تتحسب مصر لـ«سيول محتملة» وأمطار موسمية غزيرة على أراضيها بمراجعة منظومتها المائية والمتابعة «اللحظية» لإيراد نهر النيل، فيما شددت وزارة الموارد المائية والري على رفع «حالة الاستنفار» بأجهزة الوزارة كافة.
وخلال اجتماع «اللجنة الدائمة لتنظيم إيراد نهر النيل»، الأحد، أكد وزير الري المصري، الدكتور هاني سويلم، «مواصلة الاستعدادات والتدابير اللازمة للتعامل بفاعلية مع موسم السيول والأمطار الغزيرة بالتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة، مع رفع حالة الاستنفار بأجهزة الوزارة المعنية كافة». وتناول الاجتماع متابعة «موقف إيراد نهر النيل، والحالة الهيدرولوجية للنهر، وتحديد كميات المياه الواصلة لبحيرة السد العالي، وإجراءات تشغيل السد العالي، وإجراءات إدارة المنظومة المائية خلال موسم الزراعات الشتوية وموسم الأمطار الغزيرة والسيول».
وقال سويلم في إفادة رسمية إن «إدارة الموقف المائي مستمرة بصورة ديناميكية قائمة على الرصد اللحظي في أعالي النيل والتنبؤات الهيدرولوجية باستخدام أحدث النماذج الرياضية، والاعتماد أيضاً على تحليل صور الأقمار الاصطناعية، ليتم وفقاً لذلك تحديد التوقيتات المناسبة للتصرفات المائية، اعتماداً على البنية التحتية لمنظومة الموارد المائية وعلى رأسها السد العالي»، وكذلك «متابعة القدرة التصريفية للشبكة على مدار الساعة في ضوء الاحتياجات المائية للاستخدامات كافة، والقدرة الاستيعابية للشبكة وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية».

ارتفاع غير مسبوق في مياه النهر
وبعد أيام من تدشين «سد النهضة» الذي افتتحته إثيوبيا رسمياً في 9 سبتمبر (أيلول) الماضي، وسط اعتراضات من مصر والسودان للمطالبة باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات «تشغيل السد»، بما لا يضرّ بمصالحهما المائية، غمرت مياه فيضان نهر النيل عدداً من المدن السودانية، كما شهدت قرى مصرية عدة - خصوصاً في محافظتَي البحيرة والمنوفية - ارتفاعاً غير مسبوق في منسوب مياه النهر، ما أدّى إلى غمر مساحات من أراضي طرح النهر والأراضي الزراعية، فضلاً عن تضرر عدد من المنازل. وأعلنت الحكومة المصرية آنذاك أن سوء إدارة «سد النهضة» كان وراء الفيضان.
إثر ذلك، أطلقت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي مشروعاً قومياً يهدف إلى «ضبط مياه النيل»، يتضمن إنتاج خرائط رقمية لقاع النهر وجانبيه وفرعيه، ويهدف إلى تعزيز قدرته الاستيعابية، ومواجهة أي طوارئ، والتعامل مع حالات الفيضانات.
وعقب الفيضان الإثيوبي، حمّل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إثيوبيا مسؤولية ما وصفه بـ«الإدارة غير المنضبطة» لـ«سد النهضة»، مؤكداً أن «أديس أبابا أضرّت بدولتي المصب (مصر والسودان)».
وقال السيسي خلال «أسبوع القاهرة الثامن للمياه»، في 12 من الشهر الحالي: «مرّت أيام قليلة على بدء تدشين السد الإثيوبي، وثبت بالدليل الفعلي صحة مطالبتنا بضرورة وجود اتفاق قانوني وملزم لأطرافه لتنظيم تشغيل هذا السد».

زوال خطر الفيضان
وأكد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بـ«جامعة القاهرة»، الدكتور عباس شراقي لـ«الشرق الأوسط» أن «موسم الأمطار على الهضبة الإثيوبية في آخر أيامه وينتهي نهاية الشهر الحالي، والسد العالي سوف يستمر في استقبال أي تصريفات مائية زائدة من السد الإثيوبي حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لأن المياه تستغرق نحو أسبوعين من سد النهضة كي تصل إلى السد العالي، إلا أن خطر الفيضان قد زال لهذا الموسم».
ويرى شراقي أن «كميات الأمطار على مصر تكون قليلة، لكن خطرها يكون في هطولها بكميات كبيرة مرة واحدة في ساعات قليلة متتابعة، على أساس أن البنية التحتية لبعض المحافظات قد لا تحتملها». وأضاف أن «الاستعداد للسيول يكون عادة بقيام وزارة الري المصرية بإنشاء بعض السدود الصغيرة على مخرات السيول وصيانة المخرات القديمة، ويمكن إنشاء مخرات سيول اصطناعية لتوجيه المياه إلى المجاري المائية الكبرى مثل البحر الأحمر أو نهر النيل».
وشدّد وزير الري المصري، الأحد، على «مواصلة العمل بأجهزة الوزارة كافة على مدار الساعة لضمان حُسن سير العمل بإدارات الري والصرف على مستوى ربوع البلاد كافة، مع الاستمرار في تطهير الترع والمصارف بجميع المحافظات طبقاً للحاجة، والتأكد من جاهزية قطاعات وجسور المجاري المائية، والمحطات الواقعة عليها، ووحدات الطوارئ لمجابهة أي طارئ».
ووجه خلال اجتماع «اللجنة الدائمة لتنظيم إيراد نهر النيل» باستمرار «متابعة المناسيب والتصرفات على مدار الساعة، وضمان تحقيق الدرجات المناسبة أمام مآخذ محطات مياه الشرب والكهرباء، وتوفير الدرجات والتصرفات المطلوبة للاحتياجات ومتطلبات تلك الفترة».




