كان شون دايك يُرى كثيراً في ملعب «سيتي غراوند»، معقل نوتنغهام فورست، في أثناء الفترة التي لم يكن يعمل فيها. ولطالما كان مهتماً بمنصب المدير الفني لنوتنغهام فورست، ليس فقط لأنه يسكن بالقرب من النادي. صحيح أن الظروف التي أصبح فيها هذا المنصب متاحاً ليست مثالية لأي مدير فني جديد، لكن تعيينه هو الخيار العملي في ظل هذه الظروف الصعبة. في الواقع، لم يكن أنجي بوستيكوغلو الرجل المناسب أبداً لهذه المهمة، فقد تولى قيادة فريق لم يكن يناسب أسلوبه ولم يتكيف بسرعة كافية معه. وسيتم تخليد الفترة التي تولى فيها قيادة نوتنغهام فورست في التاريخ، ولكن لأسباب سلبية تماماً! في المقابل، يكنّ دايك احتراماً كبيراً لما تحقق في نوتنغهام فورست تحت قيادة نونو إسبيريتو سانتو، وهو أقرب إلى هذه الفلسفة المتحفظة منه إلى الشكل الذي كان يلعب به الفريق تحت قيادة بوستيكوغلو.
وقال فورست، في بيان: «انضم لاعب فريق الشباب السابق في فورست إلى النادي بعقد يمتد حتى صيف 2027». وأقال فورست المدرب بوستيكوغلو بعد نحو 20 دقيقة من صافرة النهاية إثر الهزيمة 3-صفر على أرضه أمام تشيلسي. وجعلت فترة بوستيكوغلو في فورست التي استمرت 39 يوماً فقط المدرب الأسترالي صاحب أقصر مدة لمدرب دائم يقود فريقاً في الدوري الإنجليزي الممتاز تتم إقالته في منتصف الموسم. وقال فورست: «دايك مدرب محترم وذو خبرة في الدوري الإنجليزي الممتاز، يجلب المزيج المثالي من الشخصية والدهاء التكتيكي والإنجازات المثبتة لقيادة النادي خلال الفصل التالي. بصفته لاعباً سابقاً في فريق الشباب في نادي فورست ويعيش في المنطقة المحلية، يتمتع دايك أيضاً بفهم عميق لقيم وفخر فورست وجماهيره».
كان نوتنغهام فورست بحاجة إلى مدير فني لا يحتاج إلى وقت طويل لتقييم ما يحدث في النادي، وبالتالي كان دايك خياراً مناسباً تماماً لأنه يعرف هذا الفريق جيداً، نظراً إلى أنه كان يتابعه عن قرب. وكان دايك محل اهتمام نوتنغهام فورست منذ فترة نظراً إلى سجله الجيد في الدوري الإنجليزي الممتاز مع بيرنلي وإيفرتون. لقد كان مسؤولو نوتنغهام فورست معجبين بما قدمه دايك مع إيفرتون، الذي حقق معه نتائج مبهرة عام 2024، وكان سيعادل كلاً من برايتون وبورنموث في عدد النقاط لولا العقوبة التي فُرضت على النادي بخصم عدد من النقاط.
وقد أظهر ذلك أن دايك قادر على مساعدة لاعبيه على تقديم أفضل ما لديهم داخل المستطيل الأخضر، وأنه لا يهتم كثيراً بالأمور التي تؤدي إلى تشتيت التركيز خارج الملعب. وعلى عكس ما حدث عندما تم التعاقد مع بوستيكوغلو، تم إجراء تقييم دقيق لدايك قبل أن يُقرر مسؤولو النادي أنه الأنسب لقيادة الفريق. لقد أنفق نوتنغهام فورست نحو 200 مليون جنيه إسترليني لإبرام 13 صفقة خلال فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة بهدف تكوين فريق قادر على الاستمرار في المنافسة في الدوري الإنجليزي الممتاز والبطولات الأوروبية. وبفضل هذه الصفقات، أصبح هذا الفريق هو الأفضل لنادي نوتنغهام فورست في القرن الحادي والعشرين، وهو الفريق الذي اعتقد النادي أنه يستحق إنهاء الموسم ضمن المراكز العشرة الأولى في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز مجدداً، لكنه الآن يقبع في منطقة الهبوط بخمس نقاط من ثماني مباريات!
