قال الموسيقي المصري يحيى الموجي إنه رفض العيش في جلباب أبيه الملحن الكبير الراحل محمد الموجي حتى لا يتم وضعه في مقارنة ظالمة معه، مؤكداً في حواره لـ«الشرق الأوسط» أن والده نصحه بالدراسة في «الكونسرفتوار» ليكون مؤلفاً موسيقياً، فاتجه لعمل الموسيقى التصويرية للأفلام، وجمع بينها وبين التوزيع الموسيقي.
وقام يحيى الموجي بتوزيع أغنيات للعديد من المطربين والمطربات، من بينهم عمرو دياب وأنغام وشيرين، كما أعاد توزيع أغنيات من ألحان والده مثل «جبار» و«الرضا والنور»، لافتاً لتأثره بالموسيقار علي إسماعيل والموزع أندريا رايدر، وأشار الموجي إلى أن «ثقافة المخرج الموسيقية مهمة، وأن الراحل يوسف شاهين الذي عملت معه في أفلام (المصير)، و(الآخر) و(إسكندرية نيويورك) كان فناناً في الموسيقى أيضاً».

وشارك يحيى الموجي قبل أيام بلجنة تحكيم مهرجان «كنوز» لاكتشاف المواهب الذي أُقيم بمدينة شرم الشيخ، وضم متسابقين دوليين وعرباً، ويرى أن «الصوت الجيد ليس موهبة فقط بل يكمن في القدرة على الأداء الصحيح والكاريزما، إلى جانب الثقافة الموسيقية»، مؤكداً أن هذه المسابقات تُشبه برامج اكتشاف المواهب، وتمنح الموهبة المتميزة الثقة والدفعة الأولى لكي يبدأ صاحبها خطواته العملية.
وحقق الموجي نشاطاً بارزاً في مجال التأليف الموسيقي من خلال وضع الموسيقى التصويرية للأفلام، وبدأ عمله مع المخرج الكبير يوسف شاهين في 3 من أفلامه وهي «المصير» و«الآخر» و«إسكندرية نيويورك»، وحاز جائزة أفضل مؤلف موسيقي أفريقي من مهرجان جوهانسبرغ عن الفيلم الأول، كما وضع موسيقى أفلام أخرى على غرار «الإسكندراني»، و«حالة حب»، و«الحياة منتهى اللذة».
وعَدّ الموجي كل فيلم بمثابة حالة تحدٍ، موضحاً أن «فيلم (المصير) كان التحدي فيه أنه يتناول فترة تاريخية، فقدمت موسيقى قريبة من فنون الأندلس، وفيلم (أنت عمري) للمخرج خالد يوسف كان يعبر عن حزن وشجن ورومانسية، ولم يكن سهلاً في وضع موسيقاه».
ويلفت المؤلف الموسيقي إلى أهمية ثقافة المخرج الموسيقية التي كان يتمتع بها شاهين وخالد يوسف ومنال الصيفي التي وضع موسيقى فيلمها «الحياة منتهى اللذة»، والمخرج سعد هنداوي الذي وضع الموسيقى التصويرية لفيلمه «حالة حب».
ويستعيد نجل الموجي خطواته الموسيقية الأولى حين كان يعزف على العود في صغره تأثراً بوالده، قائلاً: «لاحظ أبي شغفي بالموسيقى وقال لي ابتعد عن العود، وأريدك أن تدرس التأليف والتوزيع الموسيقي وتعمل ما حرمت أنا منه، وبدأ يحببني في آلة الكمان، ويشتري لي أسطوانات لأكبر العازفين في العالم، فاتجهت للدراسة بمعهد الكونسرفتوار، وبدأت رحلتي في التوزيع والتأليف الموسيقي بعيداً عن التلحين لأنني في قرارة نفسي كنت أخشى أن أوجد في مقارنة مع أبي ستكون ظالمة لي أمام موهبته الجبارة وتاريخه الطويل، وقلت (لن أعيش في جلباب أبي)، ويكفي أن أخي محمد الموجي الصغير سار في طريق التلحين مثله».

واختار يحيى أن تكون بداياته في التوزيع الموسيقي بعيداً عن والده، قائلاً: «قمت بالتوزيع لملحنيّن آخريّن من بينهما، حسن أبو السعود وحلمي بكر، فعملت معه بعدما أثبت حضوري مع ملحنين كبار، وقمت بتوزيع أعمال له، ومنها فوازير (ألف ليلة وليلة) لشريهان، وأغنية (النور موصول) التي سجلها بصوته، وأغنية (في عينيك عنواني) للمطربة سمية قيصر، وكان بيننا تفاهم ويثق أنني سأقوم بعمل مميز، وقد رآني امتداداً لكل من الموسيقار علي إسماعيل وأندريا رايدر اللذيّن تأثرت بهما واقتديت بهما وأعدهما أستاذين لي».
ومن أغنياته التي قام بتوزيعها «راحت ليالي» لأنغام، و«لازم أعيش» لشيرين، و«ريشة ويا ريشة» لعلي الحجار، و«حبيبي ولا على باله»، و«قمرين»، و«عودوني» لعمرو دياب، ويؤكد يحيى الموجي أن التوزيع الموسيقي رغم أنه يبدو أسهل حيث يأتيه اللحن جاهزاً ليضع المقدمة الموسيقية و«لزم» داخل اللحن ويختار الهارموني والإيقاعات والصولات، ولكن «مع الحفاظ على هويتنا الموسيقية»، على حد تعبيره، ويلفت إلى أن «التطور التكنولوجي يشكل خطورة على إرثنا الموسيقي، فقد أخرج موزعين وملحنين ليست لديهم ثقافة ويعتمدون على مقام واحد هو مقام (الكُرد)، ولا يخرجون عنه، فلم يأخذوا من الكبار شيئاً ولم يصنعوا شخصية لأنفسهم».
ويؤكد يحيى تأثره بوالده محمد الموجي: «حينما أضع جملة موسيقية أكون متأثراً به، فهو صاحب مدرسة (السهل الممتنع) التي تدخل القلب؛ لأنها تخرج من قلبه، واللحن عنده يعبر عن كل كلمة تقال في الأغنية».
تجمع يحيى الموجي صور في طفولته مع العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وقد أطلق على نجله اسم عبد الحليم، وقال إن «حليم هو نصف محمد الموجي الآخر الذي أعطاه عصارة فنه، كما أن أبي اهتم ببقية المطربين وكان مدرسة تخرج فيها محرم فؤاد وهاني شاكر وماهر العطار وعادل مأمون وغيرهم، لكن حليم ظل الأقرب فنياً وعائلياً، وكان يحتفي بأعياد ميلادنا ويحمل لنا الهدايا ويهتم بدراستنا ويتابع امتحاناتنا بصفته أحد أفراد عائلتنا». ويرى أن «سر حليم أنه كان صادقاً في أدائه وله حضوره الطاغي، لذا أثّر في الوطن العربي كله»، على حد تعبيره.









