الأكثر هشاشة، بما في ذلك النازحون، وذوو الإعاقة، والفتيات، عبر توسيع برامج التعليم المخصص والدامج، وضمان بيئة مدرسية آمنة وداعمة نفسياً.

وتشدد المؤسسة على ضرورة الالتزام العالمي بـ«إعلان المدارس الآمنة» وإخلاء المدارس من المظاهر المسلحة، مؤكدة أهمية تعزيز دور الأسر والمجتمعات المحلية في حماية العملية التعليمية ومراقبة الانتهاكات، فضلاً عن دعم المبادرات المجتمعية التي تساعد على إبقاء المدارس عاملة.

دعوة للمانحين

طالبت المؤسسة الدول المانحة والمنظمات الدولية بزيادة الاستثمار في دعم التعليم في اليمن وتمويل برامج إعادة تأهيل المدارس، وتوفير المناهج، ودعم تدريب المعلمين، وتسهيل عودة الأطفال المتسربين إلى مقاعد الدراسة.

كما دعت وسائل الإعلام المحلية إلى تبنّي خطاب مهني يعزز قيم التعليم والهوية الوطنية، ويبتعد عن الخطابات التي تغذي الكراهية والاستقطاب.

وأكدت المؤسسة أنها ستواصل العمل على رصد الانتهاكات التعليمية وتوثيقها باستخدام الأدلة والمصادر المفتوحة، وإصدار تقارير دورية للدفاع عن حقوق الأطفال محلياً ودولياً.

وشددت المؤسسة على أن «إنقاذ التعليم في اليمن ليس خياراً ثانوياً، بل واجب وطني وإنساني عاجل»، وقالت إن «السلام الحقيقي يبدأ من المدرسة، وإن حماية الأطفال اليوم هي حماية لمستقبل اليمن».


مقالات ذات صلة

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، بجهود السعودية والإمارات في احتواء التصعيد وخفض التوتر بالمحافظات الشرقية

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)

موجة اعتقالات حوثية إضافية تطول 10 موظفين أمميين

صعّدت الجماعة الحوثية من حملتها ضد الأمم المتحدة ووكالاتها، باحتجازها عشرة من موظفي المنظمة اليمنيين ليرتفع العدد في معتقلات الجماعة إلى 69 موظفاً

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)

«مؤتمر صنعاء» يستكمل مسلسل رضوخه للحوثيين

استكمل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين مسار الرضوخ لإملاءات الجماعة حيث قام قادته بفصل الأمين العام وتعيين نائب بدلاً عن نجل صالح.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)

حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

عكست سلسلة لقاءات واتصالات أجراها سفير الولايات المتحدة مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، اتجاهاً أميركياً نحو تثبيت الشراكة واحتواء خلافات الشرعية.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الخنبشي: الحل الأمثل في حضرموت عودة قوات «الانتقالي» إلى مواقعها

الخنبشي: الحل الأمثل في حضرموت عودة قوات «الانتقالي» إلى مواقعها

أكد محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن العودة للقوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي إلى مواقعها السابقة تمثل الحل الأمثل لضمان الأمن والاستقرار في المحافظة.

«الشرق الأوسط» (المكلّا (حضرموت))

القيادات العراقية تدعو للإسراع بتشكيل العملية السياسية في البلاد

ضابط من القوات المسلحة العراقية يقف حارساً خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى الثامنة لانتصار العراق على تنظيم «داعش» (د.ب.أ)
ضابط من القوات المسلحة العراقية يقف حارساً خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى الثامنة لانتصار العراق على تنظيم «داعش» (د.ب.أ)
TT

القيادات العراقية تدعو للإسراع بتشكيل العملية السياسية في البلاد

ضابط من القوات المسلحة العراقية يقف حارساً خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى الثامنة لانتصار العراق على تنظيم «داعش» (د.ب.أ)
ضابط من القوات المسلحة العراقية يقف حارساً خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى الثامنة لانتصار العراق على تنظيم «داعش» (د.ب.أ)

دعا كبار القادة في العراق اليوم (السبت)، إلى الإسراع بتشكيل العملية السياسية الجديدة، واحترام المدد الدستورية، وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وفق ما نشرت «وكالة الانباء الألمانية».

وأكد القادة العراقيون، خلال حفل تأبين، ضرورة تشكيل حكومة تمثل جميع العراقيين قادرة على ترسيخ الأمن والاستقرار ومحاربة الفساد عبر شراكة حقيقية بين القوى السياسية وتغليب مصلحة الشعب العراقي بتمثيل أصواتهم وتحقيق تطلعاتهم.

