بعد تهديد نيجيريا... لقاء مرتقب بين ترمب وتينوبو

البلد الأفريقي رفض وصفه بأنه بلد «غير متسامح دينياً»

أشخاص يسيرون أمام منازل محترقة بعد هجوم شنته جماعة «بوكو حرام» في دار الجمال بنيجيريا - السبت 6 سبتمبر 2025 (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام منازل محترقة بعد هجوم شنته جماعة «بوكو حرام» في دار الجمال بنيجيريا - السبت 6 سبتمبر 2025 (أ.ب)
TT

بعد تهديد نيجيريا... لقاء مرتقب بين ترمب وتينوبو

أشخاص يسيرون أمام منازل محترقة بعد هجوم شنته جماعة «بوكو حرام» في دار الجمال بنيجيريا - السبت 6 سبتمبر 2025 (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام منازل محترقة بعد هجوم شنته جماعة «بوكو حرام» في دار الجمال بنيجيريا - السبت 6 سبتمبر 2025 (أ.ب)

كشف مسؤول في الرئاسة النيجيرية أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره النيجيري بولا أحمد تينوبو، قد يلتقيان خلال الأيام القليلة المقبلة من أجل مناقشة «تباين وجهات النظر» حول ما قيل إنها «إبادة جماعية» ضد المسيحيين في نيجيريا.

جاء ذلك في تغريدة على منصة «إكس» كتبها دانيال بوالا، وهو المستشار الخاص لرئيس نيجيريا لشؤون الاتصال والسياسات، أكّد فيها أن ترمب وتينوبو «يتقاسمان الاهتمام بمكافحة التمرد وجميع أشكال الإرهاب الموجّه ضد الإنسانية». وقال المستشار إن «الرئيس ترمب قدّم دعماً كبيراً لنيجيريا عبر السماح بصفقات تسليح مهمة، وقد استغل الرئيس تينوبو ذلك بشكل فعال في حربه ضد الإرهاب، ولدينا نتائج ملموسة تثبت ذلك».

وأضاف في تغريدته: «أما بشأن الخلافات حول ما إذا كان الإرهابيون في نيجيريا يستهدفون المسيحيين وحدهم أم جميع الأديان أو حتى غير المتدينين، فإن هذه الفروقات - إن وُجدت - ستُناقَش وتُحَلّ بين الزعيمين عند لقائهما خلال الأيام المقبلة، سواء في القصر الرئاسي بأبوجا أو في البيت الأبيض بواشنطن».

تهديد ترمب

كان الرئيس ترمب قد صرّح، السبت، بأنه وجّه وزارة الدفاع الأميركية لإعداد خطط لاحتمال تدخل عسكري في نيجيريا، متهماً الدولة الواقعة في غرب أفريقيا بالفشل في وقف الهجمات ضد المسيحيين.

وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، حذّر ترمب من أن واشنطن قد توقف مساعداتها لنيجيريا، وربما «تتدخل عسكرياً بسرعة وحزم» إذا «استمرت الحكومة في السماح بقتل المسيحيين»، مضيفاً أنه أمر وزارة الحرب بالاستعداد لأي تحرك، وأن أي ضربة ستكون «سريعة، وقاسية، وحاسمة».

في السياق نفسه، حذّر عضو مجلس النواب الأميركي، رايلي مور، نيجيريا من التقاعس عن وقف الهجمات على المسيحيين، مؤكداً أن واشنطن «لن تغُضّ الطرف بعد الآن» عن مثل هذه الحوادث. وقال مور في منشور على منصة «إكس»، إن «الرئيس ترمب وجّه تحذيراً مسبقاً، فإذا لم تصححوا حالة لامبالاة الحالية وتوقفوا قتل إخواننا وأخواتنا في المسيح، فإن زمن تساهل الولايات المتحدة قد انتهى».

وأضاف: «أحثّكم على التعاون معنا لمنع هذه الفظائع المتفاقمة يوماً بعد يوم. نحن نريد أن يعيش شعبكم بسلام - جميعاً، خصوصاً المسيحيين».

