تقرير: مخطط «إي 1» الاستيطاني بلغ نقطة اللا عودة

يقسم الضفة إلى نصفين ويقطع التواصل الجغرافي ويمنع الدولة

صورة لجزء من مستوطنة «معاليه أدوميم» الإسرائيلية في الضفة الغربية في أغسطس 2025 (رويترز)
صورة لجزء من مستوطنة «معاليه أدوميم» الإسرائيلية في الضفة الغربية في أغسطس 2025 (رويترز)
TT

تقرير: مخطط «إي 1» الاستيطاني بلغ نقطة اللا عودة

صورة لجزء من مستوطنة «معاليه أدوميم» الإسرائيلية في الضفة الغربية في أغسطس 2025 (رويترز)
صورة لجزء من مستوطنة «معاليه أدوميم» الإسرائيلية في الضفة الغربية في أغسطس 2025 (رويترز)

قال تقرير حقوقي إن الاستيطان المتسارع، شرق القدس، ضمن مخطط «إي 1» المثير للجدل، أصبح يشكل تصعيداً خطيراً، ويهدد بقطع الضفة الغربية إلى نصفين، بطريقة تمنع التواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية المرجوة، ويحول البلدات والتجمعات في الضفة إلى فسيفساء معزولة تحت الزحف الاستعماري.

وجاء في التقرير الذي نشرته «منظمة البيدر» الحقوقية، السبت، أن مستوطنين شرعوا مؤخراً بإقامة بؤرة استعمارية جديدة على أراضي بلدة عناتا، قرب تجمعي أبو غالية والعراعرة البدويين، بالتوازي مع تحركات مشابهة في أراضي حزما وجبع شمال شرق القدس، في إطار مشروع استعماري ممنهج.

وقالت المنظمة إن ما يحدث يستهدف بلدات عناتا وحزما وجبع والتجمعات البدوية المحيطة بطريقة تهدف لتغيير الجغرافيا الفلسطينية بشكل يهدد التواصل الجغرافي في الضفة.

وأضافت: «هذه التحركات تأتي في سياق مخطط (E1) الرامي لربط مستوطنة (معاليه أدوميم) بمدينة القدس، بما يعني عملياً قطع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وجنوبها، وإحاطة القدس الشرقية بطوق استعماري يخنق أي إمكانية مستقبلية لجعلها عاصمة لدولة فلسطينية مستقلة».

وأكدت المنظمة أن بلدات عناتا وحزما وجبع، إضافة إلى التجمعات البدوية المنتشرة فيها، تقع في قلب المنطقة الممتدة بين شمال شرق وشرق القدس ومستوطنة «معاليه أدوميم»، وتشكل المعبر الوحيد الذي يربط شمال الضفة بجنوبها، وهذا يجعل الأنشطة الاستعمارية الأخيرة أكثر خطورةً.

ومخطط «E1»، الذي يمتد على نحو 12 كيلومتراً مربعاً، طُرح منذ تسعينات القرن الماضي لكنه واجه اعتراضاً دولياً واسعاً، فيما يجري اليوم تنفيذه تدريجياً عبر إنشاء بؤر صغيرة غير معلنة، تمهيداً لربطها بالطرق الالتفافية ومعسكرات وحواجز عسكرية، بما يؤدي إلى عزل القدس الشرقية وترك التجمعات البدوية محاصرة كجزر منفصلة.

وتم رصد هذه الخطوات بعدما نجح وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، قبل نهاية أغسطس (آب) 2025 بجلب موافقة نهائية لمشروع «إي 1»، وأعلن أن الخطة التي ظلت مجمدة لعقود، حصلت على الضوء الأخضر رسمياً من اللجنة العليا للتخطيط التابعة للإدارة المدنية، التابعة لوزارة الدفاع.

ووصف سموتريتش، الذي يشغل أيضاً منصباً وزارياً في وزارة الدفاع يمنحه سلطة واسعة في بناء المستوطنات، القرار، بأنه «تاريخي». كما وصف خطة البناء بأنها «خطوة مهمة تُبدد عملياً وهْم الدولتين، وتُرسّخ قبضة الشعب اليهودي على قلب أرض إسرائيل». وأضاف: «إن الدولة الفلسطينية تُمحى من على الطاولة ليس بالشعارات، بل بالأفعال. كل مستوطنة، كل حي، كل وحدة سكنية هي مسمار آخر في نعش هذه الفكرة الخطيرة».

