قضاء بنغلاديش يحكم بالإعدام على الشيخة حسينة

رئيسة الوزراء السابقة عدّت من منفاها قرار إدانتها بجرائم ضد الإنسانية «مسيّساً»

المدعي العام محمد تاج الإسلام يتحدث للصحافة بعد صدور الحكم بالإعدام ضد الشيخة حسينة في دكا الاثنين (رويترز)
المدعي العام محمد تاج الإسلام يتحدث للصحافة بعد صدور الحكم بالإعدام ضد الشيخة حسينة في دكا الاثنين (رويترز)
TT

قضاء بنغلاديش يحكم بالإعدام على الشيخة حسينة

المدعي العام محمد تاج الإسلام يتحدث للصحافة بعد صدور الحكم بالإعدام ضد الشيخة حسينة في دكا الاثنين (رويترز)
المدعي العام محمد تاج الإسلام يتحدث للصحافة بعد صدور الحكم بالإعدام ضد الشيخة حسينة في دكا الاثنين (رويترز)

أصدرت محكمة في بنغلاديش، الاثنين، حكماً بالإعدام على رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة لإدانتها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية على خلفية الحملة الأمنية الدامية ضد الانتفاضة الطلابية التي أطاحتها في أغسطس (آب) 2024، لكنّ المسؤولة السابقة الموجودة خارج بلدها رأت أن ثمة «دوافع سياسية» وراء القرار القضائي. ووجدت محكمة في العاصمة دكا في ختام جلسات المحاكمة التي استمرت 5 أشهر أن حسينة مذنبة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، من بينها التحريض على القتل والأمر به. وقال القاضي غلام مرتضى موزومدير الذي تولى النطق بالحكم إن «كل العناصر (...) المكوّنة للجريمة ضد الإنسانية متوافرة». وأضاف: «قررنا إنزال عقوبة واحدة بها هي الإعدام».

رئيسة الوزراء البنغلاديشية السابقة الشيخة حسينة (أرشيفية)

وما لبثت الشيخة حسينة التي دأبت على نفي الاتهامات بحقها أن أصدرت بياناً من منفاها الاختياري في الهند رأت فيه أن ثمة «دوافع سياسية» وراء الحكم، معتبرة أنه «متحيز» وصادر عن «محكمة غير قانونية، عينتها وترأستها حكومة غير منتخبة من دون تفويض ديمقراطي». وأضافت: «كان حكم الإدانة مُقرراً سلفاً». وأكدت أنها لا تخشى مواجهة مُتهميها «في محكمة محايدة تنظر في الأدلة بنزاهة».

وسقط 1400 قتيل على الأقل معظمهم مدنيون بحسب الأمم المتحدة، خلال الاحتجاجات الشعبية التي قادها طلاب في يوليو (تموز) وأغسطس (آب) 2024، وأجبرتها على الاستقالة ومغادرة البلد بعد 15 عاماً من إمساكها مقاليد السلطة فيه بيد من حديد. وكانت الأنظار تتجه إلى الحكم المرتقب على الشيخة حسينة وسط التشنّج السياسي الشديد في بنغلاديش، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها بعد ثلاثة أشهر.

رجال أمن أمام مقر المحكمة الجنائية الدولية في دكا قبل صدور حكم الإعدام ضد الشيخة حسينة الاثنين (أ.ف.ب)

«كبش محرقة»

وأشاد رئيس الحكومة المؤقتة الحائز جائزة نوبل للسلام محمد يونس بـ«الحكم التاريخي»، وحذر من أي «تصرف غير منضبط» أو «عمل (...) قد يُعدّ مخالفا للقانون». واستنفرت شرطة العاصمة، ونشرت عدداً كبيراً من عناصرها تولّوا إجراء عمليات تفتيش صارمة في محيط المحكمة وأقاموا حواجز في كل المواقع الرئيسية في المدينة، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي ختام جلسات المحاكمة، طلب المدعي العام في دكا تاج الدين إسلام الشهر الفائت عقوبة الإعدام للشيخة حسينة. وخاطب يومها هيئة المحكمة قائلاً: «نطالب بأقصى عقوبة. عقوبة الإعدام هي القاعدة في جرائم القتل البسيطة. أما بالنسبة لـ1400 جريمة قتل، فهي تستحق الإعدام 1400 مرة». وأضاف أنها «خبيرة في الإجرام ولم تُبدِ أي ندم على وحشيتها».

