بدء محاكمة مهاجر أفغاني هاجم أطفالاً بسكين في ألمانيا

تستمر المحاكمة 6 أيام في بافاريا وتتركز على الصحة العقلية للمشتبه به

لقطة من مقطع فيديو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» تُظهر المتهم الأفغاني إنعام الله أ. البالغ من العمر 28 عاماً جالسًا في قاعة المحكمة بأشافنبورغ (غرب ألمانيا) في بداية محاكمته - 16 أكتوبر 2025 بتهمة الاعتداء بالسكين على أطفال صغار (أ.ف.ب)
لقطة من مقطع فيديو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» تُظهر المتهم الأفغاني إنعام الله أ. البالغ من العمر 28 عاماً جالسًا في قاعة المحكمة بأشافنبورغ (غرب ألمانيا) في بداية محاكمته - 16 أكتوبر 2025 بتهمة الاعتداء بالسكين على أطفال صغار (أ.ف.ب)
TT

بدء محاكمة مهاجر أفغاني هاجم أطفالاً بسكين في ألمانيا

لقطة من مقطع فيديو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» تُظهر المتهم الأفغاني إنعام الله أ. البالغ من العمر 28 عاماً جالسًا في قاعة المحكمة بأشافنبورغ (غرب ألمانيا) في بداية محاكمته - 16 أكتوبر 2025 بتهمة الاعتداء بالسكين على أطفال صغار (أ.ف.ب)
لقطة من مقطع فيديو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» تُظهر المتهم الأفغاني إنعام الله أ. البالغ من العمر 28 عاماً جالسًا في قاعة المحكمة بأشافنبورغ (غرب ألمانيا) في بداية محاكمته - 16 أكتوبر 2025 بتهمة الاعتداء بالسكين على أطفال صغار (أ.ف.ب)

بدأت الخميس في ألمانيا محاكمة مهاجر أفغاني شاب هاجم عدداً من الأطفال بسكين فأوقع قتيلين، في قضية أججت الجدل حول ملف المهاجرين، في هذا البلد الذي يشهد تصاعداً لليمين المتطرف.

تستمر المحاكمة 6 أيام، في مدينة أسشافنبورغ ببافاريا، وتتركز المداولات على الصحة العقلية لهذا المهاجر الأفغاني البالغ 28 عاماً، الذي عُرّف باسمه الأول، إنعام الله.

وصل المتهم إنعام الله أ. (وسط الصورة) إلى بداية محاكمته في المحكمة الإقليمية بأشافنبورغ في ألمانيا - 16 أكتوبر 2025... ويُتهم المتهم الأفغاني إنعام الله أ. بقتل طفل يبلغ من العمر عامين ورجل يبلغ من العمر 41 عاماً بسكين في حديقة بأشافنبورغ - 22 يناير 2025 وإصابة 3 أشخاص آخرين بجروح خطيرة (أ. ف.ب)

ووفقاً لنوع المحُاكمة التي أمر القضاء بأن يخضع لها، يمكن أن يجري إيداعه في مصحّ نفسي بدلاً من عقوبة السجن.

وارتكب إنعام الله جريمته في ظلّ حملات سياسية سبقت الانتخابات التشريعية، وفي ظل انتقادات لما يعتبره البعض سياسة متراخية في ألمانيا تجاه المهاجرين.

ففي 22 يناير (كانون الثاني) 2025، هاجم إنعام الله معلّمتين مع خمسة أطفال في حديقة عامة.

وأسفر الهجوم عن مقتل طفل من أصل مغربي، ورجل كان يعبر المكان وحاول ردّ المهاجم عن ضحاياه، فيما أُصيبت طفلة من أصل سوري في عنقها.

جاء ذلك في ظلّ صعود حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المعادي للمهاجرين. وحقق الحزب في الانتخابات التي جرت في فبراير (شباط) نتيجة قياسية؛ بفوزه بـ20 في المائة من الأصوات.

