توسُّع معارك الفاشر إلى إقليم كردفان غرب السودان

جهات محلية تتحدث عن استمرار القتال داخل المدينة

آثار قصف سابق على مدينة الفاشر (مواقع التواصل)
آثار قصف سابق على مدينة الفاشر (مواقع التواصل)
TT

توسُّع معارك الفاشر إلى إقليم كردفان غرب السودان

آثار قصف سابق على مدينة الفاشر (مواقع التواصل)
آثار قصف سابق على مدينة الفاشر (مواقع التواصل)

تضاربت الروايات حول الأوضاع في مدينة الفاشر في إقليم دارفور السوداني، عقب إعلان «قوات الدعم السريع» إكمال سيطرتها على المدينة، وتأكيدها التقدم نحو مناطق جديدة في شمال إقليم كردفان، في حين تتحدث جهات محلية وإنسانية عن استمرار القتال داخل المدينة وتدهور الأوضاع المعيشية. وفي ذات الوقت جددت الحكومة مطالبتها بوقف ما وصفته بـ«حصار الميليشيا» للفاشر والمدن الأخرى، في إشارة إلى «قوات الدعم السريع».

وقالت «الدعم السريع» في بيان إنها تمكنت صباح يوم الاثنين من «تحرير محلية (أم دم حاج أحمد) في ولاية شمال كردفان»، واستردادها من الجيش بعد ساعات من إعلانها السيطرة على مدينتَي الفاشر وبارا. ووصفت الأمر بأنه «انتصار جديد يضاف إلى سجل انتصاراتها في مواجهة جيش الحركة الإسلامية الإرهابية»، وفق ما جاء في البيان.

وكان الجيش قد أعلن في 8 سبتمبر (أيلول) الماضي فرض سيطرته الكاملة على بلدة «أم دم حاج أحمد» التي تبعد نحو 70 كيلومتراً من عاصمة ولاية شمال كردفان الأُبيّض، بعد أن خاض معارك عنيفة مع «قوات الدعم السريع» التي كانت تسيطر على البلدة منذ الأيام الأولى للحرب. وأضافت «الدعم السريع» أن قواتها «كبدت العدو مئات القتلى واستولت على عشرات المركبات القتالية والعتاد العسكري».

عمليات تمشيط بالفاشر

هاربون من معارك مدينة الفاشر (منسقية اللاجئين والنازحين على «فيسبوك»)

وفي الفاشر، أوضح البيان أن «الدعم السريع» واصلت عمليات تمشيط كامل المدينة من قوات الجيش والقوات المتحالفة معه أثناء محاولتهم الخروج من المدينة، مشيراً إلى نشر فرق عسكرية لحماية المدنيين، وتأمين الشوارع والأماكن العامة.

وقالت «الدعم السريع» إن فرقاً مختصة شرعت في العمل على إزالة الألغام وتنظيف المدينة من مخلفات الحرب وإعادة الحياة لطبيعتها تدريجياً، تمهيداً لنشر قوات الشرطة الفيدرالية لتولي مهام حفظ الأمن بعد استكمال تأمين المدينة وإعادة فتح الأسواق والمستشفيات والمرافق الخدمية.

وأكدت «حرصها على حماية المدنيين داخل مدينة الفاشر بعد تحريرها من سيطرة الجيش وميليشياته»، والتزامها بـ«تنفيذ توجيهات القيادة بمعاملة الأسرى باحترام، وفقاً لاتفاقيات جنيف ومبادئ القانون الدولي الإنساني».

مقابل ذلك، قالت «تنسيقية لجان مقاومة الفاشر»، وهي جماعة أهلية مدنية، في بيان، إن القتال ما يزال مستمراً في الجزء الغربي من المدينة، مشيرة إلى أن القوات المتبقية داخلها، وعدداً كبيراً من المدنيين «يواجهون ظروفاً إنسانية قاسية، بعد ثلاثة أيام من الصمود والمقاومة دون طعام أو دعم لوجستي أو جوي».

