لماذا يراهن الخبراء على هبوط الدولار رغم صعوده الحالي؟

أوراق نقدية من الدولار واليورو والجنيه الإسترليني (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار واليورو والجنيه الإسترليني (رويترز)
TT

لماذا يراهن الخبراء على هبوط الدولار رغم صعوده الحالي؟

أوراق نقدية من الدولار واليورو والجنيه الإسترليني (رويترز)
أوراق نقدية من الدولار واليورو والجنيه الإسترليني (رويترز)

يشكك المحللون في قدرة الانتعاش الذي شهده الدولار الأميركي على مدى الشهر الماضي على الاستمرار، مشيرين إلى أن هذا الصعود نابع في الغالب من إعادة تموضع مؤقتة للسوق تأثرت بعوامل عارضة، أبرزها تعطل نشر البيانات الاقتصادية الأميركية، بسبب إغلاق الحكومة الأميركية، بالإضافة إلى الاضطرابات الحكومية والسياسية في اقتصادات عملات منافسة.

وصعدت «العملة الخضراء» بنحو 3 في المائة مقابل سلة العملات منذ منتصف سبتمبر (أيلول)، متعافية من أدنى مستوياتها في أكثر من 3 سنوات، بعد أن تراجعت بنحو 11 في المائة في وقت سابق من العام. وتشير بيانات العقود الآجلة إلى تراجع صافي الرهانات على انخفاض الدولار من ذروة بلغت 20.96 مليار دولار إلى 9.86 مليار دولار خلال تلك الفترة.

شكوك طويلة الأجل

رغم الارتفاع الأخير، يبقى المحللون متشككين إلى حد بعيد في استدامة هذا التعافي. ويقول مارك تشاندلر، كبير استراتيجيي السوق في «بانوكبيرن كابيتال ماركتس»: «في الأفق الزمني من 3 إلى 6 أشهر، أعتقد أن الدولار سيتراجع؛ لأنني أتوقع ضعفاً في الاقتصاد الأميركي، وانخفاضاً في أسعار الفائدة».

ويُعزَى جزء كبير من انتعاش الدولار الأخير إلى إغلاق المستثمرين مراكز الرهان على انخفاض العملة (تغطية المراكز البيعية)، وهو ما تصفه الخبيرة جاياتي بهاردواج، استراتيجية العملات الأجنبية العالمية في «تي دي سيكيوريتيز»، بأنه «بشكل أساسي تعديل في المراكز».

ويرى جويل كروغر، استراتيجي السوق في مجموعة «LMAX»، أن هناك مخاطر لمزيد من الضعف في قيمة الدولار على المدى القريب؛ مشيراً إلى أن فترة قوة الدولار التي شهدتها الأسواق مؤخراً قد تكون على وشك النفاد.

رجل يمر أمام شاشة تعرض متوسط مؤشر «نيكي» الياباني وسعر الصرف بين الين الياباني والدولار الأميركي خارج مكتب وساطة في طوكيو (رويترز)

الاضطرابات الدولية تسرق الأضواء من مشكلات الدولار

كان الدولار قد تعرض لضغوط بيع قوية في النصف الأول من العام، بسبب المخاوف من تراجع «الاستثنائية الأميركية»، وتأثير المواقف التجارية الحمائية للرئيس دونالد ترمب على النمو الاقتصادي، وشبح تضخم العجز في الميزانية والميزان التجاري الأميركي.

لكن الأحداث الجارية خارج الولايات المتحدة، مثل انقطاع البيانات الاقتصادية الأميركية، والأزمات السياسية في فرنسا واليابان، حوَّلت انتباه المستثمرين مؤقتاً بعيداً عن متاعب الدولار.

وقد أنهى اليورو سلسلة مكاسب استمرت شهرين، متراجعاً بنحو 1.3 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، متأثراً بالفوضى وعدم اليقين في فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو. في حين انخفض بنحو 3 في المائة مقابل الدولار، بسبب التحولات السياسية في اليابان التي غيرت توقعات المستثمرين بشأن السياسة النقدية والمالية لبنك اليابان.

ومع ذلك، يرى محللو «مورغان ستانلي» أن رد فعل المستثمرين على هذه التطورات الدولية قد يكون مبالغاً فيه، وأن التمركز لبيع الين الياباني مقابل الدولار أصبح «مفرطاً».

عوامل ضاغطة على الدولار

أظهر استطلاع أجرته وكالة «رويترز» لاستراتيجيي العملات الأجنبية في وقت سابق من أكتوبر، أن التوقعات لا تزال تشير إلى ضعف الدولار مقابل جميع العملات الرئيسية، على مدى الثلاثة والستة والاثني عشر شهراً المقبلة، وذلك على خلفية ارتفاع العجز المالي الأميركي، والمخاوف بشأن استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي».

