تحركات حفتر تثير تساؤلات الليبيين حول محاولات «تكريس حضوره»

قال إن حل الأزمة السياسية يجب أن ينبع من المواطنين وليس عبر «مبادرات خارجية»

قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر (القيادة العامة)
قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر (القيادة العامة)
TT

تحركات حفتر تثير تساؤلات الليبيين حول محاولات «تكريس حضوره»

قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر (القيادة العامة)
قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر (القيادة العامة)

عاد قائد «الجيش الوطني» الليبي، المشير خليفة حفتر، ليطرح مجدداً رؤيته حول «مرحلة سياسية جديدة يقودها الليبيون»، في ظهور ثانٍ له خلال أقل من شهر، وهو ما أثار تساؤلات بشأن مسعاه لـ«تكريس حضوره فاعلاً محلياً» يتجاوز حسابات البعثة الأممية وخريطتها، التي تتضمن «حواراً سياسياً مهيكلاً» بات قاب قوسين أو أدنى.

خلال لقائه مشايخ وأعيان المنطقة الوسطى في بنغازي، الأحد، أعاد حفتر التأكيد على أن حل الأزمة «يجب أن ينبع من إرادة الشعب وبمساندة القبائل، دون انتظار أي مبادرات خارجية»، مؤكداً «تقديره للجهود الدولية والمحلية الرامية إلى إنهائها».

حفتر في لقاء سابق مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي (الوحدة)

والملاحظ أن حفتر سعى في خطابه الأخير أمام قيادات قبلية إلى تخفيف نبرته السياسية السابقة تجاه المسار الأممي لحل الأزمة الليبية، وهو الذي قال في تصريحات أمام قادة قبليين في وقت سابق من هذا الشهر إنه «لا يمكن لخريطة نُسجت خيوطها وراء الحدود أن تبني دولة حرة كاملة السيادة».

وتعزز لقاءات حفتر المتكررة مع القبائل اعتقاد نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الليبي، حسن الطاهر البرغوثي، بأن حفتر «يتجه فعلياً نحو دعم مرحلة سياسية جديدة، تقوم على الحلول الليبية الخالصة، وخارج حسابات البعثة الأممية»، وفق ما قال لـ«الشرق الأوسط». مضيفاً أنه «يجب رفض الحلول المفروضة من الخارج، وإنهاء تبعية القرار الليبي للمبادرات الخارجية، لأنها تطيل أمد الأزمة ولا تنهيها»، ومؤكداً أن «الحلول المبنية على إرادة مباشرة من الشعب هي المنقذ لليبيا من الضياع».

المبعوثة الأممية هانا تيتيه (البعثة)

وكانت المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، قد أعلنت في أغسطس (آب) الماضي عن «خريطة طريق» جديدة لإنهاء المرحلة الانتقالية، خلال 12 إلى 18 شهراً، تتضمن إعداد إطار انتخابي، وتشكيل حكومة موحدة، وإطلاق حوار مهيكل شامل.

غير أن هذه الخريطة الأممية تبدو، وفق رؤية البرغوثي، «مثل سابقاتها، بحيث لم تُحدث أي تغيير فعلي، رغم مضي المهل الزمنية المعلنة»، عادّاً أن هذا المسار «يعزز فقدان الثقة في المسار الأممي لدى غالبية الليبيين، بعد فشل كل الحوارات السابقة في توحيد المؤسسات وتحقيق الاستقرار».

المشير حفتر مستقبلاً رئيسة الحكومة الإيطالية خلال زيارتها الأخيرة إلى ليبيا (الجيش الوطني)

وحسب البرغوثي فإنه «لا خيار سوى تجاوز المسارات التي أقصت الليبيين عن تقرير مصيرهم، وفتح المجال أمام الحراك الشعبي الوطني لتصحيح المسار السياسي، وبناء دولة جديدة تستمد شرعيتها من إرادة الليبيين وحدهم»، مشدداً على ضرورة «رفض أي حلول مفروضة من الخارج، وإنهاء تبعية القرار الليبي للمبادرات الدولية، التي لم تفضِ إلا إلى إطالة أمد الصراع».

