روسيا تعلن محاصرة بوكروفسك وتدعو القوات الأوكرانية للاستسلام

كييف ترفض مزاعم موسكو عن تطويق وحداتها وأنها تتصدى لتأمين الطرق اللوجيستية

نظام الهجوم بالطائرات المسيرة انتشر على نطاق واسع بين الوحدات العسكرية الأوكرانية (إ.ب.أ)
نظام الهجوم بالطائرات المسيرة انتشر على نطاق واسع بين الوحدات العسكرية الأوكرانية (إ.ب.أ)
TT

روسيا تعلن محاصرة بوكروفسك وتدعو القوات الأوكرانية للاستسلام

نظام الهجوم بالطائرات المسيرة انتشر على نطاق واسع بين الوحدات العسكرية الأوكرانية (إ.ب.أ)
نظام الهجوم بالطائرات المسيرة انتشر على نطاق واسع بين الوحدات العسكرية الأوكرانية (إ.ب.أ)

قالت وزارة الدفاع الروسية، الأربعاء، إن قواتها أطبقت على القوات الأوكرانية وتحاصرها في مدينتي بوكروفسك وكوبيانسك، مؤكدة أنه لا توجد أمامها فرصة للنجاة، وعليها الاستسلام. وأضافت الوزارة، في بيان، أن وضع القوات الأوكرانية في كلا الموقعين يتدهور بسرعة، وأن تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حول هذا الموضوع «غير صحيحة». فيما رفضت كييف مزاعم روسيا أن تكون قواتها محاصرة في أي من المكانين.

مدفعيون أوكرانيون يطلقون النار من مدفع «هاوتزر» ذاتي الحركة باتجاه القوات الروسية بالقرب من بلدة بوكروفسك على خط المواجهة في منطقة دونيتسك يوم 15 أكتوبر 2025 (رويترز)

وكان جهاز الاستخبارات العسكرية الأوكراني قد أفاد في وقت سابق بعمليات نفذتها قواته الخاصة من أجل منع سقوط بوكروفسك، وهي مدينة تشتهر بأنشطة التعدين، وكان يعيش فيها من قبل نحو 60 ألف نسمة، وشهدت صراعاً شرساً لأكثر من عام.

وقالت الوزارة الروسية إن مواقع الوحدات الأوكرانية تتدهور بسرعة مع تقدم القوات الروسية، «ما لا يترك أي فرصة للجنود الأوكرانيين سوى الاستسلام الطوعي». واتهمت روسيا أوكرانيا بإخفاء الوضع البائس لقواتها في شرق البلاد. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، لوكالات أنباء روسية، الأربعاء، إن أوكرانيا رفضت اقتراحاً روسيّاً بالسماح للصحافيين الغربيين بزيارة المنطقة، رغم الاهتمام القوي.

جنود أوكرانيون يجهّزون مسيّرات بالقرب من خطوط الجبهة شرق البلاد يوم 30 أكتوبر (رويترز)

وتساءل بيسكوف: «ما الذي يخفى في كييف؟ يتم التكتم على الوضع البائس لقواتهم». وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إنه على عكس المزاعم الروسية، لا توجد وحدات للقوات المسلحة الأوكرانية تم تطويقها في قطاع بوكروفسك-ميرنوهراد من الجبهة في منطقة شرقي دونيتسك. وأعلنت الهيئة أن القوات الأوكرانية عززت وحداتها الدفاعية حول مدينة بوكروفسك الاستراتيجية، نافية بذلك التصريحات الروسية التي أفادت بتطويق القوات. وأقر الجيش في بيان على تطبيق «تلغرام» بصعوبة الوضع، مضيفاً أن أعمالاً قتالية جارية لتعزيز مشارف بوكروفسك وميرنوهراد وتأمين الطرق اللوجيستية.

