ليبيا: «الاستقرار» ترفع جاهزيتها استعداداً للانتخابات المحلية المؤجلة

غموض بشأن بقاء رئيس «المفوضية» في منصبه

صورة وزعها قعيم لاجتماع مع السايح (وزارة الداخلية الليبية)
صورة وزعها قعيم لاجتماع مع السايح (وزارة الداخلية الليبية)
TT

ليبيا: «الاستقرار» ترفع جاهزيتها استعداداً للانتخابات المحلية المؤجلة

صورة وزعها قعيم لاجتماع مع السايح (وزارة الداخلية الليبية)
صورة وزعها قعيم لاجتماع مع السايح (وزارة الداخلية الليبية)

رفعت حكومة «الاستقرار» المكلفة من البرلمان الليبي جاهزيتها الأمنية لإجراء انتخابات المجالس المحلية في مناطق شرق وجنوب ووسط ليبيا، الخاضعة لسيطرة «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، والتي سبق أن تأجلت لأسباب من بينها تداعيات الانقسام السياسي.

وطلبت وزارة الداخلية بحكومة «الاستقرار» من عدة مديريات للأمن إعداد خطط شاملة لتأمين مراكز الاقتراع ومحطات التصويت الخاصة بانتخابات المجالس المحلية المقبلة، ليتلقاها وكيل الوزارة فرج قعيم، الاثنين، بحسب بيان رسمي.

وجاء هذا التكليف عقب اجتماع عقده قعيم مساء الأحد مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، في مدينة بنغازي بشرق البلاد، لمناقشة الاستعدادات الأمنية والتنظيمية للانتخابات المقررة السبت المقبل.

ويُخيّم الغموض على مستقبل أداء السايح مهامه خلال المرحلة المقبلة؛ إذ لا يُستبعد أن يغادر منصبه في حال توصل مجلسَي النواب و«الأعلى للدولة» لتوافق حول إعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية، تماشياً مع توصيات المبعوثة الأممية هانا تيتيه، في حين لم يتضح بعد مدى تأثير هذه الخطوة على جدول الانتخابات البلدية المقبلة.

ومع ذلك، أعلنت المفوضية قائمة تضم 15 بلدية مستهدفة بالاقتراع ضمن المرحلة الثالثة من هذه الانتخابات، بعد تنفيذ سلسلة من حملات التوعية الانتخابية التي نظمتها مكاتب الإدارة الانتخابية بالتعاون مع شركاء المفوضية، للتعريف بإجراءات التصويت وتشجيع المواطنين على المشاركة الفاعلة.

كما انطلقت الدعاية الانتخابية للمترشحين في بلديتَي خليج السدرة والجفرة ضمن المرحلة نفسها، على أن تستمر حتى يوم الصمت الانتخابي السابق لبدء الاقتراع. ويبلغ عدد القوائم المترشحة في بلدية الجفرة سبع قوائم إلى جانب 15 مترشحاً بالنظام الفردي، في حين تضم بلدية خليج السدرة أربع قوائم و19 مترشحاً فردياً.

وفي هذه الأثناء، عقد عضو مجلس المفوضية أبو بكر مردة اجتماعين في بنغازي، الاثنين، مع مسؤولين في جامعة بنغازي والهلال الأحمر لتعزيز التعاون في حملات التوعية بانتخابات المجالس المحلية 2025.

لقاء تكالة مع مجلس حكماء تاجوراء (مجلس الدولة)

وشهدت المرحلتان الأولى والثانية من الانتخابات نسب مشاركة متفاوتة؛ إذ أُجريت المرحلة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وشملت 58 بلدية، بلغت فيها نسبة المشاركة نحو 60 في المائة، وأسفرت عن فوز قوائم مستقلة في معظم الدوائر، وتشكيل مجالس جديدة في 56 بلدية.

أما المرحلة الثانية، التي جرت منذ مطلع العام الجاري وحتى أغسطس (آب) الماضي، فشملت 63 بلدية، وسُجلت خلالها نسبة مشاركة بلغت 71 في المائة في 26 بلدية، مع إعلان نتائج أولية في أغسطس أظهرت تفوق المترشحين المستقلين مجدداً.

