تعثر المرحلة الثانية يضع غزة أمام شبح «استئناف الحرب»

مصدر «حماس» لـ«الشرق الأوسط»: الرد على التعنت الإسرائيلي سيكون بإجماع فلسطيني... ولن نسمح لها بأن تعمل بحُرية أمنية

TT

تعثر المرحلة الثانية يضع غزة أمام شبح «استئناف الحرب»

رجل فلسطيني يتحدث إلى صبي يجلس على صاروخ غير منفجر في حي الرمال بمدينة غزة يوم الأربعاء (أ.ف.ب)
رجل فلسطيني يتحدث إلى صبي يجلس على صاروخ غير منفجر في حي الرمال بمدينة غزة يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

لا يزال التعثر سائداً بشان الانتقال للمرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في قطاع غزة، ما يعزز المخاوف من استئناف الحرب.

وتتمسك إسرائيل بتسليم «حماس» ما تبقى من جثث المختطفين (4 أشخاص)، واتخاذ خطوات واضحة بشأن حكم القطاع، وتسليم سلاح الفصائل الفلسطينية، وأن تبدأ عملية الإعمار في مناطق خاضعة لسيطرتها، وهي قضايا ترتبط بشكل أساسي باستكمال عملية انسحابها إلى ما خلف الخط الأصفر.

وفي مواجهة تلك المواقف الإسرائيلية، قدّرت مصادر من حركتي «حماس» و«الجهاد» أن استمرار تلك الأوضاع يدفع باتجاه ما تريده إسرائيل من استمرار الحرب، خاصة في ظل سيطرة القوات الإسرائيلية على أكثر من 53 في المائة من مساحة غزة، وهي المناطق الواقعة خلف الخط الأصفر المشار إليه على أنه خط انسحاب أولي، وتغلق معبر رفح، وتقنّن دخول المساعدات الإنسانية.

أزمة الجثث

وتشرح مصادر ميدانية من الفصائل الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن هناك صعوبات كبيرة أمام استكمال عملية البحث عن الجثث المتبقية، وقد تستغرق وقتاً طويلاً، كاشفة أن هناك جثة واحدة على الأقل لدى «الجهاد»، بينما تسود الشكوك بشأن جثة أخرى لدى «القسام».

وأكدت المصادر أن الجثتين المتبقيتين «قد يمكن العثور عليهما في حال تكثفت عمليات البحث عنهما من دون قيود إسرائيلية، خاصة أنهما موجودتان في مناطق تقع شرق الخطّ الأصفر».

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

وخلال مفاوضات وقف إطلاق النار، كانت «حماس» أوضحت أن عملية تسليم الجثث ستكون معقدة، وستحتاج وقتاً أطول، وهو الأمر الذي تعتقد أن الوسطاء تفهموه، كما تؤكد عدة مصادر.

وسمحت إسرائيل، الأربعاء، لفريقٍ مشتركٍ من «حماس» والصليب الأحمر بالدخول إلى وسط حي الشجاعية شرق مدينة غزة للبحث عن جثث مختطفين إسرائيليين، بعد أن تم انتشال جثتين خلال الأيام الأخيرة في عمليتين منفصلتين وقعتا في محيط مربع سكني اغتالت فيه إسرائيل قيادات من «كتيبة الشجاعية» خلال الحرب.

ملاحقة بنك الأهداف

وترى مصادر من «حماس» أن إسرائيل معنية بعرقلة تنفيذ باقي بنود الاتفاق، رغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أكد بشكل علني وكذلك عبر الوسطاء أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك تقدّم في البنود بشكل ترتيبي، وأنه يمكن إنجاز ما يمكن إنجازه، وتأجيل بعض الخطوات التي قد تواجه صعوبات.

وتتطابق تقييمات المصادر من «حماس» وفصائل فلسطينية أن إسرائيل تكثف جهدها الاستخباراتي باستخدام الطائرات المسيرة لمتابعة وملاحقة قيادات ونشطاء في المقاومة، ليكونوا بمثابة بنك أهداف لها في حال أرادت خرق اتفاق وقف إطلاق النار مجدداً، كما فعلت مرتين خلال أسبوعين من دخوله حيّز التنفيذ.

