ترك عدد من كبار المسؤولين بإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب منازلهم وانتقلوا للإقامة في قواعد عسكرية طلباً للحماية بسبب تزايد الاحتجاجات، بحسب ما ذكرت مجلة «ذا أتلانتيك».
وقالت المجلة إنها رصدت 6 مسؤولين نقلوا إقامتهم لمساكن عسكرية بمنطقة واشنطن، وهذا يعتبر مؤشراً ينذر بمزيد من الاستقطاب الذي تعيشه الولايات المتحدة، والذي ساهمت إدارة ترمب نفسها في تفاقمه؛ إذ إن بعض كبار المسؤولين شعروا بالحاجة إلى عزل أنفسهم عن المواطنين والاعتماد على الجيش لتعزيز أمنهم الشخصي، لكنها لفتت إلى أن هذا الإجراء يُثقل كاهل كبار ضباط الجيش بتوفير مساكن لهؤلاء.

واستعرضت المجلة ما تعرضت له مستشارة البيت الأبيض السابقة، كاتي ميلر، وهي أم لثلاثة أطفال صغار وزوجة ستيفن، الذراع اليمنى لترمب، الشهر الماضي، والتي قالت لقناة «فوكس نيوز» إن امرأة لا تعرفها قالت لها عند باب منزلها: «أنا أراقبك»، وكان هذا في اليوم التالي لاغتيال الناشط المؤيد لترمب، تشارلي كيرك، واعتبرت ميلر أن الموقف «احتجاج تجاوز الحدود».
ولأسابيع قبل وفاة كيرك، كان النشطاء يحتجون على وجود عائلة ميلر، ووضع أحدهم ملصقاتٍ للمطلوبين في حيّهم تحمل عنوان منزلهم، ووصف ستيفن بأنه نازي ارتكب «جرائم ضد الإنسانية».
وحذرت جماعة تُدعى «جيران أرلينغتون متحدون من أجل الإنسانية» في منشورٍ على «إنستغرام»: «لن يتم التسامح مع جهودكم لتفكيك ديمقراطيتنا وتدمير أماننا الاجتماعي هنا».
ولاحقاً تركت ميلر وأسرتها المنزل وانتقلوا للإقامة في قاعدة عسكرية، وكذلك فعلت كريستي نويم، وزيرة الأمن الداخلي، بالانتقال من شقتها في واشنطن إلى منزل مخصص لقائد خفر السواحل في قاعدة عسكرية حيث يقيم بجوارها كل من وزير الخارجية ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث.
ولفتت المجلة إلى أنه نظراً لطلب العديد من كبار المسؤولين تغيير مساكنهم، يواجه بعضهم الآن مشكلة مألوفة في واشنطن، وهي نقص المعروض.
وذكرت أن فريق تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، عندما استفسر عن انتقالها من منزلها، لم ينجح الأمر.
وقالت المجلة إن هناك أمثلة متفرقة من الإدارات السابقة لأعضاء في مجلس الوزراء يقيمون في قواعد عسكرية حيث كان روبرت غيتس وزير الدفاع في عهد الرئيسين جورج دبليو بوش وباراك أوباما، وجيم ماتيس أول وزير دفاع في عهد ترمب، ومايك بومبيو مدير وكالة المخابرات المركزية ووزير الخارجية خلال ولاية ترمب الأولى، ولكن لا يوجد سجل يُظهر أن هذا العدد الكبير من السياسيين يعيشون في منشآت عسكرية.
ويشير هذا التحول إلى طمس الحدود التقليدية بين المدنيين والعسكريين؛ إذ جعل ترمب الجيش عنصراً أكثر وضوحاً في السياسة الداخلية، بنشر قوات «الحرس الوطني» في واشنطن ولوس أنجليس ومدن أخرى، وأصدر مرسوماً يقضي باستخدام هذه المدن «ميادين تدريب» في المعركة ضد «العدو الداخلي».
وقالت أدريا لورانس، الأستاذة المساعدة للدراسات الدولية والعلوم السياسية بجامعة جون هوبكنز، إن إقامة المستشارين السياسيين في القواعد العسكرية تعتبر مشكلة «في ديمقراطية قوية. ما نريده هو أن يكون الجيش للدفاع عن البلاد ككل وليس عن حزب واحد فقط».

وذكرت المجلة أن بعض هذه المنازل، المُصممة للجنرالات، تفتقر إلى غرف نوم كافية للعائلات التي لديها أطفال صغار، وتتطلب إصلاحات كبيرة.
وفي معظم الحالات يدفع المسؤولون المدنيون إيجاراً «عادلاً» لمنازلهم في القاعدة العسكرية.
وقال روبرت بيب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو، إن خطر العنف السياسي حقيقي ويهدد شخصيات من كلا الحزبين الرئيسيين، وأشار إلى أن ترمب ألغى تأمينات أمنية لعدد من منتقديه وخصومه، بمن فيهم نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس، وجون بولتون مستشار الأمن القومي السابق في فترة ترمب الأولى، والذي كان «هدفاً لمؤامرة اغتيال إيرانية».
وأضاف بيب: «الحل الأمثل هو أن يتوقف ترمب عن إلغاء تأمينات أمنية للمسؤولين السابقين، فالمشكلة أن كلا الجانبين يتعرضان لتهديد متزايد؛ لذا يجب أخذ هذا التهديد على محمل الجد».