وسبق أن أبدت حكومة أسامة حمّاد رفضها إجراء الاقتراع في مناطق سيطرتها بشرق ليبيا وجنوبها، في ظل ما عدّته وقتذاك «عدم التزام المفوضية بتنفيذ الأحكام القضائية، التي نقضت قرارات لسلطات طرابلس بإلغاء بعض البلديات وإعادة توزيع أخرى».

يأتي ذلك على وقع انقسام سياسي بين حكومتين؛ إحداهما تهيمن على غرب البلاد برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وأخرى مكلفة من البرلمان برئاسة أسامة حمّاد وتسيطر على شرق وأجزاء من جنوب البلاد.

وفي هذه الأثناء، يستمر التدهور الأمني في غرب ليبيا، حيث أفادت تقارير محلية باندلاع اشتباكات في ضاحية تاجوراء شرق العاصمة طرابلس في وقت متأخر، الأحد، بين مجموعات مسلحة تابعة لإدارة الأمن القومي وعناصر من رئاسة أركان قوات حكومة «الوحدة»، إثر تبادل الاتهامات بسيطرة كل طرف على مناطق نفوذ الطرف الآخر، في مشهد يعكس الصراع التقليدي بين الميليشيات.

في السياق، لقي طفل مصرعه وأصيب عدد من أفراد أسرته جراء سقوط مقذوف على منزلهم في مدينة الزاوية غرب البلاد، وفقاً لوسائل إعلام محلية، في حين عدّ متابعون الحادثة حلقة جديدة من مسلسل صراع النفوذ وتهريب الأسلحة بين المجموعات المحلية.

ووثقت لقطات تلفزيونية متداولة لحظة استهداف الضحايا، وهم من عائلة واحدة، أثناء محاولتهم عبور الطريق باتجاه منزلهم.

وقد أثارت الحادثة دعوات لإجراء تحقيق عاجل وتعزيز الأمن لحماية المدنيين من تبعات الاشتباكات العشوائية، إلى جانب انتقادات واسعة لانتشار السلاح خارج سيطرة الدولة، الأمر الذي يهدد المنشآت الحيوية مثل مصفاة الزاوية النفطية، ويبرز عجز الحكومة عن فرض النظام والسيطرة على الوضع الأمني.

إلى ذلك، أعلن مطار معيتيقة الدولي في طرابلس تسلم مديره الجديد لطفي نشنوش مهام عمله من مديره السابق عبد المنعم القمودي، في مراسم رسمية وصفها المسؤولون بأنها تعكس «الالتزام بالانتقال السلس والمهني».

وشهد المطار، أخيراً، ترتيبات أمنية متقدمة بعد الخلاف الحكومي مع جهاز «الردع»، والذي أدى إلى توتر عسكري حول السيطرة على القاعدة، قبل التوصل إلى اتفاق بوساطة تركية ودعم من المجلس الرئاسي، سمح بانسحاب قوات «الردع» من المطار وتسليمه إلى كتيبة أمن المطار التابعة لوزارة الدفاع بحكومة «الوحدة»، بقيادة القمودي.

ومنذ إغلاق مطار طرابلس الدولي إثر اشتباكات صيف عام 2014، التي أدت إلى تدميره وخروجه عن الخدمة، أصبح مطار معيتيقة الدولي المنفذ الجوي الرئيسي للعاصمة طرابلس، ولا يزال حتى الآن المطار الوحيد العامل فعلياً في المدينة.


مقالات ذات صلة

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

شمال افريقيا عرض صباحي في المنطقة العسكرية الساحل الغربي (المكتب الإعلامي للمنطقة)

تصادم أذرع «الوحدة» الليبية يُعيد التوتر المسلّح إلى الزاوية

أدى التصادم المسلح بين تشكيلين في مدينة الزواية غرب ليبيا إلى نشر حالة من الذعر بين المواطنين، الأمر الذي اضطر جهاز الإسعاف والطوارئ إلى تحذير المسافرين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبية خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

مثول ليبي أمام «الجنائية الدولية» يقلب الطاولة على رئيس «الوحدة»

عدّ المجلس الاجتماعي «لسوق الجمعة - النواحي الأربع» في العاصمة الليبية، القبض على الهيشري، «اعتداءً سافراً على سيادة الدولة الليبية وتصفية للقضاء الوطني».

