هل انتهى موسم استثمار الحوثيين مأساة غزة؟

توقعات بسعيهم لإقحام البلاد في صراع جديد

الحوثيون استخدموا أحداث غزة لقمع المطالبين بالمرتبات وكسب المزيد من الأتباع (أ.ف.ب)
الحوثيون استخدموا أحداث غزة لقمع المطالبين بالمرتبات وكسب المزيد من الأتباع (أ.ف.ب)
TT

هل انتهى موسم استثمار الحوثيين مأساة غزة؟

الحوثيون استخدموا أحداث غزة لقمع المطالبين بالمرتبات وكسب المزيد من الأتباع (أ.ف.ب)
الحوثيون استخدموا أحداث غزة لقمع المطالبين بالمرتبات وكسب المزيد من الأتباع (أ.ف.ب)

مع بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بدت الجماعة الحوثية في حالة ارتباك وتوجس من المرحلة المقبلة، وسط مؤشرات على سعيها لإيجاد مبررات جديدة لاستمرار التصعيد العسكري في البحر الأحمر، وتجنّب مواجهة الغضب الشعبي المتصاعد في مناطق سيطرتها نتيجة تفاقم الأزمة المعيشية وتوقف المساعدات الإنسانية.

فإلى ما قبل عامَيْن، كانت الجماعة تواجه أوسع حركة احتجاج منذ انقلابها على الحكومة الشرعية في نهاية عام 2014، عندما قاد نادي المعلمين والنقابات الموازية مظاهرات، مطالبة بصرف الرواتب وتحسين الأوضاع المعيشية.

غير أن اندلاع الحرب في غزة شكّل طوق نجاة للجماعة التي قمعت المحتجين بتهمة «التعاون مع إسرائيل» و«الانشغال عن نصرة الفلسطينيين»، مستثمرة التعاطف الشعبي مع مأساة غزة لتثبيت قبضتها الأمنية وتبرير فشلها الاقتصادي والإداري.

خلال عامين استغل الحوثيون حرب غزة لتجنيد وتعبئة عشرات الآلاف (إ.ب.أ)

ومع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، لا يبدو أن الحوثيين سيتخلّون بسهولة عن هذا الاستثمار السياسي والإعلامي؛ فقد وضع زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، ما يمكن وصفها بـ«اشتراطات» لوقف الهجمات على الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن واستهداف إسرائيل، محذراً مما سمّاه «جولات إسرائيلية جديدة بعد الاتفاق».

وقال الحوثي، في خطابه الأخير، إن جماعته لا تعلم «ما إذا كانت الاعتداءات الإسرائيلية على المنطقة ستتوقف أو تستمر»، في إشارة فُسرت على نطاق واسع بأنها تمهيد لمرحلة جديدة من التصعيد، وربما لاستخدام التهدئة في غزة ذريعة لإشعال جبهة أخرى.

فزع داخلي ومبررات جديدة

يرى سكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء أن حديث الحوثي يعكس نية مبيّتة للبحث عن مبرر جديد لإقحام البلاد في صراع إقليمي للهروب من الاستحقاقات الداخلية، فوفقاً لبيانات الأمم المتحدة، يواجه نحو 3 ملايين شخص في مناطق سيطرة الجماعة خطر الجوع بعد توقف المساعدات الإنسانية بسبب نقص التمويل واستهداف العاملين الإغاثيين من قِبل الحوثيين.

وقال منصور (اسم مستعار لسياسي كبير في صنعاء) لـ«الشرق الأوسط»، إن حديث زعيم الحوثيين عن احتمال استئناف إسرائيل لعدوان جديد، واشتراطه وقف الضربات على اليمن والمنطقة شرطاً لإنهاء هجماته في البحر الأحمر؛ «خلّف حالة من الإحباط لدى قطاع واسع من السكان».

حشد في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة الحوثية تعبيراً عن الاحتفال بوقف النار في غزة (رويترز)

ويضيف أن اليمنيين في مناطق الجماعة «كانوا يأملون أن يفتح اتفاق غزة باباً لتسوية سياسية داخلية تضع حداً لمعاناتهم الممتدة منذ أكثر من 10 سنوات، لكنهم فوجئوا بخطاب يشي باستعداد الحوثيين لإطالة أمد الحرب تحت مبررات جديدة».