وقال المتحدث باسم هيئة الأركان العامة الأوكرانية، أندريه كوفالوف، لوكالة أنباء إنترفاكس- أوكرانيا، إن الوضع في بوكروفسك صعب. ولكنه أضاف أن الوحدات الأوكرانية تبذل قصارى جهدها للحفاظ على الخدمات اللوجيستية وأن عملية جارية لطرد العدو الروسي من مدينة التعدين.

أعلنت روسيا، الأربعاء، أن قواتها تتقدم شمالاً داخل مدينة بوكروفسك وتُبعد القوات الأوكرانية عنها، في مسعى للسيطرة الكاملة على ما كان يمثل مركزاً مهماً للنقل والخدمات اللوجيستية للجيش الأوكراني. وتعتبر روسيا مدينة بوكروفسك بوابة للسيطرة على ما تبقى من منطقة دونباس الصناعية، وهي مساحة تعادل نحو عشرة في المائة من مساحتها الكلية أو نحو خمسة آلاف كيلومتر، وهو أحد أهدافها الرئيسية في الحرب المستمرة منذ ما يقرب من أربع سنوات.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان: «الهجوم في الاتجاه الشمالي مستمر»، مشيرة إلى أن قواتها تُطهّر أيضاً البلدات الواقعة جنوب شرقي بوكروفسك، فيما صدت محاولات أوكرانية عديدة لكسر الحصار.

وأعلن الجيش الأوكراني، الثلاثاء، أن قتالاً عنيفاً يدور في جزء من مدينة بوكروفسك المحوري لخطوط الإمداد اللوجيستية على خط المواجهة، مؤكداً وصول قوات خاصة إضافية وإرسال المزيد من الأسلحة والمعدات.

ومع تدهور الوضع العسكري في المنطقة، زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الثلاثاء، المنطقة القريبة من الأجزاء المتنازع عليها من الجبهة ليحصل على انطباع شخصي عن الوضع. وفي وقت سابق، أبلغت المخابرات العسكرية عن هجمات لعرقلة العدو عن تحقيق هدفه. ومع ذلك، حتى وفقاً لخرائط المراقبين العسكريين الأوكرانيين، لم يتبقَّ سوى ممر بعرض بضعة كيلومترات لتوصيل الإمدادات. وتتصدى أوكرانيا لغزو روسي واسع النطاق منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة.

وفي سياق متصل تعتزم الحكومة الألمانية زيادة المساعدات المالية المقدمة لأوكرانيا بمقدار ثلاثة مليارات يورو إضافية. وأوضح متحدث باسم وزارة المالية الألمانية أن الأموال ستستخدم لشراء مدفعية وطائرات مسيرة ومركبات مدرعة، وكذلك لإعادة شراء نظامين من أنظمة الدفاع الجوي طراز «باتريوت». وقالت الوزارة في بيان إن «ألمانيا تقف بقوة إلى جانب أوكرانيا، وهي أكبر داعم لها في أوروبا». وأضافت أن وزير المالية، لارس كلينجبايل، سيقدم، بالتنسيق مع وزير الدفاع بوريس بيستوريوس، مشروع قرار بهذا الشأن مقترحاً بهذا الشأن لإقراره ضمن الإجراءات البرلمانية.

جنود أوكرانيون يتفقدون موقع هجوم روسي في دونيتسك يوم 1 نوفمبر (رويترز)

ومن المقرر أن تبحث لجنة الموازنة في البرلمان الألماني هذا المقترح بعد غد الخميس خلال جلستها المعروفة باسم «جلسة التصفية». ومن المنتظر أن يقر البرلمان موازنة عام 2026 في نهاية الشهر الحالي. وحتى الآن تتضمن الميزانية تخصيص 8.5 مليار يورو لمساعدة أوكرانيا.

كما وافقت دول الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، على صرف 1.8 مليار يورو (2.1 مليار دولار) لأوكرانيا بموجب برنامج الدعم المالي طويل المدى من الاتحاد. ويستهدف هذا التمويل السماح لكييف بالاستمرار في تشغيل إدارتها العامة.