محمد أمير حسين المحامي المعين من قبل الدولة للشيخة حسينة يتحدث للصحافة بعد صدور حكم الإعدام ضد موكلته الاثنين (رويترز)

ونفت الشيخة حسينة في بيانها، الاثنين، صحة الأدلة التي قدمها فريق الادعاء ضدها، وأبرزها تسجيلات يُستشَّف منها أنها أذنت باستخدام «أسلحة قاتلة» ضد المحتجين. ووصفت رئيسة الوزراء السابقة هذه التسجيلات «مُجتزَأة ومُفرغة من سياقها». وأكدت أن «مسؤولي بنغلاديش تصرفوا (يومها) بحسن نية متوخين الإقلال إلى أقصى حدّ من الخسائر في الأرواح». كما انتهزت حسينة الفرصة لمهاجمة الحكومة التي يرأسها محمد يونس وتتولى السلطة حتى الانتخابات المقرر إجراؤها في فبراير (شباط) المقبل. وحملَت تحديداً على قرار الحكومة منع حزبها «رابطة عوامي» من المشاركة في الانتخابات. وقالت «هدفهم جعل (رابطة عوامي) كبش فداء لصرف انتباه العالم عن إخفاقاتهم».

أفراد الأمن يحرسون متظاهرين يحاولون هدم منزل الشيخ مجيب الرحمن أول رئيس لبنغلاديش ووالد رئيسة الوزراء الهاربة الشيخة حسينة الاثنين تزامناً مع صدور حكم بالإعدام ضدها (أ.ف.ب)

وطلبت بنغلاديش من الهند تسليمها حسينة التي فرّت إلى نيودلهي بعد الإطاحة بها. وقالت وزارة الخارجية في دكا في بيان: «نحضّ حكومة الهند على تسليم المدانَيْن (حسينة ووزير الداخلية السابق أسد الزمان الذي حُكم عليه بالإعدام) فوراً إلى السلطات البنغلاديشية»، معتبرة أن ذلك «مسؤولية ملزمة للهند». وحذّرت بنغلاديش من أن «منح اللجوء لهذين المدانين سيكون خطوة غير وديّة وإهانة للعدالة». من جانبها، أعلنت وزارة الخارجية الهندية أنها «أحاطت علماً بالحكم» الصادر بحق حسينة. وأضافت الوزارة في بيانٍ لم يتطرق بشكل مباشر إلى احتمال تسليم حسينة: «لا تزال الهند ملتزمة بمصالح شعب بنغلاديش العليا، بما في ذلك السلام والديمقراطية والشمولية والاستقرار».

إدانة وزير سابق

ويُعدّ الحزب الوطني البنغلاديشي الذي كان في المعارضة خلال حكم الشيخة حسينة الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات المقبلة. ورأى المحلل في منظمة «مجموعة الأزمات الدولية» غير الحكومية توماس كين أن «احتمال ترتيب الشيخة حسينة عودتها إلى بنغلاديش بات ضئيلاً جداً» عقب هذا الحكم. كذلك قضت المحكمة، الاثنين، غيابياً بإعدام وزير الداخلية السابق أسد الزمان خان كمال الفار من وجه العدالة. أمّا قائد الشرطة السابق شودري عبد الله المأمون الذي أوقِف وأقرّ بالذنب، فحُكِم عليه بالسجن 5 سنوات. ولا تقتصر المشاكل القضائية التي تواجهها الشيخة حسينة على هذه المحاكمة، بل تشمل كذلك شكاوى عدة تتعلق بجرائم القتل والاختطاف التي اتُّهمت بها طوال فترة توليها منصبها من قِبل خصومها السياسيين والمنظمات غير الحكومية. وقدّرت لجنة تحقيق أخيراً بأكثر من 250 عدد الشخصيات المعارضة التي شملتها هذه الجرائم. وجددت الشيخة حسينة، الاثنين، نفيها هذه الاتهامات، مؤكدة أنها «فخورة جداً» بسجلّ حكومتها «في مجال حقوق الإنسان والتنمية».



