كيف تحذف بصمتك الرقمية؟

نصائح وخطوات لإخفاء معلوماتك الشخصية وتاريخ استخدامك للإنترنت

كيف تحذف بصمتك الرقمية؟
TT

كيف تحذف بصمتك الرقمية؟

كيف تحذف بصمتك الرقمية؟

هل فكرتَ يوماً في «البدء من جديد» على الإنترنت؟ في عالمنا الرقمي، تترك كل عملية بحث وتمرير ونقرة مساراً متزايداً من البيانات الشخصية التي تُشكِّل ما تُعرف بـ«البصمة الرقمية». ورغم أن فكرة الاختفاء في الإنترنت قد تكون صعبة، فإن استعادة السيطرة على هذا المسار أمر ممكن وضروري.

ويهدف هذا الدليل إلى تزويدك بخطوات عملية ومفصلة لإرشادك نحو محو سنوات من النشاط عبر الإنترنت، وحماية بياناتك من المتطفلين والجهات الإعلانية.

إزالة البصمة الرقمية من «غوغل»

• مسح نشاط «غوغل» السابق: تبدأ عملية إزالة البصمة الرقمية لك بالخطوة الأكثر أهمية، وهي مسح نشاطك في «غوغل». ويمكن القيام بذلك بزيارة myactivity.google.com وتسجيل الدخول إلى حسابك في «غوغل». وبمجرد تسجيل الدخول، ستجد كل خطوة قمت بها عبر خدمات «غوغل»، بدءاً من عمليات البحث في «خرائط غوغل» إلى عروض فيديو «يوتيوب» وعمليات البحث عن الصور. ولإزالة هذه البيانات، يمكنك النقر على خيار «حذف النشاط حسب» (Delete activity by) في الزاوية العلوية اليسرى (باللغة الإنجليزية، أو في الزاوية العلوية اليمنى باللغة العربية). وستظهر شاشة جديدة متعلقة بـ«حذف النشاط» (Delete activity) تتضمن خيارات مثل: «الساعة الأخيرة» (Last hour)، و«اليوم الأخير» (Last day)، و«جميع الأوقات» (All times)، و«مدة محددة» (Custom range)،

وسيؤدي النقر على «جميع الأوقات» إلى الكشف عن قائمة بالتطبيقات أو منتجات «غوغل» المستخدمة، وتستطيع تحديد التطبيق المطلوب حذف معلوماته والمتابعة. وفي «المدة المحددة»، يمكنك تحديد تواريخ محددة للفترة التي تريد مسح النشاط منها. كما يمكنك أيضاً الترتيب حسب منتجات «غوغل»، مثل «خرائط غوغل» أو «البحث» أو «يوتيوب» قبل تأكيد الحذف.

هذه الشاشة هي الأساس لمحو آثارك الرقمية عبر الأجهزة المتعددة، ويُنصح بالعودة إليها حين ترغب في حذف تاريخ استخدامك لمنتجات «غوغل».

• تعطيل التتبع المستقبلي: كما يمكنك حذف سجل التصفح والبحث الخاص بك، من خلال الانتقال إلى قسم «عناصر التحكم في النشاط» (Activity control) في الجزء العلوي الأيسر، وإيقاف تشغيل «نشاط الويب والتطبيقات» (Web and app activity)، و«سجل الموقع الجغرافي» (Location history) و«سجل يوتيوب» (YouTube history). هذا الخيار سيمنع «غوغل» من تتبع النشاطات المستقبلية لك والمكان الذي تذهب إليه، وما تبحث عنه، وما تشاهده.

• إيقاف جمع البيانات: وبعد حذف البيانات القديمة، تستطيع منع تسجيل جمع البيانات الجديدة من خلال إيقاف عمل ميزة تتبع النشاط، وذلك بالانتقال إلى إعدادات حساب «غوغل» ثم «البيانات والخصوصية» (Data & privacy)، ومن ثم قم بإيقاف تشغيل جميع خيارات تتبع النشاط. وسيضمن هذا الأمر عدم تسجيل استخدامك للإنترنت والتطبيقات وبيانات موقعك الجغرافي وسجل مشاهدة عروض «يوتيوب» في الخلفية.