ويخلص محللون في شرق ليبيا إلى أن «حفتر يستعد لمرحلة جديدة، بغض النظر عن حسابات الأمم المتحدة. مرحلة تنهي فترة انتظار مبادرات ومشاريع أجنبية تقدم مقترحات لليبيين، إلى أخرى تتجه للبحث عن توافقات ومقترحات الليبيين أنفسهم»، وهي رؤية الكاتب والمحلل السياسي الليبي، أحمد التهامي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط».

أما من منظور الدبلوماسي الليبي، محمد شعبان المرداس، فإن لهذا التحرك زاوية أخرى للتقدير، إذ يرى أن حفتر «يواجه ضغطاً شعبياً من ممثلي قبائل في المنطقة الغربية لتفويضه لقيادة البلاد، ووضع حد للأجسام السياسية التي تطيل أمد الحوار»، حسب قوله.

ووفق هذا التقدير، تتعدد التكهنات إزاء ملامح مرحلة جديدة، ربما يدشنها «الجيش الوطني»، في بلد يعاني انقساماً مزمناً بين حكومتين، إحداهما في غرب البلاد برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأخرى في شرقها وأجزاء واسعة من الجنوب، برئاسة أسامة حماد.

أما النائب الليبي، حسن البرغوثي، فيتوقع في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن «تعيد هذه المرحلة السياسية الجديدة الاعتبار للقوى الوطنية والعسكرية والاجتماعية، باعتبارها الركائز الأساسية لتجاوز حالة الجمود السياسي الراهن»، مرجحاً «تمكين المبادرات الوطنية والمجتمعية، لا سيما تلك التي تمثلها السلطة التشريعية، ومجالس مشايخ وحكماء القبائل، بوصفها القوى الحية القادرة على قيادة حوار داخلي حقيقي».

وأكد البرغوثي «دور الجيش الوطني، باعتباره الضامن لإرادة الشعب وحامي الشرعية المستمدة من الداخل، في مواجهة أي محاولات للالتفاف على القرار الشعبي، أو فرض تسويات خارجية»، حسب تعبيره.

ومع ذلك، لا يخلو هذا التوجه المحلي من تحديات، إذ يرى بعض المراقبين أنه قد يصطدم بمقاومة دولية في ظل تمسك البعثة الأممية بمسارها.

وفي هذا السياق، يقول المرداس إن «حفتر قد يواجه مقاومة دولية، لكن فرض الأمر الواقع حالياً يقوي موقفه على طاولة المفاوضات، أو يقود إلى رفع سقف المطالب»، عادّاً أن «ضغوط القبائل ودعمها قد تمنح حفتر زخماً داخلياً في مواجهة الموقف الدولي، حتى لو واجه مقاومة من بعض الأطراف الخارجية».

لكن التهامي يعتقد أن «المجتمع الدولي أضعف من أن يبدي أي مقاومة، لأنه في الأصل منقسم بشأن الأزمة الليبية».

أسامة حماد اتهم المبعوثة تيتيه بـ«التدخل في شؤون مفوضية الانتخابات» (الاستقرار)

وتأتي هذه التحركات في وقت يتصاعد فيه التوتر بين الحكومة المكلفة في الشرق والبعثة الأممية، بعد أن قدّم رئيس الحكومة أسامة حماد شكوى رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، متهماً المبعوثة تيتيه بـ«التدخل في شؤون مفوضية الانتخابات، ومحاولة فرض آليات لتشكيل مجلسها».

في المقابل، لا يرى الباحث المتخصص في الشأن الليبي، جلال حرشاوي، ملامح محددة لمرحلة جديدة تنطلق من شرق البلاد، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «قائد قوات القيادة العامة يريد توجيه رسائل مزدوجة للداخل والخارج»، مبرزاً أنه «يخاطب القبائل الليبية باعتبارها عمق شرعيته الاجتماعية، ويبعث في الوقت ذاته إشارات تحذير إلى المجتمع الدولي، مفادها أن أي تسوية لن تمرّ دون حضوره أو موافقته».