الرد النيجيري

أمام هذه الاتهامات والتهديدات، قال الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو إن توصيف ترمب لنيجيريا بوصفها بلداً غير متسامح دينياً «لا يعكس الواقع»، وتابع في بيان صحافي أن «نيجيريا تقف بثبات بصفتها دولة ديمقراطية تحكمها ضمانات دستورية تكفل الحرية الدينية». وأضاف: «منذ عام 2023، حافظت إدارتنا على انفتاح وتواصل نشط مع قادة المسيحيين والمسلمين على حد سواء، وتواصل معالجة التحديات الأمنية التي تمس المواطنين من مختلف الديانات والمناطق».

وشدّد تينوبو على أن «تصوير نيجيريا بأنها دولة غير متسامحة دينياً لا يعكس واقعنا الوطني، ولا يأخذ في الاعتبار الجهود الصادقة والمتواصلة التي تبذلها الحكومة لضمان حرية الدين والمعتقد لجميع النيجيريين. لقد كانت حرية الدين والتسامح الديني ركيزة أساسية لهويتنا المشتركة، وستظل كذلك دائماً».

بائع يحمل صحفاً تستعرض تهديد ترمب بتدخل عسكري لحماية مسيحيي نيجيريا في لاغوس يوم 2 نوفمبر (أ.ب)

وفي السياق ذاته، تعهّدت الحكومة النيجيرية، السبت، بمواصلة جهودها في مكافحة الإرهاب، مُعربةً عن أملها في أن تظلّ الولايات المتحدة «حليفاً وثيقاً». وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية النيجيرية عقب تصريحات ترمب: «ستواصل الحكومة الفيدرالية الدفاع عن جميع المواطنين، بغضّ النظر عن العرق أو العقيدة أو الدين. وكما هي الحال في أميركا، لا خيار أمام نيجيريا سوى الاحتفاء بالتنوع الذي يُمثّل أعظم قوتها».

وتنقسم نيجيريا بالتساوي تقريباً بين الشمال ذي الغالبية المسلمة والجنوب ذي الغالبية المسيحية.

اتهامات غربية

يقف وراء ترويج تقارير «إبادة المسيحيين» في نيجيريا سياسيون محافظون، منهم النائب الأميركي الجمهوري كريس سميث الذي دعا في مارس (آذار) إلى إعادة إدراج نيجيريا على لائحة «الدول المثيرة للقلق بشكل خاص».

وفي بداية أكتوبر (تشرين الأول)، اتهم السيناتور تيد كروز والنائب رايلي مور الحكومة النيجيرية بغض الطرف عن «مذبحة» تجري بحق المسيحيين. ولاقت تصريحاتهم صدى لدى سياسيين يمينيين متطرفين في أوروبا، منهم النائب البولندي في البرلمان الأوروبي دومينيك تارشينسكي. كما تروجها منظمات دينية، منها منظمة «الأبواب المفتوحة» غير الحكومية التي نشرت تقريراً عام 2023 جاء فيه أن «89 في المائة من المسيحيين الذين استشهدوا في العالم هم من بلد واحد: نيجيريا».

ويرتكز سياسيون أميركيون على تقارير هذه المنظمة الهولندية للمطالبة بفرض عقوبات على نيجيريا. ولطالما أكد الانفصاليون البيافريون، نسبة إلى منطقة بيافرا في جنوب نيجيريا التي شهدت بين عامي 1967 و1970 حرباً أهلية أودت بمليون مدني على الأقل، أن المسيحيين يتعرضون للاضطهاد في نيجيريا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». وقامت «حكومة جمهورية بيافرا في المنفى» بقيادة سيمون إيكبا، بتعيين جماعة ضغط في واشنطن يديرها عضو الكونغرس السابق جيم موران، للدفاع عن أهدافها الانفصالية، وزيادة الوعي بشأن «اضطهاد المسيحيين في نيجيريا».

فما حقيقة هذه الادّعاءات على الأرض؟

الإرهاب الأعمى

تواجه نيجيريا مشاكل أمنية منذ عام 2009، بسبب جماعة «بوكو حرام» الإرهابية، وفصيل آخر منشق عنها يوالي تنظيم «داعش». وتورّط الفصيلان منذ ذلك الوقت في مقتل أكثر من 40 ألف شخص، وتسبّبا في نزوح مليوني إنسان في شمال وشرق نيجيريا، حسب الأمم المتحدة.