تأمين الاتصالات وحذف الوجود القديم

• تأمين اتصالك الإلكتروني: بالإضافة إلى حذف سجل التصفح، تستطيع المحافظة على أمن بيانات اتصالك بالإنترنت بعيداً عن أعين المتطفلين، بالجمع بين استخدام ما تُعرف بالشبكة الافتراضية الخاصة (Virtual Private Network VPN)، ومتصفح أو محرك بحث يركز على الخصوصية. وتقوم الشبكة الافتراضية الخاصة باستخدام أجهزة خادمة خاصة، تخفي معلومات موقعك الجغرافي، وبيانات الاتصال بالإنترنت الخاصة بك، بهدف جعل المتطفلين لا يعرفون موقعك الحقيقي، وتصعيب قدرتهم على استهداف جهازك.

وتوجد برامج عدة تقوم بهذه الوظائف، إلى جانب تقديم امتدادات (Extensions) للمتصفحات، للهدف نفسه.

كما يمكن استخدام محركات بحث تركز على الخصوصية بشكل رئيسي، مثل «داك داك غو» (DuckDuckGo)، و«بريف سيرش» (Brave Search)، و«ستارت بيج» (Startpage)، وغيرها، أو استخدام متصفحات محورها الخصوصية، مثل «داك داك غو» (DuckDuckGo)، و«تور براوزر» (Tor Browser)، و«فايرفوكس» (Firefox) بعد تفعيل إعدادات الخصوصية فيه.

ويُنصح كذلك بتغيير كلمات المرور بشكل دوري، للدفاع ضد المتسللين، ومنعهم من مراقبة نشاطاتك الرقمية.

إن حذف بصمتك الرقمية ليس مجرد الابتعاد عن الإنترنت أو إخفاء تاريخك الرقمي؛ بل يتعلق باستعادة السيطرة على كل ما يتعلق بك، والحفاظ على الخصوصية، لتصبح عادة تستمر مدى الحياة.

• تنظيف الوجود القديم بحذف حسابات التواصل الاجتماعي المنسية: ولتقليل بصمتك الرقمية، من الضروري تنظيف وجودك على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك بالبدء في التنقيب الرقمي للبحث عن أي حسابات قديمة أو منسية أنشأتها على مر السنين على المنصات النشطة الآن، أو تلك التي لم تعد تستخدمها. حاول تسجيل الدخول إلى تلك الحسابات وحذفها نهائياً.

إذا لم تتمكن من تذكر بيانات الدخول، فاستخدم خيارات استعادة كلمة المرور، أو أبحث عن دليل المنصة لـ«حذف الحسابات غير النشطة». ولدى بعض المنصات سياسات تسمح بحذف الحساب بعد فترة طويلة من عدم النشاط، ولكن قد تحتاج إلى تقديم طلب مباشر لذلك. وسيؤدي حذف هذه الحسابات إلى إزالة جميع البيانات والصور والمنشورات التي ربما لم تعد ترغب في الاحتفاظ بها على الإنترنت.

الخصوصية وحماية البيانات الشخصية

• مراجعة إعدادات الخصوصية وأذونات التطبيقات: وبعد مسح بيانات «غوغل»، فإن كثيراً من التطبيقات والخدمات التي تستخدم المنصات المختلفة لديها إذن للوصول إلى بياناتك الشخصية باستمرار. اذهب إلى إعدادات حساباتك الرئيسية (مثل: «غوغل»، و«فيسبوك»، و«مايكروسوفت»، وغيرها) وابحث عن قسم «التطبيقات والمواقع الإلكترونية المتصلة»، أو «الأذونات»، وقم بمراجعة القائمة، وحذف أي تطبيق أو خدمة لم تعد تستخدمها، أو لا تثق بها.

