حملة لإلغاء محاكمة نتنياهو بوحي من خطاب ترمب

مشروع قانون يقلص جلسات المحاكمة وخطة شعبية لإغلاق الملف ودعوات مضادة تستهدف إسقاط حكومته

معارض لنتنياهو يضع قناعاً يمثله ويلبس زي سجين ويداه مكبلتان خارج مقر المحكمة بتل أبيب في ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
معارض لنتنياهو يضع قناعاً يمثله ويلبس زي سجين ويداه مكبلتان خارج مقر المحكمة بتل أبيب في ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

حملة لإلغاء محاكمة نتنياهو بوحي من خطاب ترمب

معارض لنتنياهو يضع قناعاً يمثله ويلبس زي سجين ويداه مكبلتان خارج مقر المحكمة بتل أبيب في ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)
معارض لنتنياهو يضع قناعاً يمثله ويلبس زي سجين ويداه مكبلتان خارج مقر المحكمة بتل أبيب في ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

لم يتأخر أنصار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فما إن خرجت البلاد من عطلة «عيد العرش»، الأربعاء، حتى انطلقوا في حملة تستهدف إلغاء محاكمته بتهم الفساد. وحضروا جلسة المحكمة بوفد يتألف من عدة وزراء ورئيس الكنيست (البرلمان)، أمير أوحانا، وطرحوا مشروع قانون يقضي بتقليص عدد ومدد جلسات المحكمة، وبدأوا دراسة خطة لإغلاق الملف تماماً.

وجاءت هذه الخطوات بوحي من خطاب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الاثنين الماضي، من على منبر الكنيست، حيث استخف بالتهم (تلقي الرشى بمئات من زجاجات الشامبانيا وصناديق من السيجار الفاخر)، وتوجه مباشرة إلى الرئيس الإسرائيلي، يتسحاك هرتسوغ، طالباً أن يصدر عفواً عن نتنياهو.

ترمب في الكنيست الإسرائيلي (أ.ف.ب)

وبعد ذلك، هاجم وزير القضاء، ياريف ليفين، المحاكمة واصفاً إياها بأنها «تتعارض مع العدالة ومصلحة الدولة»، وأشار إلى أنه سيدفع بمشروع قانون سريع يتيح له ولوزير الدفاع، يسرائيل كاتس، «إلغاء جلسات المحكمة، وتقليصها لضرورات أمنية».

وينص مشروع القانون على «تقليص عدد الجلسات لدواعٍ تتعلق بأمن الدولة، بينما سيكون وزير الدفاع مخولاً في كل وقت، بعد تقديم لائحة الاتهام وقبيل النطق بالحكم وبالتشاور مع وزير القضاء، بالتوجه برسالة مفصلة إلى المحكمة خلال فترة حتى 180 يوماً، يوعز خلالها بتقليص الإجراء الجنائي بعدة جلسات في حال كانت الجلسات بوتيرتها العادية تمس فعلياً بأمن الدولة. على أن يكونا مخولين أيضاً فيما بعد بتمديدها لفترات إضافية لا تتخطى كل منها 180 يوماً».

وكان نتنياهو قد طلب إلغاء جلسة المحكمة المقررة الأربعاء، بعد توقف دام شهرين، بدعوى زيارة متوقعة لرئيسي إندونيسيا وقبرص، إلا أن الأخيرين ألغيا زيارتيهما، ما دفعه إلى المثول أمام المحكمة. وفي بداية إفادته، قال نتنياهو للقضاة إنه «يعاني من الرشح الشديد»، ومن «التهاب الشعب الهوائية». وطلب إعفاءه من المحكمة. وبعد ذلك تلقى مغلفاً دفعه إلى مغادرة قاعة جلسة المحكمة قبل أن يعود لاحقاً.

