عباس: الهبّة الحالية مبررة وسببها اليأس من حل الدولتين

يهود يقتلون فلسطينيًا دهس آخرين.. ونتنياهو يؤيد طريقة القتل

عباس: الهبّة الحالية مبررة وسببها اليأس من حل الدولتين
TT

عباس: الهبّة الحالية مبررة وسببها اليأس من حل الدولتين

عباس: الهبّة الحالية مبررة وسببها اليأس من حل الدولتين

بعد ساعات فقط من قرار إسرائيل، تعزيز قوات الجيش في الضفة الغربية بـ4 كتائب إضافية، نفذ فلسطيني هجوما في القدس المعززة بآلاف الجنود وعناصر الشرطة، فدهس بسيارته 4 إسرائيليين بينهم واحد في حالة الخطر، وتسبب في إصابة آخرين بحالات فزع وهلع، قبل أن يقتله مستوطنون في المكان.
واصطدم الشاب عبد المحسن حسونة، من حي بيت حنينا في القدس، بمجموعة من الإسرائيليين قرب المحطة المركزية في مدينة القدس، فقتله مسلحون يهود فورا.
وأعلن ناطق باسم الشرطة الإسرائيلية، أن «المهاجم وصل في سيارة خاصة وصعد إلى الرصيف ودهس عددا من الأشخاص الواقفين عند موقف الباص». وقال الناطق: «إن المهاجم هو عبد المحسن حسونة (21 عاما)، وهو من حي بيت حنينا في القدس الشرقية». وأضاف، أنه «أثناء تفتيش سيارته تم العثور على بلطة بجانب كرسي المهاجم».
وعلى الرغم من الاتهامات الفلسطينية والعربية للمستوى الرسمي في إسرائيل، بالتحريض على قتل الفلسطينيين، حتى مع إمكانية اعتقالهم، وما أثاره ذلك من جدل قانوني كبير حتى داخل إسرائيل، وإعلان مستشار الحكومة للقضاء، أنه لا يجوز قتل مهاجم يمكن تحييده، دافع أوفير جندلمان، الناطق باسم رئيس حكومة الاحتلال عن قتل مستوطنين لمنفذ الهجوم، قائلا: «الإرهابي الفلسطيني الذي دهس 9 مواطنين خطط لقتل الآخرين بواسطة بلطة». وأضاف: «الحمد لله تمكن 3 مواطنين مسلحين من قتله، مجرد ثوان بعد قيامه بدهس المواطنين الأبرياء، وبذلك أنقذوا حياة المزيد».
ويعيد الهجوم إلى الأذهان، سلسلة من عمليات الدهس في مدينة القدس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مع بدء الهبّة الحالية، قبل أن تعيش المدينة أسابيع من الهدوء الحذر، وتنتقل العمليات إلى الضفة الغربية، التي شهدت عشرات عمليات الدهس والطعن في الفترة الماضية. وقالت صحيفة «هآرتس»، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي استدعى أربع كتائب عسكرية جديدة، اثنتين من صفوف الاحتياط، للقيام بعمليات مختلفة في مدن وبلدات الضفة الغربية. ووفقًا لـ«صوت إسرائيل»، فإنه سيتم مطلع الشهر المقبل، استدعاء كتيبتي الاحتياط، فيما سيتم نشر الكتيبتين النظاميتين قبل ذلك.
وجاء استدعاء الكتائب الجديدة، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، لسببين: الأول، تقديرات استخبارية بأن الهبة الفلسطينية لن تنتهي قريبا. والثاني، إتاحة الفرصة أمام الجنود النظاميين لاستكمال تدريباتهم التي اضطروا لقطعها، في أعقاب اندلاع الهبة الحالية، التي تبدو أقل حدة لكن من دون مؤشرات على نهايتها.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس: «إن الهبة الجماهيرية الحالية سببها حالة اليأس التي وصل إليها الجيل الجديد، لأنهم بدأوا يشعرون باليأس من حل الدولتين، بسبب الحواجز والاستيطان، والجدار، إضافة للاعتداءات الإسرائيلية اليومية على المسجد الأقصى» مضيفا في كلمة له، في رام الله، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد: «لقد بدأت هذه الهبة المبررة، ولا نملك أن نقول للشباب لماذا أنتم خارجون؟ ولا أريد أن يدعي أحد أنه خرق، لقد خرجوا لعدة أسباب». وتابع: «هناك (استاتوسكو) متفق عليه منذ عام 1875 ومطبق، وعام 2000. اقتحم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أريل شارون الأقصى وفرضوا استاتوسكو جديدا. والآن هذا يتكرر، نحن لسنا ضد الزيارات لكن بالتنسيق مع الأوقاف، وليس بهذه الطريقة.. الاعتداء على حرمة الأقصى، هذا إلى جانب جرائم المستوطنين بحق أبناء شعبنا، التي بدأت بحرق وإعدام الطفل محمد أبو خضير، وبعدها حرق وإعدام عائلة دوابشة، إضافة للاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية».
وجدد عباس التأكيد على أنه لن يتنازل عن حق الفلسطينيين ولن يتزحزح، محددا شروط العودة للمفاوضات، بـ«إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى المتفق عليهم بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، ووقف كامل للاستيطان، واعتداءات المستوطنين بحق أبناء شعبنا ومقدساته الإسلامية والمسيحية، وأن يكون هناك موعد محدد لإقامة الدولة الفلسطينية، وإلزام إسرائيل بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين منذ العام 1993».
في هذه الأثناء، عاد مستوطنون إلى اقتحام المسجد الأقصى، وهي الاقتحامات التي فجرت الهبة الحالية. وجاءت الاقتحامات الجديدة، وسط دعوات من «ائتلاف منظمات الهيكل»، لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بالسماح لهم بإنارة ما يسمى «شمعدان الهيكل»، المزعوم في داخل مسجد قبة الصخرة. وطالب الائتلاف في رسالة إلى نتنياهو، بجعل هذا الأمر على رأس جدول أعماله. وقال رئيس الائتلاف المحامي، أفيعاد فيسولي، في حديث لإذاعة «صوت حي» الإسرائيلية: «إن وضع الشمعدان في مبنى الهيكل يؤكد على أن لليهود حقًّا أيضًا في حرية العبادة في جبل الهيكل، كما هو الأمر مع أبناء سائر الأديان الأخرى»، وزعم فيسولي بوجود تمييز بحق اليهود في المكان على حد قوله.
إلى ذلك واصلت إسرائيل إحكام قبضتها على مدينتي الخليل وطولكرم، وأبقت على التعزيزات العسكرية في كل الضفة الغربية، فيما أخضعت السكان لإجراءات تفتيش معقدة على الحواجز، في وقت واصلت فيه حملة الاعتقالات الليلية التي طالت 11 فلسطينيا على الأقل.
وفي غزة، غارت طائرات إسرائيلية على موقعين تابعين لحركة حماس، ردا على إطلاق قذيفة صاروخية باتجاه النقب الغربي، انفجرت في أرض خلاء ولم توقع إصابات أو أضرارا. واستهدف القصف الإسرائيلي موقعا للشرطة البحرية في منطقة السودانية، شمال قطاع غزة، وموقع أبو جراد العسكري جنوب غزة من دون إصابات أيضا.
وأكد الناطق بلسان جيش الاحتلال، أنه يعتبر حركة حماس المسؤولة الوحيدة عما يجري في القطاع، وأنه سيواصل العمل بحزم بهدف الحفاظ على الهدوء في جنوب إسرائيل.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.