دعوات للمحافظة على الحمامات الشعبية المصرية من الاندثار

خبراء يطالبون بالاستفادة منها سياحياً

حمام مرجوش التاريخي (إدارة الحمام)
حمام مرجوش التاريخي (إدارة الحمام)
TT

دعوات للمحافظة على الحمامات الشعبية المصرية من الاندثار

حمام مرجوش التاريخي (إدارة الحمام)
حمام مرجوش التاريخي (إدارة الحمام)

على مدى سنوات سابقة تعرض الكثير من الحمامات الشعبية بالقاهرة للإهمال والهدم، ما أدى لصدور دعوات ومطالبات بالحفاظ على ما تبقى منها، واستغلالها سياحياً لتكون ضمن برنامج زيارات الأجانب، يخرجون منها بتجربة متميزة تبقى معهم في الذاكرة، وفق الباحث عبد العظيم فهمي مؤسس مبادرة سيرة القاهرة.

ومن بين الحمامات التراثية التي ما زالت تحتفظ بدورها «حمام مرجوش» الشهير بـ«الملاطيلي» وكان موقعاً لتصوير مشاهد فيلم جاء بالاسم نفسه، وأخرجه صلاح أبو سيف، وقامت ببطولته الفنانة المصرية شمس البارودي، ويوسف شعبان، ووقت عرضه عام 1973 أحدث ضجة كبيرة.

وعلى خطى «مرجوش» نجا أيضاً حمام «الحسينية»، وحمام «بولاق»، وحمام «باب البحر» القريب من شارع كلوت بك وهو مخصص للرجال فقط، وله باب صغير يتوارى بين المحلات التجارية وزحام المارة ولا تلتفت الأنظار إليه.

حمام مرجوش ما زال يقاوم (إدارة الحمام)

ويقول مؤسس مبادرة «سيرة القاهرة» لـ«الشرق الأوسط»: «لم يبق من حمام بشتاك بشارع سوق السلاح بمنطقة الدرب الأحمر، سوى واجهته، أما مصير حمام الطنبدي في باب الشعرية، فكان أسوأ بعد أن طالته يد المعاول. وهناك حمامات تعطلت، وأصبحت مزاراً سياحياً مثل حمام (السلطان إينال) الواقع بمنطقة الجمالية في شارع المعز لدين الله الفاطمي»، مطالباً بالاهتمام بكل الحمامات الباقية، بشرط ألا تتوقف الحمامات عن العمل.

واتفق رامي مكايد الباحث في التراث الشعبي مع رأي فهمي، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تنشيط الحمامات الشعبية التراثية مهم لحمايتها، باعتبارها وجهاً تراثياً مميزاً، ذات أجواء جذابة للأجانب»، مضيفاً أن «تنشيط الحمامات هو حائط الصد لحمايتها، ويحافظ على ما تبقى منها».

ويذكر مكايد أن أساس إنشاء الحمامات كان اقتصادياً، وأقامها الأمراء والسلاطين للصرف من عوائدها على المدارس والأسبلة والخانقاوات. أما عن الاستغلال السياحي «فيتطلب دعم وزارة السياحة والآثار، ويمكن أن يتم عن طريق إعلانات لمشاهير الفنانين، يظهرون من خلالها الطابع المدهش، والتجربة الفريدة التي يمكن أن يعيشها السائح، بعيداً عن المؤامرات التي ارتبطت بها في بعض أفلام السينما»، حسب رأي مكايد.

حمام إينال من الداخل بعدسة الباحث إبراهيم المصري (فيسبوك)

إعادة إحياء الحمامات الشعبية من وجهة نظر مؤسس مبادرة سيرة القاهرة يجب ألَّا يقتصر على استغلالها كمزار سياحي، «بل برجوعها كما كانت جزءاً من حياة المصريين اليومية، حيث يستشعرون فيها عبق التاريخ، ويستعيدون قصص وحكايات المؤرخين، باعتبارها جزءاً من روح المدينة، يمكن منها التعرف على حياة الأجداد قبل مئات السنين»، على حد تعبير فهمي.