نتنياهو في المحكمة للإدلاء بإفادته بخصوص تُهم فساد موجهة إليه في ديسمبر 2024 (رويترز)

وقوبلت هذه الحملة بمظاهرة أمام مقر المحكمة في تل أبيب بمشاركة مئات المتظاهرين الذين أطلقوا هتافات وصافرات ضد الوزراء الذين حضروا، وهتفوا ضدهم: «أنتم صفر»، «أيها المنافقون إنكم تسجلون وصمة عار على الجبين لأبد الدهر» و«لا تستحون» وغيرها.

وأعرب عدد من المتظاهرين عن القلق من خطة نتنياهو القادمة. وقال البروفسور أوري شارون، وهو محاضر في كلية الحقوق وفي برنامج التنظيم البيئي في «جامعة بار-إيلان» وباحث في مجالات القانون البيئي الدولي، وشغل منصباً رفيعاً في استشارات رائدة في الولايات المتحدة، إنه يشعر بالقلق من هذه الحملة، «ومن خطر استئناف إسرائيل للحرب، إذا فشلت الحملة».

وأضاف شارون، في منشور على الشبكات الاجتماعية: «إنهم يبنون خطاب الرئيس ترمب، الذي صعد إلى منبر الكنيست مثل مُهرّج يبيع الابتسامات، وكل ابتسامةٍ من هذه كانت رصاصةً دقيقةً من الاحتقار لنا. سخر من كلّ شيء: من دولة إسرائيل ومن توراتها، من مؤسسة الرئاسة، من رئيس الحكومة وزوجته، من رئيس الأركان الذي تحوّل إلى شخصية في مسلسل خيالي على (نتفليكس)، من رئيس الكنيست، من القانون ومن الكرامة، كل ذلك بغلافٍ من حلوى لامعة».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست (أ.ف.ب)

وتابع: «لقد أظهر للجميع كم هي إسرائيل صغيرة، والجمهور المأجور يصفّق. هذا هو تكتيكه: أن يُصغّر الجميع كي يبقى هو الكبير الوحيد. يُصغّر، يُضحك، يمحو الاحترام، ثم جاء دور الرئيس (الإسرائيلي). «ربما تمنح بيبي العفو، قال له ترمب بابتسامة عريضة، كأنه لا يعلم أن العفو يُمنح فقط لمتهمين مذنبين ومدانين. فكانت لدغة أخرى على حساب سلطة القضاء والقانون، مغلفة بمجاملة زائفة تخترق ما تبقى من الرسمية».

وكانت عائلات المحتجزين قد عقدت مؤتمرين صحافيين، ليلة الثلاثاء-الأربعاء، في مستشفى شيبا ومستشفى إيخيلوف، حيثما يعالج المحتجزون المحررون من أسر «حماس». وشكرت المشاركين في المظاهرات التي أقيمت في تل أبيب وعشرات البلدات الإسرائيلية تضامناً معهم. كما شكرت الرئيس ترمب وقوات الجيش التي حاربت في غزة، ولكنها تعمدت ألا تذكر نتنياهو بين من يستحقون الشكر.

وتكلم في المؤتمرين ثمانية أشخاص من ممثلي العائلات بصوت واحد حول الخطوات القادمة، فأكدوا أولاً أنهم «سيواصلون المعركة حتى عودة كل الجثامين»، وطالبوا الحكومة «باستئناف الحرب في حال حاولت (حماس) التلاعب في الموضوع». ثم أكدوا أنهم لن يجلسوا في البيت بعد الآن، بل سيسعون أولاً إلى شفاء العائدين من أسر «حماس» صحياً ونفسياً، وإعادة دمجهم في العائلات وفي المجتمع، وثانياً: المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الإخفاقات.

معارض لنتنياهو خارج مقرّ المحكمة في تل أبيب (أ.ب)

وقالت لاشاي ميران لافي، زوجة المحتجز المحرر عومري ميران، إنها سعيدة جداً بعودة زوجها، لكنها لن تكنّ ولن تلين إلا وهي ترى محاسبة القيادة السياسية التي عرقلت إمكانية تحرير المحتجزين في وقت سابق.