المشروع الذي يعدّ أهم مشروع استيطاني في العقود الأخيرة يؤدي فعلياً إلى تقسيم الضفة الغربية إلى نصفين.

وستربط الخطة، مدينة القدس، بمستوطنة «معاليه أدوميم» الضخمة وسط الضفة. وقالت منظمة «بتسليم» الإسرائيلية إن المشروع يُهدد بشدة إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقبلية، ويعزز «دولة فصل عنصري ثنائية القومية».

ووصفت «منظمة البيدر» ما يجري الآن في المنطقة بأنه يشكل «نقطة اللا عودة» في مسار حل الدولتين، إذ سيؤدي ربط مستوطنة «معاليه أدوميم» بالقدس عبر عناتا وحزما وجبع والتجمعات البدوية المحيطة بها إلى فصل الضفة الغربية إلى منطقتين معزولتين، وتقويض إمكانية قيام دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي.

وقالت المنظمة إن سكان التجمعات البدوية في المنطقة يعتمدون على الزراعة والرعي مصدر رزق رئيسياً، ومع تصاعد النشاط الاستعماري يجري منعهم من الوصول إلى أراضيهم، والاستيلاء على مساحات واسعة بذريعة «أراضي دولة» أو «مناطق تدريب عسكري»، إضافة إلى هدم المنازل والمنشآت بحجة البناء غير المرخص، في سياسة ترحيل تدريجي تخالف اتفاقية جنيف الرابعة.

ودعت «منظمة البيدر» الحقوقية إلى توثيق وتحديث الخرائط الميدانية لإظهار الترابط بين البؤر الاستعمارية الجديدة ومخطط «1E»، والتحرك الدولي العاجل لوقف المشروع وفرض تجميد فوري للبناء الاستعماري، شرق القدس، وحماية التجمعات البدوية عبر توفير دعم قانوني وإنساني عاجل، وتفعيل الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بتاريخ يوليو (تموز) 2024 والضغط لفرض عقوبات على الجهات المنفذة للمشاريع في الأراضي المحتلة.

وأكدت أن ما يجري في عناتا وحزما وجبع ومحيط التجمعات البدوية جزءٌ من مخطط يستهدف إعادة رسم خريطة الضفة الغربية وفق المصالح الإسرائيلية، بما يحوّل البلدات والتجمعات إلى فسيفساء معزولة تحت الزحف الاستعماري، ويضعف فرص تطبيق حل الدولتين.


مقالات ذات صلة

سكان مخيم نور شمس جمعوا صوراً وألعاباً وأثاثاً قبل هدم إسرائيل منازلهم

المشرق العربي فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

سكان مخيم نور شمس جمعوا صوراً وألعاباً وأثاثاً قبل هدم إسرائيل منازلهم

عاد العشرات من سكان مخيم نور شمس للاجئين في الضفة الغربية المحتلة بعد تهجيرهم منه قسراً، لاستعادة متعلّقاتهم الشخصية الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
الخليج شددت منظمة التعاون الإسلامي على أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من أرض دولة فلسطين (واس)

تحذير إسلامي من خطورة استمرار جرائم إسرائيل في الضفة

شددت منظمة التعاون الإسلامي، الأربعاء، على رفضها وإدانتها لأي محاولات لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (جدة)
المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي في مدينة طولكرم بالضفة الغربية (أ.ب) play-circle

حملة اعتقالات ومداهمات إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية

شن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

«الشرق الأوسط» (رام الله) نظير مجلي (تل أبيب)
الخليج جندي إسرائيلي يقف لحماية المشاركين في جولة أسبوعية للمستوطنين في الخليل بالضفة الغربية المحتلة (أرشيفية - رويترز)

السعودية تُدين مصادقة إسرائيل على بناء وحدات استيطانية جديدة في الضفة الغربية

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة المملكة العربية السعودية ومصادقتها القاطعة لقرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي القاضي ببناء 19 وحدة استيطانية جديدة في الضفة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي جندي إسرائيلي يصوّب سلاحه خلال دورية في رام الله (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل فلسطينيين في الضفة الغربية

قتل فلسطينيان بالرصاص في غضون أقل من 24 ساعة تزامناً مع استمرار الاعتقالات والاعتداءات.