مقالات ذات صلة

مشاورات بين الدبيبة والمنفي لتعيين رئيس أركان جديد لجيش غرب ليبيا

شمال افريقيا من حفل استقبال الحداد في أنقرة قبل ساعات من مقتله (وزارة الدفاع التركية)

مشاورات بين الدبيبة والمنفي لتعيين رئيس أركان جديد لجيش غرب ليبيا

بدأ رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» في غرب ليبيا عبد الحميد الدبيبة مشاورات مكثفة لتعيين رئيس جديد لهيئة أركان الجيش

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر الوفد الليبي خلال وصولهم إلى مكان تحطم الطائرة المنكوبة (أ.ف.ب)

تركيا تعلن أن الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة «سيُحلّل في دولة محايدة»

أعلنت تركيا أن الصندوق الأسود الخاص بالطائرة، التي تحطمت قرب أنقرة وقُتل جميع ركابها، بمن فيهم رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، سيُحلّل في دولة محايدة.

«الشرق الأوسط» (هايمانا (تركيا))
شمال افريقيا محمد الحداد في مكتبه برئاسة أركان قوات الوحدة (أرشيفية - رئاسة الأركان)

مصرع الحداد... نهاية مفجعة لقائد عسكري تبنى «وحدة الجيش» الليبي

طوى تحطم طائرة في تركيا الثلاثاء الفصل الأخير من مسيرة رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية غرب ليبيا، منهياً على نحو صادم حياة قائد تبنى وحدة الجيش

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا  رئيس «الأعلى للدولة» محمد تكالة متحدثاً في إحدى الجلسات (الصفحة الرسمية للمجلس)

ترقب ليبي لـ«آلية أممية بديلة» تفك الجمود السياسي

تباينت التوقعات السياسية في ليبيا حول ملامح «الآليات البديلة» التي قد تقترحها مبعوثة الأمم المتحدة هانا تيتيه للتعامل مع الأجسام السياسية خصوصاً مجلسي النواب

علاء حموده (القاهرة)
شمال افريقيا الفريق محمد الحداد رئيس أركان القوات التابعة لحكومة الدبيبة خلال اجتماعه مع وزير الدفاع التركي في أنقرة (وزارة الدفاع التركية) play-circle 00:30

تركيا: طائرة الحداد أبلغت عن عطل... وصندوقها الأسود سيُحلّل في دولة محايدة

أعلنت تركيا، الأربعاء، أن الطائرة الخاصة التي كانت تقل رئيس أركان الجيش الليبي أبلغت عن عطل كهربائي قبل تحطمها، وأن صندوقها الأسود سيُحلّل في دولة محايدة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

«الدعم السريع» تسيطر على مناطق حدودية مع تشاد

حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
TT

«الدعم السريع» تسيطر على مناطق حدودية مع تشاد

حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)
حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي (فيسبوك)

أعلنت «قوات الدعم السريع» إكمال سيطرتها على مناطق حدودية مع تشاد، بينها أم قمرة وأم برو، ونشرت مقاطع مصورة تُظهر انتشار قواتها هناك، في وقت لم يصدر فيه تعليق رسمي من الجيش السوداني.

وقالت «الدعم السريع» إن العملية هدفت إلى إنهاء وجود ما وصفتها بالجيوب المسلحة، ووقف أعمال انتقام وفوضى تتهم الجيش السوداني و«القوة المشتركة» المتحالفة معه بتنفيذها ضد قيادات الإدارة الأهلية ومدنيين. وأكدت نشر قوات لتأمين المدنيين والطرقات والمرافق العامة في تلك المناطق لإعادة الاستقرار.

وفي تطور آخر، تأكد مقتل قائد «الفرقة 22 مشاة» التابعة للجيش السوداني في مدينة بابنوسة، اللواء معاوية حمد عبد الله، خلال هجوم شنته «الدعم السريع» على المدينة مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ورغم عدم صدور بيان من الجيش بشأن مقتل قائده، أفاد موقع رسمي تابع لحكومة الولاية الشمالية بأن حاكمها العسكري، عبد الرحمن إبراهيم، قدّم واجب العزاء في الفقيد بمنطقة أنقري التابعة لمحلية البرقيق.


مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

مقديشو تشهد أول انتخابات محلية مباشرة منذ عقود

مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)
مواطنة صومالية ترفع بطاقتها الانتخابية خلال تجمع لدعم إجراء الانتخابات المحلية (وكالة الأنباء الصومالية)

يشهد الصومال حالة من الزخم والترتيبات الواسعة استعداداً لأول انتخابات مباشرة منذ نحو ستة عقود، مع الاقتراع على أعضاء المجالس المحلية لإقليم بنادر الذي يضم العاصمة مقديشو، الخميس.