مبانٍ سكنية تعرّضت لضربات عسكرية روسية في بوكروفسك على الخط الأمامي بمنطقة دونيتسك في أوكرانيا يوم 21 مايو 2025 (رويترز)

ويعد هذا المبلغ جزءاً من حزمة مساعدات قيمتها 50 مليار يورو من القروض والمنح خلال الفترة من 2024 وحتى 2027. وترتبط المدفوعات من هذا الصندوق بإصلاحات تتوافق مع هدف أوكرانيا طويل المدى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والتركيز على التعافي وإعادة البناء وتحديث البلاد.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

أوروبا الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

قالت القوات الأوكرانية إنها رصدت جنوداً روساً يمتطون الخيول قرب خط المواجهة، في مؤشر على الأساليب الارتجالية التي تستخدم في ساحة المعركة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي (أرشيفية - أ.ب) play-circle

روسيا تتحدث عن «تقدم بطيء» في المفاوضات بشأن أوكرانيا

سجلت موسكو تقدماً «بطيئاً» في المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن خطة إنهاء الحرب في أوكرانيا، ونددت بمحاولات «خبيثة» لإفشالها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا السيارة التي قتل فيها الجنرال فانيل سارفاروف (56 عاماً) وسط منطقة سكنية في موسكو الاثنين (رويترز)

مقتل ضابط روسي كبير بانفجار سيارة في موسكو

قُتل جنرال في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي في انفجار سيارة في جنوب موسكو، وذلك بعد ساعات فقط من إجراء مندوبين روس وأوكرانيين محادثات منفصلة في ميامي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

كشف تحقيق جديد عن مستوى غير مسبوق من العنف يطول النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، في ظل النزاعات المشتعلة حول العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر قمة المجلس الاقتصادي الأوراسي الأعلى في سانت بطرسبرغ الأحد (أ.ب)

الكرملين ينفي سعي بوتين للسيطرة على أوكرانيا بالكامل

نفي الكرملين تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى للسيطرة على أوكرانيا بالكامل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

سيارة تدهس حشداً في هولندا وتصيب 9 بينهم 3 بجروح خطيرة

عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

سيارة تدهس حشداً في هولندا وتصيب 9 بينهم 3 بجروح خطيرة

عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)

قالت الشرطة إن سيارة اندفعت نحو حشد من الأشخاص الذين كانوا ينتظرون مشاهدة عرض في مدينة بشرق هولندا، مساء اليوم الاثنين، ما أسفر عن إصابة تسعة أشخاص، ثلاثة منهم على الأقل إصاباتهم خطيرة.

وأوضحت شرطة جيلدرلاند، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن الحادث لا يبدو متعمداً في الوقت الحالي، لكنها فتحت تحقيقاً.

وكان الناس ينتظرون مشاهدة عرض لمركبات مزينة بأضواء عيد الميلاد في مدينة نونسبيت، الواقعة على بعد نحو 80 كيلومتراً شرق أمستردام.

وقالت بلدية إلبورج المجاورة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إن العرض توقف بعد الحادث.

وقال رئيس البلدية يان ناثان روزندال في بيان: «ما كان ينبغي أن يكون لحظة تضامن انتهى بقلق وحزن كبيرين».

وأضافت الشرطة أن السائقة، وهي امرأة (56 عاماً) من نونسبيت، أصيبت بجروح طفيفة، وتم توقيفها «كما هو معتاد في حوادث المرور الخطيرة»، دون تقديم مزيد من التفاصيل.


أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)

قالت القوات الأوكرانية إنها رصدت جنوداً روساً يمتطون الخيول قرب خط المواجهة، في مؤشر على الأساليب الارتجالية التي تستخدم في ساحة المعركة.