الحكم على رئيس الاستخبارات الباكستانية الأسبق بالسجن بعد محاكمة عسكرية

الفريق الركن فايز حميد الحليف المقرّب لرئيس الوزراء السابق عمران خان تولّى في السابق قيادة جهاز الاستخبارات الباكستانية القوي (أ.ب)
الفريق الركن فايز حميد الحليف المقرّب لرئيس الوزراء السابق عمران خان تولّى في السابق قيادة جهاز الاستخبارات الباكستانية القوي (أ.ب)
TT

الحكم على رئيس الاستخبارات الباكستانية الأسبق بالسجن بعد محاكمة عسكرية

الفريق الركن فايز حميد الحليف المقرّب لرئيس الوزراء السابق عمران خان تولّى في السابق قيادة جهاز الاستخبارات الباكستانية القوي (أ.ب)
الفريق الركن فايز حميد الحليف المقرّب لرئيس الوزراء السابق عمران خان تولّى في السابق قيادة جهاز الاستخبارات الباكستانية القوي (أ.ب)

أعلنت محكمة عسكرية باكستانية، الخميس، الحكم على الفريق أول فايز حميد، الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الباكستانية «آي إس آي»، بالسجن 14 عاماً، بعد إدانته بتهم تتعلق بالفساد والتدخل في السياسة وإساءة استخدام السلطة.

ويشكل الحكم لحظةً نادرةً في التاريخ السياسي الباكستاني، إذ إنها المرة الأولى التي يُحاكم فيها رئيس سابق لأقوى جهاز استخباراتي في البلاد ويُسجن على يد المؤسسة العسكرية نفسها.

ويُعدّ هذا التطور نهاية درامية لمسار صعود ضابط كان يُنظر إليه يوماً على أنه أحد أبرز مهندسي المشهد السياسي الداخلي، في بلد لطالما لعب فيه الجيش دور «صانع الملوك».

ووفق بيان رسمي لـ«إدارة العلاقات العامة» في الجيش، فقد اعتُقل حميد في أغسطس (آب) 2024، وأُدين بأربع تهم تشمل الانخراط في أنشطة سياسية، وانتهاك قانون الأسرار الرسمية، وإساءة استخدام موارد الدولة، والتسبب بخسائر مالية جسيمة. وحُكم عليه بالسجن مع «الأشغال الشاقة» وفق المصطلح القانوني الباكستاني.

ويرى محللون أن محاكمة حميد تأتي في سياق حملة متصاعدة ضد المقربين من رئيس الوزراء السابق عمران خان، الذي تولى السلطة بين 2018 و2022، وكان هو من اختار حميد لرئاسة الاستخبارات. ومنذ تسلّمه قيادة الجيش في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، يعمل المشير سيد عاصم منير على تعزيز نفوذه داخل المؤسسة العسكرية. فقد أقرّ البرلمان الشهر الماضي تعديلاً دستورياً يمنحه صلاحيات موسعة وحصانة قانونية مدى الحياة، واضعاً تحت سلطته مختلف أفرع الجيش، ومقلصاً دور القضاء الأعلى عبر نقل بعض الصلاحيات الرقابية إلى المؤسسة العسكرية.

ويرى داعمو التعديل أنه خطوة لاستقرار البلاد، بينما يصفه منتقدون بأنه تركيز غير مسبوق للسلطة. وقال محامي حميد، ميان علي أشفق، إنه يعتزم تقديم طعن بالحكم فور حصوله على نسخة رسمية من قرار المحكمة. وفي بيان الجيش، ورد أن محكمة عسكرية أخرى ستنظر في قضية منفصلة متعلقة باتهامات حول «إثارة اضطرابات سياسية بالتنسيق مع أطراف حزبية»، في إشارة يفهم منها أنها مرتبطة بالتحقيقات المستمرة في دور حميد المحتمل في احتجاجات مايو (أيار) 2023، عندما هاجم آلافٌ من أنصار عمران خان منشآت عسكرية عقب توقيفه.

كانت طموحات حميد السياسية، إذ لم يُخفِ سعيه لتولي منصب قائد الجيش - المنصب الأقوى في البلاد - قد أدت إلى توتر علاقته مع القيادة الحالية تحت إمرة المشير منير. وكان حميد أحد أربعة جنرالات مرشحين للمنصب في ذلك الحين.

