في عام 2018، قبلتُ رهاناً من تشارلز موراي، المؤلف المشارك لكتاب «المنحنى الجرسي» (1994) The Bell Curve، حول ما إذا كان العلماء سيتمكنون بحلول عام 2025 من «معرفة ما يجري» وراثياً، في الذكاء البشري، كما كتب عالم النفس إريك توركهايمر (*).
«الذكاء يأتي من الوراثة»... ادعاء
كان ادعاء موراي الراسخ، والذي شاركه فيه الراحل ريتشارد هيرنشتاين، هو أن الذكاء (الذي يُقاس بمعدل الذكاء IQ) يُحدده إلى حد كبير علم الوراثة، وأن هذا يُفسر التسلسل الهرمي الاجتماعي، والنجاح، وحتى الاختلافات العرقية في النتائج الاجتماعية والاقتصادية. أما أنا، توركهايمر، المُشكك في هذه الحتمية، فقد قبلت الرهان واثقاً من أن تنبؤ موراي لن يتحقق.
تأثير الجينات على الذكاء لا يزال غير واضح
الآن، في عام 2025، اُعلن انتصاري. إذ وعلى الرغم من التقدم الهائل في علم الوراثة، لا يزال العلم عاجزاً عن تفسير سبب تفوق بعض الناس على غيرهم في الذكاء. وكلما ازدادت معرفة الباحثين بالعلاقة بين الحمض النووي ومعدل الذكاء، قلّ وضوحها وزاد تعقيدها.
أظهرت الدراسات المبكرة التي قارنت بين أفراد الأسرة والتوائم أن اختلافات معدل الذكاء وراثية إحصائياً - فالتوائم المتطابقة أكثر تشابهاً في معدل الذكاء من التوائم غير المتطابقة - لكن هذه الدراسات لم تحدد الآليات البيولوجية. فـ«الوراثية» لا تعني «الوراثة»، ولم تُقدّم هذه البيانات سوى القليل من الرؤى حول كيفية تأثير الجينات على الذكاء.
لم يُعثر على «جينات ذكاء» محددة
بعد مشروع الجينوم البشري في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، آمل العلماء أن يُسهم تسلسل الحمض النووي في كشف أسرار علم الوراثة السلوكي. ومع ذلك، باءت جميع محاولات العثور على «جينات ذكاء» محددة بالفشل. لم يكن من الممكن تكرار دراسات الجينات الفردية، فبينما تُسبب بعض الاضطرابات الوراثية النادرة، مثل مرض تاي ساكس ومرض هنتنغتون، ضعفاً عقلياً شديداً، لم يُثبت أن أي جين واحد يزيد الذكاء.
دراسات الذكاء البيولوجية لم تصل إلى نتيجة قاطعة
في الوقت الذي طرح فيه موراي رهانه، وعد نهج جديد يُسمى دراسات الارتباط على نطاق الجينوم (GWAS) بتغيير ذلك. تدرس دراسات ارتباط الجينوم الشاملة ملايين تعددات أشكال النوكليوتيدات المفردة (SNPs) - وهي اختلافات جينية صغيرة - لتحديد الروابط بين الجينات والصفات مثل معدل الذكاء. ومع ازدياد أحجام العينات، وجد الباحثون كثيراً من الارتباطات الصغيرة ذات الدلالة الإحصائية بين تعددات أشكال النوكليوتيدات المفردة والذكاء. واعتقد المتفائلون أنه من خلال الجمع بينهما، يمكن للعلماء التنبؤ بمعدل الذكاء من الحمض النووي.
لكن هذا التقدم توقف. فقد وصلت القدرة التنبؤية التراكمية لتعددات أشكال النوكليوتيدات المفردة للذكاء إلى مرحلة الثبات، حيث لا تفسر إلا نحو ثلث ما تفسره دراسات التوائم الأكبر سناً.
ارتباطات جينومية لا تقدم التفسيرات
تبقى هذه الارتباطات مجرد ارتباطات، وليست تفسيرات، ولا تكشف عن أي آلية بيولوجية. علاوة على ذلك، قد لا يعكس الكثير منها تأثيرات مباشرة للحمض النووي على الإطلاق. على سبيل المثال، قد ترتبط بعض تعددات أشكال النوكليوتيدات المفردة بالذكاء؛ لأنها أكثر شيوعاً في العائلات الثرية التي يتلقى أطفالها تعليماً أفضل - وهو رابط اجتماعي غير مباشر، وليس بيولوجياً. تُظهر الدراسات التي تقارن بين الأشقاء، الذين يتحكمون بشكل أفضل في البيئة الأسرية، تأثيرات وراثية أضعف.
الوراثة والبيئة - سرَّا الذكاء
وأنا أجادل بأن هذه النتائج تؤكد أن الذكاء ليس وراثياً تماماً ولا ثابتاً. وكما هو الحال مع الرفاهية المالية، يتأثر معدل الذكاء بالجينات، ولكنه يتشكل أيضاً بالبيئة والفرص والسياق الاجتماعي. وأرى أن توقّع وجود خريطة جينية بسيطة للذكاء يُسيء فهم كيفية تطور السمات البشرية.
إلا أن موراي يواصل ادعاءه بأنه «ربح» الرهان، ويعد بتفسير السبب، لكنه لم يفعل ذلك بعد. وأنا أرد بأنه لا يوجد حتى الآن دليل علمي يدعم تفسيراً جينياً حتمياً للذكاء.
في عام 2025، وعلى الرغم من ضخامة البيانات والتكنولوجيا، سيظل الذكاء البشري تفاعلاً معقداً بين البيولوجيا والبيئة - وهو لا يزال بعيداً عن الصورة الجينية الواضحة التي تصورها موراي.
* عالم النفس بجامعة فرجينيا. باختصار - «ذا أتلانتيك أونلاين» - خدمات «تريبيون ميديا»