«الشرق الأوسط» (غزة)

العراق يرحب بإلغاء «تفويض القوة» الأميركي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره العراقي فؤاد حسين في واشنطن أبريل 2025 (إعلام حكومي)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره العراقي فؤاد حسين في واشنطن أبريل 2025 (إعلام حكومي)
TT

العراق يرحب بإلغاء «تفويض القوة» الأميركي

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره العراقي فؤاد حسين في واشنطن أبريل 2025 (إعلام حكومي)
وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره العراقي فؤاد حسين في واشنطن أبريل 2025 (إعلام حكومي)

ألغى «الكونغرس» الأميركي تفويض استخدام القوة العسكرية ضد العراق. وذكرت وزارة الخارجية العراقية أن القرار تاريخي و«يعزز احترام السيادة»، في حين عَدّ مستشار حكومي أن العلاقة بين البلدين انتقلت من الصراع إلى الشراكة.

وأقرّت الولايات المتحدة، مساء الأربعاء، مشروع قانون موازنة الدفاع الوطني بقيمة 901 مليار دولار، وجرت إحالته إلى الرئيس دونالد ترمب، ويتضمن فقرة تُلغي تفويض استخدام القوة العسكرية ضد العراق. واستمرت هذه الصلاحيات لفترة طويلة، على الرغم من تغيّر الظروف الأمنية والسياسية بالمنطقة. وجاءت مصادقة المجلس بأغلبية 77 صوتاً مؤيداً، مقابل 20 صوتاً معارضاً على موازنة الدفاع السنوية للبلاد. ومن أهم الفقرات في مشروع القانون الحساس هذا هو الإلغاء الرسمي لـ«تفويض استخدام القوة العسكرية (AUMF)» الذي مُنح للحكومة الأميركية في عاميْ 1991 و2002 لحربَي الخليج والعراق.

وأعربت وزارة الخارجية، في بيان صحافي، عن ترحيبها بـ«التصويت التاريخيّ للكونغرس، بمجلسي النوّاب والشيوخ، على إلغاء تفويضَي استخدام القوّة العسكريّة ضدّ العراق لعاميْ 1991 و2002، وتتطلّع الوزارة إلى مصادقة الرئيس دونالد ترمب على مشروع القانون».

وبيّنت أن «استكمال مراحل إلغاء تفويضي استخدام القوّة العسكريّة المذكوريْن، اللذين مضى عليهما أكثر من ثلاثين عاماً، يشير إلى تغيّر قناعات المشرّعين الأميركيين لعددٍ من الاعتبارات الداخليّة والخارجيّة».

مبنى الكونغرس الأميركي في واشنطن (رويترز-أرشيفية)

وأضافت أن «هذا الإلغاء يُعد نقطةَ تحول جوهريّة في تغيير الطابع القانونيّ للعلاقة بين البلدين، ويؤسّس لشكلٍ جديدٍ من العلاقات قائمٍ على احترام سيادة العراق وإنهاء إرث الحرب، فضلاً عن تعزيز إطار الشراكة الاستراتيجيّة، بما يبعث رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أنّ العراق أصبح بيئةً آمنةً وجاذبةً للاستثمار».

وأكدت الوزارة أن «إلغاء تفويضي استخدام القوة العسكريّة لا يقوّض جهود مكافحة الإرهاب، إذ إن تفويض استخدام القوّة العسكريّة لعام 2001، الخاصّ بمكافحة الإرهاب والصادر عقب أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، لمواجهة تهديدات (تنظيم القاعدة) والتنظيمات الإرهابيّة الأخرى المرتبطة به، لا يزال نافذاً».

وشددت الوزارة على «التزام حكومة جمهوريّة العراق بتعزيز العلاقات الثنائيّة بما يسهم في بناء شراكةٍ طويلة الأمد تخدم مصالح البلدين الصديقين وتدعم استقرار منطقة الشرق الأوسط».