ويقول كولين غراهام، رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»: «الدولار سيضعف بمرور الوقت، ولكن هذه الارتفاعات المضادة للاتجاه تحدث دائماً». مؤكداً أنهم يراهنون على انخفاض الدولار مع إدارة حجم هذه المراكز بفعالية.

وفي حين أن انتهاء إغلاق الحكومة الأميركية قد يكون محفزاً، يرى المحللون أن العوامل التي دفعت الدولار للانخفاض هذا العام، بما في ذلك المخاوف بشأن نمو الاقتصاد الأميركي وتوقعات السياسة النقدية، لا تزال قائمة.

ومن المتوقع أن يؤدي استئناف دورة خفض أسعار الفائدة من جانب «الاحتياطي الفيدرالي» في نهاية المطاف إلى تقليل تكلفة التحوط من مخاطر التعرض للدولار للمستثمرين الأجانب، مما يزيد الضغط على العملة.

ويختتم مارك تشاندلر بالقول: «أعتقد أن الدورة الفائقة الكبرى للدولار قد انتهت، ونحن الآن في مرحلة الانحدار منها».


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» محاصر بين ضغوط خفض الفائدة وتصاعد الانقسامات

تحليل إخباري مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» محاصر بين ضغوط خفض الفائدة وتصاعد الانقسامات

يدخل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» اجتماعه الأخير لعام 2025 وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، ومستوى عالٍ من الانقسام الداخلي.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد ناقلة نفط ترفع علم بنما مستأجرة من شركة «شيفرون» تنتظر تحميل النفط الخام قرب ميناء باجو غراندي في فنزويلا (رويترز)

هل النفط هو الدافع الحقيقي وراء التصعيد الأميركي ضد فنزويلا؟

وضع التصعيد الأخير من إدارة الرئيس دونالد ترمب ضد حكومة الرئيس نيكولاس مادورو، الثروة النفطية الفنزويلية تحت المجهر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)

«سبيس إكس» تطرح أسهماً داخلية بتقييم تاريخي يقترب من 800 مليار دولار

تستعد شركة «سبيس إكس»، عملاق الصواريخ والأقمار الاصطناعية المملوكة لإيلون ماسك، لإجراء صفقة داخلية لبيع حصص من أسهمها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شهدت هوليوود واحدة من أهم لحظات التحول الاستراتيجي في تاريخها، بعد إعلان شركة «نتفليكس» إبرام صفقة ضخمة للاستحواذ على «وارنر براذرز».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجلس، نيويورك )
الاقتصاد رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الأسواق الخليجية تُغلق مرتفعة وسط صعود النفط وتوقعات «الفيدرالي»

مستثمران يتابعان شاشات التداول في سوق قطر (رويترز)
مستثمران يتابعان شاشات التداول في سوق قطر (رويترز)
TT

الأسواق الخليجية تُغلق مرتفعة وسط صعود النفط وتوقعات «الفيدرالي»

مستثمران يتابعان شاشات التداول في سوق قطر (رويترز)
مستثمران يتابعان شاشات التداول في سوق قطر (رويترز)

أغلقت الأسواق الخليجية، اليوم، على ارتفاع جماعي في جلسة شهدت أداءً إيجابياً لعدد من المؤشرات الرئيسية، مدعومة بتفاؤل المستثمرين حيال أسعار النفط وترقب قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي بشأن الفائدة.

وارتفع مؤشر «تداول» السعودي بنسبة 0.05 في المائة، في حين سجّل مؤشر بورصة قطر تراجعاً طفيفاً بنسبة 0.08 في المائة. كما صعد مؤشر بورصة الكويت بنسبة 0.35 في المائة، وارتفع مؤشر بورصة البحرين بنسبة 0.30 في المائة، في حين حقق سوق مسقط للأوراق المالية مكاسب بلغت 0.94 في المائة.

ويترقب المستثمرون قرار اجتماع «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المزمع يومي الثلاثاء والأربعاء، الذي قد يشهد خفض الفائدة للمرة الثالثة هذا العام لدعم سوق العمل المتباطئة، أو الإبقاء عليها مرتفعة لمواجهة التضخم الذي لا يزال أعلى من المستهدف البالغ 2 في المائة.

وشهدت الجلسة تداولات متوسطة؛ حيث ركّز المستثمرون على تأثير أسعار النفط وقرارات السياسة النقدية الأميركية على الأسواق الإقليمية.