«خصوصية أجواء الحمامات الشعبية هي التي جذبت السينمائيين، وجعلتهم يستخدمونها في تصوير مشاهد من أفلامهم»، وفق رأي مصطفى زينهم مدير حمام «مرجوش». وقد كان المخرج صلاح أبو سيف بفيلمه «حمام الملاطيلي» سبب شهرته، وقد صور مشهداً واحداً في الحمام، أما الباقي فكان في الاستوديوهات، وقد فتح الحمام بعد ذلك أبوابه لتصوير أفلام «سوق المتعة»، و«ديك البرابر»، و«المغتصبون»، و«سعد اليتيم»، ومن الأفلام التي تم تصوير مشاهدها في الحمامات الشعبية أيضاً رائعة يوسف السباعي «السقا مات» الذي أخرجه أيضاً صلاح أبو سيف وأنتجه يوسف شاهين.

حمام بشتاك لم يتبقَّ منه غير واجهته (صفحة الباحث إبراهيم طايع على فيسبوك)

ويعمل حمام «مرجوش» منذ الساعة السابعة صباحاً وحتى فجر اليوم التالي، وهناك قاعة للأمانات والمتعلقات الشخصية، بعدها يدخل العملاء في مغطس للبخار، ثم يبدأ عمل «المكيساتي»، فيقوم بتدليك الجسد بكيس كانوا قديماً، حسب قول زينهم عبد العزيز، مالك الحمام، يصنعونه من وبر الجمال، وصار حالياً من مادة البوليستر، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «وفي عملية التدليك يستخدم الزبائن زيوتاً طبية تفتح مسام الأجسام، وتزيل طبقات الجلد الضارة، بعدها توضع (الماسكات)، وهي آخر مرحلة يدخل العميل فور الانتهاء منها لغرفة الاستحمام، ويتجهز للمغادرة».

لقطة من فيلم «السقا مات» داخل حمام شعبي (يوتيوب)

وفي خططه، كتب المقريزي أن الخليفة العزيز بالله الفاطمي أول من بنى الحمامات في القاهرة، وبلغ عددها على أيامه ألفاً ومائة وسبعين حماماً. وتوزعت أوقاتها بين الرجال والنساء. ومن أشهرها حمام الملاطيلي، وعمره 600 عام.

وتتكلف الخدمة في حمام مرجوش، وفق زينهم، «نحو 600 جنيه، (الدولار يساوي نحو 47 جنيهاً مصرياً)، وكان يرتاده عدد من المشاهير، بينهم الفنان محمود عبد العزيز، وفاروق الفيشاوي وليلى علوي، أما حالياً فيتوجه إليه بعض المقبلين على الزواج، والراغبين في الاستشفاء من أمراض العظام».

ارتباط الحمَّامات بحياة المصريين في أزمنة سابقة، وقيامها بدور مهم لسكان الأحياء الشعبية، وفق قول الدكتور مسعود شومان الباحث في التراث الشعبي لـ«الشرق الأوسط» لهما فائدة أساسية في تجديد طاقة الإنسان، وقد كانت الحمامات «أماكن للتطهر والتسرية عن النفوس، وعقد الصفقات واختيار شركاء الحياة، وكان مُلَّاكُها يبتكرون أنواعاً من المتع لجذب الزبائن، ويستضيفون المغنين لجعل تجربة الاستحمام أكثر جاذبية».


مقالات ذات صلة

مصر: تجدد الجدل حول «طقس البشعة» ومدى شرعيته

يوميات الشرق دار الإفتاء المصرية تصدر بياناً يؤكد تحريم البشعة شرعاً (دار الإفتاء المصرية)

مصر: تجدد الجدل حول «طقس البشعة» ومدى شرعيته

جدّد مقطع فيديو تظهر فيه فتاة تقوم بما يُعرف بـ«طقس البشعة» الجدل حول هذه الممارسات الشعبية ومدى توافقها مع الشرع والقانون

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق سمير الإسكندرني قدم أعمالاً جديدة ومختلفة في الموسيقى العربية (صفحة محبي سمير الإسكندراني على فيسبوك)

قرار بإزالة مقبرة سمير الإسكندراني يعيد جدل هدم مدافن المشاهير

أدى إخطار وصل لأسرة الفنان سمير الإسكندراني «1938 - 2020» يدعوهم لنقل رفاته قبل إزالة مقبرته الموجودة في منطقة السيدة نفيسة، لتجديد أحزانهم.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق ارتفاع معدلات الطلاق في مصر (الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء)

تغيرات اقتصادية وتكنولوجية تقلص معدلات الزواج في مصر

قادت تغيرات اجتماعية وتكنولوجية واقتصادية حادة ومتسارعة معدلات الزواج والطلاق إلى التغير في مصر؛ في الوقت الذي تراجعت فيه أعداد المتزوجين.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مسؤولون مصريون في جولة بأحد منافذ بيع السلع (وزارة الزراعة المصرية)

مصر: القبض على «بلوغرز» بسبب «التشكيك» في سلامة الغذاء

أوقفت أجهزة الأمن المصرية اثنين من «البلوغرز» يُدعيان «الأكيلانس» و«سلطانجي» تحدثا عن عدم نقاء المياه المعدنية، وهو ما اعتبرته السلطات «تشكيكاً» بسلامة الغذاء.