كما تعود بعض الاتهامات ضده إلى فضيحة عقارية عام 2017 في إسلام آباد، حين اتُّهم مع شقيقه بمحاولة السيطرة على مشروع إسكان خاص من خلال اعتقال مالكه وابتزازه. وخلال فترة رئاسته للاستخبارات الباكستانية بين 2019 و2021، اكتسب حميد نفوذاً واسعاً، إذ طالته اتهامات المعارضة بتلفيق قضايا ضد خصوم الحكومة، والتدخل في إدارة شؤون الدولة من خلف الكواليس.

ويقول الصحافي والمحلل السياسي رضا رومي، المقيم في نيويورك، إن حميد كان يتصرف بـ«جرأة غير معتادة»، وإن محاكمته «تسلّط الضوء على مدى التجاوزات التي ظلت بلا مساءلة لسنوات».

ويرى مراقبون أن الحكم رسالة واضحة لكل من يفكر في تحدي المؤسسة العسكرية. ويقول عمر قريشي، كاتب الرأي في صحيفة «ذا نيوز» الباكستانية: «إنها رسالة قوية لأنصار عمران خان بألا يتوقعوا الإفراج عنه قريباً، وأن يتراجعوا عن الاحتجاجات الأخيرة. وهي أيضاً تحذير مباشر لضباط الجيش بضرورة الالتزام بالصف». ومنذ الإطاحة بعمران خان في تصويت بحجب الثقة عام 2022، ثم منعه من الترشح وسجنه العام الماضي، تشن المؤسسة العسكرية حملةً واسعةً ضدّه وضد أنصاره. ويقول خان إن التهم الموجهة إليه ذات دوافع سياسية، فيما يتهم هو ومؤيدوه المشير منير بانتهاج الأساليب ذاتها التي اتُّهم حميد باستخدامها سابقاً لدعم حكومة خان.

* خدمة «نيويورك تايمز»


أفغانستان: ناجٍ من تفجير يؤسس مصنع جوارب يمنح الأمل بتوظيف ذوي الإعاقة

مسعود خان يقوم بفرز الجوارب المصنوعة حديثاً تمهيداً لتعبئتها في ورشة عمل للجوارب يعمل بها بالكامل رجالٌ من ذوي الإعاقة في مدينة هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)
مسعود خان يقوم بفرز الجوارب المصنوعة حديثاً تمهيداً لتعبئتها في ورشة عمل للجوارب يعمل بها بالكامل رجالٌ من ذوي الإعاقة في مدينة هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

أفغانستان: ناجٍ من تفجير يؤسس مصنع جوارب يمنح الأمل بتوظيف ذوي الإعاقة

مسعود خان يقوم بفرز الجوارب المصنوعة حديثاً تمهيداً لتعبئتها في ورشة عمل للجوارب يعمل بها بالكامل رجالٌ من ذوي الإعاقة في مدينة هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)
مسعود خان يقوم بفرز الجوارب المصنوعة حديثاً تمهيداً لتعبئتها في ورشة عمل للجوارب يعمل بها بالكامل رجالٌ من ذوي الإعاقة في مدينة هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)

في غرفة صغيرة تتوسط مدينة هرات، الواقعة في أقصى الغرب الأفغاني، يدفع شهاب الدين نفسه بيديه فوق أرضية الورشة متجهاً نحو كومة من الجوارب التي خرجت لتوها من آلات النسج بانتظار الفرز والتغليف. شهاب الدين، البالغ من العمر 36 عاماً، وأب لأربعة أطفال، فقد ساقيه قبل نحو عقد عندما اجتاح انفجار عبوة ناسفة طريقه إبّان اشتداد النزاع بين القوات الأميركية وقوات «طالبان».