وأضافت: «هذه الصفقة نفسها، وربما أفضل منها، كان يمكن أن تبرم من زمان. منذ سنة ونصف السنة، وتحديداً في مايو (أيار) 2024، لو نفذت لكنا حقنا الكثير من الدماء والدموع. لكن هناك من منع الصفقة لأسباب حزبية ومصالح شخصية، وهو يجب أن يدفع الثمن. في هذه الأثناء أصيب المخطوفون بالصدمة النفسية، بسبب تخلي الدولة عنهم، وتوفي بعض منهم، وأصيب آخرون بأمراض جسدية ونفسية. وقتل مئات الجنود الإسرائيليين الذين أرسلتهم الحكومة لوحل غزة، رغم معارضة قيادة الجيش».

متظاهر إسرائيلي يرتدي قناعاً بملامح نتنياهو ضمن احتجاجات عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين كانوا في غزة (أرشيفية-أ.ف.ب)

واستخدم جميع الخطباء الثمانية الجملة التالية، بالكلمات نفسها: «لن نوقف نضالنا بعودة الأبناء... نريد أولاً أن يحاسب المتهمون المذنبون بالإخفاقات قبيل 7 أكتوبر (تشرين الأول) وفي يوم 7 أكتوبر وإدارة الحرب الفاشلة. والسبيل الوحيد لمعرفة الحقائق أو معظمها يكون بتشكيل لجنة تحقيق رسمية برئاسة قاضٍ في المحكمة العليا، ذي صلاحيات».

وفي أعقاب ذلك، اتهمهم ناطق بلسان حزب «ليكود» بـ«الجحود». وقال إنهم «يعرفون جيداً كيف عمل نتنياهو كي يعودوا»، وأشار إلى المدائح التي أغدقها الرئيس ترمب عليه وإشادته «بقدراته القيادية العالية، وطريقة إدارته للمفاوضات». واتهمهم بـ«الوقوع في حبائل اليسار الذي لا يريد سوى إسقاط الحكومة والتحريض عليها». واقتبس قول أحد أفراد العائلات لنتنياهو خلال زيارته ابنه المحرر: «أنا لم أصوت لك. ولكنني أشكر الله على أنك رئيس حكومة إسرائيل في هذه الظروف العصيبة».


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية جنود من الجيش اللبناني ينظرون إلى موقع حانيتا العسكري الإسرائيلي (يسار) وموقع اللبونة، أحد التلال الخمسة التي احتلتها القوات الإسرائيلية منذ العام الماضي (يمين)، من موقع عسكري لبناني في قرية علما الشعب في جنوب لبنان، 28 نوفمبر 2025 (أ.ب)

إسرائيل تشيد بـ«أجواء إيجابية» في محادثاتها مع لبنان

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن المحادثات المباشرة التي جرت الأربعاء بين إسرائيل ولبنان للمرة الأولى منذ أكثر من 40 عاما، عُقدت «في أجواء إيجابية».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مسلحون من حركتي «حماس» و«الجهاد» يعثرون على جثة خلال عملية البحث عن جثث الرهائن القتلى في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تتسلّم جثمان رهينة عبر الصليب الأحمر من غزة

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، أن تل أبيب تسلمت عبر الصليب الأحمر، نعش أحد الرهائن كان جثمانه في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكنيست الإسرائيلي بالقدس 13 أكتوبر 2025 (رويترز)

تقرير: نتنياهو طالب ترمب بمزيد من المساعدة في مساعيه لنيل العفو

ذكر موقع «أكسيوس» أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب مزيداً من الدعم في مساعيه للحصول على عفو من الرئيس الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تحدد ميزانية «الدفاع» لعام 2026 عند أكثر من 34 مليار دولار

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

أعلن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم (الجمعة)، أن ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2026 قد حُددت عند 112 مليار شيقل (34.63 مليار دولار)، بزيادة على 90 مليار شيقل كانت مُدرجة في مسودة سابقة، وفقاً لوكالة «رويترز».

واتفق كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، على إطار الإنفاق الدفاعي، حيث بدأ مجلس الوزراء مناقشة ميزانية العام المقبل، والتي تجب الموافقة عليها بحلول مارس (آذار)، وإلا قد تؤدي إلى انتخابات جديدة.