غالباً ما تحصل هذه التطبيقات على إذن لقراءة ملفك الشخصي، والوصول إلى جهات الاتصال الخاصة بك، وحتى نشر محتوى باسمك. ويجب عليك حذف هذا الإذن على الفور. وعلاوة على ذلك، قم بضبط إعدادات الخصوصية في جميع منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية، لتكون «خاصة» قدر الإمكان وقلل من إمكانية ظهور ملفك الشخصي في عمليات البحث الخارجية.

• هجوم مضاد... إزالة معلوماتك من قواعد بيانات وسطاء البيانات: توجد شركات تسمى وسطاء البيانات (Data Brokers) تقوم بجمع وبيع معلوماتك الشخصية (مثل عنوانك، ورقم هاتفك، وبريدك الإلكتروني) للجهات التي ترغب في ذلك، بهدف الترويج للمنتجات والخدمات. وتتطلب إزالة بصمتك الرقمية حذف معلوماتك من قواعد بياناتهم.

ولا توجد طريقة تلقائية واحدة، وعادةً ما يتطلب الأمر الوصول إلى مواقع كل وسيط بيانات وتقديم طلب «عدم البيع» أو «الإزالة» (Opt-Out)، وتشمل بعض هذه الشركات المعروفة «وايت بايجز» (Whitepages)، و«سبوكيو» (Spokeo)، و«بيبل فايندرز» (PeopleFinders)، وقد تستغرق هذه العملية وقتاً، وتتطلب منك تكرارها بشكل دوري، ولكنها خطوة حاسمة لاستعادة السيطرة على معلوماتك الخاصة، خارج نطاق المنصات الكبيرة. كما توجد خدمات متخصصة في القيام بهذا الأمر بالنيابة عنك، عبر كميات كبيرة من وسطاء البيانات، مثل «إنكوغني» (Incogni)، و«ديليت مي» (DeleteMe)، و«أباين ديلي تي» (Abine DeleteMe)، و«برايفسي بي» (Privacy Bee)، و«أوبتيري» (Optery)، و«أورا» (Aura)، و«كاناري كوبايلوت» (Kanary Copilot)، و«آي دي إكس كومبليت» (IDX Complete) و«برايفسي هوك» (Privacy Hawk)، وغيرها.

• حماية المستقبل... اعتماد هويات بديلة للخدمات الجديدة: ولتقليل إنشاء مزيد من البصمات الرقمية في المستقبل، يمكنك تبني استراتيجية استخدام أسماء مستعارة، وعناوين بريد إلكتروني مختلفة للخدمات غير الأساسية. فعند التسجيل في النشرات الإخبارية، أو المسابقات، أو منصات تتوقع أن تستخدمها مرة واحدة فقط، استخدم بريداً إلكترونياً مؤقتاً أو مخصصاً لذلك، لا ترتبط به أي معلومات شخصية مهمة.

وبالنسبة للخدمات الجديدة، فتستطيع استخدام اسم مستعار، أو نسخة معدلة من اسمك، لا يمكن ربطها بسهولة بهويتك الحقيقية، مما يساعد في تجزئة بصمتك الرقمية، ويجعل من الصعب على الشركات تجميع ملف تعريفي شامل ودقيق حولك من مصادر متعددة.

01 Delete Your Digital Footprint نصائح لحماية بصمتك الإلكترونية وتاريخك الرقمي

02 Delete Your Digital Footprint تستطيع حذف تاريخ استخدامك للمتصفح والخدمات والابتعاد عن أعين المتطفلين والشركات الإعلانية

03 Delete Your Digital Footprint سيطر على كل ما يتعلق بك وحافظ على خصوصية معلوماتك الشخصية



«تسلا» تعرض الروبوت الشبيه بالبشر «أوبتيموس» في برلين

 «أوبتيموس» (أ.ب)
«أوبتيموس» (أ.ب)
TT

«تسلا» تعرض الروبوت الشبيه بالبشر «أوبتيموس» في برلين

 «أوبتيموس» (أ.ب)
«أوبتيموس» (أ.ب)

كشفت شركة «تسلا»، السبت، عن روبوتها الشبيه بالبشر المُسمى «أوبتيموس» أمام الجمهور في العاصمة الألمانية برلين.

