أقر الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي بالقراءة الأولى قانون فرض حكم الإعدام على الأسرى الفلسطينيين في خطوة أولى مهمة باتجاه تحويله إلى قانون معمول به في إسرائيل، ويهدد حتى الآن حياة نحو 400 فلسطيني في السجون الإسرائيلية.
ومر القانون الذي اقترحته عضو الكنيست ليمور سون هارميلخ من حزب «عوتسما يهوديت» الذي يترأسه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بأغلبية 39 عضواً مقابل معارضة 16، وأُحيل إلى اللجنة البرلمانية المختصة من أجل إعداده نهائياً، تمهيداً للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة.
كما مرر الكنيست تمرير مشروعي قانونين آخرين لحكم الإعدام، قدّمهما عضو الكنيست عن حزب «الليكود» نيسيم فاتوري، وعضو الكنيست عن حزب «إسرائيل بيتنا» عوديد فورير. وينص مشروع قانون سون هارميلخ على وجوب فرض المحاكم الإسرائيلية حكم الإعدام على من يرتكب جريمة قتل مواطن إسرائيلي بدوافع قومية، ويسمح للقضاة العاملين في المحاكم العسكرية في الضفة الغربية بالحكم على المهاجمين بالإعدام بأغلبية بسيطة، بدلاً من الإجماع.
كما يُلغي مشروع القانون إمكانية تخفيف القادة العسكريين الإقليميين لهذه الأحكام.
كيف يُستهدف الفلسطينيون؟
وعادة يواجه أي فلسطيني الحكم المؤبد (مدى الحياة) مقابل كل إسرائيلي تم قتله، سواء قتله بنفسه أو أرسل المنفذين، أو خطط أو وجه العملية أو قدم المساعدة.
وإذا كان فلسطيني محكوم بالمؤبد فيعني أنه قتل إسرائيلياً، وإذا كان محكوماً بـ5 مؤبدات فيعني أنه قتل 5 إسرائيليين، لكن النتيجة واحدة وهي حكم مدى الحياة، بحسب القانون الإسرائيلي.
ومع أن عقوبة الإعدام موجودة رسمياً في القانون الإسرائيلي، فإنها بحسب «تايمز أوف إسرائيل» لم تُستخدم إلا مرة واحدة، عام 1962، في قضية الضابط النازي أدولف أيخمان، أحد مهندسي الهولوكوست.
ويُسمح بالإعدام في حالات الخيانة العظمى، وكذلك في ظروف معينة بموجب الأحكام العرفية المطبقة داخل الجيش الإسرائيلي وفي الضفة الغربية، ولكنه يتطلب حالياً قراراً بالإجماع من هيئة من ثلاثة قضاة، ولم يُطبق قط.
ويقف وراء قانون الإعدام بن غفير، الذي حاول دفع القانون عدة مرات قبل ذلك، وعندما تم تمريره هذه المرة، راح يوزع حلوى «البقلاوة» على أعضاء الكنيست بابتهاج كبير.
ما الخطوة التالية؟
وينتظر أن يُحال مشروع القانون إلى لجنة الأمن القومي، لتحضيره للقراءتين الأخيرتين اللازمتين لإقراره ليصبح قانوناً. وقال بن غفير إنه أهم قانون في تاريخ إسرائيل، مضيفاً: «من قتلوا وخطفوا أبناءنا وبناتنا لا يستحقون رؤية النور، وعقوبتهم الإعدام».
وإذا مضى القانون حتى نهايته، فإنه سيستهدف نحو 400 أسير فلسطيني من بين أكثر من 9 آلاف أسير، بينهم نحو 130 من أصحاب المؤبدات الذين لم تشملهم صفقات التبادل حتى الآن، وظلوا في السجون، ونحو 300 من عناصر النخبة في «كتائب القسام» الذراع العسكرية لحركة «حماس» الذين اعتقلتهم إسرائيل في أثناء الهجوم على القطاع أو خلال الحرب على قطاع غزة. وثمة مؤشرات على أن تبدأ إسرائيل بتنفيذ الأحكام بقوات النخبة.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن «إسرائيل تحتجز ما بين 250 و300 من عناصر النخبة» الذين شاركوا في هجمات الـ7 من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وطالب بن غفير صراحة بإعدام أسرى النخبة، وأكد مقربون من وزير العدل ياريف ليفين، أنه يؤيد فرض عقوبة الإعدام على عناصر «النخبة».
وكلام بن غفير عن القتل والخطف يشير إلى قوات النخبة، لكن كلام النائبة اليمينية المتطرفة التي دفعت المشروع يشير إلى الأسرى الآخرين، إذ قالت سون هارميلخ إن مقتل زوجها في هجوم وقع في عام 2003 في الضفة الغربية دفعها إلى السير في مسارها الحالي.
رفض ومعارضة
ورفض الفلسطينيون ونواب من المعارضة الإسرائيلية القانون، وشهدت الجلسة توتراً شديداً تطور إلى مشادة كلامية حادة كادت تتحول إلى اشتباك جسدي بين رئيس قائمة الجبهة العربية للتغيير أيمن عودة، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، بعدما قال عودة إن الفلسطينيين سينتصرون في النهاية، وتم طرد ثلاثة نواب عرب.
وقال النائب غلعاد كاريف (الديمقراطيون) إن إقراره «سيؤدي إلى زيادة الهجمات الإرهابية»، و«سيُسبب ضغطاً دولياً كبيراً في وقت تعيش فيه دولة إسرائيل وضعاً حرجاً».
وقال أمير فوكس، من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، لـ«تايمز أوف إسرائيل»، إن نص مشروع القانون يبدو أنه ينطبق فقط على من يقتلون الإسرائيليين اليهود، وليس على المواطنين العرب. مُضيفاً أن مشروع القانون قد يُعدّ غير دستوري لأسباب تمييزية، ولأنه قد يُخالف قانون الأساس الإسرائيلي المتعلق بكرامة الإنسان.

وأعربت كتلة «الجبهة والعربية للتغيير» في الكنيست الإسرائيلي عن رفضها القاطع لمشروع القانون، وقالت إنه «يعكس نزعة انتقامية تتنافى مع المبادئ الأساسية للقانون الإسرائيلي ومع القانون الدولي الإنساني».
وأدان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح القانون، وقال إنه جريمة سياسية وقانونية وإنسانية، و«تشريع رسمي للقتل وإرهاب الدولة المنظم» ضد الشعب الفلسطيني.
وعدّت حركة «حماس» أن المصادقة على مشروع القانون تمثل «تجسيداً للوجه الفاشي للاحتلال»، مطالبة الأمم المتحدة والمؤسسات الحقوقية بـ«التحرك العاجل لوقف هذه الجريمة وتشكيل لجان دولية لمراقبة أوضاع الأسرى في السجون الإسرائيلية».