وبدأ الوزراء ما يُعرف بجلسة ماراثونية يوم الخميس قبل التصويت الذي قد يُجرى صباح الجمعة. وفي حال إقرارها، ستُعرض على البرلمان للتصويت الأولي.

وأكد كاتس أن الجيش سيواصل جهوده لتلبية احتياجات مقاتليه وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط.

ونقل مكتبه عنه قوله: «سنواصل العمل بحزم لتعزيز جيش الدفاع الإسرائيلي، وتلبية احتياجات المقاتلين بشكل كامل، وتخفيف العبء عن جنود الاحتياط - من أجل ضمان أمن دولة إسرائيل على جميع الجبهات».

وكانت حرب غزة مكلفة لإسرائيل، التي أنفقت 31 مليار دولار في عام 2024 على صراعاتها العسكرية مع «حماس» و«حزب الله» في لبنان.

ومنذ ذلك الحين، أبرمت إسرائيل اتفاقيات لوقف إطلاق النار مع الجماعتين المسلحتين. وصرح مكتب سموتريتش بأن ميزانية الدفاع لعام 2026، شهدت زيادة قدرها 47 مليار شيقل مقارنة بعام 2023 عشية الحرب. وقال سموتريتش، وفقاً لمكتبه: «نخصص ميزانية ضخمة لتعزيز الجيش هذا العام، ولكنها أيضاً ميزانية تسمح لنا بإعادة دولة إسرائيل إلى مسار النمو والراحة للمواطنين».


لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
TT

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)
اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

اختتمت لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع الخاصة بالعملية.

وقال رئيس البرلمان التركي رئيس اللجنة، نعمان كورتولموش: «من الآن فصاعداً، سنُنجز أخيراً بعض واجباتنا الأساسية، وسنعرض النتائج التي حققناها على البرلمان»، مُعرباً عن أمله أن تثمر جهود اللجنة عن نتائج إيجابية. وأضاف كورتولموش، في مستهل أعمال الجلسة 19 للجنة التي عقدت بالبرلمان التركي، الخميس، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» (الاسم الذي تستخدمه الحكومة التركية للإشارة إلى «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي» كما يسميها الأكراد)، لا تقتصر على عمل اللجنة، لكنه جزء منها فقط.

رئيس البرلمان التركي نعمان كوتولموش (حساب البرلمان في إكس)

وأشار كورتولموش إلى أنه «بعد إعلان المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) قرارها بحلّ نفسها - في 12 مايو (أيار) الماضي - وبدء عملية تسليم أسلحتها بمراسم رمزية، تسارعت وتيرة هذه العملية»، وأن «اللجنة البرلمانية، المؤلفة من 11 حزباً بالبرلمان، أوفت بمسؤولياتها، حتى وصلت العملية إلى المرحلة الحالية».

مرحلة حساسة

وذكر كورتولموش أن اللجنة استمعت، منذ تأسيسها في 5 أغسطس (آب) حتى الآن، إلى 134 فرداً ومنظمة من المجتمع المدني.

وتابع كورتولموش: «من الواضح أننا دخلنا مرحلة تتطلب من الجميع توخي المزيد من الحذر والتصرف بحساسية أكبر من الآن فصاعداً، واختيار الكلمات والأسلوب بعناية، لأن أي كلمة ممكن أن تؤثر على هذه العملية سلباً أو إيجاباً».

وخلال الاجتماع، استمع أعضاء اللجنة، في الجلسة التي عقدت بشكل مغلق أمام الصحافة، إلى إحاطة من وفدها الذي زار زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان في سجن إيمرالي في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

امرأة كردية ترفع صورة لأوجلان وهو يقرأ نداءه لحزب العمال الكردستاني في 27 فبراير الماضي خلال احتفالات عيد النوروز في تركيا في 21 مارس (رويترز)

وقال كورتولموش، خلال كلمته الافتتاحية، إنه «بهذه الزيارة، اختتمت لجنة التحقيق مرحلة الاستماع، وانتقلت إلى مرحلة إعداد التقارير»، مُعرباً عن أمله في إعداد تقرير نهائي يعكس رؤية اللجنة لتحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب»، من خلال مراعاة الحساسيات والآراء المشتركة.

