انقسام المكونات يشعل مسرح الانتخابات العراقية

التنافس يشتد بين قوى سنية وشيعية في العاصمة بغداد

يقول مراقبون عراقيون إن الدعاية الانتخابية تذكي الانقسامات في البلاد (أ.ف.ب)
يقول مراقبون عراقيون إن الدعاية الانتخابية تذكي الانقسامات في البلاد (أ.ف.ب)
TT

انقسام المكونات يشعل مسرح الانتخابات العراقية

يقول مراقبون عراقيون إن الدعاية الانتخابية تذكي الانقسامات في البلاد (أ.ف.ب)
يقول مراقبون عراقيون إن الدعاية الانتخابية تذكي الانقسامات في البلاد (أ.ف.ب)

بعد أكثر من عقدين على إسقاط نظام صدام حسين عام 2003، لا تزال المحصلة السياسية في العراق محل تساؤل لدى المواطنين، بعدما تحوّلت الآمال بالتغيير إلى خيبات، والديمقراطية إلى واجهة شكلية تدار عبر شعارات تثير مجدداً الانقسام الطائفي، وفق مراقبين.

من مجلس الحكم الذي أشرف عليه بول بريمر، إلى حكومات إياد علاوي والجعفري وما تلاها من خمس حكومات منتخبة منذ 2005، يبدو أن ما وصف بالتحول الجذري من نظام شمولي إلى نظام برلماني لم يُنتج الدولة المأمولة، بل رسّخ بنية حكم تقوم على المحاصصة الطائفية والعرقية، وتقاسم النفوذ حتى في أدق تفاصيل الإدارات المحلية.

ويشير مراقبون إلى مثال حديث العهد يجسد عمق الأزمة، حين اندلع خلافٌ دموي في إحدى مديريات الزراعة ببغداد كافياً ليدفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى اتهام «كتائب حزب الله» علناً بالتورط، في سابقة تعكس صراعاً متنامياً داخل شبكات السلطة غير الرسمية.

وفي خلفية هذا المشهد، تستعد البلاد لانتخابات برلمانية جديدة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لكنها بدأت بالفعل تتلطخ بالدم، بعد اغتيال مرشح في الطارمية، وهي منطقة ملتهبة شمال بغداد تشهد تجاذباً بين تيارات سنية متصارعة وتغلغل لفصائل مسلحة.

وتسعى فصائل مسلحة موالية لإيران إلى تحويل الطارمية إلى نسخة أخرى من «جرف الصخر» التي هجّرت سكانها منذ 2014، وسط صمت رسمي وشبه موافقة ميدانية.

ومع تمدد نفوذ الفصائل، تحوّلت الحملات الانتخابية إلى ميدان جديد للغريزة السياسية، إذ لم يعد الصراع على البرامج والمشاريع، بل على استدعاء الهويات الطائفية والعشائرية في محاولة لضمان البقاء في دائرة الضوء، عبر شعارات تلامس «المذهب» تارة و«العشيرة» تارة أخرى.

«اتجاه واحد»

بعد 23 عاماً على التغيير، تبدو الديمقراطية العراقية أقرب إلى نموذج افتراضي صُمم على الورق أو بخوارزميات «الذكاء الاصطناعي»، لا واقعاً ينبض بحاجات الناس. فبينما كانت دكتاتورية صدام حسين صريحة في بطشها، تُمارس اليوم ديمقراطية الخطاب المسموح لكن في اتجاه واحد فقط.

فإن انتقد مواطن رئيس الجمهورية أو الحكومة أو البرلمان، فالأمر قد ينتهي بدعوى قضائية أو غرامة. أما إذا تناول الانتقاد زعيم فصيل مسلح أو مرجعية دينية، فالحساب لا يكون في المحاكم، بل بـ«الكاتم» أو ما هو أسوأ.

وفيما تكرّس الانتخابات بوصفها «أعلى أشكال التعبير الديمقراطي»، باتت تُستخدم أداة لإعادة تدوير الوجوه ذاتها، من خلال شعارات طائفية أو جاذبة للعواطف القومية والدينية، وصولاً إلى اللعب بورقة العشيرة، كما في الانتخابات المرتقبة لعام 2025.