كما تنتشر في الشمال الغربي عصابات تعرف باسم «قطاع الطرق» تهاجم القرى وتقتل وتخطف السكان. فيما تُعدّ منطقة وسط نيجيريا مسرحاً لاشتباكات متكررة بين رعاة ماشية مسلمين في الغالب ومزارعين مسيحيين، وهو ما يعطي العنف هناك طابعاً دينياً، رغم أن خبراء يقولون إن الأراضي هي محور النزاع في المقام الأول بسبب التوسع السكاني.

ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن المحلل المختص في شؤون أفريقيا في مؤسسة (أكليد) الأميركية، لاد سروات، قوله إن عنف الجماعات المسلحة في نيجيريا «أعمى»، واصفاً حديث أعضاء في الكونغرس الأميركي عن مقتل 100 ألف مسيحي في نيجيريا بأنه «مبالغ فيه».

حاكم ولاية بورنو باباجانا زولوم يتحدث إلى الأشخاص المتضررين من هجوم «بوكو حرام» أثناء زيارته لمنطقة دار الجمال في نيجيريا يوم 6 سبتمبر 2025 (أ.ب)

وأكدت المؤسسة الأميركية أنه قضى أكثر من 52 ألف مدني نيجيري في اغتيالات سياسية محددة الهدف منذ عام 2009، ويشمل الرقم المسلمين والمسيحيين. وبحسب المصدر نفسه، فإنه وقع ما لا يقل عن 389 حالة عنف استهدفت المسيحيين بين عامي 2020 و2025، أوقعت 318 قتيلاً على الأقل. وخلال الفترة نفسها، استهدف 197 هجوماً مسلمين، مما أسفر عن 418 قتيلاً على الأقل.

ورفضت منظمة الحقوق الإسلامية في نيجيريا القرار الأميركي، وقالت إنه «قرار خاطئ ومشوه»، مؤكدة أن الوضع في نيجيريا «تم تحريفه بالكامل»، واتّهمت جهات أجنبية بالسعي إلى تشويه صورة نيجيريا، بالتعاون مع عناصر محلية.


مقالات ذات صلة

نتانياهو يكسر التقاليد ويمنح ترمب وسام «جائزة إسرائيل»

شؤون إقليمية ترمب يصافح نتنياهو عقب لقائهما في فلوريدا (أ.ف.ب)

نتانياهو يكسر التقاليد ويمنح ترمب وسام «جائزة إسرائيل»

قال نتانياهو «لقد كسر الرئيس ترمب العديد من الأعراف (...) لذلك قررنا كسر العرف أيضا أو ابتكار عرف جديد، وهو منحه (جائزة إسرائيل)».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ من المؤتمر الصحفي الذي عُقد عقب اجتماع ترمب مع نتنياهو في منتجع مارالاغو بفلوريدا (أ.ف.ب)

ترمب: لا أتفق تماما مع نتنياهو بشأن الضفة الغربية

وردا على سؤال حول ماهية الخلاف بينهما، قال ترمب «لا أريد أن أخوض في هذا، سيتم ⁠الإعلان عن الأمر في الوقت المناسب». وأضاف ترمب أن نتنياهو «‌سيفعل الشيء الصحيح».

«الشرق الأوسط» (بالم بيتش)
أوروبا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

لافروف: ينبغي عدم اختزال العلاقات الروسية الأميركية في المشكلة الأوكرانية

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الاثنين، إنه لا ينبغي اختزال العلاقات الروسية الأميركية في المشكلة الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية جانب من لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا (رويترز)

ترمب يهدد بضرب إيران مجدداً إذا أعادت بناء قدراتها النووية والصاروخية

في لقاء غير رسمي أمام الصحافيين أثناء استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منتجع مار-أ-لاغو بفلوريدا، أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بتصريحات.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يمد يده لمصافحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أنكوردج (ألاسكا) - 15 أغسطس 2025 (أ.ف.ب)

