المتاحف المصرية... تاريخ عريق من حفظ التراث الفريد

يزيد عددها على 80 في مجال الآثار والفنون

مقتنيات تعود للحضارة المصرية القديمة (الشرق الأوسط)
مقتنيات تعود للحضارة المصرية القديمة (الشرق الأوسط)
TT

المتاحف المصرية... تاريخ عريق من حفظ التراث الفريد

مقتنيات تعود للحضارة المصرية القديمة (الشرق الأوسط)
مقتنيات تعود للحضارة المصرية القديمة (الشرق الأوسط)

بداية من «المتاحف المفتوحة» التي أتاحتها الحضارة المصرية القديمة قبل آلاف السنين عبر المعابد والمقابر، حتى عصر المتاحف الحديثة، التي يأتي في مقدمتها راهناً «المتحف المصري الكبير» المقرر افتتاحه بعد أيام قليلة، عرفت مصر المتاحف بمختلف صورها، إذ تطورت من شكلها التقليدي كحراس للتاريخ والتراث إلى مفهومها الحديث، الذي أصبحت في ظلّه تمثل مساحات نابضة بالحياة، تدعو إلى استكشاف أفكار جديدة، ما يساعد على فهم العالم بشكل أفضل.

متحف الفن المصري الحديث... روائع تروي تاريخاً فنياً طويلاً (إدارة المتحف)

وتمثل متاحف مصر تجربة معرفية شاملة للزوار من مختلف الاهتمامات، فهي تضم أكثر من 80 متحفاً في مجالات الفنون والآثار، وفق إحصاءات رسمية، من بينها «المتحف القومي للحضارة المصرية» الذي يتيح لزائريه فرصة للإبحار في رحلة عبر التاريخ للتعرف على الحضارات المصرية المتعاقبة.

كما يستطيع زائر «متحف الفن المعاصر» التعرف على إرث فني عظيم ومتفرد، يمتد إلى ما يزيد على قرن من الزمان، حيث يعكس إبداع الفنان المصري بالخط واللون والكتلة والنحت من مختلف المدارس والأجيال والمذاهب الفنية والفكرية المتباينة.

كما يعد «متحف الفن الإسلامي» في القاهرة أكبر المتاحف المتخصصة في الفن الإسلامي في العالم، ويحتوي على أكثر من 100 ألف تحفة، تشمل جميع فروع الفن الإسلامي بمختلف العصور.

متاحف مصر القديمة

«ولدت فكرة المتحف في مصر القديمة، قبل أن تعرف الكلمة نفسها بآلاف السنين؛ فيمكن اعتبار المعابد والمقابر في مصر القديمة أول شكل للمتحف في التاريخ الإنساني»، وفق عالم المصريات الدكتور حسين عبد البصير.

متحف الخزف الإسلامي (الشرق الأوسط)

ويتابع في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «كان المصريون القدماء أول من سعوا لتوثيق تاريخهم وتخليد إنجازاتهم عبر العمارة والنحت والنقوش، فكانوا يضعون المسلات والتماثيل أمام المعابد والقصور، ليس للزينة أو العبادة فقط، بل كوسيلة للتذكير بالبطولات وإظهار عظمة الملوك والآلهة».

موضحاً أن «تلك التماثيل كانت تحمل نقوشاً توثق الأحداث والانتصارات، أي أنها كانت أشبه بـ(معارض مفتوحة) للهوية والتاريخ».

متحف بولاق

ويضيف: «كما كانت مصر من أوائل الدول التي أدركت قيمة المتاحف في حفظ الذاكرة الإنسانية، إذ كان أول متحف مصري في العصر الحديث هو متحف (بولاق) الذي أُنشئ عام 1858 في عهد الخديو سعيد باشا على يد العالم الفرنسي أوغست مارييت، مؤسس مصلحة الآثار المصرية».

المتحف المصري في التحرير (إدارة المتحف)

مؤكداً أن هذا المتحف ضم وقتها أهم الكنوز الأثرية المكتشفة في تلك الفترة، قبل أن تنتقل مجموعاته لاحقاً إلى «متحف الجيزة»، ثم إلى «المتحف المصري» بالتحرير، الذي افتُتح عام 1902م، والذي يُعد حتى اليوم «أحد أقدم المتاحف في العالم المخصصة لحضارة واحدة»، وفق عبد البصير.

