غزيون في مصر يستكشفون إمكانية العودة للقطاع بعد وقف الحرب

بعضهم لا يجد سبيلاً لذلك قبل إعادة إعمار المناطق المنكوبة

إحدى الفعاليات المصرية السابقة أمام معبر رفح لرفض تهجير الفلسطينيين (الحزب المصري الديمقراطي)
إحدى الفعاليات المصرية السابقة أمام معبر رفح لرفض تهجير الفلسطينيين (الحزب المصري الديمقراطي)
TT

غزيون في مصر يستكشفون إمكانية العودة للقطاع بعد وقف الحرب

إحدى الفعاليات المصرية السابقة أمام معبر رفح لرفض تهجير الفلسطينيين (الحزب المصري الديمقراطي)
إحدى الفعاليات المصرية السابقة أمام معبر رفح لرفض تهجير الفلسطينيين (الحزب المصري الديمقراطي)

تترقب منار الطويل (28 عاماً) بلهفة اليوم الذي ستعود فيه إلى قطاع غزة، رغم الدمار الذي لحق به، لكنه أهون عليها من البقاء في مصر وحيدة، بينما باقي عائلتها في القطاع.

خرجت الشابة الفلسطينية إلى مصر قبل عام ونصف العام صحبة والدتها مريضة السرطان لتلقي العلاج، وقبل شهور توفيت والدتها ودُفنت في الإسماعيلية، وبدأت منار تُحصي الأيام لحين فتح الباب للعالقين.

منار ووالدتها عند وصولهما مصر للعلاج قبل عام ونصف (الشرق الأوسط)

من غير الواضح حتى الآن، متى يمكن أن يُسمح بعودة الفلسطينيين العالقين في مصر ممن جاءوا للعلاج أو كانوا موجودين فيها قبل الحرب، خصوصاً وأن مراحل خطة إنهاء الحرب لم تُعلن رسمياً حتى الآن. لكن ذلك الغموض لم يمنع الفلسطينيين، على الغروبات الخاصة بهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من طرح تساؤلات حول العودة، وموعدها، وطريقتها.

وسبق أن قدرت الحكومة المصرية عدد الفلسطينيين الذين استقبلتهم للعلاج منذ بدء الحرب على قطاع غزة بـ107 آلاف فلسطيني، حتى أبريل (نيسان) الماضي.

غزيون ينصبون خيمة على ركام منزلهم المهدم (صورة التقطها طبيب مصري يعمل في غزة)

وانقسم الغزيون في مصر إلى فريقين، أولهما يرغب في العودة للم شمله بعائلته وتفقد ممتلكاته وما لحق بها من دمار، وفريق ثانٍ يعد أي عودة قريبة غير ممكنة في ظل الدمار الذي لحق بالقطاع، وعدّه منطقة منكوبة لا تصلح للعيش إلا بعد إعادة الإعمار، وهي عملية قد تستغرق سنوات.

منار كانت ضمن الفريق الأول، سألت عبر غروب «الجالية الفلسطينية في مصر» عن عدد الشنُط التي سيُسمح بها لكل فرد حال تم إقرار العودة، وهو السؤال الذي لم يخل من هجوم وتهكم من الفريق الثاني.

منار جهزت هدايا لأبناء أشقائها حال عودتها إلى غزة (الشرق الأوسط)

تقول الشابة الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن كل أفراد عائلتها في القطاع، وهم أفضل حظاً من غيرهم، إذ لم يُهدم منزلهم في النصيرات وسط القطاع بالكامل، ويظل صالحاً للعيش فيه، لذا تتلهف لليوم الذي تعود فيه، ويجتمع شملها بعائلتها، خصوصاً بعد وفاة والدتها وبقائها وحيدة في مصر، مشيرة إلى تدهور حالة والدتها بعد مقتل نجل شقيقها قنصاً.

تتشابه حالة منار مع يُمنى أسامة (23 عاماً)، وهي ممرضة فلسطينية أصيبت خلال الحرب وخرجت للعلاج صحبة خالتها، وبقيت عائلتها في القطاع... تقول لـ«الشرق الأوسط»، إنها تريد أن تكون ضمن أول الأفواج العائدة.

بعض الفلسطينيين من المتحمسين للعودة إلى غزة (الجالية الفلسطينية في مصر - فيسبوك)

تعرّض منزل يُمنى للدمار الكامل، وتسكن عائلتها خيمة في دير البلح، لكنها لا تعبأ بذلك وتريد العودة والانضمام إليها، عوضاً عن المنزل الذي تقيم فيه مع خالتها في منطقة «السادس من أكتوبر»، في القاهرة. وتقول: «أريد أن أرى عائلتي، وأعود لعملي التطوعي في التمريض».