وقام الروبوت بتوزيع الفشار في سوق لعيد الميلاد بمركز التسوق «إل بي 12»، المعروف أيضاً باسم «مول برلين»؛ حيث كان يلتقط علب الفشار الصغيرة ويملؤها، ثم يقدمها للزوار.

وتشكل طابور طويل أمام المنصة. وكما الحال في عروض مماثلة أخرى قدمتها «تسلا»، ظل من غير الواضح إلى أي مدى كان «أوبتيموس» يعمل بشكل ذاتي، أو ما إذا كان خاضعاً للتحكم عن بُعد جزئياً على الأقل.

«أوبتيموس» (أ.ب)

وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن تتراجع مبيعات سيارات «تسلا» الكهربائية مرة أخرى هذا العام، أعلن الرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك أن مستقبل «تسلا» يكمن في سيارات الأجرة ذاتية القيادة «الروبوتاكسي»، والروبوتات الشبيهة بالبشر.

كما توقّع ماسك أن يفوق عدد الروبوتات عدد البشر في العالم مستقبلاً، مشيراً إلى أن السيارات ذاتية القيادة والروبوتات ستفضي إلى «عالم بلا فقر»، يتمتع فيه الجميع بإمكانية الوصول إلى أفضل رعاية طبية. وأضاف قائلاً: «سيكون (أوبتيموس) جراحاً مذهلًا».

وأوضح ماسك أنه يأمل في بدء إنتاج هذه الروبوتات بحلول نهاية العام المقبل.

وحسب تقارير إعلامية، يتم التحكم في بعض هذه الروبوتات عن بُعد خلال مثل هذه العروض. وأثار مقطع فيديو ضجة على الإنترنت مؤخراً، يظهر فيه روبوت «أوبتيموس» وهو يسقط إلى الخلف مثل لوح مسطح خلال فعالية في مدينة ميامي.

وقبل أن يسقط يرفع الروبوت ذراعيه الاثنتين إلى رأسه، في حركة توحي بأن الشخص الذي كان يتحكم فيه عن بُعد قد نزع نظارة ثلاثية الأبعاد. ولم تعلق «تسلا» على ذلك.


خبراء يحذِّرون: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ

يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
TT

خبراء يحذِّرون: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ

يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)

أفاد تقرير بأن تفويض بعض المهام إلى الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ؛ بل وقد يضر بمهارات التفكير النقدي وحل المشكلات.

في وقت سابق من هذا العام، نشر «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) دراسة أظهرت أن الأشخاص الذين استخدموا برنامج «شات جي بي تي» لكتابة المقالات أظهروا نشاطاً أقل في شبكات الدماغ المرتبطة بالمعالجة المعرفية في أثناء قيامهم بذلك.

لم يتمكن هؤلاء الأشخاص أيضاً من الاستشهاد بمقالاتهم بسهولة، كما فعل المشاركون في الدراسة الذين لم يستخدموا روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي. وقال الباحثون إن دراستهم أظهرت «أهمية استكشاف احتمال انخفاض مهارات التعلم».

تم اختيار جميع المشاركين الـ54 من «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) والجامعات المجاورة. وسُجِّل نشاط أدمغتهم باستخدام تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، الذي يتضمن وضع أقطاب كهربائية على فروة الرأس.

وتضمنت بعض التوجيهات التي استخدمها المشاركون طلب المساعدة من الذكاء الاصطناعي لتلخيص أسئلة المقالات، والبحث عن المصادر، وتحسين القواعد والأسلوب.

كما استُخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد الأفكار والتعبير عنها، ولكن بعض المستخدمين شعروا بأنه لم يكن بارعاً في ذلك.

انخفاض التفكير النقدي

وفي دراسة منفصلة، ​​وجدت جامعة «كارنيجي ميلون» و«مايكروسوفت» التي تُشغّل برنامج «Copilot»، أن مهارات حل المشكلات لدى الأفراد قد تتضاءل إذا ما اعتمدوا بشكل مفرط على الذكاء الاصطناعي.

