على الرغم من تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على النسخة الجديدة من قانون «الإجراءات الجنائية»، فإن الجدل المجتمعي ما زال مستمراً، بين مؤيدين يرون أن «القانون حقق مكاسب حقوقية غير مسبوقة»، وآخرين يرون أنه «يضم مواد تنتقص من حقوق المتهمين».
ووافق السيسي، الأربعاء الماضي، على النسخة الجديدة من القانون، عقب تعديلات أجراها مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) على القانون، بسبب اعتراض الرئيس في وقت سابق.
وبحسب بيان للرئاسة المصرية، حينها، صدّق السيسي على النسخة الجديدة، بعدما قام مجلس النواب بالموافقة على تعديل المواد التي سبق أن اعترض عليها الرئيس السيسي بما «يتلافى أسباب الاعتراض»، ويزيد من «الضمانات المقررة لحماية الحقوق والحريات العامة، ويستجيب لاعتبارات الواقع العملي، ويحقق إحكام الصياغة وغايات الوضوح التشريعي، ويحول دون وقوع اختلاف في التفسير أو إشكاليات في التطبيق».
وكان مجلس النواب قد وافق على قانون «الإجراءات الجنائية» في نسخة جديدة تضمنت تعديل 8 مواد اعترض عليها السيسي. وشهدت الجلسة حينها اعتراض وانسحاب عدد من النواب.
وسيبدأ تطبيق القانون الجديد مع بداية العام القضائي مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2026. وقال أمين التنظيم بحزب «الجيل الديمقراطي»، أحمد محسن قاسم، في تصريحات صحافية، الجمعة، إن «تصديق السيسي على القانون يمثل بداية عهد جديد للمنظومة القضائية المصرية ويرسخ لمفهوم العدالة الناجزة»، مؤكداً أن القانون «خطوة بالغة الأهمية في تحقيق التوازن بين متطلبات العدالة وحقوق الإنسان».
وأكدت عضوة مجلس النواب المصري، أمل سلامة، أن «تصديق السيسي على القانون يمثل مرحلة جديدة في تطوير منظومة العدالة بمصر»، وقالت في تصريحات صحافية، الجمعة، إن «القانون الجديد يرسخ لمفهوم العدالة السريعة والمنصفة، ويعالج ثغرات تشريعية استمرت سنوات طويلة».

واعتبرت الرئاسة المصرية في بيانها، الأربعاء الماضي، أن النسخة التي صدّق عليها السيسي، تمثل «إضافة مهمة للضمانات المقررة لحماية حقوق الإنسان سواء لشخصه أو لمسكنه، وتقلل من اللجوء إلى الحبس الاحتياطي، وتزيد من سرعة إنجاز تحقيقات النيابة العامة وإجراءات المحاكمة، وتكفل في الوقت ذاته ضمانات المحاكمة المنصفة».
في حين يرى المقرر المساعد لـ«لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة» في «الحوار الوطني» المصري، أحمد راغب، أنه «يمكن تعديل القانون مرة أخرى»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «القانون شهد اعتراضات قبل إقراره وخلال مراحل مناقشته، وربما تأتي لحظة سياسية مواتية لتعديله خلال مجلس النواب القادم».

وأكد راغب أن «النسخة التي تم التصديق عليها من القانون حولت الأوضاع الاستثنائية إلى طبيعية، وقوضت الكثير من حقوق المتهمين ومبادئ حقوق الإنسان بشكل عام، كما أن العديد من مواد القانون بها شبهة عدم دستورية»، وفق رأيه، لكنه أشار أيضاً إلى أن «النسخة التي صدّق عليها السيسي أفضل كثيراً من النسخة التي سبق أن أعادها إلى مجلس النواب معترضاً على بعض موادها».
وشهدت جلسات مجلس النواب خلال مراحل مناقشة القانون اعتراضات واسعة من نواب عديدين، كما شهدت جلسة المجلس، منتصف أكتوبر، التي أقر خلالها النسخة الأخيرة من القانون، انسحاب عدد من نواب المعارضة اعتراضاً على بعض مواد القانون.
وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر، عصام شيحة، إن القانون الجديد حقق الكثير من المطالب الحقوقية، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «النسخة الأخيرة من القانون حققت نحو 90 في المائة من المأمول، وهي نسبة كبيرة، ورسخ لضمانات حقوقية كثيرة».
وبشأن الجدل المستمر حول القانون على الرغم من التصديق عليه، أوضح شيحة أنه «لا يوجد قانون في أي بلد بالعالم يحظى بتوافق مجتمعي كامل».