وعلى خلافها، قررت خالتها الخمسينية سمر الشيخ، البقاء في مصر، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «بنتي معي هنا، وابني امتحن ثانوية عامة خلال الحرب، وسيأتي إلى مصر للدراسة، فلماذا نعود وكيف نعيش في ظل هذا الدمار».

مثل سمر، تستبعد فرح خالد (29 عاماً) وهي أم لطفلين، أي عودة قريبة، رغم أن شمل عائلتها مشتت، زوجها في غزة، وهي وأطفالها بمصر، لكنها تتمنى جمع الشمل في مكان بعيد عن القطاع المُدمر، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «نحمد الله على وقف الحرب، لكن كيف سنعود والقطاع بهذه الصورة غير الصالحة للحياة، أطفالي يعانون هنا في ظل حرمانهم من والدهم، لكن المعاناة هناك ستكون أكبر».

وأشارت فرح إلى أن زوجها، الذي يتخصص في مجال نظم المعلومات، قدّم على منحة لدراسة «الماجستير» في الخارج، وبمجرد حصوله عليها ستنتقل معه هي وولداها ، وقبل حدوث ذلك لا تفكير لديها في العودة إلى غزة.

من صفحة «الجالية الفلسطينية في مصر» على «فيسبوك»

وقال مصدر فلسطيني يعمل في «اللجنة المصرية لإغاثة أهالي قطاع غزة»، ويقيم في مصر منذ سنوات، إن بعض الغزيين «يرغبون في العودة، وهم إما جاءوا للعلاج، وإما يجدون صعوبة مادية في البقاء ويفضلون العودة، وإما أرباب أسر يرغبون في تفقد الأوضاع هناك مع بقاء عائلاتهم هنا». وأضاف: «جزء ثان عدده ليس بقليل، يفضل البقاء لحين تحسن الأوضاع هناك».

وتوقع هذا المصدر الذي يسكن في القاهرة، وينتقل إلى العريش ضمن إشرافه على بعض قوافل المساعدات، أن يتم السماح بعودة بعض العالقين خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن اللجنة المصرية «تبحث في توفير حافلات لنقل الفلسطينيين الذين يرغبون في العودة من القاهرة أو أي محافظة إلى العريش، في أجواء احتفالية».


مقالات ذات صلة

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

شؤون إقليمية عناصر من الدفاع المدني الفلسطيني يزيلون ركام منزل مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة بحثاً عن جثث فلسطينيين يوم السبت (إ.ب.أ)

للمرة العاشرة... حكومة نتنياهو تطلب تمديد منع دخول الصحافة الأجنبية إلى غزة

للمرة العاشرة على التوالي، تقدَّمت الحكومة الإسرائيلية بطلب للمحكمة العليا لتمديد مهلة الرد على التماس «رابطة الصحافيين الأجانب»؛ للسماح بالدخول الحر لقطاع غزة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي أطفال ينتظرون الحصول على نصيبهم من الطعام بمخيم النصيرات في غزة (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: ندعو لدخول الإمدادات والمعدات الطبية الأساسية لغزة

رحب مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الأحد، بالتقدم الذي أُحْرِزَ بشأن المجاعة في غزة، لكنه أوضح أن هذا التقدم لا يزال هشاً للغاية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية سيدات فلسطينيات أمام جنود إسرائيليين يعتقلون مواطنين في مخيم نور شمس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

تقرير: إسرائيل تسمح للآلاف من جنود الاحتياط بالاحتفاظ ببنادق في منازلهم

يستعدّ الجيش الإسرائيلي لتسليح نحو 10 آلاف جندي احتياطي من الفرقة 96 ببنادق طويلة تُحفظ في منازلهم على مدار العام

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع نظيره اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس خلال اجتماع سابق (أرشيف - رويترز)

تقرير: اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى غزة ضمن المرحلة الثانية من خطة ترمب

ذكرت قناة «إن 12» الإخبارية الإسرائيلية، يوم السبت، أن اليونان تدرس إرسال مهندسين إلى قطاع غزة ضمن المرحلة الثانية من اتفاق ترمب لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
المشرق العربي والدة أحمد زيود خلال تشييع جثمانه خلال جنازته قرب جنين في الضفة الغربية اليوم (أ.ب)

مقتل 3 فلسطينيين بقصف إسرائيلي على شرق مدينة غزة

قُتل ثلاثة فلسطينيين، صباح اليوم الأحد، في قصف إسرائيلي استهدف حي الشجاعية شرق مدينة غزة، فيما قتل فتى وشاب برصاص الجيش الإسرائيلي في واقعتين منفصلتين بالضفة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
TT

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

وأوضح مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي دعا كذلك إلى «تجنيب الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي، تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

وقال المصدر إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وجّه «باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض أي سياسات خارج الأطر الدستورية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية».