واستطلعت الدراسة آراء 319 موظفاً من ذوي الياقات البيضاء ممن يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي في وظائفهم مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، حول كيفية تطبيقهم للتفكير النقدي عند استخدامها.

ودرس الباحثون 900 مثال لمهام مُسندة إلى الذكاء الاصطناعي، تتراوح بين تحليل البيانات لاستخلاص رؤى جديدة والتحقق من استيفاء العمل لقواعد مُحددة.

وخلصت الدراسة إلى أن ارتفاع مستوى الثقة في قدرة الأداة على أداء مهمة ما يرتبط بـ«انخفاض مستوى التفكير النقدي»، وذكرت الدراسة أن «مع أن الذكاء الاصطناعي من الجيل الجديد يُمكن أن يُحسِّن كفاءة العاملين، فإنه قد يُعيق التفاعل النقدي مع العمل، وقد يُؤدي إلى اعتماد مُفرط طويل الأمد على الأداة، وتراجع مهارات حل المشكلات بشكل مستقل».

كما أُجري استطلاع رأي مماثل على طلاب المدارس في المملكة المتحدة، نُشر في أكتوبر (تشرين الأول) من قِبل مطبعة جامعة أكسفورد. وأظهر أن 6 من كل 10 أشخاص شعروا بأن الذكاء الاصطناعي قد أثر سلباً على مهاراتهم الدراسية.

وقد وجدت دراسة أجرتها كلية الطب بجامعة هارفارد ونُشرت العام الماضي، أن مساعدة الذكاء الاصطناعي حسَّنت أداء بعض الأطباء، ولكنها أضرَّت بأداء آخرين لأسباب لم يفهمها الباحثون تماماً.

معلم خصوصي لا مقدم للإجابات

تقول جاينا ديفاني التي تقود التعليم الدولي في شركة «أوبن إيه آي» -الشركة التي تمتلك «شات جي بي تي»- والتي ساعدت في تأمين الدراسة مع جامعة أكسفورد، إن الشركة «تدرك تماماً هذا النقاش في الوقت الحالي».

وتقول لـ«بي بي سي»: «لا نعتقد قطعاً أن على الطلاب استخدام (شات جي بي تي) لتفويض المهام الدراسية». وترى أنه من الأفضل استخدامه كمعلمٍ خصوصي لا مجرد مُقدّمٍ للإجابات.


أبحاث الروبوتات… «ضلَّت طريقها»

رودني بروكس
رودني بروكس
TT

أبحاث الروبوتات… «ضلَّت طريقها»

رودني بروكس
رودني بروكس

يقول رودني بروكس: «أحب أن أنظر إلى ما يفعله الجميع، وأحاول أن أجد قاسماً مشتركاً يفترضونه جميعاً ضمنياً... لكنني أنكر وجوده».

رائد في علم الروبوتات

كان بروكس، رائد علم الروبوتات، يتحدث مباشرةً إلى الكاميرا في فيلم إيرول موريس «سريع، رخيص، وخارج عن السيطرة» عام 1997، الذي يجمع بين مقابلات مع بروكس، ومرّوض أسود، وبستاني متخصص في تقليم الأشجار، وباحث يدرس فئران الخلد العارية. قال بروكس حديثاً عن الفيلم: «أربعة رجال، كان كل منهم يحاول السيطرة على الطبيعة بطريقته الخاصة، وكنا جميعاً نفشل».

في الفيلم، كان بروكس يصف إنجازاً مبكراً. ففي ثمانينيات القرن الماضي، قيّدت قيود الحوسبة التقنية تطوير الروبوتات. لكنه وأثناء مراقبته للحشرات، أدرك أنها تمتلك قدرات عقلية محدودة، لكنها أكثر كفاءة بكثير من روبوتاته، وأن محاكاة بيولوجيا الحيوانات أذكى من محاولة التحكم في كل جانب من جوانب سلوك الروبوت عبر البرمجة. وقادته نجاحاته إلى التنبؤ بانتشار الروبوتات «في كل مكان حولنا».

