«أغابيتو»... فيلم فلبيني يعالج قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة

مخرج العمل قال لـ«الشرق الأوسط» إنه استعاد قصة شقيقه الراحل

عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان «كان» السينمائي (الشركة المنتجة)
عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان «كان» السينمائي (الشركة المنتجة)
TT

«أغابيتو»... فيلم فلبيني يعالج قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة

عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان «كان» السينمائي (الشركة المنتجة)
عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان «كان» السينمائي (الشركة المنتجة)

في صالة بولينغ قديمة تبدو معلّقة خارج الزمن، تدور أحداث الفيلم الفلبيني القصير «أغابيتو»، الذي تنطلق أحداثه من قيام العمال بإعادة ترتيب القوارير وجمع الكرات بأنفسهم، وكأن الزمن توقّف عن الدوران داخل جدرانها الخشبية، في المكان الذي يجمع بين الضجيج والعزلة، تعمل «ميرا»، شابة تتحمّل أعباء المهنة والعائلة معاً، وتجد في روتين العمل الصاخب ملاذاً من حياة تُثقلها المسؤولية.

وعندما يظهر شقيقها جونيور، الشاب ذو الاحتياجات الخاصة، يدخل الفيلم في مدار آخر من الحنان والوجع، حيث تتحول العلاقة بينهما إلى محور سردي يمزج الواقعي بالرمزي، في تجربة تبرز الإنسان الذي يحب دون ضجيج، ويواصل العطاء دون انتظار مقابل، وهي تجربة سينمائية اختار مخرجاها الفلبينيان أرفين بيلارمينو وكايلا دانيل روميرو الابتعاد عن الميلودراما.

الفيلم الذي بدأ رحلته مع المهرجانات السينمائية في «كان» بنسخته الماضية حصد جائزة «نجمة الجونة الفضية» بمسابقة «الأفلام القصيرة» في الدورة الماضية من المهرجان التي أقيمت الشهر الماضي، يلتقط صناعه إيقاع الحياة بصورته الطبيعية عبر نقل التفاصيل الصغيرة للحياة التي يعيشها الأبطال.

صور الفيلم في مواقع حقيقية (الشركة المنتجة)

وقال المخرج أرفين بيلارمينو لـ«الشرق الأوسط» إن «الدافع العاطفي لتقديم العمل وُلد من تجربة شخصية عميقة، حيث استلهم شخصية الشقيق (جونيور) من أخيه الراحل، الذي كان من ذوي الاحتياجات الخاصة، فكان حضوره الصامت وطيبته الهشة هما النواة الأولى للعالم العاطفي في الفيلم».

وأوضح أن شريكته في الإخراج كايلا دانيل روميرو استلهمت المكان بدورها من ذكريات والدها الراحل، الذي كان مدرباً رياضياً ومالكاً لمركز ألعاب، ومن تلك الذاكرة تشكّل فضاء «ميرا» ورفاقها في العمل، مشيراً إلى أن هذه التجارب الشخصية كانت البوصلة التي وجّهت النغمة الشعورية للفيلم وجعلته صادقاً.

وبيّن بيلارمينو أن تعاونه مع روميرو كان ثمرة ثقة متبادلة وانسجام فني نادر، فكانت جميع القرارات الإبداعية من كتابة السيناريو حتى المونتاج تُناقش حتى يشعر كلاهما بالرضا التام، وأنهما كانا يثقان بحدس بعضهما ثقة كاملة، حتى صار التصوير سلساً إلى حد كبير، وبدت القرارات الإخراجية وكأنها تصدر من عقل واحد.

وأوضح أن «المزج بين الواقعية واللمحات السريالية في الفيلم لم يكن مقصوداً بوصفه تناقضاً، بل كان تكاملاً بين لغتين تعبران عن الحقيقة ذاتها». مشيراً إلى أن «الواقعية شكّلت الأساس السردي، بينما جاءت اللحظات السريالية لتجسّد حقائق شعورية عن الحنين والفقد والاتصال الإنساني، وهو ما لم أرغب في تفسيره صراحة، بل تركته يتكشّف من تلقاء نفسه داخل إيقاع المشاهد».

المخرج الفلبيني تأثر بقصة شقيقه الراحل (الشركة المنتجة)

ولفت إلى أن توجيه الممثلة نور هوشماند، التي أدّت دور «ميرا»، ارتكز على مبدأ «الإحساس دون الإفصاح»، وعَدّ «هذا التوجّه جعل الأداء الداخلي لها أكثر صدقاً، فبدت قوية رغم التعب، وصامتة رغم العاطفة الجياشة التي تحملها نحو شقيقها».