رجل الأعمال المحلي محمد أميري 35 عاماً الثاني من اليسار يضع ملصقاً على زوج من الجوارب أثناء عمله مع موظفيه وجميعهم من ذوي الاحتياجات الخاصة في ورشة إنتاج الجوارب الخاصة به في هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)

منذ ذلك الحين، يروي أنه عانى بطالة طويلة اضطرته إلى الاعتماد على أقاربه لتأمين احتياجات أسرته اليومية. لكن ورشةً جديدةً لإنتاج الجوارب في هرات، يديرها ويعمل فيها حصراً أشخاص من ذوي الإعاقة، فتحت أمامه باباً جديداً للأمل، وفق تقرير لـ«الأسوشييتد برس» الجمعة.

يقول شهاب الدين، الذي يستخدم اسماً واحداً على عادة كثير من الأفغان، خلال استراحة قصيرة في عمله مطلع ديسمبر (كانون الأول): «أصبحتُ معاقاً بسبب الانفجار. لقد بُترت ساقاي الاثنتان. واليوم أعمل في مصنع للجوارب، وأنا سعيد جداً لأنني حصلت على فرصة عمل هنا».

محمد عارف جعفري 40 عاماً يجهز كشكه لبيع جوارب مصنوعة في ورشة عمل يعمل بها بالكامل رجال من ذوي الإعاقة في هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)

هذه الورشة هي فكرة محمد أميري، البالغ من العمر 35 عاماً، وهو عامل بقالة سابق أصيب بإعاقة دائمة نتيجة شلل الأطفال في صغره، قبل نحو شهر فقط.

أطلق أميري المشروع بهدف تأمين فرص عمل ومصدر دخل لأشخاص ذوي إعاقة، خصوصاً أولئك الذين أُصيبوا أثناء الصراع ولا يملكون وسيلة أخرى للعيش. وتعاون أميري مع ناجٍ آخر من شلل الأطفال لتأسيس المصنع، الذي يضمّ عمالاً أصيبوا بإعاقات جراء إصابات حرب أو عوارض خلقية أو أسباب أخرى.

ويُنتج العمال أربعة أنواع من الجوارب؛ طويلة وقصيرة، صيفية وشتوية، ويقول أميري: «المصنع، الذي يتم تمويله ودعمه من أشخاص ذوي إعاقة، بدأ عمله الشهر الماضي، ويوفر الآن وظائف لنحو 50 شخصاً من ذوي الإعاقة. وهم منهمكون في الإنتاج والتغليف وبيع الجوارب داخل المدينة».

 

ارتفاع في معدلات الإعاقة

تشير تقارير دولية إلى أن عقوداً من الصراع وضعف المنظومة الصحية وتدهور الاقتصاد أسهمت في ارتفاع غير مسبوق لمعدلات الإعاقة في البلاد.

فبيانات «مؤسسة آسيا» لعام 2019 تظهر أن نحو 25 في المائة من البالغين يعانون من إعاقة خفيفة، في حين يعاني 40 في المائة من إعاقة متوسطة، و14 في المائة من إعاقة شديدة. وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول) (اليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة)، دعت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان إلى إدماج هؤلاء «في كل مراحل التخطيط وصنع القرار وتقديم الخدمات»، مؤكدةً أن «الأشخاص ذوي الإعاقة يجب ألا يكونوا في الهامش، بل جزء أساسي من المجتمع».

وتُعد أفغانستان واحدةً من بلدين فقط، إلى جانب باكستان، ما زال فيروس شلل الأطفال البري متوطناً فيه. هذا المرض المعدي قد يسبب أعراضاً شبيهةً بالإنفلونزا، لكنه في الحالات الشديدة يؤدي إلى الشلل والإعاقة والوفاة.

شهاب الدين مبتور الساقين منذ أن تسببت عبوة ناسفة مزروعة على جانب الطريق في بتر ساقيه قبل عقد من الزمان يقوم بفرز الجوارب المصنوعة حديثاً تمهيداً لتعبئتها في ورشة عمل للجوارب يعمل بها بالكامل رجال من ذوي الإعاقة في مدينة هرات غرب أفغانستان يوم الاثنين 8 ديسمبر 2025 (أ.ب)

وتقول وزارة شؤون المعاقين إن 189.635 شخص من ذوي الإعاقة مسجلون لديها ويتلقون دعماً مالياً من الحكومة. لكن أميري يؤكد أن مشروعه يواجه تحدياً كبيراً يتمثل في المنافسة مع الواردات الرخيصة من النسيج، معرباً عن أمله في أن توقف الحكومة استيراد الجوارب الأجنبية.

