انتخابات العراق: صناديق الاقتراع ترسم مستقبل الاقتصاد لا البرلمان فقط

الحكومة المقبلة أمام ضغط تنفيذ «جراحة إصلاحية» عاجلة وإنقاذ البلد من عبء النفط

ناخبة عراقية تحمل طفلها حاملاً علم البلاد في مركز اقتراع بمدينة البصرة الجنوبية (أ.ف.ب)
ناخبة عراقية تحمل طفلها حاملاً علم البلاد في مركز اقتراع بمدينة البصرة الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

انتخابات العراق: صناديق الاقتراع ترسم مستقبل الاقتصاد لا البرلمان فقط

ناخبة عراقية تحمل طفلها حاملاً علم البلاد في مركز اقتراع بمدينة البصرة الجنوبية (أ.ف.ب)
ناخبة عراقية تحمل طفلها حاملاً علم البلاد في مركز اقتراع بمدينة البصرة الجنوبية (أ.ف.ب)

توجه العراقيون إلى صناديق الاقتراع لاختيار برلمانهم السادس، يوم الثلاثاء، في انتخابات تتجاوز أهميتها الإطار السياسي لترسم مصير الاقتصاد الوطني العالق عند مفترق طرق حرج.

ففي الوقت الذي يسود فيه استقرار داخلي نسبي، تُظهر تقارير المؤسسات المالية الدولية أن العراق يواجه تحديات هيكلية عميقة. وتجد الحكومة المقبلة التي ستنبثق عن هذا الاستحقاق، نفسها أمام مهمة عاجلة وحاسمة: إطلاق إصلاحات مالية شاملة للحد من تزايد خطر الدين العام وتباطؤ النمو غير النفطي، في مواجهة مؤشرات متصاعدة للهشاشة الاقتصادية.

قبيل الانتخابات، تعهد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بإجراء إصلاحات كبرى في حال فوزه بولاية ثانية، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب «عمليات جراحية» لخفض عجز الموازنة وزيادة الإيرادات غير النفطية.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يصل للإدلاء بصوته في الانتخابات البرلمانية في مركز اقتراع في بغداد (إ.ب.أ)

واعترف السوداني بأنه أضاف نحو 700 ألف وظيفة إلى الجدول العام خلال السنوات الثلاث الماضية، وذلك في محاولة «لكسب بعض الوقت» وتجنب تكرار الاضطرابات الشعبية التي حدثت في 2019. وقد أدى هذا التوسع إلى تضخم عدد موظفي الدولة إلى 4 ملايين شخص، مع اعتماد ما يقرب من 90 في المائة من الإنفاق العام على الرواتب والمعاشات والمساعدات الاجتماعية، وفق «بلومبرغ».

وأكد رئيس الوزراء عزمه على تغيير هذا المسار من خلال إعادة توجيه الشباب، الذين يمثلون نحو 60 في المائة من السكان، نحو القطاع الخاص عبر تبسيط اللوائح لجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعات حيوية مثل الصناعة والسياحة والزراعة، كما تحدث عن منح شركات النفط والغاز الأميركية شروطاً «تفضيلية» لتطوير قطاع الهيدروكربونات.

عبء النفط والإنفاق

تُعدّ الاستدامة المالية هي التحدي الأبرز الذي يواجه العراق، وهو نتاج الاعتماد المفرط على النفط وسياسات الإنفاق غير المستدامة:

  • الاعتماد المفرط: حتى عام 2025، لا تزال إيرادات الحكومة العراقية تأتي بشكل ساحق من النفط، حيث تشكل أكثر من 90 في المائة من إجمالي الدخل. هذا الواقع يجعل البلاد عرضة للغاية لصدمات الأسعار العالمية وقرارات مجموعة «أوبك بلس».
  • فاتورة الأجور «المقدسة»: بدلاً من التنويع، وسعت الحكومة فاتورة الأجور والمعاشات العامة، التي شكلت أكثر من 60 في المائة من الموازنة الفيدرالية لعام 2024. وتُعد هذه النفقات «مقدسة» في العراق، ما يجعل خفضها صعباً للغاية سياسياً. وأدت ضخامة فاتورة الأجور الحكومية وتراجع إيرادات النفط إلى خلق عجز مالي كبير في عامي 2024 و 2025.
  • تآكل الاحتياطيات وإهمال الاستثمار: تعتمد الحكومة تاريخياً على السحب من الاحتياطيات الأجنبية لإدارة النقص المالي، ما يضعف الاستقرار على المدى الطويل... كما يتم خفض الإنفاق الرأسمالي والتنموي، الضروري للتنويع الاقتصادي، لإعطاء الأولوية للرواتب.

ناخب عراقي يُتحقق من بصمات أصابعه في مركز اقتراع بالناصرية محافظة ذي قار جنوب العراق (أ.ف.ب)

ونتيجة لذلك، ارتفع سعر النفط اللازم لتوازن الموازنة بشكل مقلق، ليصل إلى نحو 84 دولاراً للبرميل في عام 2024، مقارنة بـ54 دولاراً في 2020، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي. ومع انخفاض سعر خام برنت إلى أقل من 70 دولاراً للبرميل في 2025، يواجه العراق ضائقة مالية قد تهدد دفع أجور الموظفين والمتقاعدين، كما حدث في 2020.

ومع توقعات الصندوق بتراجع متوسط سعر برميل النفط إلى ما دون 66 دولاراً في 2025، فإن التوقعات تشير إلى اتساع العجز المالي وارتفاع الدين الحكومي الإجمالي إلى 62.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2026 ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية.

تباطؤ القطاع غير النفطي وتحديات النمو

عانى القطاع غير النفطي، وهو مفتاح تنويع الاقتصاد، من تباطؤ حاد، حيث انخفض نموه من 13.8 في المائة في 2023 إلى 2.5 في المائة في 2024، متأثراً بتقلص الاستثمار العام والقيود التمويلية. ويُتوقع أن تستمر هذه القيود في الضغط على النشاط الاقتصادي.

وتتفاقم المشكلة بسبب الهشاشات الهيكلية المتأصلة، مثل الفساد المستشري، وضعف الحوكمة، وأزمة الكهرباء المزمنة، التي تشكل عائقاً كبيراً أمام الإنتاجية وتطور القطاع الخاص. كما أن القطاع المصرفي لا يزال يعاني من ضعف، حيث يتطلب خطة شاملة لإعادة هيكلة البنوك الحكومية ومعالجة القروض المتعثرة.

أجندة الإصلاحات الضرورية على المدى القصير والمتوسط

من الواضح أن الحكومة المقبلة أمامها أجندة إصلاحات لا يمكن تأجيلها. على المدى القصير جداً، يجب على السلطات مراجعة خطط الإنفاق لعام 2025 وتجميد أو تأجيل جميع النفقات غير الضرورية لاحتواء مخاطر السيولة. وعلى المدى المتوسط، فإن تحقيق الاستقرار في الدين يتطلب تعديلاً مالياً إضافياً يتراوح بين 1 و 1.5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي سنوياً.

تتركز الإصلاحات المقترحة حول مسارين:

  • الإيرادات: تعزيز إدارة الضرائب والرسوم الجمركية، وإصلاح ضريبة الدخل (مثل الحد من الإعفاءات)، وإمكانية إدخال ضريبة مبيعات عامة.
  • الإنفاق: إصلاح شامل لفاتورة الأجور عبر الحد من التوظيف الحكومي الإلزامي، وإصلاح نظام التقاعد (مثل رفع سن التقاعد)، وتحسين استهداف شبكات الأمان الاجتماعي.

ويهدف تنفيذ هذه الإصلاحات إلى توفير حيز مالي لحماية الإنفاق الرأسمالي الحيوي، خاصة في قطاعات البنية التحتية للنقل والطاقة، التي تعد ضرورية لتنويع الاقتصاد.