بروكس مدير مختبر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا السابق، الذي كرّس حياته المهنية لجعل الآلات الذكية جزءاً من حياتنا اليومية والمشارك في ابتكار مكنسة «رومبا» الروبوتية الشهيرة، وهو في سن السبعين، يجد نفسه الآن متشككاً.

شكوك بقدرة الروبوتات... وأموال مهدورة

يعد رواد الأعمال اليوم بروبوتات لا تبدو بشرية فحسب، بل قادرة أيضاً على القيام بكل ما يستطيع الإنسان فعله.

يضخ مستثمرو التكنولوجيا مليارات الدولارات في هذا المسعى، لكن بروكس يرى أن الروبوتات البشرية متعددة الأغراض لن تعود إلى منازلنا قريباً، وأنها ليست آمنة بما يكفي للوجود حول البشر. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، نشر مقالاً نقدياً لاذعاً خلص فيه إلى أنه خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة، «ستُهدر أموال طائلة في محاولة استخلاص أي تحسينات ممكنة من الروبوتات الشبيهة بالبشر الحالية. لكن هذه الروبوتات ستكون قد ولَّت منذ زمن بعيد، وسيتم نسيانها في الغالب».

أثار منشوره على مدونته ضجة كبيرة في عالم الروبوتات الصغير. كان هذا الشخص أسطورة في هذا المجال، وقد ساهمت رؤاه في انتشار موضة الروبوتات الشبيهة بالبشر.

وكتب كريس باكستون، الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، معلقاً: «سألني ما لا يقل عن اثني عشر شخصاً عما إذا كنت أوافق على ما قاله بعد وقت قصير من نشره (وأنا لا أوافق)» على ما قاله.

أمثلة تاريخية

ويتذكر بروكس سيارة إرنست ديكمانز ذاتية القيادة، التي انطلقت في رحلاتها عبر أوروبا عام 1987. كان حاضراً عندما هزم حاسوب «آي بي إم» العملاق «ديب بلو» بطل العالم في الشطرنج غاري كاسباروف عام 1997، وعندما تنبأ باحث الذكاء الاصطناعي جيف هينتون عام 2016 بأن علم الأشعة سيصبح من الماضي خلال خمس سنوات لأن برامج التعلم الآلي ستؤدي أعماله بشكل أفضل.

كانت كل هذه تطورات مهمة، لكن السائقين ولاعبي الشطرنج واختصاصيي الأشعة ما زالوا بيننا.

يصر بروكس على أنه يتصرف بواقعية. قال في مقابلة: «سنمر بفترة من الحماس الشديد، ثم ستأتي فترة من خيبة الأمل».

سباق تسلح نحو الروبوتات الشبيهة بالبشر

يقول بروكس، الذي يعمل الآن في مؤسسة «روبست»، إن المظهر الخارجي للروبوت يُوحي بقدراته. فالروبوتات المستخدمة على نطاق واسع اليوم مصممة لمهام محددة في ظروف معينة، وتبدو كذلك - كذراع تؤدي نفس الحركة المتكررة على خط الإنتاج، أو رافعات المنصات الآلية في مستودعات «أمازون». إنها ليست مبهرة. ويضيف: «يرى الناس الشكل الشبيه بالبشر، فيعتقدون أنه قادر على فعل كل ما يفعله الإنسان».

بعبارة أخرى، تُعد الروبوتات الشبيهة بالبشر فكرة مثالية لوادي السيليكون، حيث يُمثل النمو المحتمل كل شيء بالنسبة للشركات المدعومة برأس المال المغامر.

طموحات أم أوهام؟

لهذا السبب يبدو أن شركة تسلا، المملوكة لإيلون ماسك، تُراهن بكل شيء على روبوتها «أوبتيموس». في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، صرّح ماسك بأن بناء مثل هذه الروبوتات على نطاق واسع يُمثّل «معضلة مالية لا نهائية»، وتوقّع أن روبوت شركته «قد يُحقق إنتاجية تفوق إنتاجية الإنسان بخمسة أضعاف سنوياً لقدرته على العمل على مدار الساعة». ويعتقد، من بين أمور أخرى، أن أوبتيموس سيكون جراحاً بارعاً، وهو ادعاء جريء، إذ تُعدّ البراعة البشرية من أصعب التحديات في مجال الروبوتات.