من جانبها، أشادت «اللجنة الوطنية» لفك حصار الفاشر والمدن الأخرى، التابعة للحكومة، بما أسمته «صمود القوات المسلحة (الجيش) والقوات المشتركة في مواجهة إرهاب الميليشيا (قوات الدعم السريع)». وجددت اللجنة الطلب من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية «التحرك العاجل لرفع الحصار ووقف الانتهاكات ضد المدنيين».

قرار مجلس الأمن «2736»

جانب من الدمار الذي خلّفه القتال في الفاشر المحاصرة لأكثر من 18 شهراً (أرشيفية - أ.ف.ب)

ودعت اللجنة إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم «2736» بشأن الفاشر، واعتبرت عدم تنفيذه، والصمت حيال الجرائم ضد الإنسانية، التي قالت إنها تُرتكب بحق المواطنين، تباطؤاً يسجل ضد الإنسانية، مؤكدة مواصلة حشد الجهود والتعبئة وسط الشعب لدعم وإنقاذ حياة المواطنين في المدن المحاصرة.

وكان مجلس الأمن قد اعتمد في 13 يونيو (حزيران) 2024 القرار «2736»، الذي يطالب بفك الحصار عن مدينة الفاشر، وخفض التصعيد في المدينة، وسحب المقاتلين الذين يهددون سلامة وأمن المدنيين، والتزام أطراف الحرب بالقانون الدولي الإنساني.

ويأتي تصاعد العمليات العسكرية في الفاشر، وامتدادها إلى شمال كردفان، في وقت تتزايد فيه المخاوف من تدهور الوضع الإنساني في دارفور والمناطق المحاصرة، وسط دعوات محلية ودولية متكررة لوقف القتال وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المتأثرين بالحرب الدائرة منذ أكثر من عامين ونصف العام في السودان.


مقالات ذات صلة

غوتيريش يدعو «الدول ذات التأثير» إلى استخدام نفوذها لوقف الحرب في السودان

شمال افريقيا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز) play-circle

غوتيريش يدعو «الدول ذات التأثير» إلى استخدام نفوذها لوقف الحرب في السودان

ندد الأمين العام للأمم المتحدة، الجمعة، بالهجمات على المدنيين والبنية التحتية بالسودان، مطالباً جميع أطراف الصراع بالالتزام بالقانون الدولي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا طفل سوداني يتيم يأكل في مخيم للاجئين في شرق تشاد 22 نوفمبر 2025 (رويترز)

لافروف يعرض وساطة بلاده لتيسير تسوية سياسية في السودان

أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف،أن موسكو «مستعدة لمواصلة المساعدة في إيجاد خطوات عملية لتسوية الأزمة الداخلية في السودان».

رائد جبر (موسكو)
شمال افريقيا أرشيفية لحقل «هجليج» النفطي الاستراتيجي لدولتي السودان وجنوب السودان (رويترز) play-circle

اتفاق ثلاثي بين البرهان وحميدتي وسلفا كير لتأمين نفط «هجليج»

أعلنت حكومة جنوب السودان نشر قوات تابعة لها في حقول «هجليج» بولاية غرب كردفان لحماية وتأمين المنشآت النفطية، بعد انسحاب الجيش السوداني، وسيطرة «الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي) وجدان طلحة (بورتسودان)
خاص أرشيفية لحقل «هجليج» النفطي الاستراتيجي لدولتي السودان وجنوب السودان (رويترز) play-circle

خاص خسارة هجليج النفطية... هل تعيد رسم أسس الدولة السودانية؟

مع سقوط هجليج وبابنوسة، وكامل ولاية غرب كردفان بيد «قوات الدعم السريع»، فإن خريطة الحرب في السودان تتجه لرسم جديد للأوضاع الميدانية العسكرية والجيوسياسية.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نازحون من شمال كردفان يجلسون في الظل بمدينة أم درمان التابعة لولاية الخرطوم نوفمبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قلق من الوضع في كردفان

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، الأربعاء، إنه يشعر بقلق بالغ من احتمال تكرار الفظائع التي ارتكبت في الفاشر بالسودان في كردفان.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

غوتيريش يدعو «الدول ذات التأثير» إلى استخدام نفوذها لوقف الحرب في السودان

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

غوتيريش يدعو «الدول ذات التأثير» إلى استخدام نفوذها لوقف الحرب في السودان

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الجمعة)، بالهجمات على المدنيين والبنية التحتية في السودان.