تلك الترتيبات والمساعي المكثفة حكومياً يُنظر لها، بحسب خبير في الشؤون الصومالية تحدث لـ«الشرق الأوسط»، على أنها توجُّه من الحكومة لدعم أكبر مشاركة تُحقق صحة موقفها من الانتخابات المباشرة، خاصة أن الاقتراع يُعد اختباراً جديداً لإمكانية عقد الانتخابات الرئاسية الصومالية عام 2026، في ظل تحفظات المعارضة.

وكان نظام التصويت المباشر قد أُلغي في الصومال بعد تولي الرئيس محمد سياد بري السلطة عام 1969. ومنذ سقوط حكومته في 1991، يقوم النظام السياسي في البلاد على هيكل قبلي.

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

وقد تأجلت الانتخابات التي ستُجرى، الخميس، بنظام «شخص واحد صوت واحد» ثلاث مرات هذا العام. ومن المتوقع تنظيم انتخابات رئاسية العام المقبل، مع انتهاء ولاية الرئيس حسن شيخ محمود.

ولفتت وكالة الأنباء الصومالية (صونا)، الأربعاء، إلى أن انتخابات الخميس ستُجرى في المديريات الست عشرة بمحافظة بنادر، حيث يتوجه المواطنون إلى مراكز الاقتراع لاختيار من يمثلهم في المجالس المحلية لأول مرة منذ 1969.

«محطة مفصلية»

وأعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عن تسجيل مليون ناخب و20 من التنظيمات السياسية، لافتة إلى أن 1604 مرشحين يتنافسون في انتخابات المجالس المحلية.

وأوضح متحدث اللجنة عبد الفتاح فيصل حسين، الأربعاء، أن التصويت سيجري في 16 دائرة انتخابية موزعة على 213 مركز اقتراع و523 موقع تصويت.

وأعلنت هيئة الطيران المدني، الأربعاء، أن جميع الرحلات الجوية من مقديشو وإليها ستُعلّق الخميس خلال فترة الانتخابات، تزامناً مع تنفيذ خطة واسعة أعلنتها الأجهزة الأمنية الصومالية، تقضي بنشر نحو عشرة آلاف من عناصر الشرطة لتأمين الاقتراع، وفق ما أعلنه وزير الأمن الداخلي عبد الله شيخ إسماعيل، الأحد.

تجمع جماهيري يقوده رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري في مديرية كاران بمحافظة بنادر دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة (وكالة الأنباء الصومالية)

وأعلن رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود عبد الكريم حسن، الثلاثاء، أن اللجنة ستنشر نحو خمسة آلاف موظف في مراكز التصويت بالعاصمة للإشراف على الانتخابات التي وصفها بأنها «محطة مفصلية في مسار التحول الديمقراطي في الصومال».

وقاد رئيس الوزراء حمزة عبدي بري تجمعاً جماهيرياً، الاثنين، في مديرية كاران بمحافظة بنادر، دعماً لإجراء الانتخابات المحلية المباشرة، مشدداً على أهمية المشاركة الشعبية في تقرير المصير السياسي.

وكان قد تقرر تأجيل الانتخابات المحلية في مقديشو عن الموعد المقرر سابقاً في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، لتوفير «وقت إضافي لإعداد مرشحيها، واستكمال الترتيبات اللوجستية» قبل التصويت لضمان مشاركة أكبر، وفق ما أعلنه وقتها عبد الكريم حسن.

موقف المعارضة

ويرى الخبير في الشؤون الصومالية، عبد الولي جامع بري، أن ترتيبات الحكومة بشأن الانتخابات لها تأثيرات مهمة على الحشد الشعبي والمشاركة بعد عقود من الغياب الديمقراطي، خاصة أنها تأتي وسط تحفظات المعارضة التي قررت عدم المشاركة فيها.

وأعلن «مجلس مستقبل الصومال»، الذي يضم قوى سياسية معارضة، في ختام اجتماع عقده المجلس بمدينة كيسمايو الأسبوع الماضي رفضه الانتخابات المحلية، قائلاً إنها عملية «أحادية الاتجاه» تفتقر إلى التوافق الوطني. ومنح المجلس الرئيس حسن شيخ محمود مهلة لمدة شهر واحد لعقد حوار شامل لتجنب «فراغ دستوري محتمل وصراعات سياسية قد تهدد الاستقرار».