ويتابع «منصور» بالقول إن «تأكيد الحوثي استمرار الجهوزية والحذر يعكس فزع الجماعة من انتهاء الأسباب التي بررت صراعاتها الخارجية، ويكشف تصميمها على استثمار التعاطف الشعبي مع الفلسطينيين لتبرير استمرار القمع والجباية وحرمان الموظفين من رواتبهم».

خوف من صراع جديد

من جانبها، تؤكد «منى» (اسم مستعار لناشطة من صنعاء) لـ«الشرق الأوسط» أن الخطاب الحوثي الأخير «أصابها بخيبة أمل كبيرة»، مضيفة أن «الناس كانوا يتطلعون إلى انفراجة قريبة بعد اتفاق غزة، لكن الحوثيين يبدون كمن يبحث عن ذريعة جديدة لإشعال الحرب».

وترى أن «هناك تناغماً واضحاً بين خطاب الحوثيين وتصريحات بعض المسؤولين الإيرانيين الذين قالوا إن انتهاء الحرب في غزة سيعني انتهاء الهدنة في مكان آخر، في إشارة إلى احتمال نقل التوتر إلى اليمن ولبنان والعراق».

وتضيف منى أن حديث الحوثي عن «استمرار المؤامرات والأطماع الأميركية والإسرائيلية» و«امتداد المعركة إلى كل الأمة»، يشير إلى أن الجماعة تستعد لأداء دور جديد في المنطقة بالنيابة عن طهران، في وقت يرزح فيه ملايين اليمنيين تحت خط الفقر ويُحرمون من الخدمات الأساسية والرواتب منذ سنوات.

توظيف الأزمات الخارجية

يقدم المحلل السياسي أحمد محمود رؤية مغايرة؛ إذ يرى أن خطاب الحوثي ليس سوى استمرار لنهج توظيف الأزمات الخارجية لخدمة بقاء الجماعة في الداخل.

ويقول إن الحوثيين «كانوا قبل أحداث غزة يواجهون موجات من الغضب الشعبي بسبب إضراب المعلمين وفضائح الفساد ونهب الإيرادات العامة، لكنهم استخدموا الحرب في غزة ذريعة لقمع تلك الاحتجاجات واعتقال المئات من الناشطين».

ويضيف أن الجماعة «برعت في استخدام لغة العداء لإسرائيل والولايات المتحدة لتصفية خصومها ووصم أي صوت معارض بالخيانة والعمالة».

بذريعة إعاقة مناصرة غزة اعتقل الحوثيون آلاف اليمنيين خلال العامين الماضيين (أ.ف.ب)

ويحذر محمود من أن الحوثيين «سيبحثون الآن عن مبرر جديد للبقاء في حالة حرب؛ لأن أي تهدئة حقيقية ستعني انكشافهم أمام الشعب الذي يئن تحت وطأة الجوع والفقر، وقد تشهد مناطقهم انفجاراً شعبياً غير مسبوق إذا لم يجدوا ذريعة خارجية لتبرير فشلهم».

ويشير إلى أن اعتقال العشرات من موظفي الأمم المتحدة خلال الأشهر الماضية والسيطرة على مكاتبها في صنعاء وصعدة أدى إلى توقف معظم الأنشطة الإغاثية، وهو ما يفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من عزلة الجماعة أمام المجتمع الدولي.

ومع تزايد المخاوف من انخراط الحوثيين في صراع إقليمي جديد مع تصاعد التوتر الإيراني-الأميركي، كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، تومي بيغوت، أكد أن بلاده «تسعى إلى ممارسة أقصى ضغط على إيران وتستهدف (قوة القدس) التابعة لـ(الحرس الثوري) والمجموعات الموالية لها في المنطقة».

وأشار إلى أن هذه الجماعات، بما فيها تلك التي تنشط في العراق واليمن ولبنان، «تُقوّض سيادة الدول وتشن هجمات على المصالح الأميركية».