ونشر اللواء الهجومي 92 التابع للجيش الأوكراني، اليوم الاثنين، مقطع فيديو يظهر على ما يبدو عدداً من الجنود الروس يتنقلون على ظهور الخيل أو البغال، ويتعرضون لهجمات بطائرات مسيرة صغيرة، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وقال اللواء 92، في منشور عبر تطبيق «تلغرام»، «يخسر المحتلون الروس معداتهم بسرعة كبيرة في هجماتهم المباشرة التي لا توفر سوى فرص ضئيلة للنجاة، إلى درجة أنهم باتوا مضطرين للتحرك على ظهور الخيل».

لقطة من فيديو نشرته القوات الأوكرانية تظهر ما يبدو وكأنه جندي روسي يمتطي جواداً ويحاول عبور منطقة مفتوحة قبل أن تصيبه طائرة مسيرة

وقال محللون إنه من المرجح أنه تم تصوير مقطع الفيديو في منطقة دنيبروبيتروفسك جنوبي البلاد، على الرغم من عدم إمكانية التحقق من الموقع بشكل مستقل.

وبحسب ما يظهر في اللقطات، كان الجنود الروس يحاولون عبور حقل واسع ومفتوح بأسرع ما يمكن.

وتعتمد القوات الروسية بشكل متزايد على مجموعات هجومية صغيرة للتقدم بسرعة نحو المواقع الأوكرانية ثم محاولة التحصن فيها. وأظهرت مقاطع فيديو سابقة جنوداً روساً يستخدمون دراجات نارية مخصصة للطرق الوعرة، ودراجات رباعية الدفع، ودراجات كهربائية كوسيلة للتنقل.

كما شوهد جنود أوكرانيون يستخدمون الدراجات الجبلية الكهربائية والدراجات النارية للتنقل بسرعة عبر ساحة المعركة.


شبهات «تجسس ألماني» أجبرت مدير مدرسة ملك بريطانيا على مغادرة اسكوتلندا

كورت هان (ويكيبيديا)
كورت هان (ويكيبيديا)
TT

شبهات «تجسس ألماني» أجبرت مدير مدرسة ملك بريطانيا على مغادرة اسكوتلندا

كورت هان (ويكيبيديا)
كورت هان (ويكيبيديا)

كشفت وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرّية مؤخراً، أن كورت هان، مؤسس مدرسة «غوردونستون» الشهيرة التي تلقّى فيها الملك تشارلز تعليمه في شبابه، خضع لمراقبة دقيقة من جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5)، على خلفية تقارير وُصفت آنذاك بـ«المقلقة»، شككت في ولائه لبريطانيا خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، وفقاً لصحيفة «التايمز».

وتُظهر الملفات، التي كان مقرراً الإبقاء عليها سرية حتى عام 2046، أن هان أُجبر فعلياً على مغادرة اسكوتلندا عام 1940، بعد اتهامات رسمية بأنه قد يكون «جاسوساً ألمانياً خطيراً»، في واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في تاريخ التعليم البريطاني الحديث.

وكان هان، المولود في ألمانيا، يُشاد به بوصفه مربياً رائداً وصاحب رؤية تربوية ثورية، إذ أسس مدرسة «غوردونستون» عام 1934 في مقاطعة موراي شمال شرقي اسكوتلندا، بعدما اضطر إلى مغادرة بلاده بسبب انتقاداته العلنية لهتلر. ولاحقاً، استضافت المدرسة ثلاثة أجيال من العائلة المالكة البريطانية، من بينهم الأمير فيليب، دوق إدنبرة، والملك تشارلز.

غير أن اندلاع الحرب العالمية الثانية أعاد فتح ملف ولاء هان، وسط تصاعد المخاوف من غزو نازي محتمل للسواحل الاسكوتلندية. وتكشف مراسلات رسمية أن الدعوة إلى التحقيق معه، قادها توماس كوبر، المدعي العام الاسكوتلندي آنذاك، إلى جانب جيمس ستيوارت، نائب كبير منسقي الانضباط الحزبي لرئيس الوزراء ونستون تشرشل.