من الصراع إلى الشراكة

بدوره، أكد مستشار رئيس الوزراء للشؤون الخارجية، فرهاد علاء الدين، الخميس، أن قرار الولايات المتحدة إلغاء التفويض باستخدام القوة ضد العراق يؤكد أن البلاد، اليوم، ذات سيادة كاملة ويعني انتقال العلاقة من «الصراع» إلى «الشراكة»، وفق وكالة «شفق نيوز».

وقال علاء الدين إن «القرار يمثّل تحولاً واضحاً في طبيعة العلاقة بين بغداد وواشنطن، من منطق الصراع والمواجهة إلى منطق الشراكة والتعاون القائم على الاحترام المتبادل».

وأضاف أن «القرار على الصعيد الأمني يعزز مبدأ السيادة الوطنية، ويدعم الاستقرار السياسي، ويكرّس مسار العلاقة الطبيعية بين العراق والولايات المتحدة، بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة».

مهمة سافايا

على الصعيد السياسي، كتب مارك سافايا، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على منصة «إكس»، الخميس، أنه التقى عضو الكونغرس الأميركي جو ويلسون، وكان «اجتماعاً رائعاً».

ويتردد في أوساط سياسية عراقية أن سافايا يستعد لزيارة العراق مع وفد يمثل مؤسسات حكومية أميركية، في مهمةٍ تهدف إلى عزل العراق عن النفوذ الإيراني في المنطقة، كما يقول المبعوث الأميركي.

ونشر النائب الأميركي جو ويلسون صورةً جمعته بمبعوث ترمب، وهما يحملان العَلم العراقي، في حين ظهر وراءهما العَلم الأميركي، وإلى جانبه العَلم السوري الجديد.

وقال سافايا، في منشوره: «سنجعل العراق عظيماً مرة أخرى».

من جهته، كتب ويلسون، على منصة «إكس»، أنه «يتطلع بشغفٍ للعمل مع المبعوث الخاص من أجل تحقيق الازدهار للعراق وتحريره من إيران»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد مَن هو أجدر منه للعمل على هذه القضية لصالح الرئيس ترمب».


مصير الانتخابات النيابية اللبنانية معلّق على لائحة الانتظار الدولي

لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)
لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)
TT

مصير الانتخابات النيابية اللبنانية معلّق على لائحة الانتظار الدولي

لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)
لبنانية ترفع إصبعها بعد اقتراعها بالانتخابات المحلية في بيروت 2025 (إ.ب.أ)

يترقب اللبنانيون بفارغ الصبر ما سيؤول إليه اللقاء بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لمعرفة ما إذا كان الضغط الأميركي لاعتماد الحل الدبلوماسي مع سوريا سينسحب على لبنان، أم أن تل أبيب ستكون طليقة اليد لتوسعة الحرب استباقاً لنهاية العام الحالي، وهو الموعد المحدد لإتمام الجيش سيطرته على كامل جنوب الليطاني، تمهيداً لاستكمال تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة بدءاً من شماله.

وفي ظلّ ذلك الترقّب، واصل الجانب الإسرائيلي ضغطه بالنار لتمرير رسالة للاجتماع التحضيري الذي استضافته باريس، الخميس، للمؤتمر الدولي الخاص بتوفير الدعم للمؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية، ومن خلاله للجنة الـ«ميكانيزم» في اجتماعها المنتظر في الناقورة الجمعة، وعلى جدول أعمالها تقييم ما أنجزه الجيش في مرحلته الأولى من الخطة التي وضعتها قيادته وتبنّتها الحكومة.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

في هذه الأثناء، بات التأجيل التقني لإجراء الانتخابات النيابية يتقدم بخطوات حثيثة، على إنجازها في موعدها في ربيع 2026، في موازاة تصاعد الحديث عن احتمال التمديد للبرلمان الحالي لسنتين على الأقل، وإن كان العائق لتحقيق ذلك يكمن في إيجاد من يتزعّم الدعوة لوضعه موضع التنفيذ، ومن يتحمّل مسؤولية عدم التقيد بالمواعيد الدستورية، كون الانتخابات تشكل محطة، من وجهة نظر المجتمع الدولي، لإحداث تغيير في البرلمان يؤدي لتقليص نفوذ «حزب الله»، ترجمةً لتراجع «محور الممانعة» بقيادة إيران في الإقليم.