موظفون حكوميون بالصومال خلال توزيع بطاقات الاقتراع (وكالة الأنباء الصومالية)

وعقَّب الرئيس الصومالي، الثلاثاء، في فعالية انتخابية لحزب «العدالة والتضامن» الحاكم في مقديشو، قائلاً: «لقد استخلصنا نقطة واحدة من نتائج مؤتمر كيسمايو، وهي فتح باب الحوار والحوار مفتوح، وقد استجابت الحكومة رسمياً لهذا الطلب»، محذراً من مخاطر تحويل الخلافات السياسية إلى مواجهات مسلحة.

«اختبار حقيقي»

يتصاعد الجدل داخل الصومال بشأن الانتخابات المباشرة المرتقبة عام 2026، بعد 57 عاماً من آخر اقتراع، والذي أُجري عام 1968، والتي تأتي بديلاً عن نظيرتها غير المباشرة في عام 2000، التي كانت تعتمد في الأساس على المحاصصة القبلية في ولايات البلاد الخمس، والتي جرى العمل بها بعد «انقلابات وحروب أهلية»، وفي ظل سيطرة أربع عشائر كبرى هي: هوية، ودارود، ورحنوين، ودِر.

وعلى مدى عام تقريباً، تصاعدت الأزمة السياسية بقوة، وكانت العودة لاستكمال دستور 2012 المؤقت هي الشرارة الأبرز التي فاقمت الخلافات بين الحكومة الفيدرالية وولايتي بونتلاند وجوبالاند من جانب، و«منتدى الإنقاذ الصومالي» من جانب آخر.

واشتدت الخلافات بين الرئيس الصومالي والمعارضة بعد تأسيسه حزب «العدالة والتضامن» في 13 مايو (أيار) الماضي، وتسميته مرشحاً للحزب في الانتخابات المباشرة المقبلة، وسط تحركات للمعارضة وتشكيل تحالفات.

ويرى خبير الشأن الصومالي جامع بري أن الانتخابات الحالية قد تفتح الطريق لتفاهمات حول الرئيس في المستقبل، لكن الواقع لا يزال معقداً، خاصة والمعارضة لديها تحفظات حقيقية.

وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «المعارضة ترى في المسار الحالي انتخابات غير متوازنة، وربما غير دستورية أو غير شاملة كلياً، مما قد يحدّ من مشاركة شرائح واسعة من المواطنين إذا شعرت بأن العملية ليست عادلة أو أنها تمثيلية».

وهو يعتقد أن النظام يراهن على تحول سياسي حقيقي نحو الديمقراطية عبر الانتخابات المباشرة التي تعد اختباراً حقيقياً لرئاسيات 2026، لكن المعارضة ستبقى لديها تحفظات عميقة على طريقة تنظيم الانتخابات ومسارها، وتبقى نتائج الحوار المنتظر هي الفيصل في تحديد المستقبل.


انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
TT

انتخابات «النواب» المصري تتواصل بانتظار مصير الطعون الجديدة

أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)
أحد الناخبين بالسفارة المصرية في الأردن مع فتح باب التصويت لانتخابات إعادة المرحلة الأولى بـ19 دائرة بـ«النواب» (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

تواصلت انتخابات مجلس النواب المصري، الأربعاء، ببدء جولة الإعادة بالخارج في 19 دائرة بالمرحلة الأولى، كانت الانتخابات قد أُلغيت فيها بقرارات من الهيئة الوطنية للانتخابات الشهر الماضي، في حين يترقب مرشحون نتائج الطعون الجديدة.

وتحسم «المحكمة الإدارية العليا» مصير 48 طعناً على نتائج 30 دائرة أُلغيت قضائياً ضمن المرحلة الأولى، الأربعاء، وسط توقعات بأن يتقدم بعض المرشحين بطعون أخرى في أعقاب الإعلان عن نتيجة جولة إعادة المرحلة الأولى، وكذلك بعد الإعلان عن نتائج إعادة المرحلة الثانية والمقررة الخميس، حسب «هيئة الانتخابات».

وخلال الأسابيع الماضية قبلت «الإدارية العليا» عدداً من الطعون التي أسفرت عن إلغاء نتائج 30 دائرة بالمرحلة الأولى، كما رفضت أخرى تنوعت أسبابها بين «التشكيك في سلامة إجراءات الفرز والتجميع، والاعتراض على الأرقام المعلنة، والادعاء بوجود أخطاء في المحاضر أو تجاوزات خلال عملية الاقتراع».