ودعا الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، إلى تكاتف الجهود والمضي في تشكيل حكومة تمثل جميع العراقيين وقادرة على ترسيخ الأمن والاستقرار ومحاربة الفساد والارتقاء بمستوى المعيشة ونوعية الخدمة وتطور قطاعات التعليم والصحة وبقية القطاعات الأخرى.

بدوره، دعا رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايته محمد شياع السوداني، «القوى الوطنية إلى حسم الاستحقاقات الدستورية انطلاقاً من المسؤولية إزاء المصالح العليا للبلد بعد المشاركة الانتخابية الفاعلة».

ودعا رئيس البرلمان محمود المشهداني، إلى أن «مغادرة الخلافات السياسية ضرورة خلال المرحلة الراهنة، من أجل تحول العراق إلى دولة المواطنة»، مشدداً على «ضرورة الحفاظ على المكتسبات الوطنية، والإسراع بتشكيل الحكومة، والالتزام بالمدد الدستورية».

وقال رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم: «نحن اليوم أمام استحقاق وطني كبير يتمثل في تشكيل حكومة قوية وواعية لمتطلبات المرحلة وتداعياتها، حكومة يتشارك ويتحمل مسؤوليتها الجميع».

وأضاف أن «الاختلاف السياسي حاجة ضرورية، لكن تحويله إلى انقسام حاد يعطل المؤسسات، ويفتح المجال أمام التدخلات الخارجية».

ومن المنتظر أن يعقد البرلمان العراقي الجديد أولى جلساته يوم 29 من الشهر الحالي برئاسة أكبر الأعضاء سناً، وانتخاب رئيس جديد للبرلمان للسنوات الأربع المقبلة.

ولم تتضح بوصلة الاتفاقات بين الأطراف السياسية السنية حول تسمية مرشح لرئاسة البرلمان مثلما لم تتضح هذه الملامح داخل المكون الكردي لتسمية الشخص المؤهل لمنصب رئيس الجمهورية، فيما أعلن الإطار التنسيقي الشيعي أن تسمية المرشح لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة سيتم الإعلان عنه بعد انتهاء استحقاقات تسمية رئيس البرلمان والجمهورية، وهو ما يعني أن يتم ذلك بعد نحو 45 يوماً وفقاً للمدد الدستورية المحددة لتشكيل العملية السياسية وفقاً لنتائج الانتخابات التشريعية العراقية.


جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
TT

جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)

استكمل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين مسارَ الرضوخ لإملاءات الجماعة، وذلك بفصل الأمين العام للحزب، غازي علي الأحول، الذي لا يزال رهن الاعتقال، وتعيين شخصية مقرّبة من الجماعة نائباً لرئيس الحزب بديلاً عن أحمد علي صالح، نجل الرئيس اليمني الأسبق.

وعقدت اللجنة العامة (المكتب السياسي) لجناح الحزب اجتماعاً في صنعاء، الخميس، برئاسة صادق أمين أبو راس، رئيس الجناح في مناطق سيطرة الحوثيين، انتهى إلى اختيار عبد العزيز بن حبتور، الرئيس السابق لحكومة الحوثيين غير المعترف بها، نائباً لرئيس الحزب، في خطوة عُدّت استجابة مباشرة لمطالب حوثية علنية بعزل نجل الرئيس الأسبق، وتهديدات متكررة بإغلاق الحزب ومنع أنشطته.

جاء قرار إزاحة أحمد علي صالح بعد أسابيع من ضغوط متصاعدة مارستها الجماعة على قيادة جناح الحزب، شملت فرض قيود أمنية مشددة على تحركات رئيسه، وتهديدات بحل الحزب.


الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 5 فلسطينيين، الجمعة، في قصف إسرائيلي على مدرسة حوّلت إلى ملجأ، في حين قال الجيش إنه أطلق النار على «أفراد مشبوهين».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه تم «انتشال 5 شهداء جراء القصف الإسرائيلي لمركز إيواء مدرسة شهداء غزة» في حي التفاح، شرق مدينة غزة (شمال).

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية إن قواته «أطلقت النار على الأفراد المشتبه بهم للقضاء على التهديد»، مضيفاً أنه «على علم بالادعاء المتعلق بوقوع إصابات في المنطقة، والتفاصيل قيد المراجعة».