عراقيون يمرون بجانب لافتات انتخابية في أحد شوارع بغداد يوم 14 أكتوبر 2025 قبيل الانتخابات البرلمانية المقررة في 11 نوفمبر (أ.ف.ب)

شعارات تائهة

أخيراً، تحولت الساحات والشوارع إلى معرض لشعارات يصعب الإمساك بدلالتها. حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بقيادة بافل طالباني، يرفع شعار «قوتنا في بغداد»؛ تعبيراً عن رغبته في ترسيخ نفوذه الاتحادي، في مقابل شعار «الشراكة، التوازن، التوافق» للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، وسط أزمة متصاعدة بين الطرفين وعجز عن تشكيل حكومة الإقليم منذ أكثر من عامين.

في بغداد، تتوزع الشعارات بين الاستقواء بالسلطة، واستعطاف المواطن، وتجييش المشاعر. كتلة شيعية تخاطب الناخب الشيعي بعبارة «لا تضيعوها»، فيما ترفع قائمة سُنّية شعار «نحن أمة»، في محاولة لاستعادة المكانة الرمزية في عراق ما بعد 2003.

تتكرر شعارات مثل «عراق قوي» و«عراق مقتدر»، بينما يتحوّل بيت المتنبي إلى شعار بلا مضمون: «على قدر أهل العزم». والكل يرفع شعار «العراق هو الأساس»، لكن لا أحد يملك تصوراً لما يعنيه ذلك في بلد تتآكله الولاءات المتعددة والهويات المتنازعة.


مقالات ذات صلة

بغداد تدفع نحو «شراكة أقوى» مع واشنطن لمكافحة «داعش»

خاص الأمن العراقي قال إنه نفّذ إنزالاً بالأراضي السورية واعتقل قياديين في «داعش» (إعلام حكومي)

بغداد تدفع نحو «شراكة أقوى» مع واشنطن لمكافحة «داعش»

قال مسؤول عراقي إن التعاون الأمني مع الولايات المتحدة يتخذ وتيرة متزايدة لمكافحة الإرهاب، في أعقاب عملية الإنزال المشتركة التي نفذتها قوة خاصة في سوريا.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي برهم صالح المفوض السامي لوكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (ا.ب)

ردود فعل عراقية على انتخاب برهم صالح رئيساً لوكالة اللاجئين

أعلن الرئيس العراقي السابق، برهم صالح، الجمعة، انتخابه رسمياً مفوضاً سامياً جديداً للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، متعهداً بنهج يقوم على الالتزام بالقانون الدولي.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي السابق برهم صالح الرئيس الجديد للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (رويترز)

انتخاب الرئيس العراقي السابق برهم صالح لقيادة مفوضية شؤون اللاجئين

انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم (الخميس) برهم صالح، رئيس العراق السابق الذي فرّ من الاضطهاد في عهد صدام حسين، مفوضاً سامياً جديداً للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي عناصر من قوات الأمن العراقية في بغداد (أ.ب - أرشيفية)

الاستخبارات العراقية تعتقل «هدفين» داخل الأراضي السورية بالتعاون مع «التحالف الدولي»

تمكّنت قوات استخبارية عراقية، بالتنسيق مع قوات الأمن السورية و«التحالف الدولي»، من اعتقال هدفين مهمين مطلوبين للقضاء العراقي بإنزال جوي شمال شرقي سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ونظيره العراقي فؤاد حسين في واشنطن أبريل 2025 (إعلام حكومي)

العراق يرحب بإلغاء «تفويض القوة» الأميركي

ألغى الكونغرس الأميركي تفويض استخدام القوة العسكرية ضد العراق، وذكرت وزارة الخارجية العراقية أن القرار تاريخي و«يعزز احترام السيادة».

حمزة مصطفى (بغداد)

«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس  أمس (رويترز)
الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس أمس (رويترز)
TT

«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس  أمس (رويترز)
الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس أمس (رويترز)

حوّلت إسرائيلُ «الخط الأصفر» الوارد في خريطة الانسحاب من قطاع غزة، إلى ما يمكن أن يوصف بـ«مصيدة للموت»؛ تقتل من خلالها كل من يقترب منه. وخلال 24 ساعة قُتل 4 فلسطينيين في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، والتي تبعد نحو 200 متر من «الخط الأصفر» الذي يفصل القطاع إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقول مصادرُ فلسطينية إنَّ إسرائيلَ فعلياً حوَّلت «الخط الأصفر» إلى «مصيدة للموت»، تقتل الغزيين عنده بدم بارد.