واستفادت متاحف مصرية من التطور التكنولوجي، حيث تجمع بين التراث وأحدث تقنيات العرض المتحفي، فإذا قررت خوض تجربة السياحة الثقافية في مصر، وجعلت المتاحف إحدى مراحلها فعليك بزيارة بعض المتاحف التي تجعلك جزءاً من التجربة المتحفية عبر تقنيات «الهولوغرام»، إلى جانب التطبيقات الذكية التي تتيح للزائر التجول عبر هاتفه ومعرفة معلومات دقيقة عن القطع الأثرية باللغات المختلفة.

تنوع لافت

ويؤكد الدكتور أشرف أبو اليزيد، رئيس الإدارة المركزية للمتاحف النوعية بقطاع المتاحف في وزارة السياحة والآثار المصرية، أن «التنوع سمة أساسية في خريطة المتاحف المصرية»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المتاحف لا تقتصر على الآثار فقط؛ حيث لدينا كذلك ثروة من متاحف الفنون الجميلة، والزراعة، والسكك الحديدية، والري، والجيولوجيا، والعملات، والموسيقى، والتراث، وهي موزعة على جميع المحافظات من الإسكندرية إلى أسوان، مروراً بالدلتا وسيناء والصعيد، وهذا التنوع يجعل المتاحف المصرية تجربة معرفية شاملة تربط الماضي بالحاضر».

مخبوزات نادرة عثر عليها بمقابر مصرية (الشرق الأوسط)

ويؤكد أبو اليزيد أن «هذا التنوع يساهم في تقديم تجربة متكاملة للزوار، ويؤكد على ثراء المحتوى الثقافي والعلمي في المؤسسات المتحفية المصرية».

ويلفت أبو اليزيد إلى «تنامى اهتمام مصر بالمتاحف كماً وكيفاً، خصوصاً خلال العشرين سنة الأخيرة، فأنشأت العديد من المتاحف، ما بين متاحف وزارة الثقافة والآثار أو وزارة الزراعة أو الري، أو التربية والتعليم والتعليم العالي والاتصالات والثروة المعدنية والحرف اليدوية»، وفق قوله.

روائع خزفية نادرة لمختلف العصور الإسلامية تضمّها متاحف مصر (الشرق الأوسط)

ويرى أن «مصر تعتبر هي الدولة الأهم والأعظم في مجال التراث ومقتنيات المتاحف، فلدينا مجموعات متميزة ومتفردة على المستوى العالمي، سواء مجموعات مثل (مجموعة توت عنخ آمون) في (المتحف الكبير)، أو مجموعة المومياوات الملكية في (متحف الحضارة)».

المتحف المصري بالتحرير (إدارة المتحف)

ويضيف: «ذلك فضلاً عن مجموعات التماثيل الرائعة والفنون المصرية بكافة أشكالها في المتحف المصري بالتحرير، كما يُعد المتحف القبطي أكبر متحف للآثار القبطية في العالم، وأيضاً هناك مقتنيات (المتحف الجيولوجي) الذي يضم عينة من صخور القمر، بالإضافة إلى أنواع الصخور المختلفة، والعناصر التي تظهر كيفية تكون الأرض المصرية، وجريان ونشأة النيل».

مشروع القرن

«تتطلع مصر لإدهاش العالم بحدثٍ يُضاهي موكب نقل المومياوات الملكية وإعادة افتتاح طريق الكباش بالأقصر»، وفق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الذي يضيف في مقال له نشر بالوكالة الرسمية المصرية (أ.ش.أ): «القول بأن المتحف المصري الكبير هو هدية مصر للعالم، ليس من قبيل المُبالغة، إذ إن إرث الحضارة المصرية القديمة يُمثل تراثاً عالمياً، وفق محددات منظمة اليونسكو لتوصيف التراث العالمي الثقافي والطبيعي».

المتحف المصري الكبير (صفحة المتحف على «فيسبوك»)

ويؤكد عبد البصير أن «مصر والعالم كله في انتظار افتتاح المتحف المصري الكبير، فهو مشروع القرن الثقافي؛ ويؤسس لمرحلة جديدة من التفاعل بين الإنسان والموروث الإنساني باستخدام أحدث تقنيات العرض المتحفي في العالم».