مكالمة ترمب مع بوتين «إيجابية»

أعلن البيت الأبيض، ظهر الاثنين، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أجرى مكالمة هاتفية «إيجابية» مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

هبة القدسي (واشنطن)

نيجيريا: هجمات منسقة لـ«داعش» بعد أيام من القصف الأميركي

قائد مسرح العمليات اللواء عبد السلام أبو بكر متحدثاً عن حصيلة عمليات الجيش ضد الإرهابيين (إعلام محلي)
قائد مسرح العمليات اللواء عبد السلام أبو بكر متحدثاً عن حصيلة عمليات الجيش ضد الإرهابيين (إعلام محلي)
TT

نيجيريا: هجمات منسقة لـ«داعش» بعد أيام من القصف الأميركي

قائد مسرح العمليات اللواء عبد السلام أبو بكر متحدثاً عن حصيلة عمليات الجيش ضد الإرهابيين (إعلام محلي)
قائد مسرح العمليات اللواء عبد السلام أبو بكر متحدثاً عن حصيلة عمليات الجيش ضد الإرهابيين (إعلام محلي)

نفّذ مسلحون يُشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «داعش» هجمات منسقة استهدفت عدداً من القرى في ولاية يوبي، شمال شرقي نيجيريا، ما أسفر عن إصابة زعيم محلي، واختطاف مدني، ونهب منشأة صحية، وذلك بعد أيام من قصف أميركي استهدف مواقع التنظيم الإرهابي في شمال غربي نيجيريا.

عناصر من «داعش في غرب أفريقيا» خلال مقطع فيديو دعائي للتنظيم الإرهابي (تواصل اجتماعي)

ووفقاً لما أورده الخبير الأمني المتخصص في شؤون مكافحة الإرهاب Zagazola Makama، في منشور على منصة «إكس»، نقلاً عن مصادر أمنية، فإن الهجمات وقعت بعد منتصف السبت/الأحد.

وأوضحت المصادر نفسها أن منفذي الهجوم اقتحموا قرية جا جيبيري، حيث أطلقوا النار على زعيم القرية لاوان حسن، البالغ من العمر 45 عاماً، فأصابوه في كتفه اليسرى، قبل أن ينتقلوا إلى قرية لادو المجاورة، حيث اختطفوا سائقاً يبلغ من العمر 40 عاماً يُدعى مادو كورا، كان يقود سيارة رباعية الدفع.

وأضافت المصادر أن المسلحين اقتحموا كذلك مركز الرعاية الصحية الأولية في القرية، ونهبوا مستلزمات طبية ومقتنيات أخرى، كما استولوا على سيارة مدنية، قبل أن يلوذوا بالفرار.

ونُقل زعيم القرية المصاب إلى مستشفى غايدام لتلقي العلاج، في حين وضعت القوات الأمنية المنتشرة في المنطقة في حالة تأهب قصوى، مع تكثيف عمليات المراقبة والملاحقة لتعقّب منفذي الهجمات.

ويأتي هذا الهجوم بعد ضربة نفذها الجيش الأميركي، الخميس الماضي، لمواقع التنظيم الإرهابي في شمال غربي نيجيريا، لم تعلن الولايات المتحدة أو نيجيريا حصيلتها النهائية حتى الآن، رغم تأكيد رسمي بأنها كبّدت التنظيم خسائر كبيرة.

في سياق متصل، أعلنت قوة المهام المشتركة لمحاربة الإرهاب في شمال شرقي نيجيريا، أنها حققت نتائج ميدانية كبيرة خلال الأشهر السبعة الماضية، شملت تحييد مئات العناصر المسلحة التابعة لتنظيم «داعش في غرب أفريقيا» وجماعة «بوكو حرام».

وقال قائد مسرح العمليات اللواء عبد السلام أبو بكر، خلال مأدبة غداء بمناسبة عيد الميلاد في مدينة مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو، إن العمليات المنفذة بين مايو (أيار) وديسمبر (كانون الأول) أسفرت عن مقتل 438 عنصراً إرهابياً.