وطالب غوتيريش، في بيان، جميع الأطراف في السودان بالالتزام بالقانون الدولي، داعياً «الدول ذات التأثير» إلى استخدام نفوذها لإجبار أطراف الصراع في السودان على الوقف الفوري للقتال.

وجدد غوتيريش دعوته أطراف النزاع في السودان إلى الاتفاق على وقف فوري للقتال، واستئناف المحادثات للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وبدء عملية سياسية شاملة.

كما عبّر الأمين العام للأمم المتحدة عن استعداد المنظمة «لدعم الخطوات الجادة لإنهاء القتال في السودان ورسم مسار نحو سلام دائم».

وأضاف البيان: «مع اقتراب مرور ألف يوم على هذا الصراع المدمر، يجدد الأمين العام دعوته جميع الدول ذات النفوذ على الأطراف إلى اتخاذ إجراءات فورية واستخدام نفوذها، لإجبارها على وقف فوري للقتال، ووقف تدفق الأسلحة الذي يغذّي الصراع».


محكمة تونسية تقضي بسجن عبير موسي 12 عاماً

عبير موسي (موقع الحزب)
عبير موسي (موقع الحزب)
TT

محكمة تونسية تقضي بسجن عبير موسي 12 عاماً

عبير موسي (موقع الحزب)
عبير موسي (موقع الحزب)

قال المحامي نافع العريبي، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن محكمة تونسية قضت، اليوم الجمعة، بسجن موكلته المعارِضة البارزة عبير موسي 12 عاماً، في خطوةٍ تقول منظمات حقوقية إنها أحدث تحرك لترسيخ الحكم الفردي للرئيس قيس سعيّد، واستخدام القضاء لسحق معارضيه. وأضاف العريبي، لـ«رويترز»: «هذا الحكم ظالم، وهو ليس قراراً قضائياً، بل قرار بتعليمات سياسية... هو حكم سياسي». وتقبع موسي، زعيمة الحزب الدستوري الحر في السجن منذ عام 2023، بعد أن اعتقلتها الشرطة عند مدخل القصر الرئاسي بتهمة الاعتداء بهدف إثارة الفوضى، في حين يرى منتقدون أن ذلك كان جزءاً من حملة قمع واسعة ضد قادة المعارضة البارزين.

وتولت عبير موسي، وهي محامية وسياسية تونسية، في أغسطس (آب) 2016، رئاسة الحزب الدستوري الحر، وأصبحت محامية في نقابة المحامين في محكمة التعقيب، وهي أيضاً نائبة رئيس بلدية أريانة، ورئيسة لجنة التقاضي وعضو في المنتدى الوطني للمحامين في التجمع الدستوري الديمقراطي، والأمينة العامة للجمعية التونسية لضحايا الإرهاب.

وفي 12 يناير (كانون الثاني) 2010، جرى تعيينها نائبة للأمين العام للمرأة في التجمع الدستوري الديمقراطي. وبعد سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي وحلّ التجمع الدستوري الديمقراطي في عام 2011، والذي عارضته بصفتها محامية، انضمت موسي إلى الحركة الدستورية التي أسسها رئيس الوزراء السابق حامد القروي. وفي 13 أغسطس 2016، جرى تعيينها رئيساً للحركة الدستورية، التي سُميت لاحقاً باسم الحزب الدستوري الحر.