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا النائب العام الليبي الصديق الصور (مكتب النائب العام)

النيابة العامة تحقق في قضية تزوير «أوراق وطنية»

قال مكتب النائب العام الليبي إن التحقيقات انتهت من فحص تسعة قيود عائلية وتبين للمحقق تآمر موظف بمكتب السجل المدني مع تسعة أشخاص غير ليبيين

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً المبعوثة الأممية في مكتبه بطرابلس الأربعاء (مكتب الدبيبة)

محادثات أممية - كندية حول سبل تنفيذ «خريطة الطريق» الليبية

ناقشت المبعوثة الأممية إلى ليبيا مع الدبيبة آليات تطبيق «خريطة الطريق»، بما في ذلك إطلاق «الحوار المهيكل» وقضايا أخرى تتعلق بتطورات العملية السياسية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا على الرغم من قبول البعض بمبدأ إجراء الانتخابات الرئاسية فإنهم أبدوا مخاوفهم من عقبات كبيرة تعترض المسار الذي اقترحته المفوضية (مفوضية الانتخابات)

كيف يرى الليبيون إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية في أبريل المقبل؟

رفض مجلس حكماء وأعيان طرابلس إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وجود دستور، وذهب إلى ضرورة تجديد الشرعية التشريعية أولاً عبر الانتخابات البرلمانية.

علاء حموده (القاهرة )

«النيابة المصرية» تنفي علاقة «الدارك ويب» بواقعة «التحرش» داخل مدرسة دولية

مقر النائب العام المصري في القاهرة (الصفحة الرسمية لمكتب النائب العام)
مقر النائب العام المصري في القاهرة (الصفحة الرسمية لمكتب النائب العام)
TT

«النيابة المصرية» تنفي علاقة «الدارك ويب» بواقعة «التحرش» داخل مدرسة دولية

مقر النائب العام المصري في القاهرة (الصفحة الرسمية لمكتب النائب العام)
مقر النائب العام المصري في القاهرة (الصفحة الرسمية لمكتب النائب العام)

نفت النيابة العامة في مصر وجود علاقة بين «الدارك ويب» أو ما يُعرف بـ«الإنترنت المظلم» وقضية «التحرش» بإحدى المدارس الدولية في القاهرة (يتم التحقيق فيها حالياً)، وأعلنت «اتخاذ الإجراءات القانونية حيال مروِّجي تلك الشائعات». وقالت إنها «تؤدي إلى إثارة الذعر بين الناس، وتكدير السلم العام».

وأوضحت النيابة العامة في بيان، الجمعة، أنها «رصدت قيام بعض صفحات مواقع التواصل بإذاعة ونشر أخبار كاذبة بشأن التحقيقات الجارية في قضية (هتك عرض) عدد من الأطفال بإحدى المدارس الدولية، إذ تضمَّنت شائعات مفادها أن وراء تلك الواقعة منظمات وجهات أجنبية حرَّضت المتهمين بقصد إحداث خلل بالمجتمع المصري، ونشرها على (الدارك ويب) لتحقيق مكاسب مالية».

وبحسب بيان النيابة العامة فإن «نيابة استئناف القاهرة» باشرت التحقيقات، وقامت بتحديد ناشري تلك الأخبار واستجواب أحدهم، والذي تبيَّن أنه من المحامين الحاضرين مع الأطفال في تحقيقات تلك القضية.

كما أصدرت النيابة قراراً بضبط وإحضار شخص آخر، والذي تمَّ ضبطه بدائرة محافظة الغربية (دلتا مصر) تمهيداً لاستجوابه. وأهابت النيابة العامة بجميع وسائل الإعلام والقائمين على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عدم الانسياق وراء تلك الأخبار الكاذبة أو تداولها تجنباً للمساءلة القانونية.

وأثارت قضية «التحرش» بمدرسة دولية في القاهرة جدلاً واسعاً. وقبل أيام أعلنت النيابة العامة أسماء متهمين جدد إلى القضية، وذلك عقب صدور تقرير مصلحة الطب الشرعي الذي أكد «العثور على خلايا بشرية تخص 3 متهمين على ملابس بعض المجني عليهم»، ليرتفع عدد المتهمين في القضية إلى 7 شملتهم تحقيقات النيابة العامة حتى الآن.