وتعول مصر على متحفها الكبير في زيادة معدلات اجتذاب السائحين خلال الفترة المقبلة، وتعمل على زيادة مدة بقاء السائحين في العاصمة المصرية القاهرة لأكثر من ليلة من خلال التوسع في إنشاء المتاحف خلال العقدين الماضيين على غرار متحف العاصمة ومتحف المطار ومتحف الحضارة والمتحف الكبير.

وتجري مصر راهناً استعدادات مكثفة لافتتاح المتحف الكبير عبر حفل ضخم، من المقرر أن يحضره زعماء العالم في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وتبلغ مساحة المتحف الذي يجاور أهرامات الجيزة الشهيرة نحو 500 ألف متر مربع، ويضم أكثر من 50 ألف قطعة أثرية، أبرزها المجموعة الكاملة لآثار الملك توت عنخ آمون.

ووفقاً لبيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، الذي أصدره في مايو (أيار) الماضي، بمناسبة «اليوم العالمي للمتاحف»، فإن إجمالي عدد المتاحف التي زاولت النشاط بمصر خلال عام 2023 بلغ 83 متحفاً، من بينها 73 متحفاً للفن والتاريخ، و10 متاحف للعلوم الطبيعية والبحوث التطبيقية.


مقالات ذات صلة

مصر: متحف التحرير يعرض التابوت «الاستثنائي» بعد استعادته من أميركا

يوميات الشرق التابوت الأخضر من القطع الأثرية النادرة (المتحف المصري بالتحرير)

مصر: متحف التحرير يعرض التابوت «الاستثنائي» بعد استعادته من أميركا

أبرز المتحف المصري في التحرير (وسط القاهرة) التابوت الأخضر «الاستثنائي» الذي يعود إلى الكاهن «عنخ إن ماعت» لمصر، مؤكداً على القيمة الكبيرة لهذا التابوت.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

ضمن فعاليات متنوعة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، استضاف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً تراثياً لفنون الخط العربي، وتضمنت الفعاليات معرضاً فنياً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق صحن مسجد محمد علي   (وزارة السياحة والآثار)

مصر: مخاوف متجددة من «فوضى» حفلات الزفاف بالمساجد التاريخية

تجددت الانتقادات والجدل في أوساط الآثاريين والمهتمين بالسياحة بمصر حول استخدام المواقع الآثارية في استضافة الفعاليات والاحتفالات الجماهيرية الصاخبة.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق جدارية من عصر الملك تحتمس الثاني (المتحف المصري الكبير)

«مقبرة الملك تحتمس الثاني» بالأقصر ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية لعام 2025

جاءت مقبرة الملك تحتمس الثاني ضمن قائمة أهم 10 اكتشافات أثرية على مستوى العالم لعام 2025، وفقاً لما أعلنته مجلة الآثار الأميركية «Archaeology».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق المعارض الأثرية المؤقتة بالخارج جذبت ملايين الزوار (وزارة السياحة والآثار)

العاصمة البريطانية تتأهب لاستقبال «رمسيس وذهب الفراعنة»

بدأت الاستعدادات في قاعة «Neon Battersea Power Station» بلندن، لاستقبال المعرض الأثري المصري المؤقت «رمسيس وذهب الفراعنة» المقرر افتتاحه في 28 فبراير المقبل.

محمد الكفراوي (القاهرة )

تانيا قسيس تحتفل بالميلاد في «بيروت هول» بحضور السفير الفرنسي

ديكورات تنسجم مع المناسبة حضرت على الخشبة (الشرق الأوسط)
ديكورات تنسجم مع المناسبة حضرت على الخشبة (الشرق الأوسط)
TT

تانيا قسيس تحتفل بالميلاد في «بيروت هول» بحضور السفير الفرنسي

ديكورات تنسجم مع المناسبة حضرت على الخشبة (الشرق الأوسط)
ديكورات تنسجم مع المناسبة حضرت على الخشبة (الشرق الأوسط)

«لبنان جوهرة ونرفض أن يسرقها منّا أحد»؛ بهذه العبارة استهلّت الفنانة تانيا قسيس حفلها الميلادي الذي أحيته في «بيروت هول»، بحضور السفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو. وافتتحت قسيس الأمسية بكلمة مقتضبة توجّهت فيها إلى الحضور مؤكدة أن لبنان يستحق الفرح والاحتفال، وسيبقى بلداً استثنائياً بشهادة المغتربين الذين مهما تنقّلوا بين الدول يعودون إلى وطنهم بشوق وحنين.