وأضاف أنه بإعداد هذا التقرير تكون هذه العملية «التاريخية» تجاوزت مرحلة حاسمة أخرى، وتكون اللجنة أوفت بمسؤولياتها، لافتاً إلى أنها «ليست عملية تفاوض، بل سياسة دولة».

موقف أوجلان

وفي تصريحات سبقت اجتماع اللجنة، قال كورتولموش إن اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان كان قراراً اتخذ بالأغلبية المطلقة داخل اللجنة، ولن يبقى مضمونه سراً.

وأكّد كورتولموش ضرورة اختتام العملية بنجاح، نظراً للظروف الإيجابية في تركيا وسوريا والعراق. ولفت إلى أن أوجلان لم يتخل عن الإطار العام المتمثل في «تلبية مطالب مواطنينا الأكراد بمعايير ديمقراطية أكثر تقدماً»، لكنه لم يقدّم أيّ مطالباتٍ بفيدرالية أو كونفدرالية أو دولة مستقلة، أو مناقشة المواد الأربع الأولى من الدستور التركي، التي تحدد شكل الجمهورية وهويتها وعلمها ولغتها.

بروين بولدان ومدحدت سانجار عضوا وفد إيمرالي (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب - إكس)

وعشية اجتماع اللجنة، أكّد أوجلان إرادته القوية وموقفه الحازم تجاه عملية السلام، رغم كل محاولات «الانقلاب» عليها، فيما يُعدّ رداً على إعلان قياديين في الحزب تجميد أي خطوات جديدة بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» التي بدأت في تركيا عقب دعوته لحل الحزب ونزع أسلحته.

وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان حول زيارة وفده لأوجلان، الثلاثاء، إن الأخير أكد ضرورة وضع قانون انتقالي لعملية السلام. وطالب الرئيس المشارك للحزب، تونجر باكيرهان، ضرورة الكشف عن محاضر اجتماع وفد اللجنة مع أوجلان.

وزير العدل التركي يلماظ تونتش (من حسابه في إكس)

في السياق، حذر وزير العدل، يلماظ تونتش، من أنه «في هذه المرحلة، قد يكون هناك من يسعى لتخريب العملية، ومن لا يريدها أن تستمر، ومن يريد عودة الإرهاب كما حدث في الماضي، ومن يريد نصب الفخاخ لتركيا وشعبها»، مؤكداً أن الدولة ستواصل توخي اليقظة.


«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
TT

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)
بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها. لكن ما لم يكن المواطنون يدركونه هو أنّ المسؤولين الحكوميين ومؤيدي النظام يستخدمون الموقع نفسه، رغم أنّه محظور داخل إيران.

وقد كُشف عن هذا الأمر بعد أن أطلقت منصة «إكس»، التي يملكها الملياردير الأميركي إيلون ماسك، تحديثاً يُظهر موقع كل مستخدم.

وفضح التحديث وزراء حكوميين، وشخصيات في وسائل الإعلام الرسمية، ومسؤولين سياسيين، وحسابات موالية للنظام، إذ ظهر أنهم يدخلون إلى المنصة المحظورة من داخل إيران باستخدام شرائح «وايت سيم» (الشرائح البيضاء) الخاصة.

كان من المفترض أن تساعد ميزة تحديد الموقع الجديدة على رصد الحسابات الوهمية، لكنها بدلاً من ذلك كشفت عن الفجوة الرقمية في إيران، التي تُعد إحدى أكثر دول العالم خضوعاً للرقابة، وفق ما ذكرت صحيفة «التلغراف» البريطانية.

ويصف منتقدو النظام هذه الفجوة بأنها نوع من «الفصل العنصري الرقمي»، حيث لا يستطيع الوصول الحر إلى الإنترنت إلا مجموعات معينة.