وتقول المصادر إن «هذه العمليات تهدف بشكل أساسي إلى عرقلةِ الاتفاق، ومنعِ الانتقال إلى المرحلة الثانية، وهو ما تركز عليه إسرائيل بهدف استئناف حربها بنفس الطرائق السابقة، أو بطرقٍ أخرى».

«لن تعمل إسرائيل بحُرية»

وقال مصدر سياسي من «حماس» إن «أي خطوة للرد على التعنت الإسرائيلي برفض تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار ستتم بالإجماع من خلال الاتفاق فلسطينياً على موقف شامل، ولن نسمح لإسرائيل بأن تبقى داخل مناطق القطاع، وتعمل بحرية أمنية كيفما أرادت».

وأضاف المصدر أن إسرائيل حتى اللحظة ترفض الالتزام بكامل بنود المرحلة الأولى، ولا تزال تضع قيوداً على إدخال الاحتياجات الأساسية والبضائع، وحتى المعدات الهندسية الثقيلة لإزالة الأنقاض، وإدخال مواد البناء لإعادة تأهيل المستشفيات والمدارس والقطاعات الحيوية كما ينصّ الاتفاق على ذلك، كما لا تسمح بإدخال الوقود لتشغيل محطة الكهرباء الوحيدة، ولا تسمح بإدخال الوقود لصالح البلديات لتقديم خدماتها المدنية للسكان.

وأشار إلى أن «حماس» تتابع كل ذلك مع الوسطاء، لكن إسرائيل ترى نفسها فوق الجميع، وتتصرف بهذا المنطق، في وقت ترى الحركة والفصائل الفلسطينية أنها ملزمةٌ بتنفيذ ما عليها من الاتفاق، وتريد سحب الذرائع من تحت بساط نتنياهو حتى لا يستأنف الحرب.

مقاتلو «كتائب القسام» إلى جانب عمال «الصليب الأحمر» خلال البحث عن جثث رهائن إسرائيليين في مدينة غزة (إ.ب.أ)

وتقدّر مصادر ميدانية من عدة فصائل فلسطينية أن إسرائيل تدفع نفسها إلى الاستمرار في الحرب بأساليب مختلفة عما استخدمته خلال العامين الماضيين، وذلك من خلال موجات تصعيدية كما فعلت بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وبذلك تخوض حرباً مصغّرة تهدف بشكل أساسي إلى اغتيال ما تبقّى من قيادات ميدانية، ونشطاء بارزين في المقاومة.

ضغط على السكان

ويقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» إن إسرائيل تتعمد استخدام سياسة التجويع الحالية لإشعار السكان بأن الحرب ما زالت مستمرة، ولا يمكن أن تتوقف دون رحيل «حماس» عن القطاع؛ إذ تُعقد المشهد، وترفض خيارات عدة طرحها الوسطاء بهذا الشأن.

ويرى إبراهيم أن نتنياهو وبعض وزرائه، ولأسباب سياسية داخليةٍ في المقام الأول، يسعون إلى التهرّب من استحقاقات وقف إطلاق النار من خلال محاولة إحياء التصعيد في قطاع غزة عبر ما تقوم به يومياً من عمليات قتل لفلسطينيين بحجج واهية، إلى جانب التصعيد العسكري الذي شهدوه مرتين بقصف عنيف طال مناطق متفرقة من القطاع منذ وقف إطلاق النار، وإلى جانب التصعيد على جبهة لبنان، وهو مؤشر واضح على نوايا إسرائيل بهذا الصدد.

ويرجح إبراهيم أن يبقى الحال في قطاع غزة على ما هو عليه بفعل استخدام إسرائيل لهذه الحجج وسيلة لمنع التقدم في بنود المرحلة الثانية من خطة ترمب. ويقول إن «الوسطاء أمام اختبار كبير لإظهار قدرتهم على إلزام حكومة نتنياهو بذلك، والإدارة الأميركية هي الوحيدة القادرة على تحقيق ذلك».