وشدّد على أن «القيادة السياسية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، وبالتالي فإن استغلال السلطة، واستخدام الصفة الوظيفية، أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون».

كما نقل المصدر عن العليمي دعوته «كافة المكونات السياسية، وأبناء الشعب اليمني، الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية، وحشد كافة الطاقات نحو معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية».


وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

وأضاف عبد العاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا أن مصر ليست لديها أي مشكلات مع دول حوض النيل «باستثناء دولة واحدة في حوض النيل الشرقي»، في إشارة إلى إثيوبيا.

وافتتحت إثيوبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي «سد النهضة» الضخم على نهر النيل الذي بدأت تشييده في 2011، وهو مشروع بلغت تكلفته مليارات الدولارات، وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه أطول أنهار أفريقيا.

من جانب آخر، قال وزير الخارجية المصري إنه ناقش مع نظيره في جنوب السودان أهمية الوصول إلى تهدئة في السودان، والتوصل لهدنة إنسانية وإطلاق عملية سياسية شاملة.

ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023 أشعلها صراع على السلطة خلال مرحلة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.


مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
TT

مصر: ارتفاع قياسي لتحويلات المغتربين لا يردم فجوة العملة الصعبة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوجه الحكومة والبنك المركزي لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي خلال اجتماع الأحد (الرئاسة المصرية)

سجَّلت تحويلات المصريين في الخارج «رقماً قياسياً» جديداً خلال الأشهر الـ10 السابقة، مقتربة من الـ34 مليار دولار (الدولار نحو 48 جنيهاً)، بنسبة زيادة 42.8 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2024، وبينما تحتفي الحكومة والبنك المركزي، بزيادة التحويلات التي تعدّ أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في البلاد، يرى خبراء أنها «تظل غير كافية لسد احتياجات الدولة من النقد الأجنبي».

ووجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الحكومة والبنك المركزي إلى زيادة الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة، خلال اجتماع مع رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزير المالية أحمد كجوك، الأحد.

ووفق عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب محمود الصعيدي، فإن «أي زيادة في تحويلات المصريين بالخارج تعني زيادة موارد الدولة من العملة الصعبة، ما يمكِّنها من زيادة احتياطاتها من النقد الأجنبي، الذي وصل في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى 50.215 مليار دولار».

وأشار الصعيدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مصادر النقد الأجنبي الأخرى وهي السياحة، وقناة السويس، والاستثمار، والتصدير تشهد تحسناً هي الأخرى».

مؤتمر مصري يستعرض جهود الدولة في رعاية أبنائها بالخارج... أغسطس الماضي (وزارة الخارجية المصرية)

ووفق البنك المركزي، حقَّقت تحويلات المصريين العاملين بالخارج «تدفقات قياسية خلال الأشهر الـ10 الأولى من عام 2025، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر (تشرين الأول)، لتسجِّل نحو 33.9 مليار دولار، مقابل نحو 23.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام السابق».

وأضاف البنك المركزي، في بيان الأحد، «على المستوى الشهري، ارتفعت التحويلات خلال شهر أكتوبر 2025 بمعدل 26.2 في المائة، لتسجل نحو 3.7 مليار دولار، مقابل نحو 2.9 مليار دولار خلال شهر أكتوبر 2024».

وبينما يعدّ النائب البرلماني زيادة تحويلات المغتربين إنجازاً يُحسب للحكومة، التي «استطاعت القضاء على السوق السوداء، وأصبحت تحويلات المصريين بالخارج تتدفق عبر القنوات الرسمية»، يشكك خبيرا الاقتصاد خالد الشافعي ووائل النحاس في «قدرة هذه التحويلات على سد احتياجات الدولة من العملة الصعبة».