وتأثرت انتخابات البرلمان المصري سلباً بطول جدول الاقتراع مع إلغاء دوائر انتخابية وإعادتها، وانعكس ذلك على مؤشرات المشاركة المتراجعة عند جولة الإعادة.

ودعا مدير الجهاز التنفيذي بالهيئة الوطنية للانتخابات المستشار أحمد بنداري خلال مؤتمر صحافي عقده، مساء الثلاثاء، قبل بدء التصويت في الخارج الذي يستمر ليومين، المواطنين «لاستكمال طريق العمل الجماعي من أجل تعزيز الديمقراطية عبر المشاركة في هذه المحطة الانتخابية».

المستقلون والحزبيون

تجري الإعادة في 19 دائرة انتخابية بين 70 مرشحاً يتنافسون على 35 مقعداً موزعة على سبع من محافظات المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، هي الجيزة وأسيوط وسوهاج وقنا والإسكندرية والبحيرة والفيوم، على أن تبدأ انتخابات الداخل السبت والأحد المقبلين، وفق «الهيئة الوطنية للانتخابات».

ويتفوق أعداد المستقلين المتنافسين في تلك الجولة على المرشحين الحزبيين، إذ يواجه 42 مستقلاً 28 مرشحاً حزبياً ينتمون إلى 9 أحزاب. ويعوّل المستقلون على تحقيق نتائج إيجابية أسوة بما أظهرته نتائج الحصر العددي للمرحلة الثانية بعد أن حصدوا 46 مقعداً من أصل 101 مقعد جرى التنافس عليها بنظام الفردي في 13 محافظة.

ناخبون يتوجهون للإدلاء بأصواتهم بجولة إعادة 19 دائرة ملغاة بالمرحلة الأولى من «النواب» بالسفارة المصرية في الرياض (تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين)

وقال المتحدث باسم حزب «حماة الوطن»، عمرو سليمان، إن حزبه نظم جولات دعم للمرشحين في المحافظات المختلفة قبل بدء جولة إعادة المرحلة الأولى، مشيراً إلى أن المنافسة مع المستقلين والأحزاب «صعبة».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الانتخابات شهدت تصويباً في مسارها... وهناك حرص على الالتزام بالمعايير الانتخابية».

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد حذَّر من الرشاوى الانتخابية، وما قد تؤدي إليه من تمكين «الجاهل أو الأحمق»، وذلك ضمن لقاء تفاعلي بأكاديمية الشرطة الشهر الماضي.

طول أمد الجدول الانتخابي

كان بنداري قد أعاد التأكيد خلال مؤتمر صحافي، الأسبوع الماضي، على «حرص هيئة الانتخابات على تلقي شكاوى وبلاغات جميع أطراف العملية الانتخابية إزاء أي مشكلة أو خروقات انتخابية قد تحدث، حتى يمكن التحقيق فيها والتعامل معها بصورة فورية وفق صحيح حكم القانون وإزالة أسبابها».

ونوَّه الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، بأن الخريطة الزمنية التي عدلتها «الهيئة الوطنية للانتخابات» تقضي بالإعلان النهائي عن النتائج في العاشر من يناير (كانون الثاني) المقبل، ومن ثم فمن المتوقع أن تفصل محكمة القضاء الإداري في الطعون قبل هذا الموعد.

وأضاف أنه في حال إرجائها، فمن الممكن إحالة بعض الطعون إلى محكمة النقض التي تفصل فيها مع بدء انعقاد البرلمان خلال مدة 60 يوماً.

واستطرد قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن انتخابات مجلس النواب الحالية «قد تكون الأقل من حيث مشاركة الناخبين مع تأثرها ببطلان ما يقرب من 70 في المائة من دوائر المرحلة الأولى وطول أمد الجدول الانتخابي».

وعقب انتهاء إعادة الدوائر التسع عشرة، من المقرر أن تجري جولة الإعادة في الدوائر الثلاثين بالخارج يومي 31 ديسمبر (كانون الأول) و1 يناير، بينما تُعقد داخل مصر يومي 3 و4 يناير، على أن تُعلن النتائج النهائية في العاشر من الشهر.