مقالات ذات صلة

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

العالم العربي «حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (قطاع غزة)
شؤون إقليمية نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المشاركة في تصويت البرلمان المبدئي على تشكيل «لجنة تحقيق ناعمة» في هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية جنديان إسرائيليان في رفح جنوب قطاع غزة (رويترز)

قيادي بـ «حماس»: انفجار رفح وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل

قال محمود مرداوي القيادي في حركة «حماس» إن الانفجار الذي وقع في منطقة رفح في جنوب قطاع غزة اليوم الأربعاء كان في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ستستثمر خلال العقد المقبل 110 مليارات دولار في تصنيع الأسلحة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إن بلاده ستستثمر 350 مليار شيقل (أي ما يوازي 110 مليارات دولار) على مدى السنوات العشر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle

نتنياهو يسعى لتحميل «حماس» انفجار رفح قبل زيارته لأميركا

سعى ​رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط من «لواء غولاني» بالجيش ⁠الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
TT

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

كشف قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا، عبد العزيز هلال الأحمد، عن أن قوات المهام الخاصة التابعة للقيادة نفذت، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب ووحدة من الجيش، عملية أمنية نوعية، صباح اليوم الأربعاء، في ريف جبلة، استهدفت مجموعة من خلية تابعة لما تسمى «سرايا الجواد».

وأضاف، في بيان، أن الخلية التابعة للمسؤول البارز في النظام السابق سهيل الحسن، «متورطة في تنفيذ عمليات اغتيال وتصفيات ميدانية وتفجير عبوات ناسفة، إضافة إلى استهداف نقاط تابعة للأمن الداخلي والجيش، كما كانت تعمل على التحضير لاستهداف احتفالات رأس السنة الجديدة».

وتابع قائلاً إن اشتباكاً اندلع واستمر قرابة ساعة، وأسفر عن «إلقاء القبض على أحد أفراد الخلية، وتحييد ثلاثة آخرين».

وذكر البيان أن أربعة من عناصر قوات الأمن أصيبوا بإصابات خفيفة، وأنه «لا يزال العمل مستمراً حتى القضاء على الخلية بشكل كامل».


غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
TT

غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)

شنّ الجيش الأردني، مساء الأربعاء، غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

وقالت قناة «الإخبارية» الرسمية على تطبيق «تلغرام» إن الجيش الأردني استهدف بغارات «شبكات لتهريب المخدرات ومزارع تخزينها في ريف السويداء الجنوبي والشرقي».

وقال مراسل «الإخبارية» إن الجيش الأردني أطلق قنابل مضيئة على الحدود مع سوريا من جهة محافظة السويداء، بعد تنفيذه عدة غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات ومزارع التخزين.

بدوره، أعلن الجيش الأردني، في بيان، أنه «حيّد عدداً» من تجار الأسلحة والمخدرات الذين ينظمون عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للأردن.

وأوضح أن «القوات المسلحة استهدفت عدداً من المصانع والمعامل التي تتخذها هذه الجماعات أوكاراً لانطلاق عملياتهم تجاه الأراضي الأردنية»، مشيراً إلى أنه «تم تدمير المواقع المحددة بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، وبالتنسيق مع الشركاء الإقليميين».


14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

ندّدت 14 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا واليابان، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلّة، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عن القرار، وإلى الكفّ عن توسيع المستوطنات.

وجاء في بيان مشترك، نشرته وزارة الخارجية الفرنسية: «نحن، ممثلي ألمانيا وبلجيكا وكندا والدنمارك وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وآيرلندا وإيسلندا واليابان ومالطا وهولندا والنرويج وبريطانيا، نندد بإقرار المجلس الوزاري الأمني للحكومة الإسرائيلية إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة».

وأضاف البيان: «نؤكد مجدداً معارضتنا أي شكل من أشكال الضم، وأي توسيع لسياسة الاستيطان»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ودعت الدول إسرائيل إلى «العدول عن هذا القرار، بالإضافة إلى ⁠إلغاء التوسع في ‌المستوطنات».

وأضاف ​البيان: «نذكر أن مثل هذه التحركات ⁠أحادية الجانب، في إطار تكثيف أشمل لسياسات الاستيطان في الضفة الغربية، لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يؤجج أيضاً انعدام الاستقرار».