أشخاص يدلون بأصواتهم في مركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية بكركوك (رويترز)

موازنة 2026

كذلك، فإن تشكيل الحكومة الجديدة سيواجه اختباراً فورياً يتمثل في ضرورة تمرير موازنة 2026 في ظل توقعات بأسعار نفط أقل من سعر التعادل. وفيما بدأت بعض الشركات الدولية الكبرى مثل «إكسون موبيل» بالعودة، فإن الاستثمار الأجنبي المباشر لا يزال يراوح مكانه، حيث تُحجم دول الخليج والمستثمرون الأجانب عن التوسع الكامل بسبب النفوذ الإقليمي والشكاوى المتكررة من تدخل المقاولين المرتبطين بجهات مسلحة في المشاريع.

ويؤكد الخبراء أن الاستقرار الحقيقي يتطلب أكثر من «واجهة استقرار مؤقتة»، بل يتطلب إصلاحات حقيقية في الحوكمة ومكافحة الفساد لتوفير بيئة جاذبة للاستثمار الخاص الذي يحتاج إليه العراق بشدة.

خلاصة القول أن التحدي الذي يواجه الحكومة العراقية الجديدة يتجاوز التوافق السياسي إلى مهمة اقتصادية وجودية: فإما أن يبدأ العراق فوراً مسار «الجراحة الإصلاحية» الصعبة لتقليل اعتماده الخطير على النفط، وتخفيف عبء فاتورة الأجور الضخمة، أو أن يبقى عرضة لصدمات السوق العالمية التي تهدد قدرته على الوفاء بالتزاماته تجاه مواطنيه. وفي ظل توقعات بارتفاع الدين وضرورة تمرير موازنة 2026 في بيئة نفطية غير مستقرة، فإن المرحلة المقبلة تتطلب إرادة سياسية غير مسبوقة لتحويل تعهدات الإصلاح إلى واقع يضمن الاستقرار الاقتصادي الطويل الأمد للعراقيين.


مقالات ذات صلة

مسؤول: اتفاقية تصدير النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون مشكلات

الاقتصاد علم كردستان العراق في حقل نفطي (إكس)

مسؤول: اتفاقية تصدير النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون مشكلات

قال نائب رئيس شركة النفط العراقية الحكومية (سومو)، ‌السبت، إن ⁠اتفاقية ​تصدير ‌النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون أي مشكلات، حسبما نقلت ​شبكة «رووداو» المحلية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري عرض لـ«الحشد الشعبي» في بغداد (د.ب.أ)

تحليل إخباري فصائل عراقية تنضم إلى دعوات لحصر السلاح بيد الدولة

يسارع قادة ميليشيات عراقية هذه الأيام إلى إعلان دعواتهم لحصر السلاح بيد الدولة في تطور يثير مفاجآت وعلامات استفهام، وكذلك انتقادات على المستوى المحلي.

فاضل النشمي (بغداد)
العالم العربي ضابط من القوات المسلحة العراقية يقف حارساً خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى الثامنة لانتصار العراق على تنظيم «داعش» (د.ب.أ)

القيادات العراقية تدعو للإسراع بتشكيل العملية السياسية في البلاد

دعا كبار القادة في العراق اليوم (السبت)، إلى الإسراع بتشكيل العملية السياسية الجديدة، واحترام المدد الدستورية، وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي 
الأمن العراقي قال إنه نفّذ إنزالاً بالأراضي السورية واعتقل قياديين في «داعش» (إعلام حكومي)

الحكيم يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة

دعا عمار الحكيم، أحدُ قادة تحالف «الإطار التنسيقي» في العراق، إلى حصر السلاح بيد الدولة، مشدداً على عدم استخدامه أداة للضغط على صناع القرار في البلاد.