«منتدى أعمال الشرق الأوسط وأفريقيا - الهند» يبحث في الرياض الشراكات الاستراتيجية

جانب من أفق العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
جانب من أفق العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
TT

«منتدى أعمال الشرق الأوسط وأفريقيا - الهند» يبحث في الرياض الشراكات الاستراتيجية

جانب من أفق العاصمة السعودية الرياض (رويترز)
جانب من أفق العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

في خطوة لافتة لتعزيز الروابط الاقتصادية والمهنية بين ثلاث قارات حيوية، تستعد شركات محاسبة وخدمات مهنية سعودية لاستضافة وفد دولي من أعضاء شبكة «ألينيال غلوبال» (Allinial Global) لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والهند، في «منتدى أعمال الشرق الأوسط وأفريقيا – الهند 2025»، المنوي عقده في العاصمة الرياض.

هذا المنتدى الذي يُعقَد على مدى يومين في العاصمة السعودية في 8 و9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تحت شعار: «البحث العالمي – القوة المحلية»، صُمم ليكون منصة ديناميكية تهدف إلى إبرام الشراكات الاستراتيجية وتعزيز فرص النمو. كما أنه يُعدّ حدثاً رئيسياً لربط شركات المحاسبة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والهند بهدف الاستفادة من المواهب المحاسبية المتنامية.

ويجمع المنتدى أعضاء شبكة «ألينيال غلوبال» في الشرق الأوسط وأفريقيا والهند لاستكشاف سبل جديدة للنمو في مجالات التجارة، والمواهب، والخدمات الاستشارية.

و«ألينيال غلوبال» هي جمعية دولية رائدة للشركات المستقلة في مجال المحاسبة والاستشارات الإدارية تضم 270 شركة عالمية بإيرادات إجمالية 6.76 مليار دولار. وتهدف إلى تزويد الشركات الأعضاء بالموارد والفرص اللازمة لخدمة عملائها على نطاق عالمي. ولا تعمل «ألينيال غلوبال» كشركة محاسبة واحدة، بل كمظلة تعاونية؛ حيث تساعد الشركات الأعضاء على الحفاظ على استقلاليتها، مع توفير وصول شامل إلى الخبرات، والمعرفة الفنية، والتغطية الجغرافية في جميع أنحاء العالم، من خلال شبكة موثوقة من المهنيين.

تتصدر الاستضافة في الرياض مجموعة من الشركات السعودية الأعضاء في شبكة «ألينيال غلوبال»، وهي: شركة «علي خالد الشيباني وشركاه (AKS)» وشركة «سلطان أحمد الشبيلي - محاسبون قانونيون»، و«الدار الدولية للاستشارات في الحوكمة»، وشركة «الدليجان للاستشارات المهنية».

وتتضمن أبرز فعاليات البرنامج عرضاً للرؤى العالمية حول مهنة المحاسبة والاستشارات يقدمه الرئيس والمدير التنفيذي للشبكة، توني ساكري، واستعراض لقدرات الشركات الأعضاء في المناطق الثلاث مع التركيز على بناء الشراكات والتعاون، وتعزيز فرص التواصل بين المشاركين من خلال مناقشات تفاعلية وجولات ثقافية اختيارية.


الأسواق الخليجية تترقب تحركات «الفيدرالي» وسط موجة صعود متقلبة

مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)
مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)
TT

الأسواق الخليجية تترقب تحركات «الفيدرالي» وسط موجة صعود متقلبة

مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)
مستثمر يراقب تحركات الأسهم في السوق السعودية (أ.ف.ب)

شهدت أسواق الأسهم الخليجية ارتفاعاً ملحوظاً في أولى جلسات الأسبوع، متأثرة بتوقعات دعم محتمل من خفض الفائدة الأميركية وصعود أسعار النفط، بعد موجة من التراجع الأسبوع الماضي. فقد واصل المؤشر الرئيسي للبورصة السعودية «تاسي» الصعود للجلسة الثالثة على التوالي، مسجلاً مكاسب طفيفة عند 0.3 في المائة، بعد أن كان أغلق الأسبوع الماضي بخسائر للأسبوع الخامس على التوالي، في أطول موجة هبوط منذ نهاية 2022.

ويترقب المستثمرون قرار اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي المزمع يومي الثلاثاء والأربعاء، الذي قد يشهد خفض الفائدة للمرة الثالثة هذا العام لدعم سوق العمل المتباطئة، أو الإبقاء عليها مرتفعة لمواجهة التضخم الذي لا يزال أعلى من المستهدف، البالغ 2 في المائة.

وسط هذه البيئة، تمرُّ الأسواق الخليجية بمرحلة توازن دقيقة بين الضغوط الخارجية والفرص الداخلية، مع متابعة دقيقة لتحركات أسعار النفط والقرارات الاقتصادية الكبرى في المنطقة والعالم.