وتُعد موسي سليلة نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، الذي أطاحت به الثورة في عام 2011، حيث شغلت عدة مناصب داخل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحلّ، آخِرها في يناير 2010 حين تقلدت منصب نائبة الأمين العام للحزب لشؤون المرأة. وقد اشتهرت بكونها تُكن العداء والكره الشديدين للجماعات الإسلامية، وأبرزها جماعة الإخوان المسلمين التي تصفها بالجماعة «الإرهابية»، كما باركت الإطاحة بحكم الجماعة عام 2013 في مصر، وأكدت أن «إسقاط المصريين جماعة الإخوان شكّل ضربة قوية ومُوجعة لتنظيمهم الدولي». كما ترفض موسي أي شكل من أشكال الحوار مع حركة النهضة التونسية، التي تتهمها بأنها «فرع للتنظيم الدولي للإخوان في تونس».


محادثات «مصرية - فرنسية» تتناول تطورات الأوضاع في «الضفة» والسودان

السيسي وماكرون خلال لقاء جرحى فلسطينيين في أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)
السيسي وماكرون خلال لقاء جرحى فلسطينيين في أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

محادثات «مصرية - فرنسية» تتناول تطورات الأوضاع في «الضفة» والسودان

السيسي وماكرون خلال لقاء جرحى فلسطينيين في أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)
السيسي وماكرون خلال لقاء جرحى فلسطينيين في أبريل الماضي (الرئاسة المصرية)

تناولت محادثات «مصرية - فرنسية» «الحرب في غزة» والمستجدات في الضفة الغربية، والسودان. وتلقّى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مساء الجمعة، اتصالاً هاتفياً من الرئيس إيمانويل ماكرون؛ حيث بحثا تطورات الأوضاع الإقليمية.

ووفق إفادة للمتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، فإن الرئيس السيسي أعرب عن تقديره العميق لما تشهده العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا من تطور نوعي، خصوصاً عقب الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى القاهرة في أبريل (نيسان) 2025، وهو ما انعكس إيجاباً على تنامي التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.

وأوضح المتحدث الرئاسي أن الرئيسين بحثا سُبل مواصلة دفع العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، عبر تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري، وزيادة حجم التبادل التجاري الذي شهد تقدماً ملموساً خلال الأشهر الماضية، فضلاً عن التعاون في قطاعات الصناعة والسياحة والنقل.

وتناول الاتصال مستجدات الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمتها قطاع غزة؛ حيث أعرب السيسي عن تقدير مصر الدعم الفرنسي للجهود المصرية التي أفضت للتوصل إلى اتفاق وقف الحرب، مؤكداً «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار، والانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام». وشدّد على أهمية تعزيز إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، والبدء الفوري في مرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وأعرب ماكرون عن تقديره الدور المحوري الذي تضطلع به مصر في تحقيق الاستقرار الإقليمي، ولا سيما في تثبيت اتفاق وقف الحرب في غزة.

وكان الرئيس المصري ونظيره الفرنسي قد أكدا خلال زيارة مدينة العريش المصرية في أبريل الماضي «ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وأهمية العمل على الإسراع في نفاذ المساعدات الإنسانية، وضمان حماية المدنيين وعمال الإغاثة». وشددا على «رفضهما القاطع لأي محاولات تستهدف تهجير الفلسطينيين من أرضهم». وزار السيسي وماكرون حينها مستشفى العريش، والتقيا عدداً من الجرحى الفلسطينيين.

وحسب متحدث الرئاسة المصرية، تطرّق الاتصال الهاتفي بين السيسي وماكرون، مساء الجمعة، إلى تطورات الأوضاع في الضفة الغربية؛ حيث أكد الرئيس السيسي رفض مصر القاطع للانتهاكات الإسرائيلية، مشدداً على ضرورة دعم الشعب الفلسطيني وزيادة الضغط الدولي لوقف هذه الانتهاكات، ودعم السلطة الفلسطينية في الوفاء بالتزاماتها تجاه شعبها.

واتفق الرئيسان على أن الجهود الراهنة يجب أن تفضي إلى إطلاق عملية سياسية شاملة تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وفيما يتعلّق بالشأن السوداني، أكد الرئيس السيسي دعم مصر الكامل لوحدة وسيادة السودان وسلامة أراضيه، ورفضها أي محاولات تُهدد أمنه، معرباً عن مساندة مصر جهود إنهاء الحرب واستعادة السلم والاستقرار في السودان الشقيق.