حمزة مصطفى (بغداد)
خاص الأمن العراقي قال إنه نفّذ إنزالاً بالأراضي السورية واعتقل قياديين في «داعش» (إعلام حكومي)

خاص بغداد تدفع نحو «شراكة أقوى» مع واشنطن لمكافحة «داعش»

قال مسؤول عراقي إن التعاون الأمني مع الولايات المتحدة يتخذ وتيرة متزايدة لمكافحة الإرهاب، في أعقاب عملية الإنزال المشتركة التي نفذتها قوة خاصة في سوريا.

حمزة مصطفى (بغداد)

مسؤول: اتفاقية تصدير النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون مشكلات

علم كردستان العراق في حقل نفطي (إكس)
علم كردستان العراق في حقل نفطي (إكس)
TT

مسؤول: اتفاقية تصدير النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون مشكلات

علم كردستان العراق في حقل نفطي (إكس)
علم كردستان العراق في حقل نفطي (إكس)

قال نائب رئيس شركة النفط العراقية الحكومية (سومو)، حمدي شنكالي، ‌السبت، إن ⁠اتفاقية ​تصدير ‌النفط بين بغداد وأربيل ستُجدد دون أي مشكلات، حسبما نقلت ​شبكة «رووداو» المحلية.

كان العراق ⁠قد استأنف ‌في سبتمبر ‍(أيلول) ‍الماضي تصدير ‍النفط من إقليم كردستان إلى تركيا بعد ​توقف دام أكثر من عامين، ⁠وذلك عقب اتفاق بين بغداد وحكومة إقليم كردستان.

وأوضح نائب رئيس شركة «سومو»: «سيُجدَّد الاتفاق، ولا توجد فيه أي مشكلة، نفط إقليم كردستان سيستمر بالتدفق كما هو حالياً، تجاوزت الصادرات 200 ألف برميل يومياً، وبإذن الله ستزيد كمية الصادرات أكثر».

ومن المقرر أن ينتهي الاتفاق الحالي بنهاية الشهر الحالي، «لكن وفقاً لقانون الموازنة ولضمان الاستمرارية، سيُجدَّد لاحقاً حتى تُحلَّ المشكلات كاملةً»، وفقاً لتصريحات شنكالي في وقت سابق.

وأشار إلى أن نفط إقليم كردستان يُسلّم حالياً إلى وزارة النفط العراقية في فيشخابور التي تقوم بدورها بنقل النفط عبر خط الأنابيب إلى ميناء جيهان. وتقوم شركة «سومو» بتسليم النفط للشركات المتعاقد معها، ويُصدَّر معظمه إلى الدول الأوروبية.

وقال شنكالي، إنه بعد محادثات مطولة وجهود كبيرة من قبل حكومة إقليم كردستان ورئيس الوزراء العراقي، وافقت شركات النفط على الاتفاق وتمت تلبية جميع مطالبها.

وأوضح أن عقود إقليم كردستان تختلف عن عقود وسط وجنوبي العراق، ففي عقود إقليم كردستان، تنفق الشركة أموالها الخاصة على التنقيب والإنتاج، ثم تحصل على أرباحها، لكن في جنوبي العراق، الحكومة هي التي تنفق الأموال.

وأضاف: «تكلفة إنتاج النفط في إقليم كردستان أعلى، لأن المنطقة جبلية والحقول أكثر صعوبة؛ لذا فإن مبلغ الـ16 دولاراً المخصص لكل برميل هو لتغطية تكاليف الإنتاج والنقل».

وأعلن شنكالي أنه تم استقدام شركة استشارية أجنبية لتقييم عقود إقليم كردستان، ولديها مهلة 60 يوماً لتقديم تقريرها، عادّاً أن المهمة قد تكون أصعب، وتستغرق أكثر من هذه المدة.

وأوضح: «هذه الشركة لن تُجري أي تعديل على العقود، فمهمتها تقتصر على التأكد من قانونيتها وطريقة عملها، خصوصاً أن المحكمة العراقية سبق أن أكدت قانونية هذه العقود».