وفي رسالة بعث بها كوبر إلى وزارة الداخلية في يونيو (حزيران) 1940، قال إن «الملف المُعد ضد هان، ربما يكون أخطر من أي ملف آخر»، مضيفاً أن جهاز «MI5»؛ «يعرف كل شيء عن هذا الرجل»، وأنه «إما جاسوس خطير أو عميل بريطاني».

واتهم كوبر مدرسة «غوردونستون» بأنها تشكّل موقعاً مثالياً للتجسس، نظراً لموقعها المشرف على خليج موراي، وقربها من مطارات ومحطة لاسلكية، فضلاً عن امتلاكها تجهيزات اتصالات مكثفة وعدداً كبيراً من أجهزة الاستقبال اللاسلكي. كما أشار إلى وجود عدد كبير من الألمان ضمن طاقم المدرسة، بعضهم ضباط سابقون في الجيش الألماني.

وأضاف أن مراقبة هواتف المدرسة خلال شتاء 1939 - 1940 كشفت عن مكالمات بعيدة المدى تتناول موضوعات تبدو «تافهة» عن الزراعة والماشية، لكنها، بحسب تقديره، كانت رسائل «مشفّرة».

وفي السياق نفسه، بعث جيمس ستيوارت برسالة إلى وزير الأمن الداخلي، السير جون أندرسون، متسائلاً عن إمكانية نقل المدرسة إلى «منطقة أقل حساسية». وجاء الرد أن هان يعتزم نقل المؤسسة إلى ويلز، وهو ما تم بالفعل في يوليو (تموز) 1940، «لتهدئة المخاوف المحلية»، وفق تعبير الوزارة.

وتضم الملفات أيضاً رسالة من مدير مدرسة مجاورة، اتهم فيها هان باستقبال نازي ألماني كان يتردد ليلاً على المدرسة، ويقوم بجولات تصوير للساحل الاسكوتلندي ومنشآت حيوية قريبة.

وعلى الرغم من كل تلك الشبهات، تُظهر السجلات الأمنية اللاحقة أن أجهزة الاستخبارات لم تعثر على أي دليل يثبت تورط هان في نشاط معادٍ لبريطانيا. وخلص تقرير رسمي لوزارة الداخلية إلى أنه «لا يوجد ما يبرر القلق»، مؤكداً أن هان «معجب بالمؤسسات البريطانية» ولا يكنّ أي عداء للبلاد.

كما تكشف الوثائق أن هان كان يزوّد مكتب الدعاية البريطاني بمعلومات بشكل غير رسمي، من دون علم وزارة الداخلية أو جهاز «MI5»، ما يرجّح أنه كان أقرب إلى متعاون غير معلن منه إلى مشتبه به حقيقي.

وإلى جانب الجدل الأمني، تسلّط الوثائق الضوء على فلسفة هان التربوية المثيرة للجدل، التي قامت على ما وصفه بـ«مختبر تربوي» قاسٍ، شمل تعريض التلاميذ لظروف بدنية شديدة؛ مثل الجري حفاة في الثلج، والاستحمام بالماء البارد، والتدريب البدني الصارم، في إطار إيمانه بأن «قوة الطفولة الروحية» يمكن الحفاظ عليها ومنع «تشوّه المراهقة».

وكان الأمير فيليب من أبرز المدافعين عن هان، واستلهم لاحقاً أفكاره في تأسيس «جائزة دوق إدنبرة». في المقابل، لم يُخفِ الملك تشارلز استياءه من سنوات دراسته في «غوردونستون»، واصفاً إياها لاحقاً بأنها «سجن بلباس اسكوتلندي».

وتوفي كورت هان عام 1974 عن عمر ناهز 88 عاماً في ألمانيا، بينما لا تزال مدرسته تواجه إرثاً مثقلاً بالانتقادات؛ ففي العام الماضي، قدمت «غوردونستون» اعتذاراً رسمياً بعد تحقيق اسكوتلندي خلص إلى وجود «ثقافة مروّعة من الإساءة والعنف» داخل المدرسة قبل عام 1990.