وبعد نحو تسعة أشهر من هجوم طعن مميت يُشتبه في أن منفذه مريض نفسي، استهدف مجموعة أطفال حضانة في مدينة أشافنبورج الألمانية، بدأت، اليوم (الخميس)، إجراءات محاكمة ضد المتهم. وإلى جانب كشف ملابسات الجريمة، تنظر محكمة أشافنبورج أيضاً في مسألة ما إذا كان المشتبه به غير مسؤول جنائياً عن أفعاله وقت ارتكاب الجريمة، في يناير (كانون الثاني) الماضي.

لائحة الاتهام

ويسعى الادعاء العام الألماني، بالنظر إلى تقرير الطب النفسي الجنائي الأولي الذي خلص إلى انعدام المسؤولية الجنائية للمتهم (28 عاماً) إلى إيداع الأفغاني بشكل دائم في مستشفى للأمراض النفسية. ووفقاً للتحقيقات، فإن اللاجئ هاجم في 22 يناير 2025 في حديقة شونتال بمدينة أشافنبورج مجموعة من أطفال حضانة بسكين مطبخ يبلغ نصله نحو 30 سنتيمتراً. وأُصيب طفل مغربي يبلغ من العمر عامين بجروح أودت بحياته. كما لقي رجل ألماني يبلغ من العمر 41 عاماً حتفه، وكان قد صادف وجوده في المكان، وحاول إنقاذ الأطفال. ويُتهم المشتبه به أيضاً بطعن فتاة سوريا (عامين) ورجل ألماني (73 عاماً)، ونجا كلاهما من الهجوم. كما أُصيبت مربية (59 عاماً) بكسر في ذراعها أثناء الفوضى التي تلت الهجوم.

يجلس المتهم إنعام الله أ. بقاعة المحكمة في بداية محاكمته بالمحكمة الإقليمية في أشافنبورغ بألمانيا - 16 أكتوبر 2025... وهو متهم بقتل طفل يبلغ من العمر عامين ورجل يبلغ من العمر 41 عاماً بسكين في حديقة بأشافنبورغ في 22 يناير 2025 وإصابة 3 أشخاص آخرين بجروح خطيرة (أ.ب.أ)

ويتهم الادعاء العام الرجل الأفغاني بالقتل والشروع في القتل والتهديد والاعتداء الجسدي المتعدد. وجاء في تقرير الطب النفسي الجنائي أن هناك «احتمالاً كبيراً بأن المتهم ارتكب الجريمة في حالة انعدام المسؤولية الجنائية؛ إذ حالت إصابته بمرض نفسي دون القدرة على إدراك عدم مشروعية أفعاله».

وبحسب ما تم التوصل إليه حتى الآن، لاذ المتهم بالفرار سيراً على الأقدام، بعد أن تصدى له عدد متزايد من المارة، وتم القبض عليه دون مقاومة بعد نحو 12 دقيقة من أول بلاغ طارئ بالقرب من خطوط السكك الحديدية. وعثرت السلطات على السكين الملطخ بالدماء على مسافة قصيرة من مكان القبض على المتهم.

وكان الرجل (28 عاماً) معروفاً لدى الشرطة قبل ارتكاب الجريمة بعدة مخالفات، وتم احتجازه مؤقتاً في مستشفى للأمراض النفسية. ومنذ مارس (آذار) 2023، سجلت السلطات عدداً من الحوادث المتعلقة به، وتضمنت تحقيقات في اعتداءات بدنية ومقاومة الشرطة، وإصابات متعمدة، وإهانات، وأعمال تخريب. كما صدرت بحقه أوامر جزائية وغرامات مالية. وتشمل إجراءات المحاكمة أيضاً حادثة وقعت في 29 أغسطس (آب) 2024 بمركز لإيواء اللاجئين في مدينة التسناو؛ حيث يُشتبه في أن الأفغاني خنق إحدى المقيمات وطعنها بسكين. وتم تحديد 6 جلسات للمحاكمة حتى 30 أكتوبر الحالي.