ليس ماسك الوحيد الذي يطمح إلى تحقيق أهداف كبيرة. فمن بين شركات أخرى، جمعت شركة Figure AI الناشئة ما يقارب ملياري دولار منذ عام 2022 لتطوير خط إنتاجها من الروبوتات الشبيهة بـ C-3PO، التي تُستخدم في مجالات متنوعة من التصنيع إلى رعاية المسنين. كما يمكنك إنفاق 20 ألف دولار للحصول على روبوت من إنتاج شركة 1X Technologies في بالو ألتو، ووضعه في منزلك العام المقبل، ولكن سيتم دعم استقلاليته المحدودة من قِبل موظفي الشركة، الذين سيتحكمون به عن بُعد ضمن خطة لتعليمه مهامَ جديدة.

صعوبة محاكاة البشر

هذه ليست سوى أحدث محاولة لتحقيق ما وصفه بروكس وزملاؤه في حينه في ورقة بحثية نُشرت عام 1999 بتطوير «الكأس المقدسة». وقد تعثرت المحاولات السابقة لبناء روبوتات بشرية متعددة الأغراض بسبب صعوبة المشي على قدمين، وغيرها من الصعوبات المتعلقة بمحاكاة الشكل البشري باستخدام الإلكترونيات.

ثم هناك العدد الهائل من المواقف التي قد يجد الإنسان نفسه فيها. كيف يُمكن كتابة برنامج يُساعد الروبوت، لحل إحدى المهام الروتينية الشائعة التي يُمكن الاستعانة بمصادر خارجية لتنفيذها، على التنقل في كل منزل، وجمع الغسيل، وفرزه؟

الذكاء الاصطناعي التوليدي

يُقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي إجابة جديدة: تعليم الروبوت القيام بذلك بنفس الطريقة التي نُعلم بها أجهزة الكمبيوتر التعرف على الأشخاص، أو نسخ التسجيلات الصوتية، أو الاستجابة لطلبات مثل «اكتب أغنية راب من التسعينيات».

يُعدّ تدريب الشبكات العصبية باستخدام كميات هائلة من البيانات تقنيةً مُثبتة، وهناك كمّ هائل من البيانات التي تُظهر البشر وهم يتحركون في بيئتهم - عقود من اللقطات المصورة لأشخاص يقومون بأعمال مختلفة تُغذّي مراكز البيانات.

قد تبدو النتائج مُبهرة، على الأقل في مقاطع الفيديو، حيث يُمكن رؤية روبوتات بشرية من شركة Figure وغيرها من الشركات وهي تطوي الملابس، أو تُرتّب الألعاب، أو تُصنّف قطع الغيار في مصنع BMW بولاية كارولاينا الجنوبية.

الإنسان وأخطار الروبوت

لكن ما لا يُرى في معظم مقاطع الفيديو هو وجود أشخاص بالقرب من الروبوتات. يقول بروكس إنه لن يقترب من أي روبوت بشري لمسافة تقل عن متر واحد. ويضيف أنه إذا - وعندما - فقدت هذه الروبوتات توازنها، فإن الآليات القوية التي تجعلها مفيدة، تُحوّلها إلى أداة خطرة.

تُلزم لوائح السلامة عموماً الأفراد بالابتعاد عن الروبوتات في البيئات الصناعية. ويقول آرون براذر، مدير قسم الروبوتات والأنظمة المستقلة في ASTM International، وهي منظمة معنية بوضع المعايير، إن الروبوتات البشرية ليست غير آمنة بطبيعتها، ولكنها تتطلب إرشادات واضحة، خاصةً عند خروجها من البيئات التي تدرب فيها البشر على العمل جنباً إلى جنب معها.

ويضيف براذر: «بالنسبة للروبوتات التي تدخل المنازل، وخاصة الروبوتات الشبيهة بالبشر التي يتم التحكم بها عن بُعد، فنحن في منطقة جديدة».