وأوضح أن القوات نجحت كذلك في استعادة 254 قطعة سلاح متنوعة، وضبط 300 وحدة من أجهزة الاتصال عبر الأقمار الاصطناعية (ستارلينك)، إضافة إلى إنقاذ 366 مدنياً من داخل معاقل الجماعات المسلحة.

وأضاف القائد العسكري أن العمليات العسكرية التي خاضها الجيش خلال الأشهر السبعة، أرغمت 881 مقاتلاً من عناصر جماعة «بوكو حرام» وتنظيم «داعش» على الاستسلام، إلى جانب أفراد من عائلاتهم، وهو ما أكد اللواء أنه «يمثل مؤشراً إضافياً على التقدم المحقق ميدانياً».

ولفت اللواء عبد السلام أبو بكر إلى أن «هذه النجاحات تزامنت مع انطلاق عمليات الموسم الجاف»، مؤكداً في السياق ذاته «التزام القوات بالحفاظ على وتيرة العمليات»، مشيراً إلى أن «النجاحات المسجلة في منطقة العمليات المشتركة تعود، في جزء منها، إلى الدعم والتوجيهات التي قدّمها رئيس أركان الجيش النيجيري».

وتعيش نيجيريا خلال الأشهر الأخيرة تصعيداً أمنياً غير مسبوق، حيث تضاعفت العمليات الإرهابية التي تستهدف الجيش والشرطة والمدنيين، كما زاد نشاط منظمات الجريمة والعصابات التي تمتهن الخطف الجماعي.


زيارات سرية واستعداد للحوثيين... كواليس الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»

متظاهرون في مقديشو يرفضون الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» ويرفعون لافتة تعارض التطبيع وتقسيم البلاد (رويترز)
متظاهرون في مقديشو يرفضون الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» ويرفعون لافتة تعارض التطبيع وتقسيم البلاد (رويترز)
TT

زيارات سرية واستعداد للحوثيين... كواليس الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال»

متظاهرون في مقديشو يرفضون الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» ويرفعون لافتة تعارض التطبيع وتقسيم البلاد (رويترز)
متظاهرون في مقديشو يرفضون الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» ويرفعون لافتة تعارض التطبيع وتقسيم البلاد (رويترز)

كشف تقرير نشره موقع «واي نت»، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» عن كواليس الاعتراف الإسرائيلي بإقليم «أرض الصومال» دولة مستقلة ذات سيادة؛ حيث أشار إلى أنه جاء بعد أشهر من المحادثات السرية، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق على هذه الخطوة في أكتوبر (تشرين الأول)، بينما تم الاعتراف رسمياً بعد أن استعدت «أرض الصومال» لاحتمال وقوع هجمات من الحوثيين في اليمن.

وحسب التقرير، فقد قاد وزير الخارجية جدعون ساعر، و«الموساد»، ومستشار الأمن القومي السابق تساحي هنغبي، الاتصالات السرية على مدى شهور عديدة، وأرسلوا وفوداً في زيارات متبادلة، واستضافوا قادة «أرض الصومال» مرَّات عدة.

وترأس هنغبي المناقشات النهائية بمشاركة نتنياهو الذي وافق على هذه الخطوة في أكتوبر، وفق التقرير.

وصاغت إسرائيل و«أرض الصومال» معاً الإعلان، منتظرتين اللحظة المناسبة لإصداره. وطلبت «أرض الصومال» مهلة للاستعداد، مُشيرة إلى ضرورة التأهب لأي تحركات عدائية مُحتملة من جانب الحوثيين في اليمن، جيرانها الشماليين. وقد اكتملت هذه الاستعدادات مؤخراً، مما مهَّد الطريق للاعتراف الإسرائيلي بشكل رسمي.

كما كشف ساعر، مساء السبت، أن رئيس «أرض الصومال» قام بزيارة سرية إلى إسرائيل الصيف الماضي؛ حيث التقى نتنياهو، ووزيرَي الخارجية والدفاع، ورئيس «الموساد». ونشر ساعر صورة له مع رئيس «أرض الصومال»، عبد الرحمن محمد عبد الله.