من جانبها، قالت المخرجة الفلبينية كايلا دانيل روميرو لـ«الشرق الأوسط» إن «موقع التصوير بصالة البولينغ القديمة في مقاطعة بولاقان شكّل أكثر من مجرد ديكور، بل كان بمثابة فضاء رمزي يجمع بين الواقعي والروحي، فالصالة بآلاتها اليدوية وعمّالها القدامى تمثّل عالماً متجمّداً في الزمن، يحتضن بشراً يعيشون بروح العائلة رغم الصخب، وكثير من العاملين فيها كانوا في الأصل لاعبي بولينغ محترفين، وهو ما أضفى بعداً خاصاً على المكان».

المخرجة الفلبينية تحدثت عن الفضاء الواقعي للفيلم (الشركة المنتجة)

وأشارت روميرو إلى أن «الموسيقى في الفيلم حملت طابعاً روحياً أشبه بالتراتيل»، موضحة أن الأغنية الرئيسية ليست دينية بالمعنى الحرفي، بل أغنية عن الفقد والتحرر والوداع، وكلماتها تتحدث عن إطلاق الأحبة نحو السماء بشكل كان انعكاساً دقيقاً لعلاقة «ميرا» و«جونيو».

و«لعبت مديرة التصوير غيا دي فيرا دوراً محورياً في الفيلم لامتلاكها عيناً فريدة في التعامل مع الضوء والملمس، فطريقة تصويرها للصالة القديمة جعلتها تبدو ككائن حي يتنفّس، أشبه بشخصية ثالثة في الفيلم، تجمع بين الواقعية والصفاء الحلمي، وهو دور لم يقل أهمية عما لعبه المونتير جون روجز الذي عمل على خلق إيقاع داخلي يجمع بين السكون والانفعال»، وفق تصريحات المخرجة الفلبينية.


مقالات ذات صلة

«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

يوميات الشرق المخرج العراقي زرادشت أحمد (الشركة المنتجة للفيلم)

«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

يقدّم فيلم «الأسود على نهر دجلة» تجربة تتقاطع فيها الذاكرة الشخصية بالذاكرة الجماعية، ويعود فيها المخرج زرادشت أحمد إلى المُوصل.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

تعود خيرية نظمي إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق أمير المصري قام ببطولة فيلم «العملاق» (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

المخرج البريطاني روان أثالي: أمير المصري أبهرني في «العملاق»

قال المخرج البريطاني روان أثالي إن اختيار المشهد الافتتاحي لفيلم «العملاق» لم يكن قراراً مفاجئاً، بل كان محدداً منذ المراحل الأولى للكتابة.

أحمد عدلي (جدة )
يوميات الشرق لقطة من فيلم «مملكة القصب» (مؤسَّسة الدوحة للأفلام)

حسن هادي: «مملكة القصب» كوميديا سوداء من ذاكرة الحصار

أكد حسن هادي أنَّ الفيلم حاول عكس صورة المجتمع خلال التسعينات، بسبب الحصار والعقوبات المفروضة.

داليا ماهر (الدوحة)
سينما أونا تشابلن شريرة الفيلم (تونتييث سنتشري ستديوز)

فيلم «أڤاتار: نار ورماد»... نقاط ضعف وحسنات

كل ما يحدث في «أڤاتار: نار ورماد» على مدى ثلاث ساعات و17 دقيقة كان يمكن له أن يحدث على كوكب الأرض فيما لو قرر جيمس كاميرون وكاتبا السيناريو ذلك.

محمد رُضا (بالم سبرينغز (كاليفورنيا) )

انتحار الممثل الأميركي جيمس رانسون

أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
TT

انتحار الممثل الأميركي جيمس رانسون

أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)
أرشيفية للممثل الأميركي جيمس رانسون (ا.ب)

توفي الممثل الأميركي جيمس رانسون، الذي جسد شخصية «زيجي سوبوتكا» في مسلسل قناة «إتش بي أو» الشهير «ذا واير» وظهر في العديد من المسلسلات التلفزيونية والأفلام الأخرى، عن 46 عاماً.

وذكر مكتب الطب الشرعي في مقاطعة لوس أنجليس في سجلاته المنشورة على الإنترنت أن رانسون توفي منتحراً يوم الجمعة.

وتشمل الأعمال السينمائية لرانسون أفلاما مثل «إت: الفصل الثاني»، و«الهاتف الأسود»، و«الهاتف الأسود 2»، كما ظهر في مسلسلات تلفزيونية من بينها دراما الشرطة «بوش» ومسلسل «بوكر فيس».


اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
TT

اعتقال موظف بقصر الإليزيه لاتهامه بسرقة أدوات مائدة قيّمة

أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)
أدوات مائدة وقائمة طعام في انتظار حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعشاء الكريسماس مع جنوده في أبوظبي (أ.ف.ب)

أعلنت النيابة العامة في باريس أن 3 رجال سيمثلون أمام المحكمة، العام المقبل، بعد أن تمَّ اعتقال موظف فضيات يعمل في المقر الرسمي للرئيس الفرنسي، هذا الأسبوع، بتهمة سرقة أدوات فضية وأواني مائدة تقدر قيمتها بآلاف اليوروات.

وأفاد كبير موظفي الفضيات في قصر الإليزيه باختفاء هذه الأدوات، حيث قُدِّرت الخسائر بما بين 15 ألفاً و40 ألف يورو، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وقد تمكَّن «مصنع سيفر»، الذي زوَّد القصر بمعظم الأثاث، من التعرُّف على عدد من القطع المفقودة بعد ظهورها على مواقع المزادات الإلكترونية. وأدت التحقيقات مع موظفي الإليزيه إلى الاشتباه بأحد موظفي الفضيات، إذ أظهرت سجلات الجرد الخاصة به أنه كان يخطط لعمليات سرقة مستقبلية.

قصر الإليزيه في باريس بفرنسا (رويترز)

وكشفت التحقيقات عن أن الرجل كان على علاقة بمديرة شركة متخصصة في بيع الأدوات المنزلية عبر الإنترنت، خصوصاً أدوات المائدة.

يأتي ذلك بعدما تمكَّن لصوص من الاستيلاء على 8 قطع مجوهرات «لا تُقدَّر بثمن» كانت مملوكة سابقاً لملكات وإمبراطورات فرنسيات، من بينها تيجان مرصعة بالأحجار الكريمة، وقلائد، وأقراط، وبروشات، قبل أن يضطروا إلى الفرار بعد تدخل موظفي المتحف.


«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
TT

«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)

اختارت مبادرة «نوابغ العرب» البروفسور اللبناني بادي هاني للفوز بالجائزة عن فئة الاقتصاد، تقديراً لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، البروفسور هاني، مؤكداً أن استدامة النمو الاقتصادي المرن والمتوازن تُعد ركناً أساسياً لتقدم المجتمعات وازدهار الحضارة الإنسانية. وقال في منشور على منصة «إكس» إن هاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة سيراكيوز، قدّم «إسهامات استثنائية» في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية، لافتاً إلى أنه نشر أكثر من 200 بحث علمي، وأن كتابه في تحليل نماذج البيانات الاقتصادية بات مرجعاً للباحثين حول العالم.

وأشار الشيخ محمد بن راشد إلى حاجة المجتمعات العربية إلى اقتصاديين محترفين، مؤكداً أن السياسات الفاعلة تُبنى على علم راسخ وبيانات دقيقة، وأن «اقتصاد الأمة يُصنع بعقولها»، معبّراً عن تطلعه إلى «فصل عربي جديد» في مسيرة استئناف الحضارة العربية.

وجاء منح جائزة الاقتصاد هذا العام للبروفسور بادي هاني تقديراً لإسهاماته في تطوير أدوات التحليل الاقتصادي، خصوصاً في مجال «تحليل لوحة البيانات الاقتصادية»، الذي يعزز دقة دراسة البيانات عبر دمج معلومات من فترات زمنية ومصادر متعددة. وأسهمت ابتكاراته، بحسب المبادرة، في تحسين تقييم آثار السياسات الاقتصادية على المدى البعيد وعبر مناطق مختلفة، ما دفع حكومات ومؤسسات إلى تبنّي أساليبه في قياس كفاءة السياسات والإنفاق العام والأطر التنظيمية.

كما قدّم هاني دورات تدريبية لمختصين اقتصاديين ضمن مؤسسات دولية، بينها البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وبنوك مركزية عدة. ونشر أكثر من 200 بحث علمي، وله مؤلفات أكاديمية مؤثرة، أبرزها كتاب «تحليل نماذج البيانات الاقتصادية» المرجعي. وهو يحمل درجة البكالوريوس في الإحصاء من الجامعة الأميركية في بيروت، والماجستير من جامعة كارنيجي ميلون، والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا.

وفي إطار الإعلان عن الجائزة، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالبروفسور بادي هاني أبلغه خلاله بفوزه بجائزة «نوابغ العرب 2025» عن فئة الاقتصاد، مشيراً إلى أهمية الأبحاث والنظريات والأدوات التي طورها على مدى عقود، والتي أصبحت ركيزة أساسية في التحليل الاقتصادي الاستراتيجي القائم على المعطيات والبيانات الدقيقة لاستشراف مستقبل التنمية وتعظيم فرصها.

واعتبر القرقاوي أن فوز هاني يمنح «دافعاً قوياً» لجيل جديد من الباحثين والمحللين والاقتصاديين العرب للإسهام في رسم المرحلة المقبلة من التنمية الشاملة في المنطقة.