بأكثر من 55 مليار دولار... مصر تستهدف زيادة الصادرات السلعية 20 % العام المقبل

سيارات شحن تنتظر تفريغها في حاويات بأحد المواني المصرية (رويترز)
سيارات شحن تنتظر تفريغها في حاويات بأحد المواني المصرية (رويترز)
TT

بأكثر من 55 مليار دولار... مصر تستهدف زيادة الصادرات السلعية 20 % العام المقبل

سيارات شحن تنتظر تفريغها في حاويات بأحد المواني المصرية (رويترز)
سيارات شحن تنتظر تفريغها في حاويات بأحد المواني المصرية (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات في مصر، عصام النجار، إن بلاده تستهدف زيادة صادراتها السلعية 20 في المائة على أساس سنوي، لتتجاوز 55 مليار دولار خلال عام 2026، وذلك مقابل تقديرات بين 48 و50 مليار دولار متوقع تحقيقها بنهاية العام الحالي.

وأضاف النجار على هامش «معرض القاهرة الدولي العشرون للجلود»، أن الحكومة خصَّصت نحو 1.7 مليار جنيه لدعم المعارض وبعثات المشترين والبعثات التجارية. وفقاً لـ«الشرق مع بلومبرغ».

تأتي الزيادة في وقت تعوّل فيه الحكومة على نمو الصادرات بوصفها أحد أهم مصادر تدفقات النقد الأجنبي، ضمن خطة تستهدف رفع إجمالي الصادرات السلعية إلى 145 مليار دولار بحلول 2030، معظمها من المنتجات الصناعية.

ونمت الصادرات المصرية خلال 2024 بنسبة 5.4 في المائة إلى 44.8 مليار دولار، منها صادرات غير بترولية بقيمة 39.4 مليار دولار، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الصادرة في مارس (آذار) الماضي، مما ساعد على تعويض جزء من الانخفاض في تدفقات الدولار الناجمة عن تراجع إيرادات قناة السويس؛ بسبب هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر.

وارتفعت الصادرات المصرية غير البترولية بنحو 18 في المائة على أساس سنوي خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، لتصل إلى 44.3 مليار دولار مقابل 37.5 مليار دولار في الفترة المماثلة من العام الماضي، بحسب بيانات وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية، الصادرة الجمعة.

ومن أبرز القطاعات التصديرية التي شكَّلت هيكل الصادرات غير النفطية، كل من مواد البناء بقيمة 13.6 مليار دولار بزيادة 39 في المائة، والمنتجات الكيماوية والأسمدة بقيمة 8.5 مليار دولار بزيادة 8 في المائة، والصناعات الغذائية بقيمة 6.3 مليار دولار بزيادة 13 في المائة.


ألمانيا تنجز أول 500 كيلومتر من خطوط شبكة أنابيب الهيدروجين

محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)
محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)
TT

ألمانيا تنجز أول 500 كيلومتر من خطوط شبكة أنابيب الهيدروجين

محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)
محطة تعبئة الهيدروجين للشاحنات والسيارات في برلين (رويترز)

أكدت رابطة صناعة الغاز الألمانية «إف إن بي غاز»، أن خطط إنشاء شبكة أنابيب الهيدروجين بين الأقاليم في ألمانيا، والذي بدأ عام 2025، تسير وفق المواعيد المحددة.

وقالت الرابطة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية: «بحلول نهاية العام الحالي، سيتم الانتهاء من أول 525 كيلومتراً من خطوط الشبكة الأساسية كما هو مخطط».

وتشير وزارة الاقتصاد والطاقة الألمانية على موقعها الإلكتروني إلى أن الهيدروجين المنتج باستخدام الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة له «أهمية حاسمة في تحول الطاقة». وجاء في الموقع: «يمكن للهيدروجين الأخضر أن يحل محل الفحم والغاز الطبيعي وما شابه في العديد من المجالات».

وعند احتراقه، ينتج الهيدروجين ماء كمخلف بدلاً من ثاني أكسيد الكربون، إلا أن إنتاجه يستهلك الكثير من الطاقة.