عصام فضل (القاهرة )
يوميات الشرق وزرة الداخلية المصرية رصدت مخالفات صُنَّاع محتوى (وزارة الداخلية)

أحكام قضائية تجدد أزمات صُنّاع المحتوى في مصر

تجددت أزمات صُنّاع المحتوى في مصر بعد صدور حكمين قضائيين، السبت، بالحبس والغرامة لاثنين من صناع المحتوى على «تيك توك» بتهم من بينها «خدش الحياء».

محمد الكفراوي (القاهرة )

«البحر الأحمر»...3 أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

«البحر الأحمر»...3 أفلام تبحر في التاريخ غير البعيد

أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)
أمير المصري وبيرس بروسنان في «عملاق» (مهرجان البحر الأحمر)

نال الفيلمان العربيان «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، و«اللي باقي منك» لشيرين دعيبس، استحساناً جيداً من جمهور غفير في اليوم الأول من مهرجان البحر الأحمر (الجمعة)، وكلاهما في المسابقة الرسمية.

يُؤلّف «اللي باقي منك» و«فلسطين 36» ثلاثية من الأفلام الجديدة التي وجّهت اهتمامها، وفي الوقت المناسب، إلى الموضوع الفلسطيني، وتمتد أحداثه إلى ثلاثة أجيال متعاقبة، من عام 1948 حتى سنة 2022.

«نجوم الأمل والألم» مؤلَّف أيضاً من 3 محطات زمنية، ونجد فيه حكاية عاطفية - رومانسية في الأساس، مع خلفيات عن الحرب الأهلية وما بعدها ومصائر البيروتيين خلالها.

فيلم الافتتاح، «عملاق»، يتولّى الإعلان عن أنّه قصّة حياة الملاكم اليمنيّ الأصل نسيم، لكن التركيز في الواقع ينصبّ على شخصية المدرّب براندن (بيرس بروسنان)، ويختار أن يمارس قدراً من عنصرية التفكير حول مَن يستحقّ التركيز عليه أكثر: الملاكم العربيّ الأصل أم المدرّب الأبيض.


جورج كلوني: «أسافر دوماً بالقطار»

النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
TT

جورج كلوني: «أسافر دوماً بالقطار»

النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)
النجم الأميركي جورج كلوني (رويترز)

عزز الممثل الأميركي جورج كلوني من صورته فيما يتعلق بالبيئة عن طريق السفر بالقطار، سواء كان ذلك أسفل القنال الإنجليزي إلى لندن أو بين باريس وقصره جنوب فرنسا.

وقال النجم السينمائي (64 عاماً) لنسخة نهاية الأسبوع من صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونغ» الألمانية: «غالباً ما أستقل القطار بين لندن وباريس، وأسافر بالقطار قطعاً بين إكس-أون- بروفانس وباريس كل أسبوعين».

وأوضح كلوني، الذي أبدى من قبل انحيازه لحماية البيئة: «أسافر دائماً بالقطار».

ويعيش كلوني، الحاصل على جائزتي أوسكار والعديد من الجوائز الأخرى، مع زوجته المحامية الحقوقية أمل كلوني، وابناهما التوأمان إيلا وألكسندر في مزرعة في بروفانس.

وصدر فيلمه «جاي كيلي» على منصة «نتفليكس» الجمعة. ومن بين أشهر أفلامه «أوشنز إليفن» و«سيريانا».


رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
TT

رقصة هندية تلهم الروبوتات تعلّم حركات اليد المعقدة

عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)
عرضٌ تجريبيٌّ في المختبر (جامعة ماريلاند)

استخلص باحثون في جامعة ماريلاند الأميركية بمقاطعة بالتيمور (UMBC) العناصر الأساسية لإيماءات اليد الدقيقة التي يستخدمها الراقصون في رقصة «بهاراتاناتيام» الهندية الكلاسيكية، ووجدوا «أبجدية» للحركة أغنى وأكثر ثراء مقارنةً بمسكات اليد الطبيعية.

