في وقت يستعد العراق لإجراء الانتخابات البرلمانية السادسة منذ 2003، أثار بند «حسن السيرة والسلوك» جدلاً واسعاً بعد أن استخدم أداة لاستبعاد عشرات المرشحين، وسط اتهامات بتوظيفه سياسياً في تصفية الحسابات.
وتقول المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في البلاد، إن قرارات الاستبعاد ستظل سارية حتى موعد الاقتراع، فيما يحذر مراقبون من أن هذه القرارات قد تُستغل في سياق التنافس السياسي الحاد وهيمنة المال السياسي.
ويشارك في الانتخابات المقبلة، المقرر إجراؤها في نوفمبر (تشرين الثاني)، نحو 7768 مرشحة ومرشحاً يتنافسون على 329 مقعداً برلمانياً.
معيار غامض
رغم أن بعض قرارات الاستبعاد استندت إلى الانتماء السابق لحزب البعث المحظور، عبر هيئة المساءلة والعدالة، فإن استبعادات أخيرة استندت إلى معيار غامض نسبياً هو «حسن السيرة والسلوك»، ما فتح الباب أمام تفسيرات متباينة وتأويلات قانونية مختلفة بين مؤسسات الدولة.
وترافقت قرارات الاستبعاد من قبل المفوضية، مع سلسلة من الإعادات لمرشحين مثيرين للجدل عبر الهيئة القضائية، في ما اعتبره مراقبون «صراعاً صامتاً» بين مؤسسات إدارة العملية الانتخابية.
ويقول محللون إن الإنفاق الكبير من قبل بعض المرشحين، وحملات شراء الأصوات، يعكس تأثير المال السياسي في توجيه بوصلة الانتخابات، متوقعين أن يضم البرلمان المقبل عدداً كبيراً من رجال الأعمال والتجار.
وعاد النائب المستقل سجاد سالم، المعروف بمواقفه المعارضة للفصائل المسلحة، إلى السباق الانتخابي بقرار قضائي للمرة الثالثة، بعد أن استبعدته المفوضية بذريعة «الإخلال بحسن السيرة والسلوك».
وقالت الهيئة القضائية، في وثيقة رسمية، إن «قرار الاستبعاد غير صحيح ومخالف للقانون»، موضحة أن تصريحات سالم لإحدى القنوات الفضائية تندرج ضمن «حرية الرأي والتعبير» ولا تشكل مخالفة انتخابية.
وكان سالم قد هاجم «كتائب حزب الله» بشدة بعد حديث مسؤولها الأمني عن صلات مزعومة بين المختطفة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف، و«حراك تشرين» الاحتجاجي الذي انطلق في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، واستمر لأكثر من عام.
في المقابل، ألغت الهيئة القضائية قرار المفوضية بإعادة النائب السابق محمد الدايني إلى السباق، مؤكدة أن «سجله لا يتوافق مع قواعد حسن السيرة والسلوك»، على خلفية شكاوى قضائية تتعلق بـ«الإساءة للشعب العراقي».

اغتيال سياسي
بالتوازي مع الاستقطاب السياسي، يشهد الشارع العراقي تصعيداً أمنياً يطغى على أجواء الحملات الانتخابية. ففي نينوى، تعرض مكتب النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني محما خليل في قضاء سنجار إلى اقتحام من قبل مجموعة مجهولة أضرمت النار في ملصقاته الدعائية، فيما وصفه بيان صادر عن خليل بأنه «هجوم بدوافع إرهابية».
وفي العاصمة بغداد، لا تزال التحقيقات جارية في حادثة اغتيال المرشح صفاء المشهداني في منطقة الطارمية، وسط تضارب المعلومات بشأن الجهة المنفذة.
وذكرت مصادر أمنية أن «العبوة الناسفة التي استهدفت المشهداني كانت محلية الصنع، وجرى تفجيرها عن بعد باستخدام هاتف محمول». وأشارت المصادر إلى أن الجهات الأمنية «توصلت إلى خيوط أولية» بشأن الفاعلين، مؤكدة أن الإعلان الرسمي سيصدر بعد استكمال الإجراءات الفنية والقانونية.
ونفى الأمين العام للمؤتمر الوطني العراقي آراس حبيب كريم أي دور للفصائل المسلحة في الطارمية في عملية الاغتيال، مشيراً إلى أن «خلافات داخل المكون السني» قد تكون الدافع وراء العملية، وهو ما تنفيه بشدة قوى سنية تطالب بالقصاص من قتلة المشهداني.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، قدم تحالف من محامين عراقيين شكوى رسمية لإيقاف تسجيل الأحزاب والكيانات السياسية المرتبطة بفصائل مسلحة، بعد أسابيع من حملات لإقصاء مرشحين من الانتخابات المقبلة.