شبه إجماع على التأجيل التقني

والتأجيل التقني للانتخابات، يكاد تجمع عليه معظم الكتل النيابية، في مقابل التمديد الذي لا يزال موضع تداول همساً وتحت الطاولة، لأن أحداً من الكتل النيابة، لا يملك الجرأة للمطالبة به أمام المحازبين... ورغم أن استكمال تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة يتقدم على إجراء الانتخابات النيابية، كما تقول مصادر سياسية بارزة لـ«الشرق الأوسط»، استناداً لما لمسه معظم المعنيين بإنجاز الاستحقاق النيابي في موعده في لقاءاتهم مع الموفدين الدوليين إلى بيروت، فإن هؤلاء يتطرقون إلى مسألة التأجيل التقني عرضاً مبدين تفهمهم لمؤيديه بذريعة أنه ضرورة لاحترام المهل الدستورية، بدءاً بتوجيه الدعوات للهيئات الناخبة للاشتراك في العملية الانتخابية.

ولفتت المصادر إلى أن هؤلاء الموفدين، وإن كانوا يحرصون في لقاءاتهم على الاستفسار عن الأسباب التي تؤخر التوافق على قانون الانتخاب الذي ستجري على أساسه الانتخابات، فإنهم في المقابل يحتفظون لأنفسهم بكلمة السر، ويكتفون بأخذ العلم بتعدد الآراء في هذا الخصوص، من دون أن يحسموا موقفهم منها، سلباً أو إيجاباً.

دفع دبلوماسي لإجراء الانتخابات

وقالت إن المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إلى بيروت، جان إيف لودريان، في زيارته الأخيرة، شدد في لقاءاته على وجوب إجراء الانتخابات، وإن كان قد تحدث موحياً بأن الأولوية تبقى لتطبيق حصرية السلاح، وتوفير الأجواء لإتمامها بنزع سلاح «حزب الله» لرفع الضغوط عن اللبنانيين بعيداً عن تدخل الحزب لتجديد شرعيته في الشارع الشيعي.

الرئيس اللبناني جوزيف عون (يمين) مجتمعاً مع المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان يوم 8 ديسمبر في قصر بعبدا الرئاسي وإلى جانبه السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه مارغو (الرئاسة اللبنانية)

كما أكدت أن السفير الأميركي لدى لبنان، ميشال عيسى، ليس بعيداً عن موقف لودريان. وقالت إن الاستحقاق النيابي بات محكوماً بالتوافق على تأجيله لشهرين أو أكثر لدواعٍ تقنية، وهذا يبقى معلقاً على قرار يُتخذ في الداخل، لكن التمديد للبرلمان بحاجة إلى قرار خارجي بـ«تطنيش» المجتمع الدولي عن ممارسة الضغط لمنعه، وبالتالي توفير الغطاء السياسي لترحيل الانتخابات لأمد بعيد، لأن القوى المحلية لا تملك الجرأة السياسية لمواجهة اللبنانيين الذين يتحضرون للمشاركة في السباق الانتخابي لإحداث تغيير في ميزان القوى بانتخاب مجلس نيابي جديد، يأخذ على عاتقه إخراج لبنان من التأزم الذي يرفع من منسوب تردي أوضاعهم المعيشية والاقتصادية.

قتال سياسي لإجراء الانتخابات

ورأت المصادر نفسها، أن رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون ومعه رئيس الحكومة نواف سلام، يقاتلان سياسياً لإجراء الانتخابات في موعدها، وهما لا يمانعان تأجيلها تقنياً بذريعة أن انقضاء المهل لم يعد يسمح بإنجازها في موعدها، نظراً لأن القانون الذي ستجري على أساسه بحاجة إلى تعديل، سواء بالنسبة للقانون النافذ الذي يتمسك به رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ويصر بموجبه على إجراء الانتخابات بلا أي تأخير في موعدها، أو الذي يطالب به خصومه بدعوتهم لاعتماد مشروع القانون المعجل الذي أحالته الحكومة على البرلمان وينص على شطب المادتين 112 و122 من القانون الحالي، بما يسمح للمغتربين بالاقتراع من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، بخلاف ما نص عليه القانون النافذ.