وفور تسلّم تقرير الطب الشرعي، الصادر الاثنين الماضي، أُحيل التقرير والمتهمون إلى النيابة العسكرية التي تواصل استكمال التحقيقات، حسب بيان سابق للنيابة المصرية.

وكانت الأجهزة الأمنية ألقت القبض على 4 عاملين بالمدرسة، الأسبوع الماضي، بعد اتهامهم بالتورط في وقائع «تعدٍّ» على عدد من الأطفال داخل المدرسة، وذلك عقب تلقي بلاغات عدة من أولياء الأمور.

وقرَّر وزير التربية والتعليم، محمد عبد اللطيف، وضع المدرسة التي شهدت هذه الوقائع تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة، وإحالة كل مَن يثبت تورطه في التستر أو الإهمال في حماية التلاميذ للشؤون القانونية.

وكشفت تحقيقات النيابة عن تفاصيل الواقعة التي بدأت ببلاغ في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واستمعت النيابة لأقوال الأطفال الـ5 وذويهم، حيث أجمعوا على تعرُّضهم لوقائع هتك عرض بعد استدراجهم بداعي اللهو إلى أماكن بعيدة عن كاميرات المراقبة والإشراف، واستغلال صغر سنهم، ثم تهديدهم بالإيذاء باستخدام سكين.

كما شهدت مدرسة دولية أخرى بمحافظة الإسكندرية واقعةً مشابهةً، حيث بدأت جهات قضائية، الثلاثاء، تحقيقات موسَّعة بشأن «تعدي أحد العاملين بمدرسة دولية على طلاب بمرحلة رياض الأطفال، وذلك عقب تسلم تقرير الطب الشرعي الذي أكد تعرُّض الأطفال لاعتداء نتجت عنه إصابات بالغة الصعوبة»، وفق ما نشرته وسائل إعلام محلية. واستدعت جهات التحقيق عدداً من العاملين بالمدرسة لسماع أقوالهم حول ملابسات الواقعة، بينما أكدت تحريات المباحث صحة ما جاء في أقوال المجني عليهم، وتطابقها مع الوقائع المشار إليها في البلاغات المقدمة من أسر الأطفال.


مصر: نتائج أولية تشير لـ«تقدم» مستقلين في «الدوائر الملغاة» بـ«النواب»

ناخبون خلال الإدلاء بأصواتهم في إحدى الدوائر الملغاة بمدينة أسيوط الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبون خلال الإدلاء بأصواتهم في إحدى الدوائر الملغاة بمدينة أسيوط الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)
TT

مصر: نتائج أولية تشير لـ«تقدم» مستقلين في «الدوائر الملغاة» بـ«النواب»

ناخبون خلال الإدلاء بأصواتهم في إحدى الدوائر الملغاة بمدينة أسيوط الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبون خلال الإدلاء بأصواتهم في إحدى الدوائر الملغاة بمدينة أسيوط الخميس (تنسيقية شباب الأحزاب)

في مشهد انتخابي مُثير للجدل أعقب إلغاءً واسعاً لنتائج عشرات الدوائر في انتخابات مجلس النواب المصري (الغرفة الأولى للبرلمان)، كشفت المؤشرات الأولية للحصر العددي في الدوائر الـ19 المعاد التصويت فيها خلال الأربعاء والخميس، عن «تقدم لافت للمرشحين المستقلين على حساب مرشحي الأحزاب»، بالتوازي مع تساؤلات متصاعدة حول نسب «المشاركة المتدنية في عدد من هذه الدوائر».

بينما تواصلت عمليات الفرز حتى ظهر الجمعة، اتضحت ملامح النتائج في 19 دائرة أُعيد فيها التصويت بعد إلغائها، إلى جانب جولة إعادة منفصلة. وتشير المؤشرات الأولية إلى تزايد فرص المرشحين المستقلين؛ إذ يخوض أكثر من 30 منهم جولة الإعادة المقررة في 23 و24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

في المقابل، سجّل حزب «مستقبل وطن»، صاحب الأغلبية البرلمانية، تراجعاً ملحوظاً بعدما خسر 4 دوائر، مقابل فوز مرشحَين فقط له، بينما مُني «حماة الوطن» و«الجبهة الوطنية» بخسائر أخرى.