مقالات ذات صلة

بالاو توافق على استقبال مهاجرين مرحّلين من الولايات المتحدة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

بالاو توافق على استقبال مهاجرين مرحّلين من الولايات المتحدة

أعلنت دولة بالاو، وهي أرخبيل واقع في غرب المحيط الهادئ، موافقتها على استقبال ما يصل إلى 75 مهاجراً غير أميركي مرحَّلين من الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ شعار وزارة الأمن الداخلي الأميركية (رويترز)

تورط مسؤولين من إدارة الهجرة الأميركية في إطلاق نار بماريلاند أسفر عن إصابة شخصين

قالت السلطات إن موظفين اتحاديين تورطوا في ​إطلاق نار وقع اليوم الأربعاء وأسفر عن إصابة شخصين أحدهما بالرصاص.

«الشرق الأوسط» (ماريلاند)
الولايات المتحدة​ عملاء فيدراليون أميركيون يحتجزون رجلاً خلال مداهمة متعلقة بالهجرة في مدينة شيكاغو (رويترز) play-circle

المحكمة العليا ترفض السماح لإدارة ترمب بنشر الحرس الوطني في شيكاغو

رفضت المحكمة العليا الأميركية أمس (الثلاثاء) السماح لإدارة الرئيس دونالد ترمب بنشر الحرس الوطني في منطقة شيكاغو في الوقت الراهن، لدعم حملتها الصارمة ضد الهجرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أفغان ضمن برامج الاستقبال الفيدرالية في مطار هانوفر... وقد نقلت رحلة طيران مستأجرة نظمتها الحكومة الألمانية 141 أفغانياً إلى ألمانيا يوم الاثنين (د.ب.أ)

ألمانيا تستقبل دفعة جديدة تضم 141 أفغانياً ضمن «برنامج الإيواء»

وصل 141 أفغانياً إلى ألمانيا على متن رحلة طيران مستأجرة (شارتر) نظمتها الحكومة الألمانية.

«الشرق الأوسط» (هانوفر (ألمانيا))
شمال افريقيا جانب من ترحيل السلطات الليبية لمهاجرين من الجنسية الغانية (وزارة الداخلية بغرب ليبيا)

ليبيا ترحّل دفعات جديدة من المهاجرين... براً وجواً

تعمل السلطات الأمنية المعنية بمكافحة الهجرة غير النظامية في ليبيا على إعادة دفعات جديدة من الموقوفين إلى دولهم، براً وجواً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إصابة 3 نساء بجروح في عمليات طعن بمترو باريس

قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
TT

إصابة 3 نساء بجروح في عمليات طعن بمترو باريس

قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)
قطار يدخل محطة مترو في باريس (أ.ف.ب)

أقدم رجل مسلّح بسكين، الجمعة، على مهاجمة عدة نساء على الخط الثالث لمترو العاصمة الفرنسية باريس.

ووفقاً لعدة مصادر أمنية، قام رجل بإخراج سكين وطعن ثلاث نساء في محطات مختلفة على الخط الذي يربط بين باغنوليه ولوفالوا-بيريه.ووقعت الاعتداءات بين الساعة 16:15 و16:45 بالتوقيت المحلي وفق ما ذكرته وسائل إعلام فرنسية نقلاً عن مصدر أمني.

وجرى إسعاف الضحايا بسرعة من قبل فرق إطفاء باريس. وأشارت مصادر أمنية إلى أن إصابات النساء الثلاث وُصفت بالطفيفة.

وقالت شاهدة عيان كانت حاضرة في محطة ريبوبليك وقت الاعتداء: «أصيبت شابة في منطقة الفخذ، وكان هناك الكثير من الدم، لقد كان جرحاً عميقاً».

ولاذ المشتبه به بالفرار عبر الخط الثامن للمترو، قبل أن يتم توقيفه لاحقاً في منزله بمدينة سارسل الشمالية التابعة لإقليم فال دواز.

وأفاد مصدر أمني أن الرجل من أصول مالية، ومن مواليد عام 2000. واستُبعد، وفقاً للمصدر ذاته، وجود أي دافع إرهابي وراء الحادث، مرجّحاً أن يكون الفعل ناتجاً عن شخص مختل نفسياً أو يعاني من هشاشة نفسية.

وبعد نحو ساعتين من وقوع الاعتداءات، عاد الخط الثالث للمترو للعمل بشكل طبيعي.


تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
TT

تقرير: زيلينسكي مستعد للدعوة لاستفتاء على خطة ترمب بعد التوصل لوقف النار

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (إ.ب.أ)

نقل موقع «أكسيوس» الإخباري عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قوله إنه «مستعد» للدعوة إلى إجراء استفتاء على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا إذا وافقت روسيا على اتفاق لوقف إطلاق النار.

وأكّد الموقع الأميركي أن زيلينسكي ما زال يأمل في تحسين بنود خطة ترمب لإنهاء الحرب، وأشار إلى أنه سيسعى إلى الحصول على موافقة الشعب على الخطة إذا لم يتم التوصل لاتفاق «قوي» بشأن الأراضي.

ونقل «أكسيوس» عن زيلينسكي قوله إن الحد الأدنى لمدة وقف إطلاق النار من أجل ترتيب وإجراء الاستفتاء في أوكرانيا هو 60 يوماً.

وفيما يتعلق بالاتفاقات الأميركية-الأوكرانية، قال زيلينسكي إن مدة اتفاق الضمانات الأميركية يجب ألا تقل عن 15 عاماً، مشيراً إلى أن موافقة ترمب على ذلك الأمر في الاجتماع المزمع بين الرئيسين، بعد غد الأحد، في فلوريدا سيعدّ «نجاحاً كبيراً».

وأضاف الرئيس الأوكراني أن الغرض من اجتماع الأحد المقبل هو استغلال التقدم الذي جرى إحرازه من أجل وضع إطار عام لإنهاء الحرب.

محاولة «نسف»

واتهمت روسيا، الجمعة، أوكرانيا بمحاولة «نسف» المفاوضات بشأن الخطة الأميركية لإنهاء الحرب، مشيرة إلى أن النص الجديد الذي قدّمته كييف هذا الأسبوع «يختلف اختلافاً جذرياً» عما تفاوضت عليه موسكو مع الأميركيين.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، في تصريحات متلفزة نقلتها «وكالة الصحافة الفرنسية» إن «قدرتنا على بذل الجهد النهائي والتوصل إلى اتفاق تعتمد على عملنا والإرادة السياسية للطرف الآخر، ولا سيما في ظل تكثيف كييف وداعميها -خصوصاً داخل الاتحاد الأوروبي الذين لا يؤيدون الاتفاق- جهودهم لنسفه».

وأضاف ريابكوف: «دون حلٍّ جذري للمشكلات الكامنة وراء هذه الأزمة، سيكون من المستحيل التوصل إلى اتفاق نهائي»، داعياً إلى الالتزام بالإطار الذي وضعته قمة الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب في ألاسكا في أغسطس (آب) 2025، وإلا «فلا يمكن التوصل إلى أي اتفاق».

وقدّم زيلينسكي، الأربعاء، النسخة المنقحة من الخطة الأميركية، التي جرى تحديثها بعد مفاوضات مع كييف مقارنة بالنسخة الأصلية التي عُرضت قبل أكثر من شهر.

وتقترح هذه الوثيقة الجديدة المكونة من 20 بنداً تجميد خطوط المواجهة من دون تقديم حل فوري للقضايا المرتبطة بالأراضي، كما تُسقط مطلبين رئيسيين من موسكو؛ هما انسحاب القوات الأوكرانية من منطقة دونباس، والتزام أوكرانيا القانوني بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وأشار ريابكوف، الجمعة، إلى أن «هذه الخطة، إن صحّ التعبير، تختلف اختلافاً جذرياً عن النقاط الـ27 التي وضعناها في الأسابيع الأخيرة، منذ بداية ديسمبر(كانون الأول) بالتعاون مع الجانب الأميركي».


باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
TT

باريس ترسم خريطة الضمانات الأمنية لكييف قبيل زيارة زيلينسكي إلى واشنطن

زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)
زيلينسكي يتوسّط قادة أوروبيين ومفاوضين أميركيين خلال محادثات في برلين حول أوكرانيا يوم 15 ديسمبر (د.ب.أ)

بينما تتجه الأنظار إلى الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في الساعات القليلة المقبلة، بمناسبة الزيارة الجديدة التي سيقوم بها فولوديمير زيلينسكي إلى الولايات المتحدة الأحد، عجّلت باريس بعرض رؤيتها للمرحلة المقبلة وللتحركات التي تنوي القيام بها، فضلاً عن الأولويات التي يتعيّن أن تدور حولها المناقشات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، والتي تشكل الضمانات الأمنية المفترض أن تقدم لكييف عصبها الأساسي.