ووفق دراستهم المنشورة في مجلة «ساينتفيك ريبورتس» (Scientific Reports)، يمكن لهذا العمل أن يُحسّن كيفية تعليم الروبوتات حركات اليد المعقدة، وأن يُوفر للبشر أدوات أفضل للعلاج الطبيعي.

ركّز رامانا فينجاموري، الأستاذ في جامعة ماريلاند بمقاطعة بالتيمور والباحث الرئيسي في هذا العمل، مختبره على فهم كيفية تحكم الدماغ في حركات اليد المعقدة.

ابتكر فينجاموري نهجاً جديداً لاستخلاص العناصر الأساسية من مجموعة واسعة من إيماءات اليد الدقيقة، المسماة «مودرا»، المستخدمة في الرقص الكلاسيكي الهندي لتعزيز عنصر سرد القصص في هذا الإطار الفني.

ويُطور الفريق البحثي حالياً تقنيات «لتعليم» الأيدي الروبوتية أبجديات الحركات وكيفية دمجها لإنشاء إيماءات يد جديدة، وهو ما يُمثل انحرافاً عن الأساليب التقليدية لتعليم الروبوتات تقليد إيماءات اليد، ويتجه نحو أسلوب جديد لكيفية عمل جسم الإنسان ودماغه معاً.

ويختبر الباحثون هذه التقنيات على يد روبوتية مستقلة وروبوت بشري، يعمل كل منهما بطريقة مختلفة ويتطلَّب نهجاً فريداً لترجمة التمثيلات الرياضية للتآزر إلى حركات جسدية.

يقول فينجاموري: «الأبجدية المُشتقة من مودرا أفضل بالتأكيد من أبجدية الفهم الطبيعي لأنها تُظهر قدراً أعلى من البراعة والمرونة».

وأضاف في بيان نُشر الخميس: «عندما بدأنا هذا النوع من الأبحاث قبل أكثر من 15 عاماً، تساءلنا: هل يُمكننا إيجاد أبجدية ذهبية يُمكن استخدامها لإعادة بناء أي شيء؟».

ووفق نتائج الدراسة يمكن استخدام هذا المفهوم لتفكيك تنوع مذهل من الحركات إلى عدد محدود من الوحدات الأساسية.

بحث الفريق عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها (ساينتفيك ريبورتس)

وقبل أكثر من عقد من الزمان، بحث فينجاموري وشركاؤه عن العناصر الأساسية لحركات اليد وفهرستها، بالاعتماد على مفهوم يُسمى التآزر الحركي، إذ يُنسّق الدماغ حركات مفاصل متعددة باليد في آنٍ واحد لتبسيط الحركات المعقدة.

بدأ فينجاموري وطلابه بتحليل مجموعة بيانات تضم 30 مسكة يد طبيعية، تُستخدم لالتقاط أشياء تتراوح أحجامها بين زجاجات المياه الكبيرة وحبات الخرز الصغير.

اختبر الفريق بعد ذلك مدى قدرة التآزرات المستمدة من الإمساك الطبيعي على الجمع لإنشاء حركات يد غير مرتبطة مقارنةً بالتآزرات المستمدة من المودرا. وقد تفوقت التآزرات المستمدة من المودرا بشكل ملحوظ على تآزرات الإمساك الطبيعي باليد، وفق نتائج الدراسة.

يقول بارثان أوليكال، العضو المخضرم في مختبر فينجاموري الذي يسعى حالياً للحصول على درجة الدكتوراه في علوم الحاسوب: «عندما تعرَّفت على مفهوم التآزر، أصبح لدي فضول كبير لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا استخدامه لجعل اليد الروبوتية تستجيب وتعمل بطريقة اليد البشرية نفسها».

ويضيف: «لقد كان من دواعي سروري أن أُضيف عملي الخاص إلى جهود البحث، وأن أرى النتائج».

يستخدم الفريق كاميرا بسيطة ونظاماً برمجياً للتعرُّف على الحركات وتسجيلها وتحليلها، وهو ما يُسهم بشكل كبير في تطوير تقنيات فعالة من حيث التكلفة يمكن للناس استخدامها في منازلهم.

في نهاية المطاف، يتصوَّر فينجاموري ابتكار مكتبات من الأبجديات المُخصصة لمهام روبوتية مُحددة، يُمكن استخدامها حسب الاحتياجات، سواءَ كان ذلك إنجاز الأعمال المنزلية اليومية من بينها الطهي أو طيّ الملابس، أو أي شيء أكثر تعقيداً ودقة، مثل العزف على آلة موسيقية.