شهد شباك التذاكر السعودي خلال الأسبوع الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) (من 26 أكتوبر إلى 1 نوفمبر/ تشرين الثاني) تطوراً لافتاً تمثّل في تصدّر فيلم مصري جديد قائمة الإيرادات من أول أسبوع عرض، حيث اعتلى فيلم «السادة الأفاضل» صدارة شباك التذاكر بإيرادات بلغت 2.28 مليون ريال سعودي، وعدد تذاكر تجاوز 38 ألف تذكرة، متقدماً على جميع الإنتاجات الأميركية واليابانية والهندية المعروضة، ليؤكد قدرة السينما المصرية على استعادة موقعها في السوق السعودية بعد هيمنة شبه كاملة للأفلام الأجنبية.
وفيلم «السادة الأفاضل»، الذي ينتمي إلى الكوميديا الاجتماعية، حقق انتشاراً واسعاً منذ اليوم الأول بفضل حملته الإعلانية الموجهة وانتشاره في دور السينما الكبرى بالرياض وجدة والدمام، وهو من إخراج كريم الشناوي، وتأليف مصطفى صقر وعبد الرحمن جاويش، وتدور أحداثه حول رحلة كوميدية سوداوية في قلب قرية مصرية.
وجاء في المركز الثاني الفيلم المصري «فيها إيه يعني» الذي واصل أداءه المميز للأسبوع الخامس على التوالي، محققاً 1.75 مليون ريال هذا الأسبوع، ورافعاً إجمالي إيراداته إلى 14.5 مليون ريال سعودي، مع أكثر من 266 ألف تذكرة منذ بدء عرضه، وبهذا يكون الفيلمان المصريان قد استحوذا معاً على نحو 38 في المائة من إجمالي إيرادات الأسبوع.
ووفقاً لبيانات التقرير الأسبوعي لهيئة الأفلام، بلغت الإيرادات الإجمالية لجميع الأفلام المعروضة 10.67 مليون ريال سعودي، بارتفاع يقدَّر بـ1.27 مليون ريال عن الأسبوع السابق الذي سجّل 9.4 مليون ريال. كما ارتفع عدد التذاكر المبيعة من 177 ألف تذكرة إلى أكثر من 206 آلاف تذكرة، أي بنسبة نمو تقارب 16 في المائة، رغم انخفاض عدد الأفلام المعروضة من 65 إلى 62 فيلماً فقط. وهذه الأرقام تعكس انتعاشاً تدريجياً في حركة دور العرض السعودية قبل موسم نوفمبر الذي يشهد عادة تدفق الإصدارات العالمية الكبرى.
وفي المركز الثالث جاء الفيلم الأميركي «واحدة بعد الأخرى» (One Battle After Another) بإيرادات بلغت 881 ألف ريال سعودي، متقدماً على أفلام أميركية أخرى هي «الندم عليك» (Regretting You)، و«الهاتف الأسود 2» (The Black Phone 2)، و«روفمان» (Roofman)، التي تراوحت إيراداتها بين نصف مليون وستمائة ألف ريال، وهي أرقام تعكس استقرار أداء الإنتاج الأميركي، وإن كانت تُظهر بداية تراجع في الهيمنة الكاملة التي اعتاد أن يحتفظ بها في صدارة شباك التذاكر السعودي.
وعلى نحو موازٍ، واصلت السينما اليابانية فرض حضورها من خلال الأنمي؛ إذ استقر فيلم «رجل المنشار: قوس ريز» (Chainsaw Man – The Movie: Reze Arc) في قائمة العشرة الأوائل بإيرادات بلغت 483 ألف ريال، مع أكثر من 9,600 تذكرة مبيعة، ليصبح أحد أقوى افتتاحات الأنمي هذا الموسم. وتبعه فيلم ياباني آخر هو «ماروكو: وعد الأصدقاء» (Maruko: Friend’s Promise) محققاً 334 ألف ريال سعودي، ما يؤكد استمرار الشعبية الواسعة للأنمي الياباني لدى فئة الشباب في المملكة، واستقرار جمهوره كقوة شرائية مؤثرة في شباك التذاكر.
وشهد الأسبوع أيضاً دخول الفيلم الهندي «دييس إيراي» (Dies Irae) بإيرادات قاربت 345 ألف ريال، ما يضيف بعداً جديداً للتنوّع الثقافي في السوق، التي توزعت أفلامها العشرة الأولى بين أربع دول إنتاج رئيسية: مصر، والولايات المتحدة، واليابان، والهند. ورغم الفارق في الحجم التسويقي بين هذه الدول، فإن الحضور الآسيوي والعربي بات يشكّل مكوّناً أساسياً في حركة الصالات السعودية، مدفوعاً بزيادة عدد رواد السينما في المدن الكبرى والاهتمام المتنامي بالسينما بوصفها تجربة ثقافية وترفيهية متكاملة.
ومن بين العناوين الجديدة التي لاقت اهتماماً نقدياً، برز الفيلم الأميركي «بوغونيا» (Bugonia) للمخرج اليوناني يورغوس لانثيموس، الذي دخل القائمة من أسبوعه الأول بإيرادات بلغت 412 ألف ريال. ويُعَدّ وجود هذا الفيلم، ذي الطابع الفني والفكري، ضمن العشرة الأوائل مؤشراً على توسّع قاعدة الجمهور السعودي لتشمل المتابعين الباحثين عن سينما مختلفة تتجاوز القوالب التجارية المعتادة.
ويمكن القول إن أسبوع نهاية أكتوبر مثّل نقطة توازن جديدة في المشهد السينمائي السعودي؛ إذ جمعت قائمته بين النجاح الجماهيري المصري، والانتشار الأميركي المعتاد، والحضور الآسيوي المتصاعد. لكن العامل الأبرز يبقى أن فيلماً مصرياً - من أسبوعه الأول - استطاع أن ينتزع الصدارة المطلقة، متقدماً على أكثر من ستين عملاً أجنبياً، وهو ما يعكس بوضوح تحوّل السوق من مرحلة «التجريب» في استقبال الأعمال العربية إلى مرحلة «الثقة» بقدرتها على المنافسة وتحقيق الإيرادات.