وأعلنتِ الأمم المتحدة أنَّ المجاعةَ في غزة انتهت، لكنَّ السوادَ الأعظم من سكان القطاع ما زالوا يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي.


سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

أكدت سوريا، اليوم، التزامها الثابت بمكافحة تنظيم «داعش»، مشيرة إلى أنها ستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها.

وتقدمت وزارة الخارجية السورية بتعازيها الحارة لعائلات الضحايا من رجال الأمن السوريين والأميركيين الذين قتلوا في الهجمات الإرهابية التي وقعت في تدمر وشمال سوريا الأسبوع الماضي. مؤكدة أنّ هذه الخسارة تبرز ضرورة تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب.

وقالت الخارجية السورية عبر منصة "إكس»: «تؤكد سوريا التزامها الثابت بمكافحة تنظيم داعش وضمان عدم وجود ملاذات آمنة له في الأراضي السورية. وستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها».

عملية أمنية في مدينة تدمر عقب الهجوم الإرهابي على وفد سوري - أميركي مشترك (الداخلية السورية)

وأضافت: «تدعو الجمهورية العربية السورية الولايات المتحدة والدول الأعضاء في التحالف الدولي للانضمام إلى دعم جهود الجمهورية في مكافحة الإرهاب، بما يسهم في حماية المدنيين واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة».

و شنت طائرات تابعة للتحالف الدولي غارات على مواقع يعتقد أنها تابعة لتنظيم «داعش» في مناطق شمال وشرق سوريا.

وقالت مصادر محلية في محافظات الرقة ودير الزور، بحسب وكالة الانباء الألمانية (د ب أ)، إن «طائرات حربية أميركية شنت غارات في بادية دير الزور والرقة وسمع صوت أربعة انفجارات في منطقة البشري في ريف الرقة الجنوبي الشرقي، ليل الجمعة-السبت، وسط صوت تحليق للطائرات الحربية في سماء مناطق ريف الرقة الشرقي ودير الزور الغربي في المنطقة التي تنشط فيها خلايا تنظيم داعش منذ مطلع الشهر الحالي».


«البنتاغون» يعلن إطلاق عملية ضد «داعش» في سوريا رداً على هجوم تدمر

عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«البنتاغون» يعلن إطلاق عملية ضد «داعش» في سوريا رداً على هجوم تدمر

عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث، الجمعة، إطلاق عملية عسكرية ضد تنظيم «داعش» في سوريا رداً على هجوم في تدمر أودى بحياة ثلاثة أميركيين.

وقال هيغسيث في منشور على منصة «إكس»: «بدأت القوات الأميركية عملية +ضربة عين الصقر+ في سوريا للقضاء على مقاتلين وبنى تحتية ومواقع تخزين أسلحة لتنظيم داعش، في رد مباشر على الهجوم الذي استهدف قوات أميركية في 13 ديسمبر (كانون الأول)».

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن تنظيم «داعش" يواجه «رداً انتقامياً قاسياً جداً» في سوريا من قبل القوات الأميركية.

وكتب ترمب على شبكته الاجتماعية «تروث سوشال بعد وقت قصير من إعلان «البنتاغون» عن إطلاق عملية عسكرية في سوريا، «أعلن هنا أن الولايات المتحدة تقوم برد قاس جداً، كما وعدت، ضد الإرهابيين القتلة المسؤولين» عن الهجوم، مضيفاً «نوجه ضربات قوية جداً ضد معاقل تنظيم داعش في سوريا».

وذكر ‌الجيش الأميركي، أن ‍اثنين ‍من أفراده ومترجم مدني قتلوا، ‍السبت، في مدينة تدمر وسط سوريا على يد مهاجم استهدف قافلة للقوات الأميركية ​والسورية قبل أن يُقتل بالرصاص. وأصيب ثلاثة جنود أميركيين ⁠آخرين في الهجوم.

ونفذ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضربات جوية وعمليات برية في سوريا استهدفت المشتبه في انتمائهم لتنظيم «داعش» في الشهور القليلة الماضية، وغالباً ما كان ذلك بمشاركة قوات ‌الأمن السورية.