ثلاث ضمانات

من هذا المنظور، ركّز مصدر رفيع المستوى في القصر الرئاسي على الأهداف التي تعمل فرنسا على تحقيقها، أبرزها «تكتيكي»، ويتمثّل في تدعيم وحدة المقاربة والهدف بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى «قواعد واضحة» لتحقيق وقف لإطلاق النار يمكن التحقق منه، ولطمأنة الطرف الأوكراني بأن روسيا لن تعتدي عليه مجدداً.

الرئيس الفرسي إيمانويل ماكرون متحدثاً للصحافة بعد انتهاء أعمال القمة الأوروبية في بروكسل يوم 18 ديسمبر (أ.ب)

وتُركّز باريس على أن الضمانات الأمنية يتعين أن تندرج في ثلاثة سياقات: الأول، توفير الدعم الكامل للجيش الأوكراني الذي ترى فيه «الضمانة الأولى» للدفاع عن أوكرانيا. من هنا، تشيد باريس بالقرار الذي توصل إليه القادة الأوروبيون مؤخراً في بروكسل بمنح كييف قروضاً قيمتها 90 ملياراً للعامين المقبلين، تنقسم إلى مساعدات عسكرية وأخرى لدعم ميزانية البلاد. أما الضمانة الثانية، فمصدرها «تحالف الراغبين» الذي يضم نحو 35 دولة، أكثريتها الساحقة أوروبية، والذي يخطط لنشر قوة مساندة ليست مهمّتها الدخول في قتال مع القوات الروسية، بل ستنتشر بعيداً عن خط وقف إطلاق النار، فتكون بمثابة «قوة طمأنة» لأوكرانيا، وتقوم بعدة مهمات، منها التدريب ونزع الألغام والرقابة. والضمانة الثالثة يُفترض أن توفرها الولايات المتحدة لأوكرانيا ولـ«تحالف الراغبين».

ورغم غياب توصيف دقيق لما ستوفره، فإن الجانب الأوكراني يتحدث عن ضمانات تُشبه ما توفره «الفقرة الخامسة» من معاهدة الحلف الأطلسي، التي تنصّ على أن أي اعتداء على عضو في الحلف يُعدّ اعتداءً على كل الأعضاء. وأكّد المصدر الرئاسي أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي شارك في اجتماع سابق لـ«تحالف الراغبين»، عبّر عن التزام بهذا المعنى.

وبرأيه، فإن الطرف الأميركي منخرط «جدياً» في تقديم الضمانات التي ترى فيها باريس الشرط الأول للاتفاق. ولبّ هذه الضمانة أن معاودة روسيا حربها على أوكرانيا ستعني أنها ستجد في وجهها الأوروبيين والأميركيين معاً، ما يوفر المصداقية لـ«قوة الطمأنة».

قمة «تحالف الراغبين»

من هذه الزاوية، تُفهم أهمية القمة التي سيدعو إليها الرئيس إيمانويل ماكرون لـ«تحالف الراغبين» الشهر المقبل، وتأمل باريس أن تتم بحضور أميركي رفيع. ومن المرتقب أن يشارك في القمّة الرئيس الأوكراني، وسيكون غرضها وضع اللمسات الأخيرة على ما سيقدمه «التحالف». وتكمن أهمية المشاركة الأميركية في ملف الضمانات في أن العديد من أعضاء «التحالف» ربطوا مشاركتهم بالتزام أميركي واضح بالدفاع عن أوكرانيا (وأيضاً عن الأوروبيين)، في حال تجدد الحرب.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماعه برئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك في وارسو يوم 19 ديسمبر (إ.ب.أ)

ويتمسك الأوروبيون بأن تكون مهمة الطرف الأميركي الرقابة على خط وقف إطلاق النار، ليس من خلال نشر قوات مراقبة ميدانياً، بل من خلال وسائل المراقبة الإلكترونية والجوية عبر طائرات وأقمار اصطناعية ومجسّات.