صورة نشرها وزير الخارجية الإسرائيلية جدعون ساعر للقاء مع رئيس «أرض الصومال»

وحذَّر الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في جلسة برلمانية طارئة، الأحد، من أن اعتراف إسرائيل باستقلال إقليم أرض الصومال الانفصالي «يشكل تهديداً لأمن واستقرار العالم والمنطقة».

وقال محمود إن الإعلان الذي جعل إسرائيل أول دولة تعترف بـ«أرض الصومال»: «يرقى إلى مستوى عدوان سافر على سيادة واستقلال وسلامة أراضي ووحدة شعب جمهورية الصومال».

ومن جهته، حذَّر زعيم جماعة «الحوثي» عبد الملك الحوثي، أمس (الأحد) من أن أي وجود إسرائيلي في «أرض الصومال» سيكون «هدفاً عسكرياً»، في آخر إدانة للتحرُّك الإسرائيلي للاعتراف بالإقليم الانفصالي.

وقال الحوثي، في بيان، إن جماعته تَعتبِر «أي وجود إسرائيلي في إقليم (أرض الصومال) هدفاً عسكرياً لقواتنا المسلحة، بوصفه عدواناً على الصومال وعلى اليمن، وتهديداً لأمن المنطقة»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلن إقليم «أرض الصومال» استقلاله عن الصومال عام 1991، ويسعى منذ عقود للحصول على اعتراف دولي.

وتحظى الجمهورية المعلنة من طرف واحد بموقع استراتيجي على خليج عدن، ولديها عملتها الخاصة، وجوازات سفرها، وجيشها؛ لكنها ظلت معزولة دبلوماسياً منذ إعلانها الاستقلال.


النيجر: المجلس العسكري يعلن «التعبئة العامة» لمواجهة الإرهاب

جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)
جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)
TT

النيجر: المجلس العسكري يعلن «التعبئة العامة» لمواجهة الإرهاب

جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)
جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)

أقرت الحكومة الانتقالية في النيجر ما سمته «التعبئة العامة» من أجل مواجهة الجماعات الإرهابية، وخاصة تلك المرتبطة بتنظيمَي «القاعدة» و«داعش»، التي تشن هجمات دامية في مناطق مختلفة من البلاد، منذ أكثر من عشر سنوات.

وتدهورت الأوضاع الأمنية في النيجر خلال العقد الأخير، ما دفع البلاد إلى الاستعانة عام 2014 بقوات فرنسية، تبعتها قوات أميركية وأوروبية، لمساندة البلاد في الحرب على الإرهاب، ولكن بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب ديمقراطياً محمد بازوم في انقلاب عسكري عام 2023، قرر المجلس العسكري الحاكم إلغاء اتفاقيات التعاون العسكري مع الغرب، وطرد القوات الفرنسية والأميركية.

الحكومة الانتقالية في النيجر عقدت شراكة استراتيجية مع مالي وبوركينا فاسو اللتين تحكمهما أيضاً مجالس عسكرية (إعلام محلي)

وتوجّه حكام النيجر الجدد إلى التحالف مع مالي وبوركينا فاسو، اللتين تحكمهما هما الأخريان مجالس عسكرية، وعقد شراكة استراتيجية مع روسيا، استقبلت بموجبها هذه الدول أسلحة ومقاتلين من روسيا، ولكن ذلك لم ينجح في الحد من الهجمات الإرهابية في الدول الثلاث.

ولمواجهة التصعيد الأمني، صادقت الحكومة الانتقالية في النيجر، خلال اجتماعها الأسبوعي (الجمعة)، على إجراءات التعبئة والمصادرة، وقالت في بيان نُشر السبت إنه بموجب القانون الجديد «قد يتم تسخير أشخاص وممتلكات وخدمات أثناء التعبئة العامة للمساهمة في الدفاع عن الوطن، وذلك امتثالاً للتشريعات والقوانين السارية».

وأضاف بيان الحكومة: «يُطلب من كل مواطن الاستجابة فوراً لأي أمر استدعاء أو إعادة استدعاء، والامتثال دون تأخير لتنفيذ تدابير الدفاع عن الوطن»، وهو ما بررته الحكومة بضرورة تحقيق عدة أهداف، من أبرزها «الحفاظ على سلامة الأراضي الوطنية» و«حماية السكان»، وكذلك «مؤسسات الدولة ومصالحها الحيوية من أي تهديد داخلي أو خارجي».

جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)

وتأتي خطة التعبئة في النيجر بعد خمس سنوات من قيام البلاد بمضاعفة حجم جيشها إلى 50 ألف جندي، ورفع سن التقاعد للضباط ذوي الرتب العالية من 47 إلى 52 عاماً. كما حضت الحكومة المواطنين على تقديم مساهمات «طوعية» لصندوق تم إنشاؤه عام 2023 يساعد في تمويل شراء المعدات العسكرية وتنفيذ المشاريع الزراعية.

وتشير تقارير صادرة عن منظمة «ACLED» غير الحكومية التي توثق النزاعات في أنحاء العالم، إلى أن قرابة ألفَي شخص قُتلوا في النيجر منذ مطلع العام، خلال هجمات إرهابية دامية، شنتها جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» وتنظيم «داعش في الصحراء الكبرى»، وجماعة «بوكو حرام».

وفي آخر هجوم إرهابي، قُتل رجل وزوجته (الأربعاء) في هجوم نفذه مسلحون على كنيسة في منطقة دوسو، جنوب غربي النيجر، وفق ما أفادت مصادر محلية. وأوضح مصدر محلي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «الهجوم وقع على قرية ميلو قرابة الحادية عشرة ليل الأربعاء/ الخميس، ونتيجة لهذا الهجوم فقدنا رجلاً وزوجته».

وروى نفس المصدر أن «المسيحيين كانوا يحتفلون بالقداس داخل الكنيسة عندما جاء أفراد مسلحون وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء، فعمّت الفوضى». وأضاف أن «رجلاً وزوجته لجآ إلى منزلهما، لكن المهاجمين لاحقوهما وأعدموهما».

وأكد أحد أبناء المنطقة وقوع الهجوم، وقال إن «بعض المصلين فرّوا للاحتماء في القرى المجاورة»، في حين «اتجه آخرون نحو الأحراج»، وأشار إلى أن المهاجمين استولوا أيضاً على ماشية.

وتقع قرية ميلو في منطقة دوغوندوتشي التابعة لإقليم دوسو المحاذي لنيجيريا وبنين.

ويشكّل المسلمون غالبية سكان النيجر البالغ عددهم الإجمالي أكثر من 28 مليوناً، في حين تقتصر نسبة المسيحيين منهم على ما بين 1 و2 في المائة، ويتعايش المسلمون والمسيحيون عادة من دون مشاكل في النيجر.

وبين عامَي 2018 و2021، استهدفت هجمات نُسبت إلى جهاديين كنائس في منطقة تيلابيري الواقعة غرب النيجر، قرب بوركينا فاسو ومالي، واختطف مجهولون في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مواطناً أميركياً يعمل في منظمة تبشيرية في النيجر، واقتادوه إلى جهة مجهولة.

جانب من اجتماع الحكومة الانتقالية في النيجر الجمعة الماضي (إعلام محلي)

وفي مايو (أيار) 2019، أُصيب كاهن نيجري بطلق ناري في هجوم على كنيسة بقرية دولبل في تيلابيري.

ورغم الانتشار الواسع للجيش، لا تزال أعمال العنف التي تُنسب إلى الجهاديين متواصلة وتستهدف مختلف الطوائف، ففي مارس (آذار) الماضي لقِيَ 44 مدنياً مصرعهم داخل مسجد في فامبيتا، في حين قتلت مجموعة يُشتبه في أنها تتألف من جهاديين 71 مدنياً آخرين كانوا يحضرون في 20 يونيو (حزيران) خطبة دينية إسلامية في قرية ماندا.

وبينما تخشى حكومة النيجر أن يأخذ العنف في البلاد طابعاً طائفياً، كما يحدث في الجارة نيجيريا، أوفد رئيس النظام العسكري الجنرال عبد الرحمن تياني، وهو مسلم، وفداً لحضور القداس في الكاتدرائية الكبرى في نيامي.