ويتم تحويل معظم خطوط أنابيب الهيدروجين من خطوط الغاز الطبيعي القائمة. وتم مؤخراً الانتهاء من خط أنابيب بطول 400 كيلومتر يمتد من بحر البلطيق عبر ولاية براندنبورج إلى ولاية سكسونيا-أنهالت.

وبحسب الخطط الحالية، ستنمو الشبكة الأساسية للهيدروجين لتصل إلى 9040 كيلومتراً بحلول عام 2032، وستربط مواقع الهيدروجين الرئيسية في جميع الولايات الألمانية.

وتتضمن الخطط استخدام نحو 60 في المائة من خطوط أنابيب الغاز الطبيعي المحولة، في حين سيتم إنشاء النسبة المتبقية البالغة 40 في المائة من خطوط أنابيب جديدة.

واستُخدمت الخطوط القائمة في معظم أول 525 كيلومتراً، في حين يُتوقع إنجاز 142 كيلومتراً إضافية في عام 2026، باستخدام خطوط الغاز السابقة بشكل أساسي.

وبحسب التخطيط الحالي، من المقرر الانتهاء من 1521 كيلومتراً في عام 2027، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت خطط التوسع على المدى المتوسط ستظل دون تغيير.

السيارات الكهربائية

على صعيد آخر، وبعد اقتراح من الاتحاد الأوروبي لتخفيف القيود الجديدة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للسيارات، حذر وزير المالية الألماني لارس كلينجبايل شركات صناعة السيارات في ألمانيا من الاعتماد المفرط على محركات الاحتراق.

وقال كلينجبايل في تصريحات لصحيفة «نويه أوسنابروكر تسايتونج» الألمانية الصادرة السبت، إن شركات السيارات يجب ألا تسيء تفسير الاقتراح، مضيفاً أنه إذا اعتقدت الشركات أنها تستطيع الاستمرار في الاعتماد على سيارات الديزل والبنزين لسنوات مقبلة، فإن «صعوباتها ستكون أكبر بكثير في غضون بضع سنوات».

وأكد الوزير أن التحول إلى التنقل الكهربائي يجب أن يستمر «بسرعة عالية»، وقال: «المستقبل في التنقل كهربائي».

وأشار كلينجبايل إلى المنافسة الدولية المتزايدة، موضحاً أن زياراته إلى بكين وشنغهاي أظهرت له مدى تقدم الصين بالفعل، ليس أقلها بسبب الدعم الحكومي القوي للتحول. وقال إن شركات السيارات الألمانية أمامها ما يجب أن تلحق به.

ووصف الوزير اقتراح بروكسل بأنه حل وسط عملي؛ إذ يوفر مساراً أكثر مرونة نحو الحياد المناخي، على سبيل المثال من خلال السماح ببقاء السيارات الهجينة في السوق لفترة أطول.

وأضاف كلينجبايل أن التصرف ببراغماتية لا يعني تعارضاً بين حماية الوظائف وحماية المناخ.

وكانت المفوضية الأوروبية قد عدلت قبل أيام من خططها الصارمة السابقة لإنهاء استخدام محركات الاحتراق. وبموجب الاقتراح المحدث، سيظل مسموحاً بتسجيل سيارات جديدة بمحركات احتراق بعد عام 2035.

وكان المفاوضون من دول الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي قد اتفقوا سابقاً على أن السيارات الجديدة المبيعة اعتباراً من عام 2035 يجب ألا تصدر أي انبعاثات ضارة بالمناخ من ثاني أكسيد الكربون. ويتم الآن تخفيف هذا الهدف المتمثل في خفض الانبعاثات بالكامل.

وفي المستقبل، ستسمح الاستثناءات بخفض الانبعاثات بنسبة تصل إلى 90 في المائة مقارنة بمستويات عام 2021، بشرط تعويض الانبعاثات المتبقية من خلال تدابير مثل استخدام الفولاذ المنتج بشكل مستدام والوقود الأكثر مراعاة للمناخ.