أكدت تركيا استعدادها للقيام بدور الضامن الفعلي حال تحقيق حل الدولتين بالأراضي الفلسطينية.
وحذر وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، من خطر نشوب حرب أخرى قريباً في المنطقة إذا لم يطبّق «حل الدولتين» في فلسطين.
وقال إن «الدور الذي لعبته تركيا حتى الآن هو دور الوساطة (بين حركة «حماس» وإسرائيل)، وكان من أجل وقف الحرب في غزة، وإنها مستعدة أيضاً للقيام بما يترتب عليها في حال التوصل إلى اتفاق يوافق عليه الفلسطينيون».
وأضاف فيدان، في مقابلة تلفزيونية ليل السبت - الأحد، أن تركيا قريبة وتدعم القضية الفلسطينية وتؤمن بها، وأنها لجأت إلى هذه العلاقة من أجل إيجاد حل، وأن الأميركيين تربطهم علاقة من هذا النوع مع الإسرائيليين.
وتابع: «هذا أمر مهم جداً، لا يمكن لأي دولة أن تتحمل هذا الالتزام، يكفي أن يمنح الفلسطينيون دولة على حدود 1967»، محذراً من أنه ليس من الصواب الثقة بإسرائيل 100 في المائة.
أهداف رئيسية
وأوضح فيدان أن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، تتضمن 3 مفاهيم لآليات مؤسساتية؛ وهي: قوة مهام، ومجلس السلام، وقوة استقرار، وأن النقاشات المبكرة بشأن طبيعة هذه الآليات وتعريف مهامها وتشكيلها لا تزال جارية.

وأضاف أن «قوة المهام المبكرة» شكلت من أجل معالجة الأمور خلال عملية وقف إطلاق النار في غزة، بما في ذلك المشاكل المتعلقة بتبادل الرهائن والجثث، لكن لا توجد قوة هيكلية تم إقرارها تتبع مهام وقواعد اشتباك محددة.
وتابع: «هدفنا بعد الآن أن تستمر المساعدات الإنسانية، وأن تتسلم هيئة فلسطينية إدارة غزة، وأن يتم التوجه نحو حل الدولتين».
اجتماع إسطنبول
وعقد فيدان في إسطنبول الأحد، اجتماعاً مع ممثلي عدد من منظمات المجتمع المدني التي تقدم مساعدات للفلسطينيين، لبحث جهود إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأشار الوزير التركي إلى أن أولوياتهم الاستراتيجية تتضمن وقف الإبادة المستمرة، وإنهاء اليأس الذي يواجهه نحو مليوني إنسان في أسرع وقت ممكن، ومنع ترحيل الشعب الفلسطيني عن أراضيه وتكرار تجربة التهجير.
وأوضح أن الهجمات على غزة لم تقتصر على المنطقة فحسب؛ بل أثّرت سلباً على شعوب دول أخرى وسياساتها، وأن الضمير الإنساني لم يعد قادراً على تحمل ذلك، وأن أكثر من 150 دولة تعترف بدولة فلسطين، مؤكداً ضرورة العمل من أجل تحويل هذا الاعتراف إلى واقع.
انتقادات للغرب
وعن رد فعل بلاده حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، قال فيدان إن انهيار الاتفاق يعني أن إسرائيل ستستخدم تفوقها الساحق في القوة لتقتل الفلسطينيين العُزل.
وأوضح أن حرب إسرائيل على غزة كانت ربما حرباً تقليدية في الأشهر الأولى، عندما كانت «حماس» تطلق الصواريخ، لكنها تحولت إلى إبادة جماعية مع قصف المدن وتدميرها.

وعن الأرقام المتداولة بشأن الضحايا جراء الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل على غزة، عبر فيدان عن اعتقاده أن عدد القتلى قد يزيد على 70 ألفاً، لافتاً إلى أن القضية الفلسطينية، كان دائماً يعترف بها بوصفها مشكلة دولية، لكن الجهود الدولية المشتركة لم تكن على المستوى المطلوب.
ونبّه فيدان إلى استغلال إسرائيل لقضية الرهائن، لافتاً إلى أن هذه الذريعة لم تعد قائمة الآن، وأنه لا مبرر لاستمرار إسرائيل في تجويع وقتل الشعب الفلسطيني.
وتطرق إلى الانقسام في الدول الغربية بشأن القضية الفلسطينية، قائلاً: «كانوا يقولون طوال الوقت إن الغرب يمتلك تفوقاً؛ ليس فقط تكنولوجياً وسياسياً واقتصادياً، بل أخلاقياً، لكننا لاحقاً رأينا أنهم يغضون النظر عن الوحشية».
وأكد أن تركيا تقف ضد من يرتكب الإبادة أياً من كان، إلا أن الوضع مختلف لدى الدول الغربية، والدور الأهم حالياً هو رسم منظور استراتيجي وتنظيم الأمور ودفع الجميع نحو التحرك، نحن نقول دائماً إن ما سيبدأ ليس حرباً؛ بل إبادة متجددة، لذا يتعين على المجتمع الدولي أن يتصرف بشكل واعٍ، وأن يتوصل إلى آليات ضغط فعالة على إسرائيل، وأن تتحول هذه الآليات إلى إجراءات ملموسة على الأرض، كما يجب طرح مسألة التعويضات على جدول الأعمال، وينبغي أن تتم بالفعل، لافتاً إلى أنها مسألة قد تستغرق وقتاً.
إعادة إعمار غزة
وبشأن إعادة إعمار غزة، قال فيدان إن تركيا لديها خبرة كبيرة في هذا المجال، لا سيما ما قدمته بعد زلزال 6 فبراير (شباط) 2023، ولا مانع من تكرار هذه الخدمة في غزة.

واستدرك: «لكن هناك حاجة لتوزيع الأدوار وتقاسم التكاليف بين الدول الراغبة في المشاركة، والمناقشات جارية حول ذلك»، وتوقع أن يؤدي مؤتمر المانحين إلى الخروج بصيغة لعملية إعادة الإعمار.
وذكر أن هناك دراسات تكاليف أجرتها مؤسسات مثل البنك الدولي وغيرها، لافتاً إلى أن إدخال الآليات والعمال إلى الميدان، يتطلب استمرار وقف إطلاق النار ووجود ضمانات بعدم انهياره.