وتجدر الإشارة إلى أن هيئة أركان مشتركة أُنشئت منذ عدة أشهر، ومقرها العاصمة الفرنسية، تعمل على بلورة الخطط العسكرية للانتشار الميداني المحتمل. لكن الصعوبة أنه، حتى اليوم، لم تُعرف هوية الدول الراغبة في إرسال وحدات عسكرية للمشاركة في «قوة الطمأنة». وعلى المستوى الأوروبي، أكّدت فرنسا وبريطانيا مشاركتهما، وهما الدولتان اللتان ترأسان بالتناوب «التحالف»، في حين تدرس ألمانيا هذه المسألة، ولم تتخذ بعدُ قرارها. وخلاصة الملف أن الأطراف الثلاثة تريد تعزيز التنسيق للتوصل إلى خطة تحرك متوافق عليها.

روسيا «ليست في موقع قوة»

تعتبر المصادر الرئاسية الفرنسية أن التوصل إلى اتفاق لوضع حدّ للحرب، الدائرة بين روسيا وأوكرانيا منذ بداية عام 2022، ممكن قبل نهاية العام، إلا أن شرطه أن تقنع المقترحات المشتركة الأوكرانية والأوروبية والأميركية روسيا بالتجاوب معها، و«هذه مسؤولية الطرف الأميركي بالتشاور والتنسيق مع الطرفين الآخرين».

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

وترفض باريس فكرة أن روسيا بصدد الانتصار وفي موقع قوة. وأدلتها على ذلك كثيرة؛ فميدانياً «عجزت القوات الروسية حتى اليوم عن تحقيق اختراق حاسم في إقليم دونباس»، في حين أن القوات الأوكرانية ما زالت صامدة. كذلك، تعاني روسيا من تمويل حربها، ما دفعها لبيع بعض مخزونها من الذهب، ولرفع مستوى ضريبة القيمة المضافة.

أما دبلوماسياً، فإن موسكو تجد نفسها في مواجهة تقارب العواصم الأوكرانية والأوروبية والأميركية، كما أنها لا تملك أفقاً واضحاً للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن التي غيرت سياساتها مرات عديدة. وخلاصة باريس أن ما سبق يعد «أوراقاً ضاغطة» على السلطات الروسية، تُكمّل العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على الاقتصاد الروسي.

اتصال ماكرون - بوتين

عند انتهاء القمة الأوروبية في بروكسل يوم 18 من الشهر الحالي، فاجأ ماكرون الجميع بإعلانه أنه ينوي التحدث مجدداً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويعود آخر تواصل بين الرئيسين إلى شهر يوليو (تموز) الماضي، وقد كُرّس في غالبيته للملف النووي الإيراني.

ماكرون يستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمقر إقامته الصيفي في حصن بريغانسون يوم 19 أغسطس 2019 (د.ب.أ)

وحرص المصدر الرئاسي على طمأنة الأوروبيين بأن ماكرون حريص على «التشاور والشفافية» مع القادة الأوروبيين، وأنه لا يقوم بخطوة منفردة. ومنطلقه في ذلك أنه «لا يجوز ترك مهمة التفاوض مع الطرف الروسي للجانب الأميركي في مسائل تهم الأمن الأوروبي»، وأن الحوار المرغوب مع بوتين يجب أن يكون «متطلباً ومتشدداً».

بيد أن الإليزيه نفى الأخبار التي نشرتها الصحافة الروسية، والتي تتحدث عن زيارة ماكرون لموسكو. كذلك نفى أن يكون قد حصل اتصال بين الرئيسين. ورحب المصدر الرئاسي بالدعوة التي صدرت عن مسؤول ألماني للقيام بمبادرة فرنسية - ألمانية مشتركة في موضوع معاودة التواصل مع بوتين، إلا أنه أعرب عن الرغبة في العمل مع الأوروبيين الآخرين «رغم المسؤولية الخاصة» التي يتحملها الطرفان الألماني والفرنسي بشأن الحرب في أوكرانيا.