وتبرز دائرة إمبابة بمحافظة الجيزة مثالاً لملامح التحول في الدوائر الملغاة؛ إذ نجح مرشح مستقل في حسم أحد المقعدين من الجولة الأولى، فيما ذهب المقعد الثاني إلى جولة إعادة بين مستقل ومرشح عن «مستقبل وطن»، في مشهد مغاير لما كانت عليه نتائج المرحلة الأولى قبل إلغائها.

كما عادت الصحافية نشوى الديب إلى سباق المنافسة في جولة الإعادة، بعد أن خسرت الجولة الملغاة، وظهرت في تسجيل مصوّر سابق تشكو فيه «خروقات شابت العملية الانتخابية»، لتتحول إلى أحد أبرز الأسماء العائدة للمنافسة في هذه الجولة.

ولم يتوقف الجدل منذ إعلان إلغاء نتائج 19 دائرة دفعة واحدة في سبع محافظات، الشهر الماضي، بسبب «خروقات شابت العملية الانتخابية» قوبلت بتدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ثم صدور أحكام المحكمة الإدارية العليا بإبطال نتائج 30 دائرة إضافية.

مصريات في أحد مراكز الاقتراع بمحافظة الجيرة الخميس (المجلس القومي للمرأة)

ومنذ ذلك الحين، تصاعدت التساؤلات حول مسار العملية الانتخابية برمتها، مع قفز نسبة الدوائر الملغاة في النظام الفردي إلى ما يتجاوز 60 في المائة، وهي سابقة تعكس «حجم الاضطراب الذي رافق المرحلة الأولى».

وخلال التصويت الذي جرى، الأربعاء والخميس الماضيين، في الدوائر الملغاة، أدلى الناخبون بأصواتهم في 1775 لجنة فرعية على مستوى 20 دائرة في 7 محافظات، تنافس فيها 455 مرشحاً على 43 مقعداً.

وفي موازاة ذلك، قفز عدد الطعون المقدمة إلى المحكمة الإدارية العليا ضد قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات بشأن الجولة الأولى من المرحلة الثانية إلى نحو 300 طعن، وفق تقديرات إعلامية محلية، ما يعكس «استمرار حالة التوتر حول العملية الانتخابية».

البرلماني المصري، الإعلامي مصطفى بكري قال لـ«الشرق الأوسط» إن أداء المستقلين «يمثل مفاجأة هذه الانتخابات»، ويشير - بحسب رأيه - إلى أن «ضوابط العملية الانتخابية باتت أكثر حسماً، وأتاحت فرصة لتصحيح الأمور»، متوقعاً «برلماناً متوازناً يتكاتف مع الدولة المصرية في تحدياتها الخارجية، رغم اختلاف توجهات أعضائه في الملفات الخدمية»، لكنه دعا في الوقت نفسه «الأحزاب الكبرى إلى مراجعة أدائها».

رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات حازم بدوي خلال اجتماع سابق بمقر الهيئة بوسط القاهرة (الصفحة الرسمية للهيئة)

غير أن أستاذ علم الاجتماع السياسي، الدكتور سعيد صادق، يرى أن فوز عدد لافت من المستقلين «لا يعني بالضرورة دخول لاعبين جدد خارج المسار التقليدي للحياة البرلمانية».

وتساءل صادق عن «الطبيعة الحقيقية لهؤلاء المرشحين، وما إذا كانوا سيبقون مستقلين فعلاً، أم أن بعضهم قد يقترب عملياً من توجهات الأحزاب الكبرى داخل البرلمان المقبل»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «أحزاب الموالاة ضمنت أغلبية ساحقة ومريحة في (النواب)».

في سياق ذلك، طرحت تساؤلات على مستوى مؤشرات الإقبال على صناديق الاقتراع، أظهرتها تجربة دائرة إمبابة أيضاً؛ إذ لم يحضر سوى نحو 27 ألف ناخب من أصل نصف مليون مسجلين، بنسبة لا تتجاوز 5.1 في المائة، وفق محاضر فرز اطلع عليها الصحافي المصري محمد بصل، المتخصص في الشأن القضائي. كما أظهرت بعض النتائج الأولية داخل لجان نسبة «مشاركة متدنية»، تم تداولها على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

وأرجع صادق «المشاركة المتدنية في بعض اللجان» إلى «أزمة ثقة بين عدد من الناخبين والبرلمان المرتقب بتشكيلته الجديدة»، موضحاً أن مثل هذه المؤشرات «تعكس توقعات محدودة لدى الجمهور بشأن قدرة المجلس المقبل على إحداث تغيير ملموس في السياسات العامة أو أداء المؤسسات». فيما يرى بكري أن «الثقة سوف تعود بشكل تراكمي في الممارسات الانتخابية المقبلة».


الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
TT

الجزائر: 3 سنوات حبساً غير نافذ لصحافي «أهان رموز ثورة التحرير»

الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)
الكاتب الصحافي سعد بوعقبة (حسابات حقوقيين)

فرضت محكمة جزائرية، مساء أمس (الخميس)، عقوبة 3 سنوات حبساً موقوفة النفاذ، وغرامة مالية تبلغ مليون دينار جزائري، في حق الكاتب الصحافي المتهم الموقوف، سعد بوعقبة؛ بعد إدانته بتهمة إهانة وقذف موجه باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال ضد رموز «ثورة التحرير الوطني». كما وقَّعت الهيئة القضائية ذاتها عقوبة عاماً حبساً موقوفة النفاذ في حق المتهم الثاني، الموجود تحت الرقابة القضائية، «عبد الرحيم. ح»، عن المشارَكة في الجُرم نفسه، بجنحة إهانة وقذف موجه باستعمال تكنولوجيات الإعلام والاتصال ضد رموز «ثورة التحرير الوطني»، مع الحكم بمصادرة عتاد القناة وغلقها نهائياً.

وجاء منطوق الحكم بعدما التمست النيابة في الجلسة عقوبتهما، بعد استجواب دقيق خضع له المتهمان، وتمسك كل واحد منهما بإنكار ما نُسب إليه من وقائع.

وأكد المتهم بوعقبة في تصريحاته أمام القاضي أنه لم يقل سوءاً في زعيم الثورة، الراحل أحمد بن بلة، موضحاً أنه يعدّه أحد رموز «ثورة التحرير الوطني»، وأحد أصدقائه، وجمعته به علاقة صداقة لا أحد يشكِّك فيها، بحسب ما نقلته صحف محلية. وقال إنه طوال مساره المهني لم يشعر بالإحباط رغم المتابعات القضائية التي طالته سابقاً، سوى في هذه القضية التي أكد أنها آلمته. كما تقدَّم بوعقبة في الجلسة بالاعتذار لابنة الضحية بن بلة مهدية، التي ذرفت دموعاً حارقة جراء ما عدّته إهانةً طالت والدها.

وفجَّرت قضية بوعقبة جدلاً حاداً حول حرية الرأي والخوض في مسائل التاريخ الخلافية، واحتجَّ الطيف السياسي الجزائري بشدة على وضع الصحافي الكبير بوعقبة في الحبس الاحتياطي قبل محاكمته أمس، بتهمة «الإساءة إلى رموز الثورة»،

وقالت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية المعارضة إنها «تابعت باهتمام قضية إيداع الصحافي سعد بوعقبة الحبس المؤقت، على خلفية تصريحات أدلى بها عُدَّت مسيئةً لرموز الثورة»، مؤكدة أن «مثل هذه القضايا، لا ينبغي أن تقود إلى عقوبات سالبة للحرية، بحكم طبيعتها الصحافية، لأن الدستور يمنع سجن الصحافيين في مثل هذه الحالات»، مشددةً على «احترام كرامة الصحافي وحقوقه، واعتماد حلول حكيمة تحفظ حرية الصحافة، وتجنِّب البلاد التوتر».

من جهتها، عبّرت «حركة البناء الوطني» المؤيدة لسياسات الحكومة، عن «تضامنها مع الصحافي سعد بوعقبة في قضيته»، مشدّدة على أن «معالجة قضايا الرأي يجب ألا تتم عبر الحبس، بل عبر الحوار والتصويب، والاعتذار عند الضرورة». ورأت الحركة أن تصريحات الصحافي التي سببت له المشكلات «كانت في سياق تحليلي لا يرقى إلى اتهام شخصي»، وأن «اعتذاره لعائلة بن بلة كافٍ لإنهاء القضية».