مقالات ذات صلة

بيانات أممية: 35 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين تحت وطأة الجوع

العالم العربي 49 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين يخفضون غذاء البالغين لصالح الأطفال (الأمم المتحدة)

بيانات أممية: 35 % من اليمنيين الخاضعين للحوثيين تحت وطأة الجوع

فيما يواصل الحوثيون استهداف المنظمات الإغاثية الأممية والدولية والعاملين فيها، كشفت بيانات أممية حديثة عن تفاقم مقلق لأزمة الجوع في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المنظمات والوكالات الأممية العاملة في صنعاء تعرضت لانتهاكات حوثية واسعة (إ.ب.أ)

الأمم المتحدة: احتجاز الحوثيين موظفينا يُهدد العمل الإنساني في اليمن

إدانة أممية شديدة لاعتقال الحوثيين 10 موظفين إضافيين، ورفع عدد المحتجزين إلى 69.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مأرب تضم أكثر من 209 مخيمات مكتظة بالأسر النازحة (إعلام حكومي)

مأرب تشكو نقص المساعدات وضغط النزوح الإضافي من الشرق

تشهد محافظة مأرب اليمنية تصاعداً مقلقاً في موجات النزوح المقبلة من حضرموت والمهرة، في ظل التطورات الأمنية والعسكرية الأخيرة، ما فاقم من حدة الأزمة الإنسانية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، بجهود السعودية والإمارات في احتواء التصعيد وخفض التوتر بالمحافظات الشرقية

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)

موجة اعتقالات حوثية إضافية تطول 10 موظفين أمميين

صعّدت الجماعة الحوثية من حملتها ضد الأمم المتحدة ووكالاتها، باحتجازها عشرة من موظفي المنظمة اليمنيين ليرتفع العدد في معتقلات الجماعة إلى 69 موظفاً

«الشرق الأوسط» (عدن)

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

مسؤول أممي يتوقع عودة مليون لاجئ إلى سوريا في عام 2026

قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)
قادمون من لبنان عند معبر «جديدة يابوس» جنوب غربي سوريا في 6 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

توقّعت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عودة نحو مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال عام 2026، في ظل التعافي التدريجي الذي تشهده سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) 2024.

وقال غونزالو فارغاس يوسا، ممثل المفوضية في سوريا، إن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري عادوا بالفعل إلى بلادهم منذ ديسمبر 2024، إضافة إلى نحو مليونَي شخص من النازحين داخلياً الذين عادوا إلى مناطقهم الأصلية.

وأوضح أن ذلك يعني أن أكثر من 3 ملايين سوري عادوا، خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، إلى مناطقهم في بلد أنهكته الحرب على المستويات الاقتصادية والبنيوية والخدمية.

تكدُّس السوريين أمام البوابات الحدودية في تركيا انتظاراً لعودتهم إلى بلادهم (أ.ب)

وقال المسؤول الأممي لوكالة «الأناضول»، إنه كان في سوريا قبل أشهر قليلة من سقوط النظام المخلوع، وشهد عن قرب مرحلة الانتقال السياسي في البلاد. وأشار إلى أن الخوف الذي كان يهيمن على المجتمع السوري «تراجع بسرعة، ليحلّ محله شعور واسع بالأمل».

وأضاف أنه توجّه مع فريقه يوم 9 ديسمبر 2024 إلى الحدود اللبنانية، حيث شاهد آلاف السوريين يعودون تلقائياً إلى بلادهم بعد أكثر من 14 عاماً من اللجوء القسري. ولفت إلى أن الكثير من العائدين السوريين عبّروا عن فرحتهم ببلوغ وطنهم عبر تقبيل الأرض فور وصولهم.

الحاجة للدعم الدولي

وفي ما يخص التوقعات المستقبلية، قال يوسا: «منذ 8 ديسمبر 2024، عاد لاجئون سوريون بشكل أساسي من تركيا ولبنان والأردن، وبنسب أقل من مصر والعراق».

وأضاف: «تشير تقديراتنا إلى أن عام 2026 قد يشهد عودة نحو مليون شخص إضافي، ما يعني أن أكثر من 4 ملايين سوري سيعودون خلال فترة عامين». وأشار إلى أن «هذا الحجم الكبير من العودة يتم في ظروف بالغة الصعوبة، ما يجعل الدعم المالي الدولي مسألة عاجلة وحاسمة لضمان الاستقرار ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية».

