تتوسع مصر في زراعة القمح الذي يعد أبرز السلع الاستراتيجية، عبر تسهيلات جديدة لأصحاب الأراضي والمزارعين، لاستهداف وصول الرقعة المخصصة إلى 3.5 مليون فدان خلال الموسم الحالي.
وأطلقت مصر «خطة شاملة» لضمان نجاح موسم زراعة محصول القمح الحالي، الذي يبدأ من نوفمبر (تشرين الثاني) حتى مايو (أيار) المقبلين، وقال وزير الزراعة واستصلاح الأراضي علاء فاروق إن «المستهدف زراعة ما لا يقل عن 3.5 مليون فدان هذا الموسم»... وكانت المساحة المنزرعة في الموسم الماضي نحو 3.2 مليون فدان.
وأكد فاروق، في إفادة رسمية، السبت، أن «المزارع يعد شريكاً أساسياً في التنمية والعمود الفقري للأمن الغذائي المصري، والدولة المصرية حريصة على توفير حزمة دعم متكاملة لضمان تحقيق أعلى عائد للمزارعين؛ حيث تم اتخاذ العديد من الإجراءات لتشجيعهم، وتم الإعلان في وقت مبكر عن سعر توريد مجزٍ ومحفز لمحصول القمح لهذا الموسم، بقيمة 2350 جنيهاً (الدولار يساوي 47.5 جنيه في البنوك المصرية) للإردب لدرجة النظافة 23.5، وهو سعر يتجاوز السعر العالمي للمحصول، لضمان اطمئنان المزارعين، وتحقيق الاستقرار لهم بحصولهم على عائد مجزٍ».
ويعد القمح من السلع الاستراتيجية المهمة بالنسبة لمصر، ووفق بيانات وزارة الزراعة المصرية، استوردت مصر 4.9 مليون طن من القمح منذ بداية العام الحالي وحتى يونيو (حزيران) الماضي، بينما استوردت 7.1 مليون طن خلال الفترة نفسها من العام الماضي بانخفاض بنسبة 31 في المائة، ويغطي الإنتاج المحلي نحو 50 في المائة من احتياجات مصر من القمح، ويتم استيراد الباقي من دول عدة، على رأسها روسيا وأوكرانيا.
ومن بين التيسيرات التي قدمتها مصر للمزارعين لتشجيعهم على زراعة القمح، وفق بيان وزارة الزراعة، السبت، «توفير كميات كافية من التقاوي عالية الجودة المعتمدة والمنتخبة، ذات الإنتاجية العالية والمقاومة للأمراض، وتوزيعها على المزارعين في المواعيد المحددة وبأسعار مناسبة، فضلاً عن نشر الخريطة الصنفية للمحصول، وتكثيف جهود توعية وإرشاد الفلاحين بها، مع التأكيد على ضرورة اتباع السياسة الصنفية التي سبق الإعلان عنها لزراعة الأصناف التي تجود وتناسب كل منطقة، بهدف تعظيم الإنتاجية حسب نوع التربة والتغيرات المناخية».

وأكد وزير الزراعة المصري «أهمية تكثيف برامج التوعية والإرشاد الزراعي من خلال حملات ميدانية وحقول إرشادية، وبرامج ودورات تدريبية تستهدف وصول المعلومة الصحيحة للمزارعين وتدريبهم على أفضل الممارسات الزراعية»، مشدداً على ضرورة «التيسير على المزارعين من خلال صرف مستلزمات الإنتاج والأسمدة بأسعار مناسبة».
أستاذ الاقتصاد الزراعي بـ«المركز القومي للبحوث» في مصر، خيري حامد العشماوي، يرى أن التيسيرات الحكومية للمزارعين يمكنها أن تزيد إنتاج القمح، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «رفع سعر توريد إردب القمح يشجع الفلاحين على زراعته، مما يزيد الإنتاجية».
لكن وفق العشماوي، فإن «الأمر يحتاج إلى إجراءات أخرى تعالج مشكلات قائمة على أرض الواقع، منها أن تكلفة الإنتاج ارتفعت، والفلاح لا يستطيع تحملها، ويعجز مالياً عن شراء تقاوي الأصناف عالية الإنتاجية من وزارة الزراعة، فيضطر إلى استخدام تقاوٍ من الأعوام السابقة أقل تكلفة مما يقلل إنتاجية الفدان».
مشكلة أخرى يرى العشماوي أنها تؤثر على إنتاج القمح؛ حيث «يعجز الفلاح عن توريد إنتاجه من القمح إلى الشون (أماكن التخزين) التابعة لوزارة الزراعة مباشرة، بل يضطر إلى عمل ذلك عبر تاجر وسيط يحصل على نسبة من ثمن الإردب، وهو ما يقلل ربح الفلاح».

وتطبق مصر استراتيجية للتوسع في زراعة القمح لضمان الأمن الغذائي، وأكد وزير الزراعة، في تصريحات متلفزة، أوائل الشهر الحالي، أن «الوزارة تمتلك خطة متكاملة لزيادة الاكتفاء الذاتي من القمح ليصل إلى 70 في المائة»، مشيراً إلى أن «مصر تنتج 10 ملايين طن من القمح سنوياً، تسعى لزيادتها».
ومع المعوقات التي فرضتها الحرب الروسية الأوكرانية على حركة التجارة العالمية، لجأت مصر إلى التوسع في «المشروع القومي للصوامع» لتأمين المخزون الاستراتيجي من السلع الغذائية وعلى رأسها القمح.
أستاذ الاقتصاد الزراعي جمال صيام أكد أنه توجد «محددات» علمية يمكنها زيادة إنتاج مصر من القمح، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «من أبرز هذه المحددات، التوسع في الرقعة الزراعية المخصصة للقمح، عبر مشروعات استصلاح الأراضي الجديدة، وكذلك التيسير على الفلاح عبر إجراءات مثل زيادة سعر توريد الإردب».
وبحسب صيام، فإن «عدم توفير مستلزمات الإنتاج من تقاوي أصناف معتمدة يُعد مشكلة للفلاح بسبب ارتفاع تكلفتها، كما أن الإرشاد الزراعي يحتاج إلى تطوير لتوعية الفلاحين والعمل على مقاومة الأمراض التي تصيب محصول القمح».
ووجه وزير الزراعة المصري، السبت، باتخاذ «جميع الإجراءات اللازمة، وتذليل العقبات أمام المزارعين، من أجل نجاح الموسم الجديد لزراعة القمح»، مؤكداً أن «الدولة المصرية تقف بكل طاقتها لدعم المزارعين، وتقديم كل سبل الدعم لهم، لنجاح الموسم وتحقيق طفرة في الإنتاجية، بما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي».