في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رفع رئيس قسم سلامة المنتجات السابق في شركة «فيغر» Figure دعوى قضائية ضد الشركة بتهمة الفصل التعسفي، مدعياً أنه طُرد بعد محاولته تطبيق إرشادات سلامة صارمة. رفضت الشركة التعليق على تقنيتها، لكن أحد ممثليها نفى الادعاءات الواردة في الدعوى، قائلاً إن الموظف فُصل بسبب ضعف أدائه. من جهته، قال ممثل عن شركة 1X إن روبوتها المنزلي يعتمد على آليات جديدة «تجعله آمناً ومتوافقاً بشكل فريد مع البشر».

قدرة الأصابع الحسّية المذهلة... يصعب ترجمتها للآلات

يشكّك بروكس بشدة في قدرة الشبكات العصبية على حلّ مشكلة البراعة. لا يمتلك البشر لغةً لجمع وتخزين ونقل البيانات المتعلقة باللمس، كما هو الحال بالنسبة للغة والصور. تجمع قدرة أصابعنا الحسية المذهلة أنواعاً شتى من المعلومات التي يصعب علينا ترجمتها للآلات. ويرى بروكس أن البيانات المرئية التي يفضلها الجيل الجديد من الشركات الناشئة في مجال الروبوتات لن تتمكن ببساطة من محاكاة ما نستطيع فعله بأصابعنا.

ويقول بروكس: «لقد صنع طلابي العديد من الأيدي والأذرع، وشحنوا عشرات الآلاف من أذرع الروبوت. أنا على يقين تام بأن الروبوتات الشبيهة بالبشر لن تصل إلى مستوى قدرات التلاعب (الحركي) البشري».

يجادل الباحثون بأنه إذا لم تكن البيانات المرئية وحدها كافية، فيمكنهم إضافة مستشعرات لمسية إلى روبوتاتهم، أو استخدام البيانات الداخلية التي يجمعها الروبوت عند تشغيله عن بُعد بواسطة مستخدم بشري. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه التقنيات ستكون رخيصة بما يكفي لجعل هذه الشركات مستدامة.

لكن هناك أيضاً احتمالات عديدة بين براعة الإنسان وفشل الروبوت. يقول براس فيلاغابودي، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة أجيليتي روبوتيكس: «يطرح بروكس العديد من النقاط المهمة، لكنني أختلف معه في نقطة واحدة، وهي أننا بحاجة إلى بلوغ مستوى براعة الإنسان لنستفيد من الروبوتات متعددة الأغراض».

واقعي... لا متشائم

يصف بروكس نفسه بأنه واقعي، لا متشائم. ويكمن قلقه الرئيسي في أن التركيز المفرط على أحدث أساليب التدريب سيؤدي إلى إهمال أفكار واعدة أخرى. ويتوقع أن تعمل الروبوتات يوماً ما جنباً إلى جنب مع البشر، وأننا قد نطلق عليها اسم «الروبوتات الشبيهة بالبشر»، لكنها ستكون، كما يقول، مزودة بعجلات وأذرع متعددة، وربما لن تكون متعددة الأغراض.

وهو يعمل حالياً فوق مستودع النماذج الأولية في سان كارلوس، كاليفورنيا، حيث تتعلم روبوتات شركة روبست عملها، لكنه يتوقع الابتعاد عن العمل في الشركات خلال السنوات القليلة المقبلة. ليس للتقاعد، بل لكتابة كتاب عن طبيعة الذكاء، ولماذا لن يتمكن البشر من ابتكاره اصطناعياً قبل 300 عام أخرى.

يقول عن حلمه المتنامي بالذكاء الاصطناعي: «لقد كان هذا حلمي طوال حياتي». ويضيف: «ما أكرهه الآن هو الذكاء الاصطناعي العام. لطالما سعينا نحو الذكاء الاصطناعي العام! وقريباً سيُطلقون عليه اسم الذكاء الاصطناعي الفائق».

«لا أعرف ما سيأتي بعد ذلك، لكنه سيكون الذكاء الاصطناعي الخارق».

* باختصار، خدمة «نيويورك تايمز».