السوريون في تركيا يواصلون عودتهم إلى بلادهم منذ سقوط نظام الأسد (أ.ب)

دور تركي فاعل

وأشاد يوسا بدور تركيا، موضحاً أنها استضافت أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين لسنوات طويلة، ولعبت في الوقت ذاته «دوراً إيجابياً» في دعم الحكومة السورية الجديدة عقب 8 ديسمبر 2024.

وأشار إلى أن ممثلين عن القطاع الخاص التركي بدأوا بزيارة سوريا لاستكشاف فرص الاستثمار. واعتبر المسؤول الأممي خطوة المستثمرين الأتراك «مؤشراً مهماً» على بدء مرحلة جديدة من التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.

عودة بعد عزلة

وفي تقييمه للمرحلة الراهنة، اعتبر يوسا أن ما تشهده سوريا هو عملية انتقالية معقّدة ستستغرق وقتاً، في ظل الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب على مدى 14 عاماً.

وقال: «بعد حرب طويلة، من الطبيعي أن تكون البلاد مدمرة اقتصادياً وبنيوياً، وهذا التعافي لن يكون فورياً. ومع ذلك، فإن الحكومة والشعب السوري يستحقون إشادة كبيرة لنجاحهم في إعادة ربط البلاد بالعالم خلال فترة قصيرة نسبياً».

وأشار إلى أن سوريا كانت معزولة عن الساحة الدولية لأكثر من 14 عاماً، قبل أن تعود خلال عام واحد فقط إلى إقامة علاقات مع عدد متزايد من الدول، وهو ما اعتبره «تطوراً بالغ الأهمية».

وأكد المسؤول الأممي أن رؤية أعداد كبيرة من السوريين يعودون إلى ديارهم «تمثّل مؤشراً إيجابياً، إلا أن تحسن الأوضاع الاقتصادية بشكل ملموس سيحتاج إلى وقت، ما يستدعي دعماً دولياً منسقاً ومستداماً».

محل صرافة وتحويل أموال في دمشق يوم 18 ديسمبر بعد أن أُلغيت عقوبات «قيصر» الصارمة التي فُرضت على سوريا في عهد الرئيس السابق بشار الأسد (رويترز)

مفتاح التعافي

وسلّط ممثل «المفوضية» الضوء على جملة من العوامل الضرورية لتسريع عملية التعافي في سوريا، وفي مقدمتها الرفع الكامل للعقوبات.

وأعرب عن أمله أن يفتح رفع العقوبات الباب أمام استثمارات واسعة من القطاع الخاص في خطوة ضرورية لمرحلة إعادة الإعمار والتنمية.

وأوضح أن «المفوضية» وشركاءها يقدّمون دعماً مباشراً للعائدين، خاصة في ما يتعلق بإعادة استخراج الوثائق الرسمية.

ولفت إلى أن أكثر من ربع العائدين يفتقرون إلى وثائق أساسية مثل الهويات الشخصية أو سندات الملكية.

مطار دمشق الدولي يستقبل آلاف السوريين منذ سقوط النظام (سانا)

والخميس، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حفل بالبيت الأبيض قانون تفويض «الدفاع الوطني» لعام 2026 المتضمن بنداً لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وبذلك تم رفع العقوبات رسمياً عن سوريا.

وفي 11 ديسمبر 2019 أقر الكونغرس الأميركي «قانون قيصر» لمعاقبة أركان نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد على «جرائم حرب» ارتكبها بحق المدنيين.

وجرى توقيع «قانون قيصر» خلال ولاية ترمب الرئاسية الأولى (2017 ـ 2021)، لكن تطورات سوريا أواخر العام الماضي دفعته إلى العمل على إلغائه.

ورحبت «الخارجية السورية» في بيان، الجمعة، بـ«الإزالة النهائية» للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وما تضمنه من إجراءات أثرت على مختلف مناحي الحياة المعيشية والاقتصادية.

وأضافت الوزارة أن الخطوة «تطور مهم يسهم في تخفيف الأعباء عن الشعب السوري، ويفتح المجال أمام مرحلة جديدة من التعافي والاستقرار».


ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
TT

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)
وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

وأوضح ساعر، عبر منصة «إكس»، أنه أخبر السيناتور الأميركي ليندسي غراهام خلال لقائهما أن «(حماس) لا تنزع سلاحها، بل تحاول ترسيخ سلطتها في غزة، وليس التخلي عنها»، مشدداً: «نحن لن نقبل هذا».

وأضاف ساعر: «إذا قامت (حماس) بنزع سلاحها سيكون هناك إعادة إعمار ومستقبل أفضل لغزة».

وحضّت الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا، السبت، الطرفين المعنيين بوقف إطلاق النار في غزة على الوفاء بالتزاماتهما وممارسة ضبط النفس، وفق ما أفاد الموفد الأميركي ستيف ويتكوف بعد محادثات في ميامي.

واجتمع مسؤولون من الدول الثلاث مع ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترمب، لمراجعة المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول)، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وجاء في بيان نشره ويتكوف على منصة «إكس»: «نؤكد مجدداً التزامنا الكامل بخطة السلام المكونة من 20 نقطة والتي وضعها الرئيس، وندعو جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها، وممارسة ضبط النفس، والتعاون مع ترتيبات المراقبة».

ودعت الدول الأربع إلى «إنشاء وتفعيل» إدارة انتقالية «على المدى القريب»، وهي خطوة تنص عليها المرحلة الثانية من الاتفاق، لافتة النظر إلى أن المشاورات ستستمر في الأسابيع المقبلة بشأن تنفيذها.

وبموجب الاتفاق، من المفترض أن تنسحب إسرائيل من مواقعها الحالية في غزة، وأن تتولى سلطة مؤقتة إدارة القطاع الفلسطيني بدلاً من حركة «حماس»، وأن يتم نشر «قوة استقرار دولية».


إجراءات أمنية مشددة لحماية احتفالات الميلاد ورأس السنة في سوريا

إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
TT

إجراءات أمنية مشددة لحماية احتفالات الميلاد ورأس السنة في سوريا

إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)
إضاءة شجرة الميلاد في قرية القنية بريف إدلب الغربي (سانا)

لأول مرة منذ 14 عاماً، احتفل المسيحيون في محافظة إدلب بإنارة شجرة عيد الميلاد، بحضور وسائل إعلام محلية ودولية، في وقت اتخذت فيه وزارة الداخلية إجراءات أمنية احترازية مشددة؛ لضمان حماية الأماكن التي تشهد تجمعات حاشدة.

ومع بدء الطوائف المسيحية المختلفة في سوريا التحضير لأعياد الميلاد ورأس السنة والاحتفالات بإنارة شجرة الميلاد وإقامة البازارات، نفذت قوى الأمن الداخلي انتشاراً كثيفاً في أحياء باب شرقي وباب توما والقصاع والقصور. بدأ ذلك مساء السبت بقطع بعض الطرق، ومنع دخول السيارات في الشوارع المكتظة بمحيط الكنائس، وسط حراسة مشددة، وذلك عقب حادثة سرقة تعرض لها نصب تذكري للقديس بولس في باب كيسان أمام باب دير مار بولس لطائفة الروم الكاثوليك، في حادثة غامضة أحدثت صدمة في أوساط المسيحيين.

وقالت مصادر من أهالي الحي بالقرب من الدير، إن اللصوص استغلوا أن موقع النصب المصنوع من البرونز والنحاس، والبالغ ارتفاعه ثلاثة أمتار ونصف المتر، قريب من ساحة باب مصلى على الشارع العام، كما استغلوا اقتصار الحراسة على شخص واحد من الكنيسة، حيث قاموا في ساعة متأخرة من الليل بإزالة التمثال عن قاعدته وسرقته، حيث لم يتبادر لذهن العابرين في المكان أن من يقوم بفك النصب بطريقة احترافية لصوص.