لم يعمل دايك من قبل في نادٍ ينفق كل هذه الأموال على تدعيم صفوفه. ولم يعقد بيرنلي مثل هذا العدد الكبير من الصفقات في سوق الانتقالات، ونادراً ما أنفق بهذا الشكل الكبير. وينطبق الأمر نفسه أيضاً على إيفرتون، الذي كان يعاني من أوضاع مالية صعبة. أما في نوتنغهام فورست، فسيكون لدى دايك فريق قادر على المنافسة على أعلى مستوى. في بيرنلي وإيفرتون، استندت نجاحات دايك إلى خطوط الدفاع القوية، وكان يعتمد على اثنين من اللاعبين الأقوياء في مركز قلب الدفاع. كان بن مي وجيمس تاركوفسكي المدافعَين الأساسيَّين في بيرنلي، واستقبلت شباك الفريق عدداً قليلاً نسبياً من الأهداف بالنسبة إلى فريق يواجه بانتظام شبح الهبوط. كما حقق دايك المركز السابع مع بيرنلي بفضل التخطيط الدقيق والالتزام بأخلاقيات عمل قوية. سيكون من الضروري بالنسبة إلى دايك أن يعمل على تجميع اللاعبين معاً وإعادة الروح الجماعية العالية إليهم، لأن بعض اللاعبين كانوا يشعرون بالانزعاج من بوستيكوغلو.

كان نيكولا ميلينكوفيتش وموريلو في نوتنغهام فورست، تحت قيادة نونو، يمثلان أحد أفضل ثنائيات قلب الدفاع في إنجلترا، وفي ظل اهتمام دايك بأدق التفاصيل الدفاعية، فمن المحتمل أن يعتمد على هذين اللاعبين مرة أخرى. كان النادي يريد التعاقد مع مدير فني قادر على تصحيح المشكلات الدفاعية، وحتى أولئك الذين يشككون بأسلوب دايك لم يتمكنوا من التشكيك بقدراته مديراً فنياً قادراً على قيادة فريقه لتقديم أداء دفاعي جيد. ففي موسم 2023-2024، استقبل إيفرتون تحت قيادته 51 هدفاً -كانت الفرق الثلاثة الأولى فقط في جدول الترتيب هي التي استقبلت أهدافاً أقل منه. في المقابل، لم يتمكن بوستيكوغلو من تنظيم نوتنغهام فورست في الكرات الثابتة، وسرعان ما أصبح الفريق هشاً للغاية في النواحي الدفاعية. لكنَّ دايك لن يتسامح مع هذا الأمر أبداً.
وعلاوة على ذلك، فإن قدوم دايك سيجعل نوتنغهام فورست يعتمد على الهجمات المرتدة السريعة، وهي الفلسفة التي غرسها نونو في الفريق والتي جعلت النادي ينفق ببذخ على التعاقد مع أجنحة تتسم بالسرعة خلال السنوات الأخيرة. يشكل دان ندوي وكالوم هدسون أودوي وعمري هاتشينسون وديلان باكوا مجموعة رائعة من الخيارات إذا عمل دايك على استغلال قدراتهم وإمكاناتهم الكبيرة. لقد كان من أولويات نوتنغهام فورست التعاقد مع مدير فني يجيد العمل مع فريق يتميز بالتحولات الهجومية السريعة واللياقة البدنية الكافية، لبث مشاعر القلق في الخصوم.