ودّعت تانيا قسيس جمهورها بالأبيض وبأغنيات ميلادية (الشرق الأوسط)

ويأتي حفل تانيا قسيس ضمن سلسلة احتفالات ميلادية تشهدها بيروت في موسم الأعياد، وكان «بيروت هول» قد احتضن أيضاً حفلاً للفنانة كارول سماحة في 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

وامتدت الأجواء الميلادية إلى مناطق لبنانية أخرى، لا سيما البترون، حيث نُظّم ريسيتال بعنوان «نجمة الميلاد» أحيته الفنانة كريستيان نجار في كاتدرائية مار اسطفان.

كما تشهد ساحة الشهداء في وسط العاصمة حفلات ومهرجانات ميلادية متتالية. وتحت عنوان «بيروت روح الميلاد»، يعيش الزوار أجواء من الفرح والأمل، ما أعاد إلى العاصمة شيئاً من حيويتها بعد سنوات من الغياب القسري للاحتفالات.

وبالعودة إلى حفل تانيا قسيس، فقد اتّسم بطابع ميلادي، سواء من خلال ديكورات المسرح أو إطلالات الفنانة التي حملت رموز العيد. ورافقها على الخشبة فريق كورال مؤلّف من طلابها في «أكاديمية تانيا قسيس للموسيقى»، إضافة إلى لوحات راقصة مدعومة بخلفيات بصرية انسجمت مع أجواء الميلاد.

وقدّمت تانيا باقةً من الأغنيات الميلادية العربية والأجنبية، فشاركها الجمهور الغناء، وتفاعل معها بحماسة.

وخلال الأمسية، كشفت قسيس أن الحفل تطلّب منها تحضيرات مكثّفة، فشكرت كل من ساهم في إنجازه، ووجّهت تحية خاصة للجمهور الذي حضر رغم الطقس العاصف.

أحيت تانيا قسيس حفلاً ميلادياً في مركز «بيروت هول» في سن الفيل (الشرق الأوسط)

كما خصّصت وصلة غنائية للوطن، استهلّتها بموقف حصل معها أثناء التمارين، حين سألها أحد الموسيقيين عمّا إذا كان الغناء للبنان مجرّد فقرة في البرنامج، أم تعبير عن مشاعر حقيقية تجاه الوطن، فأجابت: «لا أعرف ما يشعر به الآخرون، لكنني أغنّي للبنان من قلبي».

بعدها أدّت أغنيتها «وطني حبيبي»، ثم تبعتها بأغنيتها الشهيرة «آفي ماريا»، التي سبق أن قدّمتها على مسارح عالمية عدة، من بينها حفل المؤسسة الأميركية - الكويتية في واشنطن عام 2017، بحضور الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب.

وقبل أدائها الأغنية، دعت قسيس اللبنانيين إلى الاتحاد والصلاة من أجل تعافي لبنان وعودة السلام إلى ربوعه.

وبدت الفنانة مفعمةً بالفرح خلال لقائها جمهورها، متوجّهة إليهم بالشكر، لا سيما أولئك الذين قدموا من كندا والولايات المتحدة ودول عربية للاحتفال بعيد الميلاد في لبنان، وقالت: «يسعدني أنكم اخترتم مشاركة هذه المناسبة معي»، مضيفة: «فلنقف معاً لنصلّي من أجل لبنان، ومن أجل كل من اضطر إلى مغادرة وطنه».

رافقها غناء طلاب «أكاديمية تانيا قسيس للموسيقى» (الشرق الأوسط)

وقسّمت قسيس برنامجها الغنائي إلى 3 أقسام: ضمّ الأول أغنيات ميلادية عربية وأجنبية، وأضافت إليه لمسة رومانسية من خلال أغنيتها «ليلة ورا ليلة»، أما القسم الثاني فخُصّص للبنان والدعاء له، فيما اختُتمت الأمسية بقسم ثالث ارتدت خلاله الأبيض، وقدّمت مجموعةً من الأغنيات الميلادية التي شكَّلت مسك الختام لحفل غلبت عليه أجواء الفرح وروح العيد.