عنصر أمن سوري على سطح يطل على كنيسة القصير أثناء الاحتفال بإنارة شجرة الميلاد (متداولة)

وأرخت حادثة سرقة نصب القديس بولس بظلال ثقيلة على أجواء العيد في دمشق، مع أن التحليلات تتجه إلى أن الدافع هو سرقة المعدن المصنوع منه، إلا أن ذلك زاد التحديات الأمنية لدى السلطات التي تبدي اهتماماً خاصاً هذا العام بضبط الأمن في أماكن الاحتفالات والتجمعات الشعبية عموماً والدينية خصوصاً. وبدا هذا واضحاً في المدن والبلدات التي تشهد احتفالات، مثل مدينة حمص والبلدات التابعة لها، وفي بلدات الساحل السوري، ومحافظة حماة، والمناطق كافة التي سبق أن حصلت فيها حوادث عنف ذات طابع طائفي.

صورة جوية لبلدة الغسانية ذات الأغلبية المسيحية جنوب حمص وقد بدأ سكانها بالعودة إلى منازلهم ومتاجرهم المدمرة (أ.ف.ب)

كما برز بوضوح الاهتمام الرسمي باحتفالات البلدات المسيحية مثل القنية واليعقوبية في محافظة إدلب التي عاد إليها قسم كبير من أبنائها بعد الإطاحة بنظام الأسد، حيث كانت تلك المناطق ولسنوات ساحات للمواجهات العسكرية ومخيمات النازحين.

فرقة كنسية تعزف في ساحة كنيسة الصليب المقدس بدمشق احتفالاً بإضاءة شجرة عيد الميلاد (سانا)

واتخذت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية السورية إجراءات أمنية في إدلب لضمان إقامة الفعاليات بشكل آمن. كما عُزفت موسيقى عيد الميلاد للمرة الأولى، بعد أن اقتصرت الاحتفالات خلال سنوات الحرب على الصلوات داخل الكنيسة وفي المنازل.

وأظهرت الصور المتداولة للاحتفالات مشاركة واسعة من الأهالي؛ كونها الأولى منذ عام 2011، ولها أهمية تتجاوز أبعاد الاحتفال الديني إلى التأكيد على بدء عودة الحياة الطبيعية لمناطق كانت الأولى باندلاع المواجهات العسكرية.

صورة متداولة لتمثال مار بولس المسروق (متداولة)

في الأثناء، حاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع الكنيسة لمعرفة مزيد من التفاصيل، إلا أنه تم التحفظ على المعلومات، لأن الأمر ما زال قيد التحقيق.

وقال الأب سلامة سمعان في تصريحات، إنه سيكتفي بقول جملة واحدة فقط: «دمشق من دون مار بولس». وللقديس بولس أهمية روحية ورمزية عند المسيحيين والدمشقيين، كونه يعبر عن لحظة اهتداء بولس إلى المسيحية على أسوار دمشق، وقد نفذه نحات إيطالي ووضع أمام باب كيسان، حيث إن مدخل الدير هو الموقع الذي اهتدى فيه القديس بولس، ويظهر بالنصب لحظة وقوعه عن ظهر الحصان، وكان نظره متجها نحو السماء.

رجل ينتظر عند كشك عصير زين ضمن التحضيرات لأعياد الميلاد في دمشق (أ.ب)

يقول الإعلامي السوري ثابت سالم لـ«الشرق الأوسط»: «لو عرف اللصوص رمزية نصب بولس بغض النظر عن البُعد الديني، ما أقدموا على هذه الفعلة»، لافتاً إلى أنه في بداية أبريل (نيسان) عام 2007 ، قامت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي بزيارة لدمشق، وقُبيل مغادرتها قالت في مؤتمر صحافي: «I am on the road to Damascus»، وترجمتها: «أنا على طريق دمشق»، مرددة تعبير بولس.

ويشير سالم إلى أن وزير الخارجية آنذاك وليد المعلم لم يفهم ما قصدته بيلوسي في تصريحها المهم، ولم يرد على تصريحها رغم لغته الإنجليزية القوية. وأنه عادة ما يستخدم هذا القول للإشارة إلى تحول بولس الرسول أو شاؤول إلى المسيحية عند تل كوكب قُرب داريا، نتيجة رؤيته المعروفة للهداية، وهو الضابط اليهودي المكلف بتأديب المسيحيين في دمشق وإنهاء وجودهم.