كما يأمل في الحصول على عقد لتزويد قوات الأمن الأفغانية بالجوارب، وفي توسيع المصنع ليضمّ 2000 عامل. ويضم المصنع حالياً عدداً من العائدين حديثاً إلى البلاد بعد سنوات طويلة من اللجوء.

من بينهم محمد عارف جعفري، البالغ 40 عاماً، وهو خريج اقتصاد وناجٍ من شلل الأطفال عاش سنوات في إيران، يقول جعفري: «عانيت كثيراً بسبب البطالة. لكن، ولحسن الحظ، صرتُ الآن قادراً على إنتاج أنواع مختلفة من الجوارب»، قال ذلك بينما كان يبيع منتجاته في السوق.


مقتل معلمتين بإطلاق نار نفّذه مسلحون مجهولون شمال غرب باكستان

يقود الركاب سياراتهم وسط ضباب كثيف بعد تلوث الهواء الشديد في إسلام آباد في 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
يقود الركاب سياراتهم وسط ضباب كثيف بعد تلوث الهواء الشديد في إسلام آباد في 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

مقتل معلمتين بإطلاق نار نفّذه مسلحون مجهولون شمال غرب باكستان

يقود الركاب سياراتهم وسط ضباب كثيف بعد تلوث الهواء الشديد في إسلام آباد في 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
يقود الركاب سياراتهم وسط ضباب كثيف بعد تلوث الهواء الشديد في إسلام آباد في 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

قُتلت معلمتان تعملان في القطاع الحكومي إثر تعرضهما لإطلاق نار على يد مسلحين مجهولين، الجمعة، في منطقة شارسده بإقليم خيبر بختونخواه شمال غرب باكستان.

في هذه الصورة الأرشيفية بتاريخ 21 يوليو 2020 يظهر رجل وهو يفتح تطبيق «تيك توك» على هاتفه المحمول في إسلام آباد باكستان (أ.ب)

وأوضحت الشرطة المحلية، في بيان، أن المسلحين الذين كانوا يستقلون دراجات نارية أطلقوا النار على الضحيتين أثناء توجههما إلى المدرسة التي تعملان فيها، مما أدى إلى وفاتهما على الفور. وفتحت فرق الشرطة تحقيقاً لتحديد هوية المنفذين ودوافع الاعتداء، دون إعلان أي جهة مسؤوليتها حتى الآن.

في غضون ذلك، حثت باكستان، الخميس، كبرى منصات التواصل الاجتماعي على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الحسابات المرتبطة بجماعات مسلحة، محذرةً من أن عدم القيام بذلك قد يفضي إلى إجراءات حكومية أكثر صرامةً أو ملاحقات قانونية.

هتف كشميريون بشعارات مناهضة للهند خلال احتجاج حافي القدمين في اليوم العالمي لحقوق الإنسان في مظفر آباد عاصمة كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية في 10 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وفي مؤتمر صحافي بإسلام آباد، قال نائب وزير الداخلية، طلال شودري، إن عشرات الحسابات على منصة «إكس» تعمل انطلاقاً من أفغانستان والهند المجاورتين وأماكن أخرى حول العالم، وتنشر محتوى متطرفاً وتقدم دعماً للجماعات المسلحة المحظورة. وعرض شودري ما وصفه بالأدلة الموثقة، وقال إن المسلحين يستفيدون من دعم داخل هذين البلدين.

ولم يصدر أي تعليق فوري من كابول أو نيودلهي.

وأكد شودري أن باكستان تشكل حالياً «جداراً بين الإرهابيين والعالم»، محذراً من أن الجماعات التي تعمل ضد باكستان قد تشكل في نهاية المطاف تهديداً لدول أخرى.

وأشار شودري إلى أن المحققين الباكستانيين حددوا مؤخراً ما لا يقل عن 19 حساباً على منصة «إكس» مرتبطة بمسلحين وتدار من الهند. وأضاف أن هناك أكثر من 20 حساباً آخر من هذا النوع نشطاً انطلاقاً من أفغانستان، بعضها يرتبط على ما يبدو بحكومة «طالبان» الأفغانية.