رافقت قسيس على المسرح فرقة موسيقية حيّة، إلى جانب عازفين على البيانو والقانون والفلوت، ما أضفى على الحفل حضوراً موسيقياً غنياً.


طرد مُعلم بريطاني من مدرسة لعرضه مقاطع فيديو لترمب على الطلاب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
TT

طرد مُعلم بريطاني من مدرسة لعرضه مقاطع فيديو لترمب على الطلاب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

اتُّهم مُدرّس في مدرسة بريطانية بتعريض الأطفال للخطر، وأُحيل إلى برنامج مكافحة الإرهاب الحكومي بعد عرضه مقاطع فيديو للرئيس الأميركي دونالد ترمب على طلابه في حصة السياسة الأميركية.

وصرح المُدرّس، وهو في الخمسينيات من عمره، لصحيفة «التلغراف» بأنه «شُبّه بالإرهابي» بعد عرضه مقاطع الفيديو، بما فيها مقطع من حفل تنصيب ترمب، على طلاب المرحلة الثانوية.

وقد أبلغت كلية هينلي، وهي مدرسة ثانوية في هينلي أون تيمز، أوكسفوردشاير، تضم أكثر من ألفي طالب، عن مُحاضر العلوم السياسية وأحيل إلى هيئة حماية الطفل المحلية، التي خلصت إلى أن إحالة الأمر إلى برنامج مكافحة الإرهاب الحكومي تُعدّ «أولوية».

اتُّهم المعلم بالتسبب في «أذى نفسي» لطلابه في المرحلة الثانوية، الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و18 عاماً. وفي وثيقة اطلعت عليها صحيفة «التلغراف»، أشار مسؤولون محليون معنيون بحماية الطفل إلى أن عرض مقاطع الفيديو قد يرقى إلى مستوى «جريمة كراهية».

دفعت هذه الادعاءات الغريبة المعلم، الذي حصل على شهادته في منتصف التسعينيات، إلى رفع دعوى قضائية ضد الكلية. وفي تسوية تفاوضية، حصل الرجل على تعويض قدره ألفا جنيه إسترليني (ألفين و697 دولاراً) بعد أن أجبرته فعلياً على الاستقالة من وظيفته التي كان يتقاضى عنها 44 ألف جنيه إسترليني سنوياً - أي نحو 59 ألف دولار.

ويعتقد اتحاد حرية التعبير أن القوانين التي تهدف إلى حماية الأطفال من القتلة والمغتصبين تُستخدم بشكل خاطئ لملاحقة البالغين ذوي الآراء غير الرائجة. وقال الاتحاد إن قضية المعلم مثال واضح على «استغلال بروتوكولات حماية الطفل كسلاح لإسكات شخص ما لأسباب سياسية».

وقال المعلم، الذي فضل عدم الكشف عن هويته: «لقد شبهوني بالإرهابي. كان الأمر صادماً للغاية. إنه أشبه بكابوس، كأنه مشهد من رواية...».

تُظهر وثائق اطلعت عليها صحيفة «التلغراف» كيف بدأت كلية هينلي تحقيقاتها في يناير (كانون الثاني) 2025 بعد أن تقدم اثنان من طلاب المحاضر بشكاوى. وقد اتُّهم المحاضر بالتدريس «المتحيز» و«غير ذي الصلة بالموضوع».

ذكرت الكلية في رسالة بريد إلكتروني رسمية بتاريخ 28 يناير أنه زُعم أنه «عرض على طلابه مقاطع فيديو لدونالد ترمب وحملته الانتخابية ودعايته، بالإضافة إلى مقاطع فيديو أخرى لا صلة لها بما يُدرَّس».

ثم أفادت الكلية بأن أحد مقاطع الفيديو «أثار انزعاجاً شديداً لدى أحد الطلاب».

قال المعلم: «كان الأمر مرعباً، لا يُصدق. كنا نناقش الانتخابات الأميركية، وكان ترمب قد فاز للتو، وعرضتُ مقطعي فيديو من حملة ترمب. وفجأة، اتُّهمتُ بالتحيز. قال أحد الطلاب إنه شعر باضطراب نفسي، وادعى أنه عانى من كوابيس».