علاوة على ذلك، سيكون من المثير للاهتمام رؤية كيف سيستغل دايك قدرات مورغان غيبس وايت، لأنه نادراً ما كان يعتمد على صانع ألعاب عالي الجودة. هناك ثقة في نوتنغهام فورست بأنه إذا أُعيد بناء خط الدفاع، فإن المهاجمين سيقدمون أداءً جيداً، مع الأخذ في الاعتبار أن دايك يمكنه أيضاً الاعتماد على كريس وود، الذي سبق أن عمل معه في بيرنلي، ولديه إيغور جيسوس وتايو أونيي كخيارين إضافيين، حسب طريقة اللعب التي سيعتمد عليها. لقد أظهر دايك عندما ضم إيليمان ندياي إلى إيفرتون أنه منفتح تماماً على العمل مع اللاعبين المبدعين.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الجمهور يرحب كثيراً بوجود أسطورتَي نوتنغهام فورست، إيان ووان وستيف ستون، ضمن الطاقم الفني لدايك. لقد كان دايك لاعباً شاباً في نوتنغهام فورست خلال حقبة برايان كلوف، وبالتالي فإن استعادة القليل من تلك الفترة التاريخية ستضيف لمسة من الحنين إلى الماضي في النادي. وقال دايك إن توليه تدريب نوتنغهام فورست لأول مرة في مسيرته يكمل مشواراً بدأه متدرباً في سيتي غراوند في حقبة برايان كلوف، أعظم مدرب في تاريخ النادي.
وفي حديثه إلى وسائل الإعلام لأول مرة منذ توليه المنصب، أبدى دايك سعادته الغامرة بتدريب بطل أوروبا مرتين، إذ بدأ مسيرته لاعباً في فرق الشباب في أواخر الثمانينات. وقال دايك للصحافيين: «لديَّ تاريخ أطول مع النادي؛ من عام 87 إلى عام 90 وأتذكر أنني كنت أسير في النهر (ترينت) ورأيت ديل بوي (كلب برايان كلوف) يركض بجانبي وكان صوت برايان كلوف مسموعاً. أتذكر جميع الأساطير الذين لعبوا في ذلك الوقت، وكان هناك بعض اللاعبين المميزين. وأنت تعلم، كنت أريد فقط ارتداء هذا القميص، والآن، أن تكتمل الدائرة وأكون هنا كمدرب، فهذا أمر عظيم لي. لكنني لست هنا لمجرد الاستمتاع، بل لدي مهمة يجب إنجازها».

وتحت قيادة إسبيريتو سانتو، أنهى فورست الموسم الماضي في المركز السابع في الدوري بعد منافسة شرسة على التأهل لدوري الأبطال. وفشل نهج بوستيكوغلو الأكثر شمولية، لذا سُئل دايك، المعروف بأسلوبه المباشر في اللعب، عما سيقدمه للجمهور. وقال دايك، الذي كانت تجربته الوحيدة السابقة كمدرب في المسابقات القارية مع بيرنلي في ملحق الدوري الأوروبي 2018: «يتعين علينا العودة إلى طرق الفوز. غابت عنهم الانتصارات في نهاية الموسم الماضي بعد أن خارت قواهم على الأرجح، ولم تكن بدايتهم هذا الموسم رائعة. لكن هذه مجموعة جيدة، وموهوبة للغاية، وقد أظهروا هذا الاستعداد والرغبة للعالم في الموسم الماضي. الآن علينا أن نعيد إشعال ذلك».

كان ماركو سيلفا هو المدير الفني الذي كان إيفانغيلوس ماريناكيس، مالك نادي نوتنغهام فورست، يسعى للتعاقد معه، لكن كان من الصعب جداً إقناعه بالرحيل عن فولهام في منتصف الموسم لأسباب مختلفة. وكان روبرتو مانشيني أيضاً في دائرة الضوء، لكن شخصيته تسببت في بعض المشكلات والتوتر خلال وظائفه السابقة، وبالتالي كان من المتوقع أن يؤدي قدومه إلى مشكلات أخرى. يُفضل دايك البقاء بعيداً عن سياسات النادي، ويركز بشكل كامل على كيفية إدارة الفريق، على الرغم من أنه يتعين علينا أن ننتظر لكي نرى مدى إمكانية تحقيق ذلك في نوتنغهام فورست! والآن، يسعى دايك لبناء فريق يلعب كوحدة واحدة، على غرار ما حدث تحت قيادة نونو. ولا يوجد أدنى شك في أن دايك قادر على إعادة الهدوء إلى النادي، والقضاء على الضجيج الذي غالباً ما يؤدي إلى تشتيت التركيز والتأثير على مسيرة الفريق.
* خدمة «الغارديان»