واستغربت المصادر ما أخذ يشيّعه البعض بأن سلام يراهن على تأجيل الانتخابات لتمديد عمر حكومته، لأنها ستُعتبر مستقيلة فور إجراء الانتخابات. وسألت ما المانع من إحراجه بإتمامها في موعدها؟وبالتالي، فإن الكرة الآن في ملعب البرلمان بغياب التوافق على تسوية حول القانون الذي هو من صلاحية السلطة التشريعية، والهروب إلى الأمام لن يبدّل من واقع الحال، والدور المطلوب من المجلس النيابي في هذا الخصوص.

لائحة الانتظار الدولية

لذلك، فإن المبارزة بين الكتل حول القانون لا تعفيها من مسؤوليتها التشريعية بالتوافق على تسوية لإخراج التعديلات من التجاذبات التي بلغت ذروتها مع مواصلة رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، حملاته على الرئيس بري، متهماً إياه بوضع يده على البرلمان، سيما وأنها اتسمت أخيراً بطابع التحدي، فيما مصادر نيابية محسوبة على «الثنائي الشيعي» تتعامل مع هجومه، من زاوية أنه يشد عصبه في الشارع المسيحي بتأييده لاقتراع المغتربين لـ128 نائباً لحشر خصمه رئيس «التيار الوطني الحر»، النائب جبران باسيل، الذي هو على توافق مع «الثنائي الشيعي».

لكن الجلسة التشريعية أدت إلى خلط الأوراق، فالنصاب القانوني لانعقادها لم يكن ليتأمن لو لم تشارك فيها كتلتا «اللقاء الديمقراطي» برئاسة رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي»، تيمور وليد جنبلاط، و«الاعتدال الوطني»، واللتان هما على تفاهم مع خصوم بري في مسألة اقتراع المغتربين من مقر إقامتهم لـ128 نائباً، لكن خلافهما مع جعجع يكمن في أنهما لا يقاطعان الجلسات النيابية المخصصة للتشريع.

وعليه، فإن مصير إجراء الانتخابات سيبقى مدرجاً على لائحة الانتظار المحكومة بالحراك الدولي الذي له اليد الطولى في حسم مصيرها، بإنجازها في موعدها أو ترحيلها إلى موعد آخر، انطلاقاً من أن القرار في كلتا الحالتين، هو في يد الخارج، فيما العامل الداخلي ليس في الموقع المقرِّر الذي يسمح له بحسمها، ويبقى دوره معلقاً على تأجيلها تقنياً.


إصابة 3 فلسطينيين بنيران إسرائيلية في قطاع غزة

فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبانٍ دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية في مدينة غزة، 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبانٍ دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية في مدينة غزة، 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

إصابة 3 فلسطينيين بنيران إسرائيلية في قطاع غزة

فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبانٍ دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية في مدينة غزة، 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون في شارع محاط بمبانٍ دُمّرت خلال العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية في مدينة غزة، 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

أصيب ثلاثة مواطنين فلسطينيين، اليوم الخميس، برصاص القوات الإسرائيلية في خان يونس ومدينة غزة.

وذكرت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية «وفا»، أن «مواطنَين أصيبا بجروح برصاص الاحتلال في بلدة بني سهيلا شرقي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة».

وأضافت أن «فتى أصيب برصاص الاحتلال شرق حي التفاح شرق مدينة غزة».

ووفق الوكالة، «بلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 395 شهيداً، و1088 مصاباً، وجرى انتشال 634 جثماناً».

إصابة جندي إسرائيلي

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي عن إصابة جندي من قوات الاحتياط بجروح طفيفة في وقت سابق من يوم الخميس، جراء رصاصة طائشة أُطلقت من خارج منطقة سيطرة عملياته في شمال قطاع غزة.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه نقل الجندي المصاب إلى المستشفى لتلقي العلاج.