وعندما سُئل عما إذا كان متطرفاً يمينياً، أجاب المعلم، وهو مؤيد للحزب الجمهوري لكنه يُصر على أن آراءه معتدلة: «لستُ متطرفاً».


ماسبيرو يحظر ظهور العرافين والمنجمين

أحمد المسلماني (الهيئة الوطنية للإعلام)
أحمد المسلماني (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

ماسبيرو يحظر ظهور العرافين والمنجمين

أحمد المسلماني (الهيئة الوطنية للإعلام)
أحمد المسلماني (الهيئة الوطنية للإعلام)

أعلنت الهيئة الوطنية للإعلام عن حظر استضافة العرافين والمنجمين على شاشات القنوات التابعة لها، أو عبر أثير إذاعاتها المختلفة، أو بوابتها الإلكترونية، أو عبر مجلة الإذاعة والتلفزيون التابعة لها.

وأكد رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، أحمد المسلماني، على استمرار سياسة الهيئة بشأن حظر استضافة العرافين والمنجمين في جميع إذاعات وقنوات الهيئة، وكذلك موقع الهيئة ومجلة الإذاعة والتلفزيون.

ودعا المسلماني إلى استطلاع مستقبل المنطقة والعالم عبر التفكير العلمي وقواعد المنطق، ومعطيات علم السياسة والعلوم الأخرى، والاستعانة في هذا الصدد بالعلماء والأكاديميين والمثقفين، وفق بيان للهيئة، الخميس.

ودعا رئيس «الهيئة الوطنية للإعلام» للابتعاد عن الترويج لخرافات المنجمين والمشعوذين، وعدّ أنهم «يستهدفون إهانة العقل، وتسفيه المعرفة، وتأسيس شهرة كاذبة على توقعات عشوائية لا سند لها».

وخلال موسم رأس السنة ومع قرب بداية كل عام يتم الترويج عبر فضائيات متنوعة لتوقعات المنجمين والعرافين الذين نالوا شهرة كبيرة خلال الأعوام الماضية. وقال الناقد الفني والإعلامي، أحمد سعد الدين لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه البرامج تجد شهرة واسعة وكبيرة في الفضائيات الأخرى، بل إن فضائيات تعتمد على فقرات ثابتة مع بدايات العام، بحيث يعتمد عليها في الريتش والترند، بحجة إعطاء الأمل أو حتى الأخبار المشوقة».

وترى الدكتورة سارة فوزي، أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، أن «نشر التنجيم والدجل والتنبؤات أمر مرفوض؛ لأنه يؤثر على الرأي العام بشكل كبير»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «قرار ماسبيرو بمنع المنجمين والعرافين سليم تماماً، لحماية الوعي وحماية التفكير سواء النقدي أو العلمي»، وأشارت إلى الجانب الديني أيضاً، وأن «ممارسات العرافين والمنجمين محرّمة في الديانات السماوية».

وأكدت دار الإفتاء المصرية على تحريم التنجيم والعرافة، وذكرت في فتوى على موقعها الإلكتروني أن «المنجِّم يدعي علم الغيب، وليس له التحقُّق من ذلك، وإن وقع ما تَنَبَّأ به، فهو كاذب في ادِّعاء علمه، والتنجيمُ أمر مُحَرّم شرعاً، فهو نوع من الكهانة، ويؤول إلى ادِّعاء عِلم الغيبِ الذي استَأثَر الله به».

أما عن حظر التلفزيون المصري لظهور العرافين والمنجمين، فهذا ما يراه سعد الدين «حفاظاً على الذوق العام، والعادات والتقاليد، ومحددات المجتمع»، ومن ثم يرى أن «منع ظهور العرافين قرار صائب تماماً ، يحافظ على تقاليد ماسبيرو التي تربت عليها الأجيال».

فيما تؤكد الدكتورة سارة فوزي أستاذة الإعلام أن «حظر ظهور العرافين والمنجمين يحمي المجتمع من مخاطرهم ومن الانسياق وراء الدجل والخرافات، خصوصاً مع وجود نسبة أمية كبيرة، ومن ثم هناك شرائح يمكن أن تنساق وراء هذه الأمور».