واتخذت الحكومة في مارس (آذار) 2024، قراراً بتعويم الجنيه، ارتفع بموجبه سعر الدولار رسمياً في البنوك إلى 50 جنيهاً بعدما كان يسجل نحو 30 جنيهاً، وانعكس ذلك على تحجيم السوق السوداء للعملة الصعبة.

ويرى الشافعي أن زيادة تحويلات المصريين تظل دون المأمول، وغير قادرة هي أو المصادر الأخرى للدولار على سد احتياجات مصر من العملة الصعبة، «ما دام هناك دين على الدولة، وعجز في الموازنة العامة، فذلك يعني أن الأزمة ما زالت قائمة».

وارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الرُّبع الثاني من العام، أي يونيو (حزيران) الماضي، وفق بيانات رسمية.

وزير العمل المصري يلتقي الجالية المصرية في إيطاليا خلال زيارته... ديسمبر 2025 (وزارة العمل المصرية)

يتفق معه الخبير الاقتصادي وائل النحاس، قائلاً إن «تحويلات المصريين في الخارج تحقق نوعاً من الوفرة في المعروض النقدي بالسوق المصرية، تكفي لسد فوائد الدين، لكن لا تكفي لسد أصل الدين، أو تقلل حجم الأزمة الاقتصادية، التي تحتاج إلى زيادة موارد الدولة الدولارية التي تقوم بالأساس على نشاط خاص بها مثل عوائد قناة السويس، أو تصدير معادن وغيرها، أو نتاج صناعة وطنية».

وعدّ النحاس أن «البيانات الرسمية مرة تتحدث عن التحويلات بالسنة المالية، وأخرى بالسنة الميلادية، في محاولة للتركيز على هذه الزيادات بوصفها إنجازاً».

ويتساءل النحاس: «بالنظر إلى عدد المصريين العاملين في الخارج لو قدرناه بـ10 ملايين مصري، فيعني أن متوسط التحويل من كل مصري شهرياً نحو 300 دولار، والتي يحولها عادة لأهله في الداخل، فأين ادخارات هؤلاء؟»، مشيراً إلى أن «حجم التحويلات مقارنة بأعداد المصريين يكشف عن أن جزءاً منهم ما زال يفضِّل قنوات أخرى لادخار أمواله».

ويوجد أكثر من 11 مليون مصري في الخارج حتى عام 2022، وفق الجهاز المركزي للإحصاء.

أما الشافعي، فيرى أن الحكومة تحتاج إلى العناية بملف المغتربين بصورة أكبر، سواء من خلال طرح أوعية ادخارية واستثمارية لاجتذابهم بعوائد مرتفعة، أو تقديم تسهيلات على الاستثمار وفتح مشروعات متوسطة وصغيرة، بالإضافة إلى العمل على زيادة أعدادهم ومعها زيادة الموارد الدولارية.

وظهرت توجهات حكومية لافتة خلال الشهور الماضية لفتح أسواق عمل للعمالة المصرية، حيث زار وزير العمل المصري محمد جبران قبل يومين إيطاليا «لتعزيز التعاون الثنائي في مجالات التشغيل، والتدريب المهني، ونقل العمالة»، وفق بيان للوزارة. ويرى الشافعي أن هذا التوجه «جاء متأخراً».

وزير الخارجية المصري خلال اجتماع مع وفد للجالية المصرية في اليونان (وزارة الخارجية)

ويقول الشافعي: «غالبية المصريين في الخارج سافروا بجهودهم الشخصية، ولم تعمل الحكومة سابقاً بشكل فعال في هذا الملف»، مطالباً بإنشاء مراكز تأهيل للمصريين الذين يرغبون في العمل بالخارج بداية من العامل، وحتى رئيس مجلس الإدارة، والعلماء، وفتح أسواق لهذه العمالة. وعلق: «وقتها ستقفز التحويلات إلى 100 مليار دولار وأكثر وليس فقط 39».

ويتخوف النحاس من أن «زيادة تحويلات المغتربين وموارد السياحة وكلها موارد رغم أهميتها في تحقيق وفرة دولارية في السوق، لكنها تظل غير متينة، وقابلة لأن تشهد هزات في أي وقت، ومعها عودة أزمة العملة الصعبة».

بالتزامن، وجَّه الرئيس المصري الحكومة، الأحد، إلى «تسريع مسار الاستدامة المالية، وتعزيز الانضباط المالي، وتحسين هيكل المديونية، والتركيز على زيادة مستويات الاحتياطي من النقد الأجنبي».