الإيرانيون العاديون

متسوقون في بازار بشمال طهران (أرشيفية - أ.ف.ب)

في المقابل، يضطر الإيرانيون العاديون إلى استخدام تطبيقات «في بي إن» (VPN) التي تُخفي موقعهم الحقيقي، لتجاوز الحظر. وإذا ضُبطوا وهم ينشرون على منصة «إكس» فإن السلطات الإيرانية تعاقبهم، وإن كانت منشوراتهم مناهضة لإيران أو مؤيدة لإسرائيل، فهم يواجهون الإعدام أو أحكاماً بالسجن.

أما الحسابات الحكومية والموالية للنظام فتستخدم شرائح الـ«وايت سيم» للحصول على دخول غير مقيّد إلى الإنترنت وتجاوز القيود التي يفرضونها هم أنفسهم.

أحمد بخشايش أردستاني، وهو سياسي إيراني وعضو في لجنة الأمن القومي، انتقد استخدام هذه الشرائح، قائلاً: «كثير من الناس يريدون استمرار الحجب لأنهم يريدون تطبيقات (في بي إن) والمتاجرة فيها».

وأضاف أن سوق هذه التطبيقات المستخدمة من قبل المواطنين العاديين «حجمها المالي كبير، وتتحكم به عصابات مافيا».

وعند الدخول إلى منصة «إكس» باستخدام تطبيقات «في بي إن»، يظهر الموقع الجغرافي للدولة التي يوجد فيها الخادم (Server) وليس الموقع الحقيقي للشخص المستخدم.

ومن المنصات المحظورة الأخرى في إيران: «فيسبوك»، و«يوتيوب»، و«تلغرام». وقال أحد المواطنين الإيرانيين لصحيفة البريطانية إن «هذا تمييز واضح في الحقوق العامة ويتعارض مع النص الصريح للدستور»، في إشارة إلى ضمان الدستور الإيراني للمساواة بين المواطنين.

وقال آخر: «عندما تستخدمون أنتم أنفسكم شرائح (وايت سيم) الخاصة، فكيف يمكن أن نتوقع منكم أن تفهموا معاناتنا مع الحجب؟ وكيف نتوقع منكم السعي لرفعه؟».

شخصيات وحسابات مستثناة

أرشيفية لوزير الخارجية الإيراني الأسبق محمد جواد ظريف خلال حضوره تأبيناً لدبلوماسيين إيرانيين (تسنيم)

وزير الاتصالات ستّار هاشمي، ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، والمتحدثة الحكومية فاطمة مهاجراني، إضافة إلى عشرات الصحافيين العاملين في وسائل إعلام رسمية.

كما كُشف أيضاً عن شخصيات سياسية، ومنشدين دينيين يمدحون النظام الإيراني في المناسبات الرسمية، وحسابات ادّعت عبر الإنترنت أنها معارضة، بما في ذلك صفحات مَلَكية وانفصالية تعمل من داخل إيران على ما يبدو بموافقة رسمية.

ويقول محللون إن الهدف هو إبقاء أجزاء من الخطاب المعارض - الصفحات المَلَكية والانفصالية - تحت سيطرة المؤسسة الدينية الحاكمة. وكانت الفضيحة محرجة بشكل خاص للمسؤولين الذين سبق أن عارضوا علناً الامتيازات في الوصول إلى الإنترنت.

فقد ادّعت مهاجراني أنها تستخدم برامج «في بي إن»، مثلها مثل المواطنين العاديين، قائلة: «الإنترنت الطبقي لا أساس قانونياً له، ولن يكون أبداً على جدول أعمال الحكومة».

وقال مهدي طباطبائي، نائب وزير الاتصالات وله دور في متابعة رفع حجب الإنترنت، إن «تقسيم المجتمع إلى أبيض وأسود هو لعب في ملعب العدو». وشبّه الصحافي ياشار سلطاني الوضع برواية جورج أورويل «مزرعة الحيوان»، قائلاً: «عندما تُقنّن الحرية، فهي لم تعد حرية – إنها تمييز بنيوي».